المادة (5) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 استهدف المشرع حماية العامل من المخاطر التي يتعرض لها بسبب يتعلق بمباشره عمله .
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1993 إلى أخر فبراير سنة 1994) - صـ 971
(94)
جلسة 26 من فبراير سنة 1994
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد مجدي محمد خليل، وحسني سيد محمد، والسيد محمد العوضي، ومحمد عبد الحميد مسعود - نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم 2514 لسنة 32 القضائية
( أ ) إدارات قانونية - حظر مزاولة أعمال المحاماة لغير الجهات التي يعمل بها أعضاء الإدارة القانونية - أثره. المادة (55) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1968 (الملغي) - المادة (8) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983.
حظر المشرع على المحامين الخاضعين لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها - مزاولة أي عمل من أعمال المحاماة، أو الحضور أمام المحاكم لغير الجهات التي يعملون بها - لم يرتب المشرع البطلان على مخالفة هذا الحظر - لا يترتب على مخالفة هذا الحظر سوى مسئولية المخالف تأديبياً دون أن يلحق البطلان الدعوى لمجرد مزاولة النشاط المحظور عليه تطبيق.
(ب) إصابة عمل - شروطها - الإصابة الناتجة عن الإجهاد والإرهاق.
المادة (5) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 استهدف المشرع حماية العامل من المخاطر التي يتعرض لها بسبب يتعلق بمباشره عمله - الإصابة التي تقع للعامل خلال المهام التي يكلف بها من قبل رب العمل هي إصابة عمل - تقوم إصابة العمل على ثلاثة عناصر هي:
أولاً: الضرر الجسماني: يشمل كل أذى يلحق جسم العامل ظاهراً كان أو خفياً - داخلياً أو خارجياً كالجرح وكسر العظام.
ثانياً: المفاجأة: ومعناها أن تكون الإصابة نتيجة لحادث فجائي لا يستغرق عادة سوى وقت قصير.
ثالثاً: الواقعة ذات الأصل الخارجي ويقصد بها أن يكون الضرر الجسماني ناشئاً عن سبب خارجي عن الجهاز العضوي كأن ينجم عن قوة طبيعية أو تصرف أو قول من الغير - اعتبر المشرع الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق إصابة عمل متى توافرت فيها الشروط طبقاً للقواعد التي يحددها وزير التأمينات بالاتفاق مع وزير الصحة - تطبيق.
(جـ) إصابة عمل - حق المصاب في اللجوء إلى القضاء.
ناط المشرع بالهيئة العامة للتأمين الصحي علاج المصاب ورعايته طبياً إلى أن يشفى أو يثبت عجزه وملاحظته حينما يجرى علاجه وإخطار المصاب بانتهاء العلاج وبما يكون قد تخلف لديه من عجزه ونسبته - للمصاب أن يطلب إعادة النظر في تقرير انتهاء العلاج أو تخلف العجز وفقاً لأحكام التحكيم الطبي المنصوص عليها في الفصل الرابع من الباب الرابع من القانون المذكور - إثبات حالات العجز المنصوص عليها في هذا القانون يكون بشهادة من الهيئة المذكورة - للهيئة أن تفوض المجالس الطبية في إثبات حالات العجز - هذه القواعد وضعت للتيسير على العامل في اقتضاء حقوقه - لا يؤدي ذلك إلى حرمانه من حقه الأصلي في اللجوء إلى القضاء إذا قعدت الإدارة أو تراخت في تحديد ما يتخلف لدى العامل من عجز بسبب إصابة العمل ونسبته أو إذا لم يرغب العامل في التحكيم الطبي - أساس ذلك: أنه لم يرد في نصوص القانون المذكور أو غيرها ما يحرم العامل من هذا الحق.
(ء) دعوى - رسوم - الإعفاء منها بنص في القانون - نطاقه. أتعاب المحاماة المادة (137) من القانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه.
الإعفاء من الرسوم القضائية طبقاً للنص المشار إليه يشمل الإعفاء من أتعاب المحاماة - لا يمتد هذا الإعفاء إلى مصاريف الطبيب الشرعي تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 12/ 6/ 1986 أودع السيد الأستاذ/ ... عن السيد الأستاذ/ ...... المحامي، بصفته وكيلاً عن السيد/ ..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2541 لسنة 32 قضائية عليا، ضد السيدين رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، في حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة الإسكندرية) بجلسة 17/ 4/ 1986 في الدعوى رقم 1466 لسنة 27 قضائية، والقاضي "برفض الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات" وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن، ولما تضمنه من أسباب - الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء باعتبار إصابته إصابة عمل بنسبة عجز 35%، وإلزام المطعون ضده الأول بصرف حقوق الطاعن التأمينية المترتبة على ذلك، واحتياطياً، بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة الإسكندرية).
وأعلن تقرير الطعن، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء باعتبار إصابة الطاعن إصابة عمل وما يترتب على ذلك من آثار.
وتحددت جلسة 11/ 1/ 1993 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وفيها نظر وبما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت الدائرة بجلسة 12/ 4/ 1993 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 22/ 5/ 1993، وفيها نظر وبما تلاها من جلسات على ما هو مبين بمحاضرها، إلى أن قررت المحكمة بجلسات 2/ 12/ 1993 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن السيد/ ........ أقام أمام محكمة دمنهور الابتدائية (الدائرة 7 عمال) الدعوى رقم 2633 لسنة 1982 عمال كلي دمنهور ضد السيدين/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 12/ 9/ 1982 طلب في ختامها الحكم باعتبار إصابته إصابة عمل، وندب الطبيب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي عليه وتقدير نسبة العجز الذي تخلف عن الإصابة، وإلزام الهيئة المدعى عليها الأولى بصرف حقوقه التأمينية المترتبة على ذلك، وإلزامها مع الهيئة المدعى عليها الثانية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال في شرح أسانيد دعواه أنه يعمل محامياً لدى الهيئة المدعى عليها الثانية بمنطقة البحيرة، وكلف بالإضافة إلى عمله الأصلي بإنشاء وحدة لحفظ ملفات الدعاوى، وذلك بفرزها وإعدادها في أضابير وعمل السجلات الخاصة بها، وبتاريخ 11/ 4/ 1981 وبعد حضوره أمام محكمة دمنهور الابتدائية في قضايا الهيئة المدعى عليها الثانية، عاد إلى مقر عمله، وأثناء مباشرته العمل المنوط به السالف ذكره في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف تقريباً وعند انحنائه وحمله لإحدى ربط الملفات، لوضعها في المكان المعد لها شعر فجأة بألم شديد في ظهره ورجله اليمنى فأحالته جهة العمل على الفور إلى عيادة التأمين الصحي، حيث تبين إصابته بانزلاق غضروفي ترتب عليه شلل بالرجل اليمنى وتقوس الجسم ناحية اليمين، واستلزم الأمر إجراء عملية جراحية، كما أجرت الجهة الإدارية تحقيقاً في هذا الشأن انتهى إلى اعتبار إصابة المدعي إصابة عمل، إلا أنها لم تتخذ إجراءات إحالته إلى الجهة الطبية المختصة لتقدير نسبة العجز وصرف المستحقات التأمينية. وإذ تقدم بطلب لعرض النزاع على لجنة فحص المنازعات في كل من الهيئتين المدعى عليهما وذلك بتاريخ 5/ 7/ 1982، إلا أنه لم يتخذ شيئاً في هذا الصدد، لذلك فأنه يقيم دعواه بغية الحكم له بطلباته.
وبجلسة 28/ 5/ 1983 حكمت محكمة دمنهور الابتدائية (الدائرة 7 عمال) بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى، وبعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظرها وبإحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية المختصة لنظرها وأبقت الفصل في المصاريف، وتنفيذاً لذلك أحيلت الدعوى إلى دائرة محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، وقيدت بسجلها برقم 1466 لسنة 27 قضائية.
وبجلسة 17/ 4/ 1986 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه القاضي برفض الدعوى، استناداً إلى أن الثابت من التحقيق الإداري رقم 116 لسنة 1982 الذي أجرته الجهة الإدارية، وما ذكره المدعي في صحيفة دعواه أنه لم يقع له أي حادث نتيجة لقوة خارجية مؤثرة أثناء تأدية عمله في فرز ملفات القضايا وحفظها بتاريخ 11/ 4/ 1981، وإنما شعر بألم أثناء انحنائه لتناول أحد الملفات الملقاة على الأرض، وتبين من الكشف عليه بعد ذلك أنه مصاب بانزلاق غضروفي، ومن ثم فإن هذه الإصابة لا تعتبر إصابة عمل في مفهوم المادة (5) هـ - من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 78 لسنة 1975، مما تضحى معه دعواه غير قائمة على سند في القانون حرية بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ذلك لأن كافة الشروط التي تطلبها القانون مفسراً بأحكام القضاء، لاعتبار الإصابة إصابة عمل قد توافرت في شأن الإصابة التي ألمت به بتاريخ 11/ 4/ 1981 فالحادث وقع فجأة أثناء انحناء الطاعن وحمل لربطة ملفات قضايا لوضعها على الدولاب الموجود بمقر العمل وبناء على تعليمات رسمية، وواقعة الرفع هي واقعة مفاجئة لا تستغرق سوى برهة وجيزة ومحددة، وأن الحادث وقع بفعل قوة خارجية، إذ نتج الانزلاق الغضروفي عن واقعة الرفع ولم ينشأ عن مرض داخلي لدى المدعي، وترتب عليه ضرر بجسم المدعي. وقد انتهى التحقيق الإداري رقم 116 لسنة 1982 الذي أجرته الجهة الإدارية إلى أن الإصابة هي إصابة عمل، كما سبق إحالة المدعي إلى الطبيب الشرعي الذي انتهى تقريره إلى أن الإصابة ناشئة عن إصابة عمل نتج عنها عجز بنسبة 35%، وبناء على ذلك فإن الحكم المطعون فيه وإذ خلص إلى أن الإصابة ليست إصابة عمل يكون قد خالف القانون، هذا إلى أنه قضى بإلزام المدعي المصروفات في حين أنه طبقاً للمادة (137) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، فإن الدعاوى التي ترفع للمطالبة بالحقوق المستمدة من هذا القانون تعفى من الرسوم في جميع درجات التقاضي، الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه، والقضاء له بطلباته.
وقد أودع الحاضر عن الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية مذكرة بدفاعها طلبت في ختامها الحكم:
أولاً: بعدم قبول الدعوى، لعدم مراعاة حكم المادة (157) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975.
ثانياً: ببطلان صحيفة الدعوى، لتوقيعها من المدعي بوصفة محامياً بالإدارة القانونية بالهيئة، مخالفاً بذلك المادة (66) من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983.
ثالثاً: رفض الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات، ذلك لأن الإصابة التي يدعيها المدعي هي حالة مرضية وليس حالة إصابة عمل، إذ لم يتبع بشأن إثباتها الإجراءات المنصوص عليها في قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، والقرارات الصادرة تنفيذاً له، وأن الهيئة لا تقر ما تقدم به من صورة فوتوغرافية لإثبات أن إصابته إصابة عمل كما أنه ليس من حقه التمسك ضد الهيئة بتقرير طبيب شرعي جاء تنفيذاً لقرار المحكمة الابتدائية التي انتهت ولايتها في موضوع الدعوى بالحكم بعدم الاختصاص، فضلاً عن قصور هذا التقرير، لعدم اختصاص الطلب الشرعي بتقرير حالة الإصابات، وانعقاد الاختصاص للتأمين الصحي طبقاً للقانون رقم 79 لسنة 1975، المشار إليه، كما أنه غاب عن الطبيب الشرعي مراعاة الملف العلاجي للمدعي المودع لدى التأمين الصحي بدمنهور ولدى جهة عمله، كما أغفل تقريره عوامل أخرى خارج نطاق عمل المدعي تداخلت عليه وأنزلت به حالة الانزلاق الغضروفي سيما وقد تباعد عهد ما يدعيه بوقوع إصابته في 11/ 4/ 1981 وعودته إلى عمله مشفياً في 12/ 7/ 1981 بل وبعد ذلك ولم يدع هذا الحادث الإصابي، وقد يكون خطؤه قد استغرق كل الأخطاء، وكان الأجدر به باعتباره محامياً ورئيساً لقسم الدعاوى أن يلتزم بالإجراءات التي نص عليها القانون والقرارات التنفيذية، حيث يتطلبها القانون ثبوتاً وصحة منعاً من التحايل والصورية تحقيقاً لقصد الشارع روحاً ونصاً... هذا إلى جانب أن الإصابة التي يدعيها المدعي لا يتوفر في شأنها شروط أية حالة من الحالات التي عدها المشرع إصابة عمل.
كما طلبت الهيئة العامة للتأمين والمعاشات الحكم برفض الطعن لأن الحكم المطعون فيه صدر متفقاً مع صحيح حكم القانون، إذ لا تتوفر إصابة المدعي الشروط التي نصت عليها الفقرة (هـ) من المادة (5) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، لاعتبار الإصابة إصابة عمل.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ببطلان صحيفة الدعوى، لتوقيعها من المدعي بصفته محامياً بالإدارة القانونية بالهيئة، فإنه لما كانت الدعوى قد أقيمت في ظل العمل بأحكام قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968، وكان الثابت أن صحيفة الدعوى قدمت لمحكمة دمنهور الابتدائية (الدائرة 7 عمال) موقعاً عليها من المدعي، وبحسبانه محامياً مقيداً بجدول نقابة المحامين المقبولين للمرافعة أمامها، وقد قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للاختصاص، ولم تجحد الجهة الإدارية واقعة قيد المدعي بجدول المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة القضاء الإداري، فمن ثم يكون هذا الإجراء قد تم صحيحاً ومنتجاً لآثاره ولا يغير من ذلك ما نعت عليه المادة (55) من قانون المحاماة السالف ذكره التي حظرت على المحامين الخاضعين لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 مزاولة أي عمل من أعمال المحاماة أو الحضور أمام المحاكم لغير الجهات التي يعملون بها، لأن المشرع لم يرتب البطلان على مخالفة هذا الحظر، ومن ثم فلا يترتب على مخالفة هذا الحظر سوى مسئولية المخالف تأديبياً دون أن يلحق البطلان الدعوى لمجرد مزاولة النشاط المحظور عليه، وبناء على ذلك يكون الدفع ببطلان عريضة الدعوى الموقع عليه من المدعي على غير أساس من القانون متعيناً الالتفات عنه.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بعدم قبول الدعوى لعدم مراعاة المدعي لحكم المادة (157) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، فإن الثابت من الأوراق أن المدعي قدم بتاريخ 5/ 7/ 1982 طلباً إلى السيد/ رئيس لجنة فحص المنازعات بمنطقة البحيرة للتأمينات الاجتماعية، كما أرسل بطريق البريد المسجل بذات التاريخ طلباً آخر إلى السيد/ رئيس لجنة فحص المنازعات بالهيئة العامة للتأمين والمعاشات لتصفية النزاع موضوع الدعوى ودياً ولما لم يتلق رداً أقام دعواه بتاريخ 12/ 9/ 1982، فمن ثم فإنه يكون قد راعى الإجراءات والميعاد المنصوص عليها في المادة (157) من قانون التأمين الاجتماعي، ويعدو هذا الدفع غير قائم على سند من القانون حرياً بالالتفات عنه.
ومن حيث إن المادة (5) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، تنص على أن (في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد..........
(هـ) بإصابة العمل: الإصابة بأحد الأمراض المهنية المبينة بالجدول رقم (1) المرافق، أو الإصابة نتيجة حادث وقع أثناء تأدية العمل أو بسببه، وتعتبر الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق من العمل إصابة عمل متى توافرت فيها الشروط والقواعد التي يصدر بها قرار من وزير التأمينات الاجتماعية بالاتفاق مع وزير الصحة. ويعتبر في حكم ذلك كل حادث يقع للمؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة عمله أو عودته منه بشرط أن يكون الذهاب أو الإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعي....).
ومن حيث إن الواضح من هذا النص أن المشرع قصد حماية العامل من المخاطر التي يتعرض لها بسبب يتعلق بمباشرة العمل الذي يستند إليه من رب العمل، وجعل من الإصابة التي تقع للعامل خلال المهام التي يكلف بها من قبل رب العمل إصابة عمل، وهذه الإصابة تتميز بالعناصر الثلاثة الآتية:
أولاً: الضرر الجسماني، وهو يشمل كل أذى يلحق بجسم العامل ظاهراً كان أو خفياً، داخلياً أو خارجياً كالجرح وكسر العظام.
ثانياً: المفاجأة ومقتضاه أن تقع الإصابة نتيجة لحادث فجائي لا يستغرق عادة سوى وقت قصير.
ثالثاً: الواقعة ذات الأصل الخارجي ويقصد به أن يكون الضرر الجسماني ناشئاً عن سبب خارجي عن الجهاز العضوي كأن ينجم عن قوة طبيعية أو تصرف أو قول من الغير، وقد أعتبر المشرع الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق إصابة عمل متى توافرت فيها الشروط وطبقاً للقواعد التي يحددها وزير التأمينات بالاتفاق مع وزير الصحة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 1/ 4/ 1981 وافق السيد/ مدير عام منطقة التأمينات الاجتماعية بالبحيرة على اقتراح السيد/ مدير الإدارة القانونية، من تكليف المدعي وآخرين بحزم ملفات القضايا المنتهية.... وبتاريخ 11/ 4/ 1981 عاد المدعي من المحكمة إلى مقر عمله، وأثناء انحنائه وحمله لإحدى ربط الملفات، لوضعها فوق الدولاب الموجود بالإدارة شعر بالآم شديدة في ظهره وفي قدمه اليمنى وسقط على الأرض دون قدرة على الحركة، فحمله زملاؤه، وتواجهوا به إلى عيادة التأمين الصحي، لفحصه وعلاجه، التي أثبتت بذات تاريخ الحادث ببطاقة التأمين الخاصة بالمدعي أنه يشكو من ألم بأسفل الظهر وتأشر بعرضه على عيادة العظام، ودون بالبطاقة بتاريخ 12/ 4/ 1981، التواء بأسفل الظهر وأعراض عصب نسا أيمن وتصرح له بثلاثة أيام للراحة، ودون بالبطاقة بتاريخ 16/ 4/ 1981 زيارة منزلية - عصب نسا أيمن، وراحة ثلاثة أيام ودون بتاريخ 19/ 4/ 1981 (أجرت له عملية انزلاق غضروفي قطني بتاريخ 23/ 4/ 1981 وأحضر شهادة بذلك ولا زال تحت العلاج ويحتاج للراحة شهر من تاريخ العملية، وتصرح له بأجازة مرضية متصلة حتى 11/ 7/ 1982 ثم قدم المدعي مذكرة إلى السيد/ مدير عام المنطقة ضمنها أن الإصابة التي حدثت له بتاريخ 11/ 4/ 1981 هي إصابة عمل، وأن المنطقة لم تتخذ الإجراءات القانونية بشأنها، فأحالتها بتاريخ 21/ 2/ 1982 إلى إدارة الشئون القانونية لإبداء الرأي، فأجرت تحقيقاً قيد برقم 116 لسنة 1982 انتهت فيه إلى إحالة أوراق التحقيق إلى إدارة شئون العاملين بالمنطقة لترى فيه شئونها نحو عرض المدعي على طبيب الهيئة لإصابته أثناء العمل وبسببه يوم 11/ 4/ 1981 ووافق السيد/ مدير عام المنطقة على هذا الرأي بتاريخ 13/ 4/ 1982، إلا أن جهة العمل لم تتخذ باقي الإجراءات القانونية من تحرير بلاغ الإصابة وإحالة المدعي إلى الهيئة العامة للتأمين الصحي لتقدير العجز، لذلك أقام المدعي دعواه ابتداء أمام محكمة دمنهور الابتدائية (الدائرة 7 عمال)، وأثناء نظر الدعوى وقع السيد/ مدير عام المنطقة بتاريخ 14/ 11/ 1982 بلاغ الإصابة وبجلسة 27/ 11/ 1982 حكمت المحكمة المتقدمة وقبل الفصل في الموضوع بندب منطقة الطب الشرعي بالإسكندرية لتعرض المدعي على أحد الأطباء الشرعيين، لتوقيع الكشف الطبي عليه لبيان حالته وما إذا كان لديه عجز مستديم من عدمه ونسبة هذا العجز وطبيعته وسببه وما إذا كان يمنعه من أداء عمله الحالي من عدمه وما إذا كان هذا العجز ناشئاً عن إصابة عمل.........
وقدرت مبلغ ثلاثين جنيهاً لحساب مصاريف وأتعاب الطبيب الشرعي وإضافتها إلى جانب الخزانة العامة مؤقتاً.... وأبقت الفصل في المصاريف.. وقد أودع الخبير المنتدب تقريره الذي انتهى فيه إلى أن المدعي أصيب بانزلاق غضروفي بين الفقرة القطنية الرابعة والخامسة وأجريت له عملية جراحية، ومن المعروف علمياً أن الانزلاق الغضروفي من الممكن حصوله وفق التصوير الوارد على لسان المدعي بصحيفة الدعوى ومحضر التحقيق الإداري، كما وأن حدوث الإصابة أثناء وبسبب العمل الإضافي المكلف به يبرر اعتبارها ناشئة عن إصابة عمل، هذا وقد شفي المدعي من إصابته، وتخلف لديه من جرائها وما اقتضاه علاجها من تدخل جراحي، إعاقة مؤلمة نوعاً ما بعموم حركات الجزع علاوة على ضعف بالطرف السفلي الأيمن (الرجل اليمنى) مما يعتبر عاهة مستديمة لا تمنعه من الاستمرار في مباشرة عمله كمحامي بمنطقة البحيرة للتأمينات الاجتماعية، وإن كانت تقلل من كفايته للعمل وقدرته عليه بواقع 35% (خمسة وثلاثون في المائة).
ومن حيث إنه ولئن كان البين من المواد (48، 61، 62، 85، 88، 89) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، إن المشرع ناط بالهيئة العامة للتأمين الصحي علاج المصاب ورعايته طبياً إلى أن يشفى أو يثبت عجزه، وملاحظته حيثما يجرى علاجه، وبإخطار المصاب بانتهاء العلاج وبما يكون قد تخلف لديه من عجز ونسبته وللمصاب أن يطلب إعادة النظر في تقرير انتهاء العلاج أو تخلف العجز وفقاً لأحكام التحكيم الطبي المنصوص عليها في الفصل الرابع من الباب الرابع من القانون المذكور، وأن إثبات حالات العجز المنصوص عليها في هذا القانون يكون شهادة من الهيئة المذكورة، كما أن للهيئة أن تفوض المجالس الطبية في إثبات حالات العجز، لئن كان ذلك إلا أن هذا لا يعدو أن يكون تقريراً لقواعد تنظيمية للتيسير على العامل في اقتضاء حقوقه ولا يحرمه من حقه الأصلي في الالتجاء إلى القضاء، إذا قعدت الإدارة أو تراخت في تحديد ما يتخلف لدى العامل من عجز بسبب إصابة العمل، ونسبته، أو إذا لم يرغب العامل في التحكيم الطبي لا سيما أنه لم يرد في النصوص آنفة الذكر أو غيرها من مواد القانون المذكور ما يحرم العامل من هذا الحق.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم ولما كان الثابت أن الإصابة التي لحقت المدعي بتاريخ 11/ 4/ 1981 قد جاءت نتيجة حادث عمل وقع له أثناء تأديته العمل وبسببه، ونجم عنها أن أصيب المدعي بانزلاق غضروفي، وهذا الضرر نشأ عن سبب خارجي لجسم المدعي، ونتيجة لحادث فجائي، فمن ثم فإنها تعد إصابة عمل طبقاً للبند (هـ) من المادة (5) من قانون التأمين الاجتماعي لسنة 1975، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير ذلك فإنه يكون قد خالف القانون حرياً بالإلغاء.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن المادة (137) من القانون المذكور تنص على "أن تعفى من الرسوم القضائية في جميع درجات التقاضي الدعاوى التي ترفعها الهيئة المختصة أو المؤمن عليهم أو المستحقون طبقاً لأحكام هذا القانون"، فمن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون فيما قضى به من إلزام المدعي بالمصروفات، كما يكون الطعن الماثل معفياً من الرسوم القضائية لنص القانون، ولما كانت أتعاب المحاماة تأخذ حكم الرسوم القضائية فمن ثم فإن الإعفاء من الرسوم القضائية يشكل أيضاً الإعفاء من أتعاب المحاماة (الحكم الصادر في الطعن رقم 316 لسنة 26 ق بجلسة 5/ 5/ 1983) إلا أن هذا الإعفاء لا يمتد إلى مصاريف الطبيب الشرعي الأمر الذي يتعين معه إلزام الجهة الإدارية بهذه المصاريف.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء باعتبار الإصابة التي حدثت للمدعي بتاريخ 11/ 4/ 1981 إصابة عمل، بنسبة عجز 35% (خمسة وثلاثون في المائة)، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بالمصروفات على النحو المبين بالأسباب.
ساحة النقاش