موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

أن المركز القانونى لصندوق التأمين الحكومى لضمان أرباب العهد هو مركز كفيل متضامن يلتزم الموظفون من أرباب العهد بتقديمه طبقا لمقتضيات علاقتهم اللائحية بالحكومة.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 1141

(125)
جلسة 11 من يونية سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل اسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبى وأحمد على البحراوى والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد المستشارين.

القضية رقم 1012 لسنة 8 القضائية

( أ ) صندوق التأمين الحكومى لضمان أرباب العهد. مسئولية "مسئولية أمناء المخازن وأرباب العهد". كفالة "تضامن". اعتبار الصندوق كفيلا متضامنا مع الموظف المضمون - أثر ذلك بالنسبة الى الدفع بالتجريد وحق الرجوع على الموظف بما يوفيه عنه الصندوق.
(ب) مسئولية. "مسئولية أمناء المخازن وأرباب العهد". تنفيذ مباشر. صندوق التأمين الحكومى لضمان أرباب العهد. مسئولية الموظف عن العجز فى عهدته - عدم التزام الادارة بالرجوع بقيمة العجز على صندوق التأمين الحكومى ابتداء - جواز الخصم من مرتب الموظف بهذه القيمة.
(ب) كفالة "تضامن". دفع بالتجريد - ليس للمدين ولا للكفيل المتضامن معه الحق فى ذلك".
1 - أن المركز القانونى لصندوق التأمين الحكومى لضمان أرباب العهد هو مركز كفيل متضامن يلتزم الموظفون من أرباب العهد بتقديمه طبقا لمقتضيات علاقتهم اللائحية بالحكومة. وهذا التضامن يسلبه من التجريد، ويرتب له فى حالة وفائه بالدين حق الرجوع على الموظف المدين والحلول محل الحكومة الدائنة فى جميع مالها من حقوق قبله بقوة القانون.
2 - لا تثريب على الجهة الادارية متى ثبت لها مسئولية الموظف عن العجز فى عهدته أن تقتضى حقها منه بالتنفيذ الادارى المباشر الذى تملك الحق فيه بمقتضى القانون رقم 324 لسنة 1956 فى صورة الخصم بجزء من راتب مدينها الأصلى دون الرجوع على كفيله لعدم التزامها بهذا الرجوع أو هى استعملت حقها قبل هذا الكفيل بداءة لتساوى الوسيلتين فى خيار الرجوع وفى النتيجة.
3 - أن الحق فى طلب التجريد هو للكفيل العادى لا للمدين ذاته، وأن انتفاءه فى حالة الكفيل المتضامن مع المدين يسوغ للدائن الرجوع على أيهما شاء على حد سواء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 12 من فبراير سنة 1962، وأن آخر ميعاد للطعن فيه وهو يوم 13 من أبريل سنة 1962 صادف يوم الجمعة، وهو عطلة رسمية، وأن الميعاد فى هذه الحالة يمتد الى أول يوم عمل بعدها وفقا لنص المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وهو يوم السبت الموافق 14 من أبريل سنة 1962 الذى تم فيه ايداع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 609 لسنة 6 القضائية ضد وزارة المواصلات والهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسكلية بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الادارية لوزارة المواصلات فى 17 من مايو سنة 1957 بعد أن حصل على قرار من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة فى 2 من مايو سنة 1959 بقبول طلب الاعفاء من الرسوم المقدم منه فى 25 من نوفمبر سنة 1958 والمقيد بجدولها تحت رقم 275 لسنة 6 القضائية. وطلب الحكم: "بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 9 من أبريل سنة 1958 القاضى بمجازاته بالخصم خمسة أيام من ماهيته مع خصم مبلغ 67 جنيها و446 مليما ثمن العجز المقال به ورد ما خصم منه بدون وجه حق، مع الزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال شرحا لدعواه أنه فى 5 من يونية سنة 1957 طلب اليه تصدير جميع الدفاينات طراز الجيش كتالوج رقم 6/ 37/ 201 الموجودة بعهدته الى مخازن الميناء الفرنساوى بالاسكندرية فقام بشحنها بالعربتين رقمى 60976، 61211 بالرسالة رقم 22 بالبوليصة رقم 85274 بدون عدد. وعند تسلم الرسالة تبين وجود عجز فى محتويات هاتين العربتين بلغ 945 دفانية، وقد اجرى تحقيق بواسطة النيابة الادارية ترتب عليه مجازاته بخصم خمسة أيام من مرتبه مع خصم قيمة العجز على أقساط لا يزال يجرى خصمها من مرتبه. وقد تظلم من هذا القرار فى 10 من أغسطس سنة 1958 إلا أنه أبلغ فى 6 من أكتوبر سنة 1958 برفض تظلمه ونعى على القرار المطعون فيه صدوره مشوبا بعيب مخالفة القانون وعيب اساءة استعمال السلطة لكونه قد بنى على تحقيق ليس له مقومات التحقيق القانونى الصحيح وكفالاته وضماناته، ولا سيما أن المدعى قد أبان بوقائع ثابتة عدم وجود عجز اذ أن الدفانيات التى وردت الى مخزن الشرابيه من هندسة التليفونات بالمنصورة وقدرها 1198 دفانية قد أضيفت كلها الى عهدته خطأ على اعتبار أنها من النوع المقيد بكتالوج 6/ 37/ 201، مع أن المرتجعات كانت من هذا النوع ومن نوع الكتالوج 1/ 37/ 201، وتكون النتيجة المنطقية لذلك أن الزائد فى العهدة هو المقابل للعجز المقول به، وأن الخطأ كان مرجعه الى اعتبارهما من نوع واحد. هذا بالاضافة الى أن الخصم من مرتب المدعى غير جائز لأنه مشترك فى صندوق الضمان الحكومى وكان يجب اتباع أحكام لائحة هذا الصندوق. وبجلسة 12 من فبراير سنة 1962 قضت المحكمة الادارية:
أولا - بعدم قبول الدعوى شكلا بالنسبة الى طلب الغاء قرار الجزاء.
ثانيا - ببطلان الخصم من مرتب المدعى مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الطرفين مناصفة بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن الدعوى فى شقها الخاص بالغاء قرار مجازاة المدعى بخصم خمسة أيام من مرتبه غير مقبولة شكلا لرفعها بعد الميعاد أما عن المنازعة فى خصم مبلغ 61 جنيها و 446 مليما من مرتب المدعى فان مجلس الدولة يختص دون غيره بهيئة قضاء ادارى بنظر المنازعات الخاصة بالمرتبات المستحقة للموظفين العموميين، وهو اختصاص مطلق شامل لأصل تلك المنازعات ولجميع ما يتفرع عنها وبهذه المثابة تنظر المحكمة ما يكون قد صدر فى شأن تلك المرتبات من قرارات أو اجراءات باعتبار أنها من العناصر المتفرعة عن المنازعات الأصلية فى حدود اختصاصها الكامل ومن ثم اذا استقطعت الادارة جزءا من راتب الموظف استيفاء لدين عليه كما هى الحال فى المنازعة الراهنة فان هذا الاستقطاع هو فى ذاته مثار المنازعة فى راتبه، ويختص القضاء الادارى بنظره بمقتضى اختصاصه الكامل. وأما عن الموضوع فان الثابت من تحقيقات النيابة الادارية أن أختام العربتين قد وصلت سليمة وأن وزن الكمية المشحونة لم يحدث به نقص فى الطريق، ولم يثبت من الأوراق وجود عجز فى عهدة المدعى، ومن ثم فان القرار الذى استندت اليه الادارة فى الخصم من مرتبه يكون غير قائم على أساس سليم من الواقع ويتعين لذلك الحكم ببطلانه.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تأويله وتطبيقه، ذلك أن مناط اختصاص القضاء الادارى بنظر المنازعات المتعلقة براتب الموظف العام أن تكون هناك منازعة محلها الراتب ذاته، من حيث أصله أو مقداره أو استحقاقه، بمعنى أن يكون حق الموظف فى الراتب قد تأثر بقرار صادر من جانب جهة الادارة. فى ذمة الموظف بسبب أعمال وظيفته فانه لا منازعة هنا فى الراتب بل ينحصر الأمر فى تطبيق القانون الخاص بجواز استيفاء الحكومة لحقوقها قبل موظفيها ولا يمكن أن يقال ان استعمال الحكومة لحقها المستمد من القانون يعتبر منازعة منها فى راتب موظفها، أما فيما يتعلق بموضوع الخصم من راتب المدعى فقد أستند قضاء الحكم المطعون فيه الى أن سلامة الأختام دليل على عدم مسئولية المذكور عن العجز الحاصل بالرسالة المشحونة بوساطته مع أنها البرهان القاطع عن إدانته وعلى أن العجز لم يطرأ أثناء السفر. ومن ثم يكون الحكم فاقد الأساس خليقا بالالغاء. ومن ناحية أخرى فقد أخطأ هذا الحكم اذ أعاد اجراء التحقيق الذى سبق أن قامت به جهة الادارة والنيابة الادارية متجاوزا بذلك نطاق الرقابة القانونية للقضاء الادارى على القرارات التأديبية.
( أ ) عن الاختصاص:
من حيث ان الحكم المطعون فيه اذ انتهى الى اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى دون غيره بنظر المنازعة الراهنة فى شقها الخاص بطلب بطلان الخصم من مرتب المدعى وفاء لمبلغ 67 جنيها و 446 مليما يكون قد صادف الصواب فى قضائه فى هذا الخصوص ذلك أنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن اختصاص القضاء الادارى بنظر المنازعات الخاصة بالمرتبات منصوص عليه فى الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 الخاص بتنظيم مجلس الدولة. وهو اختصاص مطلق شامل لأصل تلك المنازعات ولجميع ما يتفرع عنها، وبهذه المثابة تنظر المحكمة فى حدود اختصاصها الكامل ما يكون قد صدر بشأن تلك المرتبات من قرارات أو اجراءات وذلك باعتبارها من العناصر التى تثير المنازعة حول استحقاق هذا الراتب كاملا خلال فترة معينة. ومن ثم فاذا استقطعت الادارة جزءا من راتب المدعى استيفاء لدين عليه فان الاستقطاع فى ذاته مثار لمنازعة فى الراتب فتختص المحكمة بنظرها بمقتضى اختصاصها الكامل. وترتيبا على ما تقدم فان الدفع بعدم الاختصاص المبدى فى تقرير الطعن يكون قائما على غير أساس سليم من القانون متعينا رفضه، والقضاء باختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر هذا الطلب.
(ب) عن الموضوع:
من حيث ان الطعن مقصور على ما قضى به الحكم المطعون فيه من بطلان الخصم من مرتب المدعى مع ما يترتب على ذلك من آثار، دون ما قضى به من عدم قبول الدعوى شكلا بالنسبة الى طلب الغاء قرار الجزاء لكونها بحق قد أقيمت بعد فوات الميعاد القانونى المقرر للطعن بالالغاء.
ومن حيث ان وقائع الدعوى التى لا خلاف عليها بين طرفى المنازعة تخلص فى أن المدعى بوصفه أمينا لمخزن الشرابية قسم "ب" بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية قام فى 5 من يونيه سنة 1957 بتصدير كمية قدرها 4787 دفانية حديد ظهر مخروطة الشكل بموجب قسيمة مناتيل مخازن للشرابية رقم 14086 فى 4 من يونيه سنة 1957، الى مخازن الميناء الفرنساوى بالاسكندرية ضمن الرسالة رقم 228 بوليصة 85274 داخل عربتى السكة الحديد رقم 60976، ورقم 61211 وعند تفريغ العربتين وحصر محتوياتهما من الدفانيات بوساطة أمين مخازن الميناء الفرنساوى وملاحظ العمال وبحضور مفتش مخازن الاسكندرية اتضح أن عددها 3842 دفانية أى بعجز قدره 945 دفانية، فحرر عن ذلك محضر اثبات حالة فى 12 من يونية سنة 1957، وقبل تحرير الفورمة رقم 157 سكة حديد كالمتبع فى مثل هذه المسألة قام أمين مخزن الميناء الفرنساوى بارسال الاشارة رقم 67 فى 13 من يونيه سنة 1957 الى مخازن الشرابية يخطرها فيها باكتشاف العجز طالبا ارسال مناقل عكسية بعدد العجز أن كان قد تخلف شئ من الدفانيات عند تصديرها فوضله الرد بالاشارة رقم 1/ 12 فى 15 من يونيه سنة 1957 يؤكد أن الكمية قد أرسلت كاملة. وازاء ذلك اضطر أمين المخزن المذكور الى تحرير محضر الفورمة رقم 157 رقم 9646 فى 16 من يونيه سنة 1957 بما يتفق واثبات الحالة المؤرخ 12 يونيه سنة 1957 السابق الاشارة اليه. وبسؤال المدعى بوصفه مصدر الرسالة أصر على موقفه فأبلغ الأمر الى النيابة العامة التى قررت قيد الواقعة ضد مجهول، وقد قام قسم التفتيش والمخازن بالهيئة باجراء تحقيق ادارى اتضح منه أن وزن عربتى السكة الحديد رقمى 260976، 61211 بلغ عند التصدير من القاهرة 1705 كيلو جراما بينما بلغ وزنهما عند الورود بالاسكندرية 1150 كيلو جرام. كما أن الاختام وصلت سليمة مما يقطع بأن الكمية المشحونة لم يحدث بها أى نقص فى الطريق خاصة وأن وزن كمية العجز هو 2343.700 كيلو جرام، وهذا لا يمكن اعتباره فرقا فى الموازين مسموحا به. وقد أجرت النيابة الادارية تحقيقا تبينت منه أن عربتى السكة الحديد قد وصلتا بعجز فى الميزان عن الوزن الذى كان يجب أن تحملا به من القاهرة وهو دليل العجز فى عدد الدفانيات الذى اكتشف فى الميناء الفرنساوى ولم يقم فى الأوراق ما يدحض هذا الدليل، وانتهت الى مساءلة المدعى عن هذا العجز. وفى 9 من أبريل سنة 1958 أصدر/ السيد مدير عام هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية قرارا بمجازاة المدعى بخصم خمسة أيام من راتبه مع خصم قيمة العجز من راتبه على أن يقسط المبلغ على ثلاث سنوات مع اخطار ديوان المحاسبة.
ومن حيث ان الثابت من التحقيقات الادارية على الوجه السالف ايراده أن رسالة الدفانيات التى قام المدعى بشحنها قد وصلت الى الميناء الفرنساوى بالاسكندرية بالحالة التى صدرت بها فعلا ولم يصبها أى عجز فى الطريق، وأن العجز انما نشأ ابتداء فى عهدة المدعى بمخازن الشرابية بالقاهرة وقبل التصدير الأمر الذى لم يجحده المدعى بل أقر به صراحة فى مذكرته المقدمة الى المحكمة الادارية بجلسة 10 من مايو سنة 1960 والتى جرت عباراتها بالآتى: " أن الرقم الذى أرفقه بالشحنة على أنه بيان لعدد الدفانيات المصدرة كان يزيد فى واقعه عن الحقيقة بمقدار 945 دفانية". (الصحيفة رقم 7 من المذكرة)، ومن ثم فإن المدعى يكون مسئولا عن العجز الذى أصاب عهدته من الدفانيات، ولا يقدح فى ذلك تصويره هذا العجز بانه مجرد عجز حسابى لا واقعى، مرده الى خطئه فى اضافة كمية مقدارها 1198 دفانية من النوع 1/ 37/ 201 (كمر حديد) مرتجعة من مخازن الهيئة بالمنصورة بكشوف الارتجاع الجديدة من رقم 46131 الى 46139 فى 13 من أبريل سنة 1951، الى عهدته من النوع 6/ 37/ 20 (المخروطية)، طالما أنه قد ثبت من فحص كشوف الارتجاع المذكورة: "أن جميعها على أوامر شغل الصيانة الشهرية. وقرر السيد / باشكاتب هندسة تليفونات المنصورة والسيد/ مهندس القسم بالمنصورة أن الدفانات الأمريكانى (المخروطية) لا لزوم لها بأقسام بحرى، ولا يكون لها أى استعمال ويستعاض عنها بكمر حديد، وعلى ذلك فلا يمكن أن يرتجع كمر حديد ونحن فى حاجة اليه، كما قرر السيد/ مهندس المنصورة السابق (تادرس عقداوى) أنه متأكد أنه لم يرتجع كمر فى هذه المدة". (الصحيفة رقم 15 من محضر الفحص الانضمامى فى 18 من مارس سنة 1958).
ومن حيث أنه بناء على ما تقدم يكون التصرف الذى اتخذته الجهة الادارية باستقطاع جزء من راتب المدعى لاقتضاء حقوقها قبله بالتطبيق لأحكام القانون رقم 324 لسنة 1956 تصرفا مشروعا قائما على مبررات مستمدة من أصول ثابته تنتجه. ولا يغير من هذا النظر ما يثيره المدعى من زعم بمخالفة هذا التصرف لأحكام لائحة صندوق الضمان الحكومى اذ يبين من مطالعة صندوق التأمين الحكومى الصادر بها قرار مجلس الوزراء فى 8 من فبراير سنة 1950، أنها أوجبت فى المادة الأولى منها على كل من يشغل وظيفة صراف أو محصل أو أمين مخزن أو احدى الوظائف ذات العهد النقدية أو أوراق الدمغة أو الأدوات أو المهمات أو غيرها أن يقدم للجهة التابع لها ضمانا فى الحدود وطبقا للأحكام المنصوص عليها فى هذه اللائحة. كما أفصحت فى مادتها الرابعة عن الغرض من انشاء الصندوق بأنه تكوين مال احتياطى يستخدم لضمان موظفى الحكومة ومستخدميها الذين تتطلب مهنهم تقديم ضمان عما بعهدتهم. وعينت فى المادة الخامسة منها المصادر التى يتكون منها المال الاحتياطى للصندوق. وألزمت مادتها السابعة الصندوق بسداد كل خسارة مادية تلحق عهدة الموظف المضمون وكذلك كل عجز فى عهدة المهمات والأدوات سواء كانت الخسارة ناشئة عن ضياع أو سرقة ارتكبها الموظف المضمون، أو عن غش أو خيانة أمانة أو تبديد أو اختلاس أو اهمال. كما حددت المادة الثامنة منها ميعادا مقداره سنة من تاريخ اكتشاف العجز يسقط بانقضائه حق الوزارة أو المصلحة المختصة فى مطالبة الصندوق بمقدار التعويض. وقضت المادة التاسعة بأن تكون جميع المبالغ المستردة من الموظف من تلقاء نفسه أو بناء على حكم جنائى أو مدنى من حق الصندوق فى الأحوال التى يكون قد وفى فيها بالضمان من قبل. وألغت المادة 18 من اللائحة المشار اليها أحكام المادة 18 والمواد من 29 الى 35 من لائحة المخازن والمشتريات والمواد من 66 الى 77 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات. وقد ورد بمذكرة وزير المالية التى صدر على أساسها قرار مجلس الوزراء آنف الذكر".. وقد أبدى ديوان المحاسبة فى مذكرة أرسلها لوزارة المالية فى 13 يوليه سنة 1946 أن الوزارات والمصالح لا تسير على وتيرة واحدة فى تنفيذ التعليمات المالية الخاصة بضمانات أرباب العهد بسبب تعدد الهيئات التى تصدر الضمان واختلاف القواعد التى تسير عليها، وأضاف الديوان أن قصر الضمان على نسبة ضئيلة من العهدة قد أدى الى أنه فى حالات الاختلاس يضيع على الحكومة سنويا مبالغ لا يستهان بأمرها تقيد بحساب الديون المستحقة للحكومة. واقترح الديوان توحيدا لهذه العمليات وصونا لحق الخزانة أن تنشئ وزارة المالية صندوقا عاما للضمان يتولى هذه العمليات فى كافة الوزارات والمصالح فيسدد اليه كل ما يحصل من المستخدمين أو العمال الذين يطلب اليهم تقديم ضمانات ويقوم بدفع المبالغ التى تختلس كاملة للخزانة. وترى وزارة المالية أن الأحكام التى نص عليها المشروع فضلا عما فيها من توحيد لقواعد الضمان وشمول لقيمته وغطائه وتبسيط فى اجراءاته فإنها تهدف أيضا الى تحقيق صالح الخزانة وصوالح أرباب العهد من الموظفين والمستخدمين الذين خفض المشروع ما يؤدونه من رسوم الضمان ويسر طريقة تحصيلها فخفف بذلك من أعبائهم الى حد كبير.." ومؤدى النصوص المتقدمة أن المركز القانونى لصندوق التأمين الحكومى هو مركز كفيل متضامن يلتزم الموظفون من أرباب العهد بتقديمه طبقا لمقتضيات علاقتهم اللائحية بالحكومة. وهذا التضامن يسلبه من التجريد، ويترتب له فى حالة وفائه بالدين حق الرجوع على الموظف المدين والحلول محل الحكومة الدائنة فى جميع ما لها من حقوق قبله بقوة القانون، يؤكد ذلك أن المادة 68 من الفصل الأول من القسم الثانى من اللائحة المالية للميزانية والحسابات الملغاة بمقتضى لائحة صندوق التأمين الحكومى كان يجرى نصها فى البند الرابع منها على أن: "تقوم الشركة بسداد قيمة العجز فورا الى الحكومة بمجرد تقديم الحكومة الى الشركة جميع البيانات والاثباتات المقنعة، وذلك بدون انتظار آية اجراءات جنائية وبمجرد تسديد الشركة لمبلغ التعويض تتنازل لها الحكومة عن كافة حقوقها فى مقاضاة الموظف المضمون وذلك لغاية المبلغ المسدد من الشركة" ومتى كان الأمر كذلك فلا تثريب على الجهة الادارية متى ثبت لها مسئولية الموظف عن العجز فى عهدته، أن تقتضى حقها منه بالتنفيذ الادارى المباشر الذى تملك الحق فيه بمقتضى القانون رقم 324 لسنة 1956 فى صورة الخصم بجزء من راتب مدينها الأصلى دون الرجوع على كفيله، لعدم التزامها بهذا الرجوع أو هى استعلمت حقها قبل هذا الكفيل بداءة، لتساوى الوسيلتين فى خيار الرجوع وفى النتيجة.
ومن ثم تكون مجادلة المدعى فى هذا الخصوص غير قائمة على أساس سليم من القانون، ولا سيما أن الحق فى طلب التجريد هو للكفيل العادى لا للمدين ذاته، وأن انتفاءه فى حالة الكفيل المتضامن مع المدين يسوع للدائن الرجوع على أيهما شاء على حد سواء وانه فى حالة الرجوع على الصندوق ووفائه بالضمان يكون للصندوق حق الرجوع على الموظف المضمون بما للحكومة من حقوق قبله فى حدود هذا الضمان وبقدر ما تم الوفاء به من جانب الصندوق.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه، اذ جرى على نقيض النظر المتقدم، فأعفى المدعى من الالتزام برد قيمة العجز الحاصل فى عهدته، ثم قضى ترتيبا على ذلك ببطلان الخصم من مرتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار، والزام الطرفين مناصفة بالمصروفات، يكون قد أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بالغائه فى هذا الشق منه، وبرفض طلب المدعى فى خصوصه، مع الزامه بالمصروفات كاملة وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من بطلان الخصم من مرتب المدعى مع ما يترتب على ذلك من آثار، ومن الزام الطرفين مناصفة بالمصروفات، وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر هذا الطلب، وبرفضه موضوعا، وبالزام المدعى بالمصروفات كاملة، وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 27 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,119,781

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »