حظر المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 على الحكومة وصاحب المعاش المنازعة في أي معاش إذا انقضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين به مقدار المعاش إلى صاحب الشأن.
الحكم كاملا
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1965) - صـ 1690
(155)
جلسة 20 من يونيه 1965
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومي نصار وحسنين رفعت حسنين المستشارين.
القضية رقم 1572 لسنة 8 القضائية
( أ ) معاش - حظر المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 على الحكومة وصاحب المعاش المنازعة في أي معاش إذا انقضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين به مقدار المعاش إلى صاحب الشأن وفى أية مكافأة بعد مضي ستة أشهر على صرفها - شمول هذا الحظر أية منازعة في أصل المعاش ومقداره - قصر الحظر على حالة الخطأ المادي في المعاش - غير صحيح - أساس ذلك.
(ب) معاش - مكافأة - المنازعة في استحقاق المعاش من حيث الأصل - لا تعدو في ذات الوقت أن تكون منازعة في المكافأة التي تم صرفها - وجوب الالتزام فيها بالميعاد المنصوص عليه في المادة السادسة من قانون المعاشات سالف البيان - أساس ذلك.
1 - إن المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 يجري نصها كالآتي: "لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن لمنازعة في أي معاش تم قيده متى مضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين فيه مقدار المعاش إلى صاحب الشأن... ولا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في مقدار المكافأة التي دفعت إلا إذا قدمت المعارضة لوزارة المالية في الأشهر الستة التالية لتاريخ صرف المكافأة". وبناءً على ذلك فكل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت لا على الحكومة ولا على مصالحها لأي سبب كان وتحت أي حجة كانت ولا يجوز أيضاً قبول هذه الدعوى من الحكومة أو من مصالحها وهذا النص من الإطلاق والشمول بحيث تدخل فيه أي منازعة في المعاش أصلاً ومقداراً وذلك حتى يستقر الوضع بالنسبة للموظف والحكومة على السواء ومن ثم يكون قصر النص على حالة الخطأ المادي تخصيصاً بغير مخصص من النص ولا من الحكمة التي أستهدفها الشارع في تنظيم المعاشات وترتيبها وثبات أوضاعها هذا فضلاً عن أن المنازعة في أصل المعاش هي منازعة في مقداره فالحكم واحد في الحالتين.
2 - إن المنازعة في استحقاق المعاش من حيث أصله لا تعدو أن تكون في الوقت ذاته منازعة في المكافأة التي تم صرفها باعتبار أن صاحب الشأن لا يستحق مكافأة وإنما يستحق معاشاً طبقاً للقانون إذ لا يتصور خروج الحال عن أمرين إما أن صاحب الشأن يكون له الحق في التثبيت بالمعاش وبالتالي تقرر له المكافأة، وإما لا يكون له حق في التثبيت بالمعاش ومن ثم يقتصر حقه في المكافأة، ولا يتقرر له معاش، فإذا ما تقرر لصاحب الشأن مكافأة ثم طالب بتثبيته في المعاش فإن هذه المطالبة تتضمن منازعة في استحقاقه المكافأة اعتقاداً منه بأنه صاحب حق في التثبيت بالمعاش ومن ثم يتعين عليه الالتزام بالميعاد المنصوص عليه في المادة السادسة من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات.
(إجراءات الطعن)
بتاريخ 29 من أغسطس سنة 1962 أودع السيد/ رئيس إدارة قضايا الحكومة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والثقافية والإرشاد بجلسة 30 من يونيه سنة 1962 في الدعوى رقم 453 لسنة 9 القضائية المرفوعة من السيد/ مهدي حسنين حامد ضد/ وزارة التربية والتعليم القاضي بأحقية المدعي للتثبيت بالمعاش تطبيقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945 وإلزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بصفة أصلية بعدم قبول دعوى المطعون ضده واحتياطياً برفضها مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن الطعن إلى المدعي في 12 من سبتمبر سنة 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 1 من ديسمبر سنة 1962 وأخطرت الحكومة والمدعي في 3 من نوفمبر سنة 1962 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 9 من فبراير سنة 1964 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه المبين بالمحضر قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
(المحكمة)
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم باعتباره مثبتاً بالمعاش مع ما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الوزارة المصروفات وقال في بيان ذلك أنه حاصل على شهادة الكفاءة للتعليم الأولى في سنة 1915 وعين بخدمة مجلس مديرية الدقهلية اعتباراً من 3/ 3/ 1916 في وظيفة معلم بالمدارس الأولية وعندما طبق كادر مجالس المديريات الذي وضع في سنة 1932 اعتبر في الدرجة التي تعادل الدرجة الثامنة الحكومية ابتداءً من 1/ 4/ 1924 وعندما أنشئ صندوق التأمين والادخار في تلك المجالس سنة 1929 اشترك فيه بوصفه مثبتاً حيث كان الاشتراك فيه قاصر على موظفي المجالس الدائمين ومعتبراً بالنسبة إليهم في مقام التثبيت بالنسبة لموظفي الحكومة وقد ظل المدعي في التعليم الأولي القديم بمجلس المديرية حتى نقل إلى خدمة وزارة المعارف بالقانون رقم 108 لسنة 1950 وسويت حالته طبقاً لقواعد الإنصاف وما تلاها من تشريعات وأنه تبعاً لذلك فقد أصبح من حقه منذ نقلة إلى خدمته وزارة المعارف أن يثبت بالمعاش تطبيقاً لأحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليو سنة 1943 و5 من مارس سنة 1945 وكتاب المالية الدوري رقم 87 - 1/ 22 مؤقت الصادر بتاريخ 10 نوفمبر سنة 1947 ومنشور المالية رقم 2 لسنة 1939 لتوافر جميع شروط التثبيت طبقاً لما أشارت إليه هذه القرارات. وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 5 من مارس سنة 1945 و16 من أكتوبر سنة 1946 لا ينطبقان على مدرسي التعليم الأولي الذي ينتمي إليهم المدعي وأن قرار 8/ 7/ 1943 الذي أحال عليه قرار 5/ 3/ 1945 قد أشترط لاعتبار الموظف المنقول من مجالس المديريات مثبتاً دون كشف طبي أن يكون مثبتاً في المجالس حتى تاريخ نقله ولم يكن المدعي مثبتاً لأن المناط اعتبار الموظف مثبتاً بمجالس المديريات ليس كونه معيناً على ربط درجة دائمة وإنما أن يكون معيناً تحت تجربة لمدة معينه وأن يمضي مدة التجربة بحالة مرضية ثم يصدر بعد ذلك قرار تثبيته وأن الثابت من ملف خدمة المدعي أنه حتى تاريخ نقله إلى الحكومة لم يكن قد صدر قرار بتثبيته لأنه لم يكن معيناً تحت التجربة وإنما عين موظفاً مؤقتاً يمكن الاستغناء عنه في أي وقت أثناء مدة خدمته وأنه بفرض أن المدعي كان مثبتاً بالمجالس فإن معنى التثبيت في النظام القانوني لمجالس المديريات غيره في النظام الحكومي إذ أنه في الأول مقصور على زيادة نسبة ما يدفعه المجلس في ادخار العضو إلى 10% تصرف له عند تركه الخدمة أما التثبيت في النظام القانوني لموظفي الحكومة فمعناه صرف معاشات تضمنها القانون، وانتهت الوزارة في مذكرتها إلى طلب رفض الدعوى كما دفعت بعدم قبول الدعوى تطبيقاً لنص المواد 6، 39، 40 من قانون المعاشات الملكية. وقدم مفوض الدولة تقريراً انتهى فيه للأسباب التي أوردها إلى أنه يرى الحكم بإجابة المدعي إلى طلباته وإلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 30 يونيه سنة 1962 قضت المحكمة بأحقية المدعي للتثبيت بالمعاش تطبيقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليو سنة 1943 و5 من مارس سنة 1945 وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة - وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى على أن النزاع في هذه الدعوى يدور فيها أساساً حول حق رجال التعليم الأولي من التثبيت طبقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 8/ 7/ 1943 و5/ 7/ 1945 فلا محل - وألحق محل نزاع جدي من جهة الإدارة - لطلب حق لم يستقر النزاع بشأنه بعد ومن ثم فلا محل للمحاجة بنص المواد 56، 46، 40 من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى لسقوط الحق في المعاش في غير محله متعين الرفض، وأوردت المحكمة في أسباب حكمها بالنسبة للموضوع أن المدعي وقد التحق بخدمة التعليم يعتبر من رجال التعليم الأولي القديم وكان مقيداً بمجلس المديرية على درجة تعادل الدرجة الثامنة الحكومية المخفضة وكان مشتركاً في صندوق الادخار فإنه من حقه أن يعتبر مثبتاً طبقاً لأحكام قراري مجلس الوزراء في 8 من يوليو سنة 1943 و5 من مارس سنة 1945.
ومن حيث إن الطعن يقوم أصلاً على الدفع بعدم قبول الدعوى استناداً إلى نص المادة السادسة من كل من القوانين رقم 5 لسنة 1959 ورقم 37 لسنة 1929 الخاصين بالمعاشات وهذه المادة تعدلت في القانون الأول بالقانون رقم 542 لسنة 1953 وفى القانون الثاني بالقانون رقم 425 لسنة 1953 ويجري نصها كما يلي "لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في أي معاش تم قيده ثم مضى اثنا عشر شهراً من تاريخ تسليم السركي المبين فيه مقدار السركي إلى صاحب الشأن كذلك لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في مقدار المكافأة التي دفعت إلا إذا قدمت المعارضة إلى الجهة التي قامت بتسوية المكافأة خلال أثنى عشر شهراً من تاريخ صرفها، وبناءً على ذلك فكل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام محكمة كانت لا على الحكومة ولا على مصالحها لأي سبب كان وتحت أية حجة كانت ولا يجوز أيضاً قبول هذه الدعوى من الحكومة أو من مصالحها، ويقدم الطعن من باب الاحتياط بخصوص الموضوع على أن يشترط لتطبيق قراري مجلس الوزراء الصادرين بتاريخ 8/ 7/ 1943 و5/ 3/ 1945 أن تتوافر شروط معينه والشرط الأساسي منها هو أن هذين القرارين لا ينطبقان إلا على رجال التعليم الأولي القديم دون غيرهم بمعنى أن رجال التعليم الإلزامي لا يفيدون إطلاقاً من أحكام هذين القرارين ونظراً لأن المدعي عين معلماً بالمدارس الأولية التابعة لمجلس مديرية الدقهلية اعتباراً من 7/ 3/ 1916 ثم نقل للتعليم الإلزامي بالوزارة اعتباراً من 27/ 10/ 1925 واستمر كذلك حتى فصل من الخدمة في 4/ 8/ 1956 لبلوغه السن القانوني فإنه لا يفيد من قراري مجلس الوزراء السالفي الذكر.
عن الدفع بعدم قبول الدعوى:
من حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على ما حكمت في الطعن رقم 577 لسنة 4 القضائية بجلسة 4/ 4/ 1959 من أن نص المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 والذي يجري كالآتي لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في أي معاش تم قيده متى مضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين فيه مقدار المعاش إلى صاحب الشأن.. ولا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في مقدار المكافأة التي دفعت إلا إذا قدمت المعارضة لوزارة المالية في الأشهر الستة التالية لتاريخ صرف المكافأة وبناءً على ذلك فكل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت لا على الحكومة ولا على مصالحها لأي سبب كان وتحت أي حجة كانت ولا يجوز أيضاً قبول هذه الدعوى من الحكومة أو من مصالحها" وهذا النص من الإطلاق والشمول بحيث يدخل فيه أي منازعة في المعاش أصلاً ومقداراً وذلك حتى يستقر الوضع بالنسبة للموظف والحكومة على السواء ومن ثم يكون قصر النص على حالة الخطأ المادي تخصيصاً بغير مخصص من النص ولا من المحكمة التي استهدفها الشارع في تنظيم المعاشات وترتيبها وثبات أوضاعها هذا فضلاً عن أن المنازعة في أصل المعاش هي منازعة في مقداره فالحكم واحد في الحالتين.
ومن حيث إنه ثابت من الأوراق أن المطعون ضده عين بمجلس مديرية الدقهلية بوظيفة معلم بتاريخ 7/ 3/ 1916 ثم عين بلجنة التعليم الإلزامي بالدقهلية بوظيفة ناظر مدرسة جصفا الإلزامية اعتباراً من 27/ 10/ 1925 ثم أعيد إلى المجلس مرة أخرى بتاريخ 1/ 11/ 1937 واشتغل بالتعليم الإلزامي واستمر بالمجلس إلى أن ضم للوزارة في 1/ 3/ 1951 واستمر بخدمة الوزارة إلى أن انتهت مدة خدمته في 4/ 8/ 1956 وقطع مرتبه من هذا التاريخ وصرف المكافأة المستحقة عن مدة خدمته في 25/ 6/ 1957 وأقام دعواه الحالية في 1/ 4/ 1961 طالباً الحكم بأحقيته في الحصول على معاش.
ومن حيث إن المنازعة في استحقاق المعاش من حيث أصله لا تعدو أن تكون في الوقت ذاته منازعة في المكافأة التي تم صرفها باعتبار أن صاحب الشأن لا يستحق مكافأة وإنما يستحق معاشاً طبقاً للقانون إذ لا يتصور خروج الحال عن أمرين إما أن صاحب الشأن يكون له الحق في التثبيت بالمعاش وبالتالي فلا تقرر له المكافأة، وإما ألا يكون له حق التثبيت بالمعاش ومن ثم يقتصر حقه في المكافأة ولا يتقرر له معاش، فإذا ما تقررت لصاحب الشأن مكافأة ثم طالب بتثبيته في المعاش فإن هذه المطالبة تتضمن منازعة في استحقاقه المكافأة اعتقاداً منه بأنه صاحب حق في التثبيت بالمعاش ومن ثم يتعين عليه الالتزام بالميعاد المنصوص عليه في المادة السادسة من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات، ولما كان المدعي لم يرفع دعواه إلا في 1/ 4/ 1961 أي بعد حوالي أربعة سنوات من تاريخ صرفه المكافأة المستحقة له فإن دعواه تكون غير مقبولة لرفعها بعد الميعاد المقرر قانوناً ويتعين الحكم بقبول الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المدعي بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.
ساحة النقاش