الفقرة (هـ) من المادة (5) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وقرار وزيرة التأمينات رقم 239 لسنة 1977.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 110
(16)
جلسة 13 من نوفمبر سنة 1988
برئاسة السيد الأستاذ المستشار نبيل أحمد سعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسرى زين العابدين وعلي محمد حسن أحمد وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.
الطعن رقم 2864 لسنة 30 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - إصابة عمل.
شروط اعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد إصابة عمل. (إصابة عمل) (تأمين اجتماعي) الفقرة (هـ) من المادة (5) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وقرار وزيرة التأمينات رقم 239 لسنة 1977.
يشترط لاعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق إصابة عمل توافر عدة شروط:
1 - أن يكون الإجهاد أو الإرهاق ناتجاً عن بذل مجهود إضافي يفوق المجهود العادي سواء بذل هذا المجهود في وقت العمل الأصلي أو في غيره.
2 - أن يكون المجهود الإضافي ناتجاً عن تكليف المؤمن عليه بإنجاز عمل معين في وقت محدد يقل عن الوقت اللازم عادة لإنجاز هذا العمل أو تكليفه بعمل معين في وقت محدد بالإضافة إلى عمله الأصلي.
3 - أن تقرر الجهة المختصة بالعلاج أن الفترة الزمنية للإجهاد أو الإرهاق كافية لوقوع الحالة المرضية وأن هناك ارتباطاً بين حالة الإجهاد أو الإرهاق والحالة المرضية.
4 - أن تكون الحالة الناتجة عن الإجهاد ذات مظاهر مرضية حادة وينتج عنها إصابة المؤمن عليه بأحد الأمراض التي حددها المشرع.
يلتزم صاحب العمل بإخطار الهيئة المختصة بحالة الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق خلال أسبوع على الأكثر من تاريخ حدوثها ويرفق بإخطار الإصابة تقرير معتمد بظروف الواقعة وتاريخها والأعمال التي أدت إلى الإجهاد أو الإرهاق - في حالة الوفاة قبل العلاج ترفق صورة من القيد بسجل الوفيات - يفصل في التظلم من القرارات التي تصدر بعدم اعتبار الإصابة إصابة عمل لجنة تشكل لذلك بوزارة التأمينات - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 5 من أغسطس سنة 1984 أودع الأستاذ.... المحامى بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2864 لسنة 30 ق عليا في الحكم الصادر بجلسة 6/ 6/ 1984 من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 779 لسنة 33 ق المرفوعة من.... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر..... و..... و.... من زوجها المتوفى..... ضد محافظ القاهرة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع باعتبار وفاة مورث المدعية ناتجة عن إصابة عمل مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وبتاريخ 5 أغسطس سنة 1984 أودعت هيئة قضايا الدولة بالنيابة عن محافظ القاهرة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة التأمين والمعاشات قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن في ذات الحكم قيد بجدول المحكمة برقم 2867 لسنة 30 ق عليا.
وطلب كل من الطاعنين - للأسباب الواردة بتقرير طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعية المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعية المصروفات.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 27/ 4/ 1987 ضم الطعن رقم 2867 لسنة 30 ق عليا وإحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" وتحدد لنظرهما أمامها جلسة 10/ 5/ 1987 وتدوول نظر الطعن أمامها وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن على النحو المبين بمحاضر الجلسات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث أن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 28/ 2/ 1979 أقامت السيدة/ ..... الدعوى عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر...... و..... و..... من زوجها المتوفى.... ضد محافظ القاهرة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات طالبة الحكم بتسوية معاش زوجها المتوفى...... على أساس أن الوفاة نتيجة إصابة عمل وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام جهة الإدارة المصروفات وقالت المدعية شرحاً للدعوى أنه بتاريخ 7/ 12/ 1977 توفى زوجها السالف الذكر نتيجة هبوط حاد بالقلب وقد حدثت الوفاة نتيجة الإجهاد بسبب كثرة الأعمال الإضافية التي ألقتها المدرسة على عاتقه إذ كان يعمل وكيلاً لمدرسة شبرا الثانوية بنين وفي الوقت الذي كانت تعاني فيه المدرسة عجزاً في الوكلاء كانت هناك أعمال كثيرة يتحتم انجازها في مواعيد محددة كالجدول ونتائج الامتحانات وإلا تعرض سير العمل في المدرسة للارتباك، ومما يؤكد ارتباط الوفاة بحالة الإجهاد الشديد الذي أصاب زوجها أنه توفى عقب عودته من المدرسة بما لا يقل عن ساعة وذلك ثابت بتقرير صحة روض الفرج. كما أنه لم يقم بأي نوع من الأجازات لكثرة الأعمال الإضافية التي كانت موكلة إليه. وقد فوجئت المدعية بأن الهيئة العامة للتأمين والمعاشات تقوم بربط المعاش على أساس أن الوفاة طبيعية فتقدمت بشكوى لإعادة تسوية المعاش على أساس أن الوفاة ناتجة عن إصابة عمل، وبتاريخ 25/ 7/ 1978 أخطرت المدعية برفض طلبها على أساس أن زوجها لم يكلف بعمل محدد في وقت محدد ولم يبذل جهداً يفوق المجهود العادي، وأضافت المدعية قائلة أنه لما كانت مدرسة شبرا الثانوية بنين قد تقدمت بتقرير إداري بشأن وفاة مورث المدعية تضمن أن الأعمال الأساسية الموكلة إليه هي الإشراف على التوقيعات حضوراً وانصرافاً وتحويل المرضى ومحاسبة المتغيبين حيث يوجد بالمدرسة 120 موظفاً وأن الأعمال الإضافية التي كلف بها علاوة عن العمل الأساسي تشمل الإشراف العام على الموظفين الإداريين كسكرتير المدرسة والمعاونين وأمين التوريدات فضلاً عن إعداد الجدول المدرسي وهو ما يحتاج إلى جهد كبير وذلك فضلاً عن تحمل عبء نتائج امتحانات النقل في الدورين الأول والثاني.
وقدم الحاضر عن المدعية حافظة مستندات كما قدم الحاضر عن جهة الإدارة حافظة مستندات ومذكرة بالرد عن الدعوى.
وبجلسة 6/ 6/ 1984 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع باعتبار وفاة مورث المدعية ناتجة عن إصابة عمل مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن شروط وقواعد اعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد إصابة عمل قد تحددت بقرار وزيرة التأمينات رقم 239 لسنة 1977 ومنها أن يكون الإجهاد أو الإرهاق ناتجاً عن بذل مجهود إضافي يفوق المجهود العادي للمؤمن عليه وأن يكون المجهود الإضافي ناتجاً عن تكليف المؤمن عليه بانجاز عمل معين في وقت محدد بالإضافة إلى عمله الأصلي وأن يؤدى الإجهاد أو الإرهاق إلى إصابة المؤمن عليه بأحد الأمراض المحددة في القرار ومنها نزيف المخ أو انسداد الشرايين وقد تحقق الشرطان في وفاة مورث المدعية حيث بذل مجهوداً إضافياً يفوق المجهود العادي في العمل فقد كان عمله الأساسي حسبما ثبت من التحقيق الإداري رقم 582 لسنة 79 هو الإشراف على الجدول المدرسي وتوزيع الاحتياطي لعدد 120 موظفاً ومدرساً والإشراف على التوقيعات حضوراً وانصرافاً والإشراف على إعداد وإعلان النتيجة في آخر العام وأن عدد أبنية المدرسة خمسة وبها 47 فصلاً وعدد الإداريين بها تسعة وعدد الطلبة 2010 طالباً وأنه كلف بأعمال تربو على عمله الأساسي وهى الإشراف على الإداريين وهم السكرتير والمعاونون وأمين التوريدات وذلك خلال العام الدراسي 76/ 77 لعدم وجود رئيس وحدة بالمدارسة خلال العام ولكثرة اختلاسات أمين التوريد في العام المذكور مما اضطر مورث المدعية لمراجعة أعماله في فترات متعاقبة مما أرهقه هذا إلى أن المتوفى كان لا يغادر المدرسة قبل الساعة الثالثة أو الرابعة لحل كثير من المشاكل وانجاز الكثير من الأعمال كما أنه لم يحصل خلال العام المشار إليه على أية أجازات من أي نوع كما ثبت من الصورة الفوتوغرافية لشهادة الوفاة أن سبب الوفاة سكتة قلبية - هبوط حاد بالقلب - جلطة بالشريان الأمامي التاجي وجلطة بالشريان الخلفي التاجي.
ومن حيث أن الطعنين يقومان على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك تأسيساً على أن الثابت من التقرير الإداري الذي أعد عن وفاة مورث المدعية أن عمله الأساسي هو الإشراف على الجدول المدرسي وتوزيع الاحتياطي للمدرسين والموظفين والإشراف على توقيعات الموظفين حضوراً وانصرافاً والإشراف على إعلان النتيجة آخر العام كما كلف بالإشراف على الإداريين وهم السكرتير والمعاونين وأمين التوريد وأنه فرض أن من بين الأعمال المذكورة ما كان يقوم به بصفة إضافية إلا أنه لم يكلف بانجازه في وقت محدد يقل عن الوقت اللازم لإنجازه على النحو الذي اشترطه قرار وزيرة التأمينات رقم 239 لسنة 1977 في شأن شروط وقواعد اعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد إصابة عمل ولذلك فقد قررت لجنة الإجهاد بالهيئة عدم اعتبار وفاة المذكور نتيجة إصابة عمل وأيدتها في ذلك لجنة التحكيم الطبي بوزارة التأمينات بجلستها المعقودة في 5/ 7/ 1978. وذلك تأسيساً على أن المذكور لم يكلف بعمل محدد في فترة محددة ولم يبذل جهداً يفوق المجهود العادي ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه فيما قضى به من اعتبار وفاة مورث المدعية نتيجة إصابة عمل قد استند إلى تفسير واسع للقانون يتنافى مع ما قصد إليه المشرع من تحديد حقوق كل من العاملين وجهة الإدارة الخاصة بإصابة العمل كذلك فإن هذا الحكم فيما قضى به بإلزام الهيئة بالمصروفات قد خالف حكم المادة 137 من قانون التأمين الاجتماعي التي تقضى بإعفاء الهيئة من الرسوم القضائية في جميع درجات التقاضي.
ومن حيث أن الفقرة (هـ) من المادة (5) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 تنص على أن "تعتبر الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق من العمل إصابة عمل متى توافرت في شأنها الشروط والقواعد التي يصدر بها قرار من وزير التأمينات بالاتفاق مع وزير الصحة" وقد صدر قرار وزيرة التأمينات رقم 239 لسنة 1977 في شأن شروط وقواعد اعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق من العمل إصابة عمل - وهو الذي يحكم واقعة النزاع - ويبين من استقراء أحكام المواد 1 و2 و3 و4 و7 من هذا القرار أنه يشترط لاعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق من العمل إصابة عمل متى كانت سن المصاب أقل من الستين توافر الشروط الآتية مجتمعة:
1 - أن يكون الإجهاد أو الإرهاق ناتجاً عن بذل مجهود إضافي يفوق المجهود العادي للمؤمن عليه سواء بذل هذا المجهود في وقت العمل الأصلي أو في غيره.
2 - أن يكون المجهود الإضافي ناتجاً عن تكليف المؤمن عليه بانجاز عمل معين في وقت محدد يقل عن الوقت اللازم عادة لإنجاز هذا العمل أو تكليفه بعمل معين في وقت محدد بالإضافة إلى عمله الأصلي.
3 - أن تقرير الجهة المختصة بالعلاج أن الفترة الزمنية للإجهاد أو الإرهاق كافية لوقوع الحالة المرضية وأن هناك ارتباطاً بين حالة الإجهاد أو الإرهاق والحالة المرضية.
4 - أن تكون الحالة الناتجة الإجهاد ذات مظاهر مرضية حادة وينتج عنها إصابة المؤمن عليه بأحد الأمراض الآتية: أ - نزيف المخ أو انسداد شرايين المخ متى ثبت ذلك بوجود علامات اكلينيكية واضحة. ب - الانسداد بالشرايين التاجية للقلب متى ثبت ذلك بصفة قاطعة. ويلتزم صاحب العمل بإخطار الهيئة المختصة بحالة الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق خلال أسبوع على الأكثر من تاريخ حدوثها ويرفق بإخطار الإصابة تقرير معتمد منه أو ممن ينيبه متضمناً ظروف الواقعة وتاريخ حدوثها وبيان الأعمال التي أدت إلى الإجهاد أو الإرهاق. وفي حالة الوفاة مباشرة قبل علاج المصاب بمعرفة الجهة المختصة يجب على أصحاب الشأن إرفاق صورة من بيانات القيد بسجل الوفيات مبيناً بها الأسباب المباشرة وغير المباشرة للوفاة ولجهة العلاج الحق في طلب أي مستندات أخرى لازمة لاعتبار الحالة إصابة عمل من الناحية الطبية وتختص كل من الهيئة وجهة العلاج بالبت فيما إذا كانت الشروط اللازمة لاعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق من العمل إصابة عمل متوافرة من عدمه ولأصحاب الشأن التظلم من القرارات التي تصدر بعدم اعتبار الإصابة إصابة عمل وتختص بالفصل في التظلمات لجنة تشكل لذلك بوزارة التأمينات.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن مورث المدعية السيد/..... كان وكيلاً بمدرسة شبرا الثانوية بنين وقد توفى بتاريخ 7/ 12/ 1977 بعد عودته إلى منزله من عمله وكان سبب الوفاة سكته قلبية - هبوط حاد بالقلب - جلطه بالقلب بالشريان الأمامي التاجي وجلطة أخرى بالشريان الخلفي التاجي وقد طلبت زوجته (المدعية) من الهيئة العامة للتأمين والمعاشات اعتبار وفاة مورثها إصابة عمل باعتبار أنها ناشئة عن الإجهاد والإرهاق من العمل فرفضت الهيئة اعتبارها كذلك لأن المتوفى لم يكلف بعمل محدد ولم يبذل جهداً يفوق المجهود العادي فتقدمت المدعية بتظلم إلى لجنة التحكيم الطبي بوزارة التأمينات فقررت اللجنة بجلستها المعقودة بتاريخ 5/ 7/ 1978 عدم الموافقة على اعتبار الوفاة ناتجة عن إصابة عمل.
ومن حيث أن الثابت من التقرير الإداري والتحقيق الذي أجرته جهة العمل (مدرسة شبرا وإدارة شمال القاهرة التعليمية) عن الواقعة والأعمال التي أدت إلى الإجهاد والإرهاق أن المذكور كان وكيل المدرسة لشئون العاملين وعمله الأساسي الإشراف على توقيعات الحضور والانصراف للموظفين والمدرسين وتحويل المرضى منهم ومحاسبة المتغيبين. ونظراً لعدم وجود رئيس وحدة الإشراف على الإداريين خلال العام الدراسي 76/ 77 فقد تكلف بالإشراف العام على أعمال الإداريين وعددهم تسعة وهم سكرتيرة المدرسة والمعاونون وأمين التوريدات والذي كان المذكور يضطر لمراجعة أعماله في فترات متقاربة وأسند إليه إعداد الجدول المدرسي الذي يتغير باستمرار ويحتاج إعداده إلى مجهود ذهني لساعات عمل متصلة وكان المطلوب الانتهاء منه في أقرب وقت ممكن حتى تنتظم الدراسة وكان هذا قبل الوفاة مباشرة كما أسند إليه تنظيم العمل وتوزيعه على المدرسين أثناء خروج بعضهم إلى الدورات التدريبية فضلاً عن إعداد نتيجة امتحانات النقل وتبيض النتيجة وقد اقتضت ظروف العمل إسناد هذه الأعمال إلى المذكور حيث كان يحضر إلى عمله قبل الموعد المقرر بساعة لإنجاز أعمال الجدول وتوزيع الاحتياطي والإشراف على المبنى المتشعب وانه كان لا يغادر المدرسة قبل الساعة الثالثة أو الرابعة لإنجاز عمله وأنه كان مستمراً بالعمل يوم الوفاة حتى الساعة الثانية وأن مبنى المدرسة يضم خمسة مبان و47 فصلاً وبها 120 مدرساً وتسعة إداريين و2010 طالباً.
ومن حيث أن كل هذه الأعمال التي استندت لمورث المدعية بتكليف من جهة العمل بالإضافة إلى عمله الأصلي وتقتضى بحسب طبيعتها أن تؤدى في أوقات محددة لكي ينتظم العمل بالمدرسة ولا يضطرب هذا المرفق الحيوي الهام وإن ذلك يتطلب بذل مجهود إضافي يفوق المجهود العادي ومن ثم تكون قد توافر في وفاته الشرطان الأول والثاني من الشروط اللازمة لاعتبار الوفاة ناتجة عن إصابة عمل.
ومن حيث أنه بالنسبة لباقي الشروط الأخرى فإنه وإن كانت الهيئة العامة للتأمين والمعاشات ولجنة التحكيم الطبي لم تتعرض أي منهما لإثبات العلاقة بين الأعمال التي كلف بها المذكور ووفاته اكتفاء بالقول بأنه لم يكلف بعمل محدد ولم يبذل جهداً يفوق المجهود العادي وأنه بالرغم من تكليف المحكمة الهيئة بجلسة 11/ 10/ 1978 بإحالة أوراق الإصابة إلى القومسيون الطبي لبيان العلاقة بين تلك الأعمال والوفاة وتأجيل نظر الطعن عدة جلسات على مدى سنة كاملة في 22/ 11/ 1987 و 27/ 12/ 1987 و 24/ 1/ 1988 و28/ 2/ 1988 و 27/ 3/ 1988 إلا أن الهيئة أعادت ملف الإصابة دون أن تنفذ قرار المحكمة بحجة أن الموضوع سبق عرضه على لجنة التحكيم الطبي ولا يجوز فرضه عليها مرة أخرى وبالرغم من استمرار المحكمة في طلب تنفيذ قرارها السابق وتأجيل نظر الطعن لجلستي 2/ 5/ 1988 و 2/ 10/ 1988 إلا أن الهيئة قعدت عن تنفيذ القرار وأنه إزاء ما تقدم وما يكشف عنه هذا المسلك من عنت جهة الإدارة وتعسفها لتعطيل الفصل في الطعن والحيلولة دون أداء المحكمة لوظيفتها في إنزال حكم القانون وتحقيق العدل وإزاء ما يزخر به ملف خدمة مورث المدعية من شهادات وتقارير طبية تعين المحكمة على تكوين عقيدتها وتستجلي من خلالها حقيقة العلاقة بين الأعمال التي كلف بها مورث المدعية ووفاته، وإذ كان الثابت من تلك الشهادات والتقارير أن مورث المدعية كان مصاباً بهبوط في القلب وجلطات قديمة بالشريان التاجي الأمامي والشريان التاجي الخلفي وذلك منذ منتصف شهر مارس سنة 1974 وقد تم الكشف عليه بمعرفة مكتب صحة روض الفرج أول وقومسيون طبي القاهرة مرات عديدة وتم منحه لهذا السبب أجازات مرضية استثنائية طبقاً لقراري وزير الصحة رقم 726 لسنة 1963 ورقم 63 لسنة 1976 في شأن الأمراض المزمنة ومن تلك التقارير الطبية كتاب القومسيون الطبي رقم 1378 م 4 الذي ورد فيه أنه بالكشف على.... بتاريخ 27/ 5/ 1974 وجد مريضاً بجلطة بالشريان التاجي الخلفي وينطبق عليه القرار 726 لسنة 1963 في المدة من 16/ 3/ 1974 إلى 14/ 5/ 1974، وبتاريخ 6/ 4/ 1975 أرسلت المدرسة كتاباً إلى مدير صحة روض الفرج أول تطلب فيه موافاتها بنتيجة الكشف الطبي على..... بجلسة 4/ 5/ 1975 وقد تأشر على خطاب المدرسة بتاريخ 7/ 4/ 1975 بأنه بالإطلاع على سجل الأجازات وجد أن..... منح أجازة مرضية من تاريخ الانقطاع وأنه مريض بجلطة في الشريان التاجي الخلفي مضاعف وجلطة بالشريان التاجي الأمامي أدى إلى هبوط بالقلب وأرسلت المدرسة الكتاب رقم 169 بتاريخ 13/ 4/ 1975 إلى مدير عام الإدارة التعليمية بشمال القاهرة (أجازات) بشأن إرسال الأجازة المرضية الخاصة بالمذكور مع إقراري القيام والعودة وتطلب تطبيق القرار رقم 726 لسنة 1963 على حالته، كما جاء بكتاب القومسيون الطبي وارد 47 بتاريخ 18/ 1/ 1977 أنه بالكشف على...... وجد مريضاً بهبوط في القلب جلطات قديمة بالشريان التاجي وينطبق عليه القرار رقم 63 لسنة 1963 وتحسب المدة من 18/ 10/ 1976 إلى 8/ 11/ 1976 أجازة استثنائية، وإذا كان يبين مما تقدم أن المرض الذي كان مورث المدعية مصاباً من الأمراض المزمنة وفقاً لقراري وزير الصحة رقمي 726 لسنة 1963 و63 لسنة 1976 ويستحق عنه أجازات مرضية استثنائية بمرتب كامل وفقاً للقانون رقم 112 لسنة 1963 الذي كان معمولاً به وقت الإصابة وقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وهذه الأمراض قد أولاها المشرع رعاية خاصة بمراعاة عدم قدرة المصابين بها على القيام بأعمالهم وحتى يمكنهم الإنفاق على علاجهم الذي غالباً ما يطول أمده وأن يعول كذلك أسرهم على نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 112 لسنة 1963 وقد اعتبر قرار وزيرة التأمينات رقم 239 لسنة 1977 في شأن شروط وقواعد اعتبار الوفاة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق من العمل إصابة عمل - اعتبر هذا القرار - الوفاة نتيجة الإصابة بهذا المرض إصابة ناتجة عن إصابة عمل متى توافرت الشروط الأخرى اللازمة لذلك، وإذ كان الثابت من الأوراق أن مورث المدعية عاد إلى عمله بعد الأجازة المرضية الاستثنائية التي وافق عليها القومسيون الطبي في 18/ 1/ 1977 حسبما سلف بيانه وأن المذكور أشر على كتاب القومسيون الطبي آنف الذكر بأنه سيقوم بالعمل تحت مسئوليته لأن حالته الصحية تسمح بذلك وأن مفاد ذلك أن جهة العمل كانت تعلم حقيقة مرض المذكور وكان الأولى بها وقد أثر العودة إلى عمله على البقاء في أجازة مرضية استثنائية بمرتب كامل وبرغم أحقيته في ذلك - كان أولى بها ألا تكلفة بأعمال تتجاوز طاقته - إلا أنها عهدت إليه بأعمال إضافية تقتضي بذل مجهود إضافي يفوق جهده العادي لضرورة انجاز هذه الأعمال في أوقات محددة حرصاً على انتظام الدراسة وعدم اضطرابها وهذا الجهد الإضافي من شأنه - والحال هذه - تفاقم الحالة المرضية للمذكور وتداعى خطورتها وهو ما أكده تقرير الوفاة، فجاء به أن سبب الوفاة سكتة قلبية، هبوط حاد بالقلب جلطة بالقلب بالشريان الأمامي التاجي وجلطة أخرى بالشريان الخلفي التاجي الأمر الذي تكون معه وفاة مورث المدعية ناتجة عن الإجهاد والإرهاق مع العمل وتكون إصابة عمل، ويكون الحكم المطعون فيه وقد قضى بهذا النظر قد أصاب صحيح حكم القانون إلا أنه أخطأ فيما قضى به من إلزام الهيئة وقد أصابها الخسر - بالمصروفات بينما هي معفاة منها - حسبما جرى به قضاء هذه المحكمة - وذلك إعمالاً لنص المادة 137 من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه الأمر الذي يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع باعتبار وفاة مورث المدعية ناتجة عن إصابة عمل مع ما يترتب على ذلك من آثار.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع باعتبار وفاة مورث المدعين ناتجة عن إصابة عمل مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ساحة النقاش