لم يربط المشرع واقعة استحقاق المعاش ذاتها بتقديم الطلب؛ ذلك أن القاعدة هي أن الحق التأميني يولد لحظة تحقق سبب الاستحقاق - استثناء من ذلك قررت المادة 25 من قانون التأمين الاجتماعي أن معاش الشيخوخة والعجز والوفاة يستحق من أول الشهر الذي نشأ فيه سبب الاستحقاق،
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2007 إلى آخر مارس سنة 2008 - صـ 412
(57)
جلسة 5 من يناير سنة 2008
الطعن رقم 10930 لسنة 48 القضائية العليا
(الدائرة الثانية)
السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد أحمد عطية إبراهيم نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ بخيت محمد محمد إسماعيل وبلال أحمد محمد نصار وفوزي علي حسين شلبي ومنير عبد الفتاح غطاس ود/ حسين عبد الله أمين قايد وبهاء الدين يحيى أحمد أمين زهدي نواب رئيس مجلس الدولة.
( أ ) تأمينات اجتماعية - معاش - تاريخ استحقاق المعاش المخفض في حالة الاستقالة الصريحة أو الضمنية.
المواد (18) و(23) و(25) من قانون التأمين الاجتماعي، الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 قبل تعديله بالقانون رقم 107 لسنة 1987.
لم يربط المشرع واقعة استحقاق المعاش ذاتها بتقديم الطلب؛ ذلك أن القاعدة هي أن الحق التأميني يولد لحظة تحقق سبب الاستحقاق - استثناء من ذلك قررت المادة 25 من قانون التأمين الاجتماعي أن معاش الشيخوخة والعجز والوفاة يستحق من أول الشهر الذي نشأ فيه سبب الاستحقاق، عدا المعاش المخفض لتوافر الحالة المنصوص عليها في البند (5) من المادة (18)، ومنها انتهاء الخدمة للاستقالة الصريحة أو الضمنية المستفادة من الانقطاع عن العمل، وبناء عليه فإن هذا المعاش المخفض يستحق من أول الشهر الذي انتهت فيه خدمة المؤمن عليه - تطبيق.
(ب) تأمينات اجتماعية - معاش - التعويض المستحق في حالة تأخر صرف المستحقات التأمينية.
المادة (141) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.
حدد المشرع بنص هذه المادة التعويض الذي يستحق في حالة تأخر صرف المستحقات التأمينية، وذلك بواقع 1% من قيمة المستحقات عن كل شهر يتأخر فيه الصرف عن الميعاد المحدد - ترتيبًا على ذلك: لا تحق المطالبة بصرف فائدة بنسبة 4% تعويضًا للمستحق عن التأخير في صرف المعاش - تطبيق.
الإجراءات
بتاريخ 8/ 7/ 2002 أودع الأستاذ/ ....... المحامي بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 4462 لسنة 50ق بجلسة 20/ 5/ 2002 القاضي بسقوط حق المدعي في المطالبة بمعاش عن المدة من 2/ 9/ 1975 حتى 31/ 3/ 1987 على النحو المبين بالأسباب وإلزامه المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بأحقيته في صرف معاشه اعتبارًا من شهر سبتمبر 1975.
وقد أعلن الطعن قانونًا إلى المطعون ضدهم وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالته إلى دائرة الموضوع بهذه المحكمة حيث تقرر بجلسة 24/ 11/ 2007 إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن الطاعن كان قد أقام دعواه بإيداع عريضتها ابتداءً قلم كتاب محكمة شمال القاهرة الابتدائية بتاريخ 3/ 6/ 1995 بطلب صرف معاشه اعتبارًا من 31/ 8/ 1995 حتى الآن مع ما يترتب على ذلك من آثار مضافًا إليها الفوائد المستحقة عن التأخير في الصرف.
وذكر شرحًا لدعواه أنه التحق بالعمل بوزارة الدفاع بتاريخ 31/ 3/ 1955 وظل بها إلى أن عين اعتبارًا من 1/ 3/ 1966 بمصنع صقر للصناعات المتطورة التابع للهيئة العربية للتصنيع واستمر في العمل إلى أن قدم استقالته من العمل بتاريخ 13/ 8/ 1975، وأن جهة الإدارة لم تقم بصرف معاشه رغم أن مدة خدمته تزيد على اثنين وعشرين عامًا متصلة.
وقد نظرت المحكمة الدعوى، وبجلسة 25/ 12/ 1995 قضت بعدم اختصاصها ولائيًا بنظرها وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، فوردت الدعوى بناء على ذلك إلى المحكمة الأخيرة وقيدت بجدولها برقم 4462 لسنة 50ق وتدوول نظرها أمامها إلى أن أصدرت بجلسة 20/ 5/ 2002 حكمها المتقدم بسقوط حق المدعي في المعاش عن المدة من سبتمبر 1975 حتى 1/ 4/ 1987 وألزمته المصروفات، وذلك تأسيسًا على ما تقضي به المادة (140) من قانون التأمين الاجتماعي والمادة (375) من القانون المدني من سقوط الحق في المطالبة بالمعاش بمضي خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق.
ويقوم مبنى الطعن الماثل على أساس خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون حيث يستحق الطاعن معاشًا - بعد أن استقال من العمل - اعتبارًا من شهر سبتمبر 1975 طبقًا لما تنص عليه المادة (25) من قانون التأمين الاجتماعي، وأشار إلى أنه سبق أن تقدم بطلبات لصرف المعاش وتابع ذلك أثناء سفره للخارج لكن دون جدوى، وأضاف أن ملف معاشه فقد لدى جهة الإدارة وخلص إلى طلب الحكم بأحقيته في المعاش من التاريخ المذكور مع الفوائد القانونية بواقع 4% عملاً بنص المادة (226) من القانون المدني.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن وزارة الإنتاج الحربي قامت - بعد رفع الدعوى - بصرف متجمد معاش الطاعن عن المدة من 1/ 4/ 1987 إلى 30/ 11/ 1995 ويبلغ 3534.88 جنيهًا (ثلاثة آلاف وخمس مئة وأربعة وثلاثين جنيهًا وثمانية وثمانين قرشًا) وأنها تقوم بصرف معاش شهري له اعتبارًا من شهر ديسمبر 1995 وهو ما لم يجحده الطاعن، ومن ثم ينحصر طلبه في طلب الحكم بأحقيته في صرف المعاش عن المدة من شهر سبتمبر 1975 حتى 31/ 3/ 1987 والفوائد القانونية عن التأخير في صرف المعاش.
ومن حيث إن المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 - قبل تعديله بالقانون رقم 107 لسنة 1987 تنص على أن: "يستحق المعاش في الحالات الآتية:
1 - انتهاء خدمة المؤمن عليه ببلوغه سن التقاعد.
2 - ......
3 - ....... للوفاة أو العجز......
4 - ......
5 - انتهاء خدمة المؤمن عليه لغير الأسباب المنصوص عليها في البنود (1) و(2) و(3) متى كانت مدة اشتراكه في التأمين 240 شهرًا على الأقل.
وتنص المادة (23) من القانون المذكور على أن: "يخفض المعاش المستحق بتوافر الحالة المنصوص عليها في البند (5) من المادة (18) بنسب تقدر تبعًا لسن المؤمن عليه في تاريخ استحقاق الصرف وفقًا للجدول رقم (8) المرافق.
ولا يخفض المعاش في حالة طلب صرفه للوفاة أو العجز الكامل إذا لم يكن المؤمن عليه قد صرفه قبل ذلك".
وتنص المادة (25) من القانون المذكور على أن: "يستحق المعاش من أول الشهر الذي نشأ فيه سبب الاستحقاق قيما عدا المعاش المخفض فيستحق من أول الشهر الذي انتهت فيه خدمة المؤمن عليه....".
ويستفاد من هذه النصوص أن المشرع لم يربط واقعة استحقاق المعاش ذاتها بتقديم الطلب، ذلك أن القاعدة هي أن الحق التأميني يولد لحظة تحقق سبب الاستحقاق، واستثناء من ذلك قررت المادة (25) من قانون التأمين الاجتماعي آنفة الذكر أن معاش الشيخوخة والعجز والوفاة يستحق من أول الشهر الذي نشأ في سبب الاستحقاق عدا المعاش المخفض لتوافر الحالة المنصوص عليها في البند (5) من المادة (18) ومنها انتهاء الخدمة للاستقالة الصريحة أو الضمنية المستفادة من الانقطاع عن العمل، فإن هذا المعاش المخفض يستحق من أول الشهر الذي انتهت فيه خدمة المؤمن عليه.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت بالأوراق المودعة ملف الدعوى الصادر فيها الحكم محل الطعن الماثل أن الطاعن كان انتهت خدمته بجهة الإدارة للاستقالة الصريحة بتاريخ 31/ 8/ 1975 ومن ثم فإنه يستحق معاشه المخفض - طبقًا لنص المادة (25) من قانون التأمين الاجتماعي - من أول الشهر الذي انتهت فيه خدمته، وهو ما يتعين الحكم له بصرفه، باستثناء ما انقضى الحق فيه بالتقادم الخمسي طبقًا لنص المادة (140) من قانون التأمين الاجتماعي. وحيث إن الثابت بالأوراق أن الطاعن لم يتقدم لصرف المعاش المستحق له إلا بتاريخ 1/ 4/ 1987 وأن المكاتبات الإدارية بشان معاش المذكور ظلت متبادلة بين جهات الإدارة المختلفة ممثلة في وزارة الإنتاج الحربي ومصنع صقر للصناعات المتطورة والهيئة القومية للتأمين والمعاشات من ذلك الحين في 1/ 4/ 1987 إلى ما بعد إقامة الطاعن لدعواه وصرف متجمد معاشه من التاريخ المذكور حتى 30/ 11/ 1995 - وذلك كله حسب الثابت بكتاب إدارة شئون العاملين بوزارة الإنتاج الحربي المودع بحافظة مستندات الهيئة القومية للتأمين والمعاشات المقدمة إلى محكمة القضاء الإداري بجلسة 6/ 3/ 2000 - ومن ثم فإن الطاعن يستحق معاشًا عن السنوات الخمس السابقة على تاريخ تقدمه لصرف المعاش (أي فيما لا يجاوز 1/ 4/ 1982) ويسقط حقه في المعاش عن المدة السابقة على هذا التاريخ بالتقادم الخمسي عملاً بنص المادة (140) من قانون التأمين الاجتماعي.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم فإنه يتعين الحكم بإلزام وزارة الإنتاج الحربي - بصفتها الجهة المختصة بصرف معاشات العاملين السابقين بالشركات التي نقلت تبعيتها للهيئة العربية للتصنيع ومنها مصنع صقر الذي كان يعمل به الطاعن - أن تؤدى للطاعن كذلك متجمد معاشه عن المدة التي لم يسقط حقه فيها بالتقادم على نحو ما سلف البيان من 1/ 4/ 1982 حتى 31/ 3/ 1987.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب الطاعن الحكم له بفوائد قانونية بواقع 4% تعويضًا له عن التأخير في صرف المعاش، فإن المشرع بنص المادة (141) من قانون التأمين الاجتماعي قد حدد التعويض الذي يستحق في حالة تأخر صرف المستحقات التأمينية وذلك بواقع 1% من قيمة المستحقات عن كل شهر يتأخر فيه الصرف عن الميعاد المحدد، وذلك عن المدة من 1/ 4/ 1982 حتى 30/ 11/ 1995 وبما لا يجاوز قيمة أصل المستحقات.
وإذ قضى الحكم المطعون فيه بخلاف ذلك فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب الحكم بإلغائه.
ومن حيث إنه عن المصروفات فتعفى منها جهة الإدارة عملاً بنص المادة 137 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبأحقية الطاعن في صرف متجمد معاشه عن المدة من 1/ 4/ 1982 حتى 31/ 3/ 1987 وبغرامة التأخير عن المستحقات التأمينية التي تأخر صرفها له حتى 30/ 11/ 1995.
ساحة النقاش