وظيفة مساعد معمل بمعهد الأبحاث قرارا مجلس الوزراء الصادران في 18/ 7/ 1936 و 21/ 9/ 1936 في شأن صرف بدل عدوى لموظفي المعامل الرئيسية والإقليمية ومعهد الأبحاث .
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1964 إلى أخر سبتمبر سنة 1964) - صـ 1332
(126)
جلسة 28 من يونيه سنة 1964
برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد شلبي يوسف وعبد الفتاح بيومي نصار وحسنين رفعت حسنين وأبو الوفا زهدي المستشارين.
القضية رقم 2598 لسنة 6 القضائية
بدل عدوى - وظيفة مساعد معمل بمعهد الأبحاث - قرارا مجلس الوزراء الصادران في 18/ 7/ 1936 و 21/ 9/ 1936 في شأن صرف بدل عدوى لموظفي المعامل الرئيسية والإقليمية ومعهد الأبحاث - حصرها للوظائف والمعامل والمستشفيات المقرر لها هذا البدل وليس من بينها وظيفة مساعد معمل بمعهد الأبحاث - أثر ذلك - عدم استحقاق شاغلي هذه الوظيفة للبدل المذكور - لا يغير من ذلك كتاب وزارة المالية رقم 42 - 37/ 67 م في 15/ 4/ 1947 بمنحهم هذا البدل، وإدراج مبالغ لمواجهته في قانون ربط الميزانية - أساس ذلك.
في 12 من أغسطس سنة 1938 رفعت اللجنة المالية مذكرة إلى مجلس الوزراء في شأن صرف بدل عدوى لموظفي المعامل الرئيسية والإقليمية ومعهد الأبحاث ورد بها ما يأتي: "يصرف لأطباء وموظفي مستشفيات الحميات والجزام والأمراض الصدرية بدل عدوى تختلف فئاته باختلاف الدرجات، وقد حددها قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1936 كما يلي: 60 جنيه في السنة للأطباء، 36 جنيه في السنة لموظفي الدرجة السادسة، 24 جنيه في السنة لموظفي الدرجة السابعة، 12 جنيه في السنة للممرضات والمولدات من الدرجة الثامنة، 6 جنيه للخدمة السايرة. وقد جاء في كتاب لوزارة الصحة العمومية تاريخه 27 من مارس لسنة 1938 أن المعامل الرئيسية والإقليمية ومعهد الأبحاث تقوم بفحص عينات الأمراض التي ترد لها من مختلف جهات القطر، من بينها الأمراض المعدية كالطاعون والحميات المتنوعة والدفتريا والدرن وداء الكلب... إلخ، ولما كان موظفو ومستخدمو هذه الوحدات يتداولون تلك العينات فهم بحكم وظائفهم معرضون لخطر العدوى، شأنهم شأن زملائهم الذين يقومون بعلاج تلك الأمراض، لذلك توصي الوزارة بمعاملتهم معاملة زملائهم، ومنحهم مرتب العدوى بواقع الفئات التي أقرها مجلس الوزراء في 18 من يوليه سنة 1936 وفيما يلي بيان الوظائف التي توصي الوزارة بمنح شاغليها مرتب العدوى (1) مدير المعامل (2) وكيل المعامل (3) مدير معهد ومستشفى الكلب (4) البكتريولوجيون بالمعامل الرئيسية والإقليمية ومستشفى الكلب والأطباء الذين يقومون بالأعمال البكتريولوجية (5) الطبيب البيطري بالمعامل (6) الأخصائيون بمعهد الأبحاث (7) البكتريولوجيون بمعهد الأبحاث (8) أطباء معهد الأبحاث (9) محضران من الدرجة الثامنة بالمعامل (10) الموظفون والمستخدمون الإداريون والكتابيون بالمعامل ومستشفى الكلب (11) مساعد المعامل (القسم البكتريولوجي) بالمعامل الرئيسية والإقليمية ومستشفى الكلب. وستخصم هذه المرتبات على الوفورات إلى أن يتسنى إدراجها في الميزانية، واللجنة المالية ترى الموافقة على طلب وزارة الصحة العمومية على أن يكون صرف هذه المرتبات من تاريخ قرار مجلس الوزراء بدون أثر رجعي، واللجنة تتشرف برفع رأيها إلى مجلس الوزراء لإقراره). وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 21 من سبتمبر سنة 1938 على رأي اللجنة المبين في المذكرة، وقد أبلغت وزارة المالية بهذا القرار.
ومن حيث إن القرار المشار إليه قد صدر في شأن شاغلي وظائف معينة أو بمعامل ومستشفيات معينة وردت بالقرار على سبيل الحصر، ومن ثم فهو مقصور على من عناهم ولا ينصرف أثره إلى من عداهم ممن يشغلون وظائف أو بمعامل أو مستشفيات أخرى غير الواردة فيه، وهو ما سبق أن قضت به هذه المحكمة بحكمها الصادر بجلسة 14 من يونيه سنة 1958 في القضية رقم 610 لسنة 3 القضائية.
ومن حيث إنه واضح من استعراض بيان هذه الوظائف المعينة أنه اقتصر في شأن موظفي معهد الأبحاث على الأخصائيين والبكتريولوجيون والأطباء (البنود 6، 7، 8) وحدهم دون غيرهم، فلم يشمل مساعدي المعمل (ومنهم المطعون ضده)، وقول المطعون ضده بأن مساعدي المعمل بمعهد الأبحاث يندرجون تحت البند 11 الخاص بمساعدي المعامل بالمعامل الرئيسية زعماً بأن معهد الأبحاث به أحد تلك المعامل الرئيسية، هذا القول لا سند له فضلاً عن أن المذكرة التي أقرها مجلس الوزراء قد اعتبرت معهد الأبحاث وحدة قائمة بذاتها استقلالاً عن المعامل، فخصت وظائفه ببنود ثلاثة هي 6، 7، 8 وأحد هذه البنود وهو البند 7 ذكر فيه البكتريولوجيون بالمعهد ولو صح ما ذهب إليه المطعون ضده لما ورد هذا البند اكتفاء بالنص في البند 4 على البكتريولوجيون بالمعامل الرئيسية.
ومن حيث إنه لا اعتداد قانوناً بما تضمنه كتاب وزارة المالية رقم ع 42 - 37/ 67 م 2 في 15 من أبريل سنة 1947 من موافقتها على صرف مرتب بدل عدوى لمساعدي المعمل بمعهد الأبحاث، إذ الأمر في ذلك موكول إلى مجلس الوزراء الذي أصدر بشأنه قرار 21 من سبتمبر سنة 1938 سالف الذكر قاصراً منح مرتب بدل العدوى على وظائف معينة ليس من بينها وظائف مساعدي المعمل بمعهد الأبحاث وما كان يسوغ لوزارة المالية - وهي سلطة أدنى من مجلس الوزراء - أن تعدل من قراره أو تضيف إليه أحكاماً جديدة، ومن ثم فإن توقف وزارة الصحة عن صرف مرتب بدل العدوى إلى مساعدي المعمل المذكورين من أول نوفمبر سنة 1956 بعد أن استبان لها خطأ التعليمات الصادرة إليها من المالية سنة 1947، كان تصرفاً سليماً لا شائبة فيه قانوناً بل تصرفاً واجباً، كما لا اعتداد قانوناً بكون قانون ربط الميزانية قد تضمن إدارج مبالغ لمرتب بدل عدوى لمساعدي المعمل بمعهد الأبحاث في السنوات التي انقضت بين موافقة وزارة المالية في سنة 1947 على صرف هذا المرتب لهم وبين وقف هذا الصرف في سنة 1956، لا اعتداد بذلك قانوناً لأن قانون ربط الميزانية إذ يدرج اعتمادات مالية معينة إنما يضعها تحت تصرف الجهات الإدارية المختصة لتولي الصرف منها في حدود القوانين واللوائح المعمول بها أو الواجب العمل بها دون أن يرتب حقوقاً لم ترتبها تلك القوانين واللوائح ولا تجد لها من أحكامها سنداً.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بأحقية المطعون ضده الذي يشغل وظيفة مساعد معمل بمعهد الأبحاث في مرتب بدل عدوى وفق أحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 18 من يوليو سنة 1936 و21 من سبتمبر سنة 1936 يكون غير قائم على أساس صحيح قانوناً ويتعين إلغاؤه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات.
إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 31 من أغسطس سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة، بالنيابة عن السيد وزير الصحة، سكرتارية هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2598 لسنة 6 القضائية، في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الصحة بجلسة 2 من يوليو سنة 1960 في الدعوى رقم 544 لسنة 7 القضائية المقامة من منير فتح الله مصطفى ضد وزارة الصحة والقاضي "بأحقية المدعي في صرف مرتب بدل عدوى بالفئات المحددة بقراري مجلس الوزراء الصادرين في 18 من يوليو سنة 1936 و21 من سبتمبر سنة 1938 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم مع استمرار صرف هذا المرتب طالما توافرت فيه شروط القرارين سالفي الذكر، وألزمت المدعى عليها المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة" وطلبت إدارة قضايا الحكومة - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب، وقد أعلن هذا النص إلى المطعون ضده في 18 من أبريل سنة 1961 وعين لنظره جلسة 27 من أبريل سنة 1963 أمام دائرة فحص الطعون الذي أحالته بعد تداوله إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 7 من يونيه سنة 1964 وبعد أن سمعت الدعوى على الوجه المبين بالمحضر أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وسماع المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 544 لسنة 7 القضائية ضد وزارة الصحة أمام المحكمة الإدارية لوزارة الصحة بعريضة أودعها سكرتارية المحكمة في 27 من أبريل سنة 1960. بناء على القرار الصادر لصالحه من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة بجلسة 5 من أبريل سنة 1960 في طلب الإعفاء رقم 550 لسنة 7 القضائية وأورد بياناً لدعواه أنه عين في 31 من ديسمبر سنة 1945 مساعد معمل بمعهد الأبحاث في الدرجة الثامنة ثم رقى للدرجة السابعة في 30 من نوفمبر سنة 1950 وقامت الإدارة بمنحه مرتب بدل عدوى اعتباراً من تاريخ تعيينه قدره جنيه واحد في الدرجة الثامنة وجنيه ونصف في الدرجة السابعة، ومنذ أو نوفمبر سنة 1956 توقفت الإدارة عن صرف ذلك المرتب رغم أن العلة في منحه إياه - وهي تعرضه لخطر العدوى - ما زالت قائمة تبعاً لاستمراره في أداء أعماله بمعهد الأبحاث وأضاف أن وزارة المالية وافقت في كتابها لوزارة الصحة رقم ع 42 - 37/ 67 م 2 المؤرخ 15 من أبريل سنة 1947 على منح مساعدي المعمل بمعهد الأبحاث مرتب بدل عدوى خصماً من وفور بند أ - هـ - مرتبات بميزانية وزارة الصحة ومنذ ذلك التاريخ والإدارة تقوم بصرف هذا المرتب بالفئات الموضحة وأدرجت سنوياً المبالغ اللازمة له في ميزانية معهد الأبحاث فهو معتمد بقوة قانون ربط الميزانية وما كان يجوز للإدارة أن توقف صرفه بعد اكتساب الحق فيه وطلب المدعي الحكم باستحقاقه لصرف مرتب بدل عدوى بفئة 500 م و71 ج اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1956 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها المصاريف وقد ردت وزارة الصحة على هذه الدعوى بما محصله أن قرار مجلس الوزراء في 21 من سبتمبر سنة 1938 بمنح بدل عدوى لموظفي ومستخدمي مصلحة المعامل الرئيسية والإقليمية ومعهد الأبحاث قد صدر في شأن شاغلي وظائف معينة وردت بالقرار على سبيل الحصر، ومن ثم فهو مقصود عليهم ولا ينصرف أثره على غيرهم، وهو ما قضت به هذه المحكمة في حكمها الصادر في الدعوى رقم 610 سنة 3 القضائية بجلسة 14 من يونيه سنة 1958، وأن وظيفة المدعي وهي مساعد معمل بمعهد الأبحاث لم ترد ضمن تلك الوظائف التي عناها أو ذكرها قرار مجلس الوزراء، وأن ما تضمنه كتاب المالية رقم 42 - 37/ 67 م 2 المؤرخ في أبريل سنة 1947 بشأن تقرير منح مساعدي المعمل بمعهد الأبحاث ومنهم المدعي بدل عدوى تفسيراً لقرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1938 قد وقع مخالفاً للقانون إذ أن وزارة المالية لا تملك أن تصدر من التعليمات ما قد يكون من شأنه تعديل القواعد التنظيمية التي تضمنها قرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1938 ومن أجل هذا تداركت وزارة الصحة الأمر فأصدرت قراراً في 17 من نوفمبر سنة 1956 بإيقاف صرف ذلك المرتب للمدعي وزملائه من أول نوفمبر سنة 1956 وقرارها هذا قد صدر سليماً ومطابقاً للقانون ومن ثم تكون دعوى المدعي غير قائمة على أساس سليم من القانون متعيناً رفضها - وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه للأسباب التي بينها إلى أنه يرى الحكم بأحقية المدعي في استحقاقه لمرتب بدل العدوى طبقاً للفئات الواردة بقرار مجلس الوزراء في 18 من يوليو سنة 1936 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبجلسة 2 من يوليو سنة 1960 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها المطعون فيه وهو يقضي "بأحقية المدعي في صرف مرتب بدل عدوى بالفئات المحددة بقراري مجلس الوزراء الصادرين في 18 يوليو سنة 1936 و21 سبتمبر سنة 1938 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم مع استمرار صرف هذا المرتب طالما توافرت فيه شروط القرارين سالفي الذكر وألزمت المدعى عليها المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الأساس الذي يرتكن عليه المدعي في دعواه هو قراري مجلس الوزراء الصادرين في 18 من يوليو سنة 1936، 21 من سبتمبر سنة 1938 وما زالت أحكامهما قائمة ولم يصدر بشأنها من السلطة التي أصدرتهما وهي مجلس الوزراء قرار بتعديلهما أو وقف أثارهما وأن ما تضمنه كتاب مراقبة مستخدمي الحكومة رقم 42 - 37/ 67 المؤرخ 20 من أكتوبر سنة 1938 من أن وزارة المالية قررت تخفيض مرتب بدل العدوى فيما يختص بموظفي الدرجتين السادسة والسابعة إلى 1 جنيه و1.5 جنيه على التوالي مخالف للقانون إذ أن وزارة المالية لا تملك أن تصدر من التعليمات ما يكون من شأنه تعديل القواعد التنظيمية التي تضمناها قرارا مجلس الوزراء الصادران في 18 من يوليه سنة 1936 و21 من سبتمبر سنة 1938 - وقد طعن السيد وزير الصحة ممثلاً بإدارة قضايا الحكومة في هذا الحكم بعريضة أودعت سكرتارية هذه المحكمة في 31 من أغسطس سنة 1960 طالباً إلغاءه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب مستنداً في أسباب طعنه إلى أن قرار مجلس الوزراء في 21 من سبتمبر سنة 1938 قد صدر في شأن شاغلي وظائف معينة بمعامل أو بمستشفيات معينة وردت على سبيل الحصر، ومن ثم فهو مقصور الأثر عليهم ولا ينصرف إلى غيرهم ممن يشغلون وظائف بمعامل أو بمستشفيات أخرى غير الواردة فيه، وأن وظيفة مساعد معمل التي يشغلها المطعون ضده ليست من الوظائف الإدارية والكتابية التي تقرر منحها راتب بدل العدوى بصفة عامة في البند 10 من قرار مجلس الوزراء سالف الذكر إذ أن هذا القرار قد حدد الجهات الإدارية التي يعمل فيها هؤلاء الموظفين وهي المعامل ومستشفى الكلب دون معهد الأبحاث كما أن هذا القرار حدد على سبيل الحصر وظائف معهد الأبحاث التي تقرر منح شاغليها ذلك المرتب وهي الوظائف التي ورد ذكرها في البنود 6، 7، 8 من القرار وليس من بينها وظيفة "مساعد معمل" وقد عقبت هيئة مفوضي الدولة على هذا الطعن بمذكرة بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيها إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات عن الدرجتين، واستندت في ذلك إلى أن قرار مجلس الوزراء في 21 من سبتمبر سنة 1938 مقصور على شاغلي وظائف معينة ولا ينصرف أثره إلى من عداهم وإلى أن وظيفة المدعي ليست من هذه الوظائف، وقد قدم المطعون ضده مذكرة بدفاعه قال فيها أن المذكرة المرفوعة لمجلس الوزراء والتي وافق عليها في 21 من سبتمبر سنة 1938 قد أدرجت معهد الأبحاث ضمن الوحدات المعرضة لخطر العدوى وطالبت بمعاملة موظفيه معاملة موظفي مستشفيات الحميات والجزام هذا إلى أن "مساعدي المعمل بمعهد الأبحاث" يندرجون تحت البند 11 من بيان الوظائف التي تقرر منح شاغليها مرتب بدل عدوى لأن معهد الأبحاث به معمل رئيسي هو أحد المعامل الرئيسية المشار إليها في ذلك البند، وأضاف المطعون ضده أن تضمين قانون الميزانية اعتماداً يصرف منه مرتب بدل عدوى له ولزملائه هو بمثابة تشريع يصلح أساساً لمنحهم ذلك المرتب.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن وظيفة الطاعن - وهي مساعد معمل بمعهد الأبحاث - لا تدخل ضمن الوظائف التي وافق مجلس الوزراء بقراره الصادر في 21 من سبتمبر سنة 1938 على منح شاغليها مرتب بدل عدوى والتي أوردها القرار المذكور على سبيل الحصر.
ومن حيث إنه يبين من الإطلاع على ملف خدمة المطعون ضده أنه يشغل وظيفة مساعد معمل بمعهد الأبحاث التابع لمصلحة بحوث الأمراض المتوطنة ومكافحتها.
ومن حيث إنه في 12 من أغسطس سنة 1938 رفعت اللجنة المالية مذكرة إلى مجلس الوزراء في شأن صرف بدل عدوى لموظفي المعامل الرئيسية والإقليمية ومعهد الأبحاث ورد بها ما يأتي: "يصرف لأطباء وموظفي مستشفيات الحميات والجزام والأمراض الصدرية بدل عدوى تختلف فئاته باختلاف الدرجات، وقد حددها قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1936 كما يلي: 60 جنيه في السنة للأطباء، 36 جنيه في السنة لموظفي الدرجة السادسة، 24 جنيه في السنة لموظفي الدرجة السابعة، 12 جنيه في السنة للممرضات والمولدات من الدرجة الثامنة، 6 جنيه للخدمة السايرة. وقد جاء في كتاب لوزارة الصحة العمومية تاريخه 27 من مارس لسنة 1938 أن المعامل الرئيسية والإقليمية ومعهد الأبحاث تقوم بفحص عينات الأمراض التي ترد لها من مختلف جهات القطر، من بينها الأمراض المعدية كالطاعون والحميات المتنوعة والدفتريا والدرن وداء الكلب... إلخ، ولما كان موظفو ومستخدمو هذه الوحدات يتداولون تلك العينات فهم بحكم وظائفهم معرضون لخطر العدوى، شأنهم شأن زملائهم الذين يقومون بعلاج تلك الأمراض، لذلك توصي الوزارة بمعاملتهم معاملة زملائهم، ومنحهم مرتب العدوى بواقع الفئات التي أقرها مجلس الوزراء في 18 من يوليه سنة 1936 وفيما يلي بيان الوظائف التي توصي الوزارة بمنح شاغليها مرتب العدوى (1) مدير المعامل (2) وكيل المعامل (3) مدير معهد ومستشفى الكلب (4) البكتريولوجيون بالمعامل الرئيسية والإقليمية ومستشفى الكلب والأطباء الذين يقومون بالأعمال البكتريولوجية (5) الطبيب البيطري بالمعامل (6) الأخصائيون بمعهد الأبحاث (7) البكتريولوجيون بمعهد الأبحاث (8) أطباء معهد الأبحاث (9) محضران من الدرجة الثامنة بالمعامل (10) الموظفون والمستخدمون الإداريون والكتابيون بالمعامل ومستشفى الكلب (11) مساعد المعامل (القسم البكتريولوجي) بالمعامل الرئيسية والإقليمية ومستشفى الكلب. وستخصم هذه المرتبات على الوفورات إلى أن يتسنى إدراجها في الميزانية، واللجنة المالية ترى الموافقة على طلب وزارة الصحة العمومية على أن يكون صرف هذه المرتبات من تاريخ قرار مجلس الوزراء بدون أثر رجعي. واللجنة تتشرف برفع رأيها إلى مجلس الوزراء لإقرارها". وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 21 من سبتمبر سنة 1938 على رأي اللجنة المبين في المذكرة، وقد أبلغت وزارة المالية بهذا القرار.
ومن حيث إن القرار المشار إليه قد صدر في شأن شاغلي وظائف معينة أو بمعامل ومستشفيات معينة وردت بالقرار على سبيل الحصر، ومن ثم فهو مقصور على من عناهم ولا ينصرف أثره إلى من عداهم ممن يشغلون وظائف أو بمعامل أو مستشفيات أخرى غير الواردة، وهو ما سبق أن قضت به هذه المحكمة بحكمها الصادر بجلسة 14 من يونيه سنة 1958 في القضية رقم 610 لسنة 3 القضائية.
ومن حيث إنه واضح من استعراض بيان هذه الوظائف المعينة أنه اقتصر في شأن موظفي معهد الأبحاث على الأخصائيين والبكتريولوجيون والأطباء (البنود 6، 7، 8) وحدهم دون غيرهم، فلم يشمل مساعدي المعمل (ومنهم المطعون ضده)، وقول المطعون ضده بأن مساعدي المعمل بمعهد الأبحاث يندرجون تحت البند 11 الخاص بمساعدي المعامل بالمعامل الرئيسية زعماً بأن معهد الأبحاث به أحد تلك المعامل الرئيسية، هذا القول لا سند له فضلاً عن أن المذكرة التي أقرها مجلس الوزراء قد اعتبرت معهد الأبحاث وحدة قائمة بذاتها استقلالاً عن المعامل، فخضت وظائفه ببنود ثلاثة هي: 6، 7، 8، وأحد هذه البنود وهو البند 7 ذكر فيه البكتريولوجيون بالمعهد ولو صح ما ذهب إليه المطعون ضده لما ورد هذا البند اكتفاء بالنص في البند 4 على البكتريولوجيون بالمعامل الرئيسية.
ومن حيث إنه لا اعتداد قانوناً بما تضمنه كتاب وزارة المالية رقم ع 42 - 37/ 67 م 2 في 15 من أبريل سنة 1947 من موافقتها على صرف مرتب بدل عدوى لمساعدي المعمل بمعهد الأبحاث، إذ الأمر في ذلك موكول إلى مجلس الوزراء الذي أصدر بشأنه قرار 21 من سبتمبر سنة 1938 سالف الذكر قاصراً منح مرتب بدل العدوى على وظائف معينة ليس من بينها وظائف مساعدي المعمل بمعهد الأبحاث وما كان يسوغ لوزارة المالية - وهي سلطة أدنى من مجلس الوزراء - أن تعدل من قراره أو تضيف إليه أحكاماً جديدة، ومن ثم فإن توقف وزارة الصحة عن صرف مرتب بدل العدوى إلى مساعدي المعمل المذكورين من أول نوفمبر سنة 1956 بعد أن استبان لها خطأ التعليمات الصادرة إليها من المالية سنة 1947، كان تصرفاً سليماً لا شائبة فيه قانوناً بل تصرفاً واجباً، كما لا اعتداد قانوناً بكون قانون ربط الميزانية قد تضمن إدارج مبالغ لمرتب بدل عدوى لمساعدي المعمل بمعهد الأبحاث في السنوات التي انقضت بين موافقة وزارة المالية في سنة 1947 على صرف هذا المرتب لهم وبين وقف هذا الصرف في سنة 1956، لا اعتداد بذلك قانوناً لأن قانون ربط الميزانية إذ يدرج اعتمادات مالية معينة إنما يضعها تحت تصرف الجهات الإدارية المختصة لتتولى الصرف منها في حدود القوانين واللوائح المعمول بها أو الواجب العمل بها دون أن يرتب حقوقاً لم ترتبها تلك القوانين واللوائح ولا تجد لها من إحكامها سنداً.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بأحقية المطعون ضده الذي يشغل وظيفة مساعد معمل بمعهد الأبحاث في مرتب بدل عدوى وفق أحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 18 من يوليو سنة 1936 و21 من سبتمبر سنة 1936 يكون غير قائم على أساس صحيح قانوناً ويتعين إلغاؤه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ساحة النقاش