تثبيت قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 بالموافقة على التجاوز لموظف السكة الحديد من استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكة الحديد والمكافأة بحسب قانون المعاشات.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشر - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1970) - صـ 315
(50)
جلسة 10 من مايو سنة 1970
برئاسة السيد الأستاذ المستشار: محمد مختار العزبي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد طاهر عبد الحميد وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر وأحمد علي حسن العتيق المستشارين.
القضية رقم 1232 لسنة 13 القضائية
( أ ) - موظف "تثبيت" - متجمد احتياطي المعاش.
قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 بالموافقة على التجاوز لموظف السكة الحديد من استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكة الحديد والمكافأة بحسب قانون المعاشات، واستبعاد الجزء المتجاوز عنه من متجمد الاحتياطي - أعمال هذا القرار يجد مجاله يوم يستحق على الموظف صاحب الحق في الإفادة من القرار المذكور, متجمد احتياطي معاش عن مدة خدمته السابقة على التثبيت - أثر ذلك بالنسبة إلى المثبتين بالتطبيق لأحكام القانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين وآخر لموظفي الهيئات ذات الميزانيات المستقلة.
(ب) - موظف - متجمد احتياطي المعاش المقرر عن مدة الخدمة السابقة على التثبيت طبقاً للقانون رقم 394 لسنة 1956 المشار إليه - لا يستحق على الموظف إلا حين يعتبر اشتراكه عن هذه المدة نافذاً منتجاً لأثره - أساس ذلك.
(ج) - معاش - متجمد احتياطي المعاش - الفوائد المقررة على هذا المتجمد بالمادة 51 من القانون رقم 394 لسنة 1956 المشار إليه - التزام الموظف بهذه الفوائد محسوبة على متجمد احتياطي المعاش كله حتى تاريخ نفاذ اشتراكه في صندوق التأمين والمعاشات, ولو كان صاحب حق في الإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 سالف البيان - أساس ذلك.
1 - إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 قد تضمن "الموافقة على التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكة الحديد والمكافأة بحسب قانون المعاشات، واستبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد الاحتياطي" ومؤدى ذلك، أن إعمال هذا القرار باستبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد احتياطي المعاش، إنما يجد مجاله يوم يستحق على الموظف صاحب الحق في الإفادة من القرار المذكور، متجمد احتياطي معاش عن مدة خدمته السابقة على تثبيته بالمعاش.
ومن حيث إن تثبيت الموظف بالمعاش، وإن يكن يتم بقوة القانون، بالتطبيق لأحكام القانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين وآخر لموظفي الهيئات ذات الميزانيات المستقلة، في تاريخ العمل به، أي في أول أكتوبر سنة 1956، إلا أن هذا التثبيت، لا ينشأ عنه في ذاته، استحقاق متجمد احتياطي معاش عن مدة الخدمة السابقة على التثبيت، ومن ثم فإنه لا مجال في أول أكتوبر سنة 1956، تاريخ التثبيت، لا مجال لإعمال قرار مجلس الوزراء المشار إليه، في خصوص استبعاد نصف الفرق بين المكافأتين من متجمد احتياطي المعاش.
2 - أنه يخلص من حكم المادة 51 من القانون رقم 394 لسنة 1956 بادي الذكر معدلة بالقانون رقم 8 لسنة 1958، أن متجمد احتياطي المعاش عن مدة الخدمة السابقة على التثبيت لا يستحق على الموظف، إلا حين يعتبر اشتراكه عن هذه المدة في صندوق التأمين والمعاشات نافذاً منتجاً لأثره، وأن الاشتراك عن المدة المذكورة في هذا الصندوق، جوازي للموظف, ولابد لتحققه من أن يحدد الموظف رغبته وطريقة الأداء في ميعاد نهايته 30 من يونيه سنة 1958، ولا يعتبر اشتراكه نافذاً منتجاً لأثره، إلا في التاريخ الذي يؤدي فيه كل أو بعض الاشتراكات، إذا اختار أداءها كلها أو بعضها دفعة واحدة خلال فترة الاختبار، أو عند البدء في تحصيل الاشتراكات المقسطة في أول أغسطس سنة 1958. إذا اختار أداءها على أقساط شهرية للمدة المتبقية من ملف الخدمة حتى بلوغ سن الستين.
3 - الموظف المثبت بالمعاش بالتطبيق لأحكام القانون رقم 394 لسنة 1956 المعين أنفاً حتى ولو كان لصاحبه حق في الإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 سالف البيان، يكون ملزماً بالفوائد المقررة بالمادة 51 المشار إليها محسوبة على متجمد احتياطي المعاش كله حتى تاريخ نفاذ اشتراكه في صندوق التأمين والمعاشات لأنه فضلاً عن أن هذه الفوائد تعتبر جزءاً لا يتجزأ من متجمد احتياطي المعاش فإن استبعاد نصف الفرق بين المكافأتين من متجمد احتياطي المعاش بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء المذكور. لا يجد مجالاً لإعماله قبل ذلك التاريخ. إذ أن متجمد احتياطي المعاش لا يستحق إلا في التاريخ المذكور كما سلف البيان. وإنما لا يلزم صاحب الحق في الإفادة من قرار مجلس الوزراء آنف الذكر بأية فوائد عما يعادل نصف الفرق بين المكافأتين من متجمد احتياطي المعاش اعتباراً من التاريخ المشار إليه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 433 لسنة 20 القضائية ضد وزارة المواصلات وهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 19 من ديسمبر سنة 1965 طلب فيها "الحكم بأحقيته في استرداد ما حصلته الهيئة المدعى عليها من فوائد عن نصف الفرق بين المكافأة المستحقة طبقاً للائحة مكافآت السكك الحديدية وبين المكافأة طبقاً لقانون المعاشات رقم 5 لسنة 1959 المتجاوز عنه والمستبعد من متجمد احتياطي المعاش المستحق عليه طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 وإلزام الهيئة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقال بياناً لدعواه أنه ثبت في المعاش بالتطبيق لأحكام القانون رقم 394 لسنة 1956 والقوانين المعدلة له, واختار أن يسدد متجمد احتياطي المعاش المستحق عليه عن مدة خدمته منذ بداية تعيينه, ونظراً لأن من حقه الإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 بالتجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأتين المشار إليهما واستبعاد الجزء المتجاوز عنه من متجمد الاحتياطي المستحق عليه للمعاش وكانت الهيئة تنازعه في ذلك فقد رفع دعوى أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات وصدر الحكم فيها لصالحه وعندما قامت الهيئة بتسوية المبلغ المستحق عليه عن مدة خدمته السابقة كمتجمد احتياطي معاش حسبت الفوائد على هذا المتجمد كله ثم استبعدت عنه بعد ذلك نصف الفرق بين المكافأتين دون أن تستبعد ما حسبته عليه من فوائد، في حين أن قرار مجلس الوزراء يقضي باستبعاد نصف الفرق بين المكافأتين من المتجمد المذكور دون فوائد، كما أنه لا يكون ملزماً بالفوائد التي استحقت على الجزء المستبعد من المتجمد عن المدة التالية لتاريخ صدور القانون رقم 394 لسنة 1956 إلى حين السداد ما دام كان يمكن عمل المقاصة بينه وبين نصف الفرق بين المكافأتين المستحق له وفي حدود هذه المقاصة إذ كان ينبغي على الهيئة أن تقوم باستنزال نصف هذا الفرق من المتجمد وأن عدم قيامها بذلك لا يسوغ لها حساب فوائد عنه باعتبار أنه متجمد احتياطي على معاش مؤجل سداده لأن هذا المبلغ كان في حوزتها فعلاً من تاريخ صدور القانون المشار إليه، والحكم الصادر لصالحه قد كشف عن حقه المستمد من قرار مجلس الوزراء سالف الذكر ولم يقرر له حقاً جديداً، على ذلك فإن المبلغ الذي تستحق عليه الفوائد التي يلزم بها هو فقط المبلغ المتبقي من متجمد الاحتياطي المستحق عليه بعد استبعاد نصف الفرق بين المكافأتين، وأجابت الهيئة عن الدعوى بمذكرة قالت فيها إن مجلس الوزراء قد وافق في 16 من سبتمبر سنة 1947 على التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأتين المشار إليهما مع استبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد احتياطي المعاش المستحق على الموظف عن مدة خدمته السابقة، ومقتضى هذا القرار إجراء المقاصة بين نصف الفرق وبين المكافأتين المتجاوز عنه وبين متجمد احتياطي المعاش، ويقدر هذا المتجمد على أساس/ المتوسط الشهري للمرتب + مدة الخدمة السابقة بالأشهر + 9/ 100, على أن تحسب على الناتج فائدة 2.5% سنوياً حتى تاريخ بدء الأداء وتعتبر هذه الفائدة جزءاً لا يتجزأ من متجمد احتياطي المعاش طبقاً لنص المادة 51 من القانون رقم 394 لسنة 1956 وقرار مجلس الوزراء المشار إليه، لذلك فإنه لا يجوز إجراء المقاصة بين نصف الفرق المتجاوز عنه وبين جزء من احتياطي المعاش، ولكن المقاصة تجري بين متجمد احتياطي المعاش بالكامل ونصف الفرق بين المكافأتين، وأن هذا هو ما اتبعته الهيئة، ولم تحصل على أية فائدة عن نصف الفرق بين المكافأتين وأنه من ثم تكون الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون، وطلبت لذلك الحكم برفضها وبجلسة 19 من يونيه سنة 1967 قضت محكمة القضاء الإداري "بقبول الدعوى شكلاً وفي المرفوع بأحقية المدعي في استرداد ما حصلته الهيئة المدعى عليها من فوائد عن جزء من متجمد احتياطي المعاش يعادل نصف الفرق بين المكافأتين وذلك عن المدة من أول أكتوبر سنة 1956 حتى تاريخ السداد الفعلي ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وإلزام طرفي الخصومة المصروفات مناصفة بينهما" وأقامت قضاءها فيما يتعلق برفض طلب المدعي الخاص باسترداد ما حصلته الهيئة من فوائد عن نصف الفرق بين المكافأتين المتجاوز عنه عن مدة خدمته السابقة المحسوبة في المعاش حتى التثبيت في أول أكتوبر سنة 1956: على أنه يبين من لائحة السكة الحديد الصادرة في 13 من أبريل سنة 1914 أن مكافأة نهاية الخدمة تستحق عند انتهاء مدة الخدمة وأنه عند التثبيت يبدأ مجال تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 بالتجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأتين واستبعاد هذا الجزء متجاوز عنه من متجمد الاحتياطي المستحق عليه للمعاش, وبالتالي يكون المدعي ملزماً بأداء الاشتراك مضافاً إليه 2.5% طبقاً لنص المادة 51 من القانون رقم 394 لسنة 1956 معدلاً بالقانون رقم 8 لسنة 1958 عن مدة الخدمة السابقة المحسوبة في المعاش حتى يوم أول أكتوبر سنة 1956 تاريخ التثبيت أما بالنسبة لطلب المدعي استرداد ما حصلته الهيئة من فوائد عن نصف الفرق بين المكافأتين المتجاوز عنه عن المدة من أول أكتوبر سنة 1956 تاريخ العمل بالقانون سالف الذكر حتى تاريخ السداد الفعلي فإن قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 قضي بعمل مقاصة فورية بين نصف الفرق وبين المكافأتين المتجاوز عنه وبين متجمد احتياطي المعاش المستحق على الموظف، وأنه ملزم بهذه المقاصة فليس له إذن أن يختار طريقاً آخر لسداد الاحتياطي الموازي لنصف الفرق بين المكافأتين خارج هذه المقاصة, ومن ثم لا يتحمل الفوائد المستحقة على مبالغ كانت في حوزة الجهة الإدارية وتراخت هي في سدادها، وأنه على ذلك يكون المدعي محقاً في هذا الطلب.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه وأن أصاب برفضه طلب المدعي الخاص باسترداد ما حصلته الهيئة من فوائد عن مدة خدمته السابقة المحسوبة في المعاش حتى أول أكتوبر سنة 1956 تاريخ تثبيته إلا أنه قد أخطأ حينما قضى بأحقيته في استرداد ما حصلته الهيئة من فوائد عن المدة من أول أكتوبر سنة 1956 حتى تاريخ السداد الفعلي وذلك لسببين (أولهما) أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 لم يقصد عمل مقاصة فورية، كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه، وأن تكييف الأمر على أنه مقاصة تكييف خاطئ، لأن المقاصة طبقاً لحكم المادة 362 وما بعدها من القانون المدني تقتضي أن يكون هناك دينان متقابلان، أي أن يكون كل من طرفي المقاصة مديناً بشخصه للآخر وفي الوقت ذاته دائناً بشخصه له فيتقابل الدينان وينقضيان بالمقاصة وهذا الشرط الجوهري والأساسي للمقاصة غير متوفر في النزاع الحالي، فالمدعي دائن للهيئة الطاعنة بنصف الفرق بين المكافأتين ولكنه ليس مديناً لها بمتجمد احتياطي المعاش، إذ أن مديونيته بهذا المبلغ ليست للهيئة وإنما لصندوق التأمين والمعاشات الذي كانت تديره مصلحة صناديق التأمين والمعاشات (الهيئة العامة للتأمين والمعاشات حالياً) وهي شخص اعتباري من أشخاص القانون العام ولها ميزانية خاصة مستقلة عن ميزانية الهيئات العامة وتلحق بميزانية الدولة، كما أن الهيئة الطاعنة مدينة للمدعي بنصف الفرق هذا ولكنها ليست دائنة له بشيء، ومن ثم لم يتوفر في كل من طرفي النزاع صفة الدائن والمدين حتى يقال بوجود دينين متقابلين وبالتالي وقوع المقاصة. ومن ناحية أخرى فإن الأثر القانوني الذي يترتب على المقاصة هو أن ينقضي الدينان بقدر الأقل منهما والحال هنا غير ذلك إذ أن دين المدعي قبل الهيئة الطاعنة (حقه قبلها) لا ينقضي بالمقاصة، بل تقوم الهيئة بسداده للهيئة العامة للتأمين والمعاشات خصماً من الاحتياطي المستحق عليه، وهذه العلاقة الثلاثية لا شأن لها بالمقاصة التي لا تكون إلا بين طرفين اثنين فقط تتوفر في كل منهما صفة الدائن والمدين (وثانياً) فإنه طبقاً لنص المادتين 50 و51 من القانون رقم 394 لسنة 1956 بعد تعديلهما بالقانون رقم 8 لسنة 1958 تحسب جملة الاحتياطي على الوجه الآتي: المتوسط الشهري للمرتب + مدة الخدمة السابقة بالأشهر + 9/ 100، على أن تحسب على الناتج فائدة 2.5% سنوياً حتى تاريخ بدء الأداء، وتعتبر هذه الفائدة جزءاً لا يتجزأ من متجمد احتياطي المعاش المستحق عن مدة الخدمة السابقة أي أن الفائدة تعتبر عنصراً من عناصر حساب متجمد احتياطي المعاش, فإذا جاء قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 وقرر أحقية الموظفين المستفيدين من أحكامه في استبعاد نصف الفرق بين المكافأتين من متجمد احتياطي المعاش المستحق عليهم فإن هذا الاستبعاد لا يقع إلا بعد حساب احتياطي المعاش على النحو المتقدم، أي على أساس إضافة الفائدة وقدرها 2.5% إليه، ومن ناحية أخرى فإنه طبقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 51 من القانون المشار إليه يبدأ تحصيل الاشتراكات المقسطة من ماهية شهر أغسطس سنة 1958، وقد قامت الهيئة الطاعنة فعلاً بتنفيذ حكم هذا المادة، ومن ثم فإنه لم يكن ليجوز سداد أي مبلغ احتياطي المعاش عن مدة الخدمة السابقة قبل هذا التاريخ, وعلي ذلك لا يسوغ القول بأن الهيئة تراخت في السداد، كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن النزاع المطروح حالياً على المحكمة أصبح مقصوراً على تعرف مدى أحقية المدعي في استرداد ما حصلته هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية الطاعنة من فوائد عن جزء من متجمد احتياطي المعاش يعادل نصف الفرق بين المكافأتين, وذلك عن المدة من أول أكتوبر سنة 1956 حتى تاريخ السداد الفعلي، وهو ما قضي به الحكم المطعون فيه لصالح المدعي.
ومن حيث إن المادة 19 من القانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين وآخر لموظفي الهيئات ذات الميزانيات المستقلة والمعدلة بالقانون رقم 8 لسنة 1958 تنص على أنه ".... تحسب في المعاش بالنسبة للمنتفعين بأحكام هذا القانون وقت العمل به.... مدد الخدمة السابقة التي قضيت في وظائف خارج الهيئة أو باليومية أو بمربوط ثابت أو بمكافأة في الحكومة أو في الهيئات ذات الميزانيات المستقلة.... بشرط أن تكون مدد خدمة فعلية لم يتقاض عنها الموظف أية مكافأة أو أموال مدخرة.... وتؤدى عن هذه المدد الاشتراكات الموضحة في المادتين 50 و51 وتسحب مدد اليومية بواقع الشهر 25 يوماً....".
وتنص المادة 50 من القانون سالف الذكر المعدلة فقرتها الأولي بالقانون رقم 160 لسنة 1957 وفقرتها الثانية بالقانون رقم 8 لسنة 1958 على أن: "تؤدي الخزانة العامة أو الهيئات ذات الميزانيات المستقلة إلى كل من صندوق التأمين والمعاشات مبالغ عن مدد الخدمة السابقة التي تدخل في حساب المعاش للموظفين غير المثبتين المشتركين في الصندوق وذلك من تاريخ دخولهم الخدمة حتى تاريخ انتفاعهم بأحكام صناديق الادخار المشار إليها في المادة السابقة أو بأحكام هذا القانون حسب الحال" وتقدر هذه المبالغ بالنسبة إلى كل موظف بواقع 9% من متوسط ما حصل عليه من مرتبات فعلية من تاريخ دخوله الخدمة حتى تاريخ انتفاعه بأحكام صناديق الادخار أو بأحكام هذا القانون حسب الحال مضروباً في مدة الخدمة المذكورة، وتحسب عليها بواقع 6.5% سنوياً".
وتنص المادة 51 من القانون المشار إليه معدلة بالقانون رقم 8 لسنة 1958 على أنه "يجوز للموظفين غير المثبتين المنتفعين بأحكام هذا القانون أداء اشتراكات في كل من الصندوقين عن مدد خدمتهم السابقة التي تدخل في حساب المعاش وذلك وفقاً لأحكام الفقرة الثانية من المادة السابقة ما عدا سعر الفائدة فيحسب بواقع 2.5% سنوياً، وتؤدي هذه الاشتراكات أما دفعة واحدة خلال فترة الاختبار أو على أقساط شهرية للمدة المتبقية من مدة الخدمة حني بلوغ سن الستين وإما بأداء بعضها دفعة واحدة خلال فترة الاختبار والباقي على أقساط شهرية طبقاً لما تقدم، على أن يحدد الموظف رغبته وطريقة الأداء في موعد نهايته 30 من يونيه سنة 1958.
ويبدأ تحصيل الاشتراكات المقسطة من ماهية شهر أغسطس سنة 1958 محسوباً عليها فائدة بواقع 4.5% وتتحمل الخزانة العامة أو الهيئات ذات الميزانيات المستقلة الباقي.
ويعتبر الموظف مشتركاً عن مدة خدمته السابقة حتى بدئ في اقتطاع الأقساط المستحقة، ويقف الاقتطاع بوفاة الموظف أو بفصله بسبب عدم اللياقة الصحية".
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 قد تضمن "الموافقة على التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكة الحديد والمكافأة بحسب قانون المعاشات، واستبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد الاحتياطي" ومؤدي ذلك، أن إعمال هذا القرار باستبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد احتياطي المعاش، إنما يجد مجاله يوم يستحق على الموظف صاحب الحق في الإفادة من القرار المذكور، متجمد احتياطي معاش عن مدة خدمته السابقة على تثبيته بالمعاش.
ومن حيث إن تثبيت الموظف بالمعاش، وإن يكن يتم بقوة القانون، بالتطبيق لأحكام القانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين وآخر لموظفي الهيئات ذات الميزانيات المستقلة، في تاريخ العمل به، أي في أول أكتوبر سنة 1956، إلا أن هذا التثبيت، لا ينشأ عنه في ذاته، استحقاق متجمد احتاطي معاش عن مدة الخدمة السابقة على التثبيت، ومن ثم فإنه لا مجال في أول أكتوبر سنة 1956، تاريخ التثبيت، لا مجال لإعمال قرار مجلس الوزراء المشار إليه، في خصوص استبعاد نصف الفرق بين المكافأتين من متجمد احتياطي المعاش.
ومن حيث إنه يخلص من حكم المادة 51 من القانون رقم 394 لسنة 1956 بادي الذكر معدلة بالقانون رقم 8 لسنة 1958، أن متجمد احتياطي المعاش عن مدة الخدمة السابقة على التثبيت لا يستحق على الموظف، إلا حين يعتبر اشتراكه عن هذه المدة في صندوق التأمين والمعاشات نافذاً منتجاً لأثره، وأن الاشتراك عن المدة المذكورة في هذا الصندوق، جوازي للموظف, ولابد لتحققه من أن يحدد الموظف رغبته وطريقة الأداء في ميعاد نهايته 30 من يونيه سنة 1958، ولا يعتبر اشتراكه نافذاً منتجاً لأثره، إلا في التاريخ الذي يؤدي فيه كل أو بعض الاشتراكات، إذا اختار أداءها كلها أو بعضها دفعة واحدة خلال فترة الاختبار، أو عند البدء في تحصيل الاشتراكات المقسطة في أول أغسطس سنة 1958، إذا اختار أداءها على أقساط شهرية للمدة المتبقية من ملف الخدمة حتى بلوغ سن الستين.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، يكون الموظف المثبت بالمعاش بالتطبيق لأحكام القانون رقم 394 لسنة 1956 المعين آنفاً, حتى ولو كان لصاحبه حق في الإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 سالف البيان، يكون ملزماً بالفوائد المقررة بالمادة 51 المشار إليها محسوبة على متجمد احتياطي المعاش كله حتى تاريخ نفاذ اشتراكه في صندوق التأمين والمعاشات لأنه فضلاً عن أن هذه الفوائد تعتبر جزءاً لا يتجزأ من متجمد احتياطي المعاش, فإن استبعاد نصف الفرق بين المكافأتين من متجمد احتياطي المعاش بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء المذكور. لا يجد مجالاً لإعماله قبل ذلك التاريخ. إذ أن متجمد احتياطي المعاش لا يستحق إلا في التاريخ المذكور كما سلف البيان. وإنما لا يلزم صاحب الحق في الإفادة من قرار مجلس الوزراء آنف الذكر بأية فوائد عما يعادل نصف الفرق بين المكافأتين من متجمد احتياطي المعاش اعتباراً من التاريخ المشار إليه.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق، أن الهيئة المدعى عليها قد راعت ما تقدم عند تنفيذ الحكم الصادر للمدعي لأحقيته في الإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 المشار إليه، فلم تحصل منه أية فوائد، منذ أول أغسطس سنة 1958، تاريخ نفاد اشتراكه في صندوق التأمين والمعاشات, عما يعادل نصف الفرق بين المكافأتين من متجمد احتياطي المعاش إذ أنها بعد أن خصمت نصف الفرق بين المكافأتين وقدره 135 جنيه و812 مليم من متجمد احتياطي المعاش كله بما أضيف إليه من فوائد حتى أول أغسطس سنة 1958، أعادت حساب الفائدة على المبلغ الباقي، فأصبح القسط الشهري 1 جنيه و6 مليم اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1962, بعد أن كان 2 جنيه و72 مليم وصرفت له فروق الأقساط عن المدة من أول أغسطس سنة 1958 حتى 30 من سبتمبر سنة 1962 وقد بلغت 82 جنيه و512 مليم لما كان ذلك هو الثابت، فإن الهيئة تكون قد طبقت القانون في حقه تطبيقاً صحيحاً وتكون الدعوى برمتها غير قائمة على أساس سليم من القانون, ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى برمتها, مع إلزام المدعي بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.
ساحة النقاش