تقدير مدى تعرض كل من المساعدين الفننين والعمال بكلية الطب بسبب طبيعة الأعمال المسندة اليهم لخطر العدوى - من الملاءمات المتروكة لتقدير الكلية بلا معقب عليها من القضاء بوصفه مسألة فنية مرجعها اليها.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 الى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 985
(107)
جلسة 30 من أبريل سنة 1967
برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل اسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبى وأحمد على البحراوى والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد المستشارين.
القضية رقم 975 لسنة 8 القضائية
( أ ) - محكمة ادارية عليا. "طعن أمامها".
صدور الحكم المطعون فيه ضد كلية الطب دون أن تختصم الجامعة ذاتها فى الدعوى - لا يمكن رفع الطعن الا من كلية الطب باعتبارها صاحبة الصفة والمصلحة فى الطعن - لا يحول دون ذلك أن كلية الطب ليس لها أصلا صفة فى التقاضى فى الدعوى ولا أهلية لذلك - أساس ذلك.
(ب) - دعوى. "دفع بعدم قبول الدعوى"
تمثيل صاحب الصفة تمثيلا فعليا فى الدعوى كما لو كان مختصما حقيقة - لا يقبل معه الدفع بعدم قبول الدعوى.
(جـ) - موظف. "مرتب وبدل عدوى"
تقدير مدى تعرض كل من المساعدين الفننين والعمال بكلية الطب بسبب طبيعة الأعمال المسندة اليهم لخطر العدوى - من الملاءمات المتروكة لتقدير الكلية بلا معقب عليها من القضاء بوصفه مسألة فنية مرجعها اليها.
1 - ان الحكم المطعون فيه، صدر ضد كلية الطب بجامعة الاسكندرية اذ لم تختصم جامعة الاسكندرية ذاتها فى الدعوى، ولم يصحح شكل الدعوى بادخال الجامعة فيها، باعتبارها صاحبة الصفة فى التقاضى وفقا لأحكام القانون رقم 184 لسنة 1958 فى شأن تنظيم الجامعات فى الجمهورية العربية المتحدة، فلم تكن جامعة الاسكندرية طرفا فى الخصومة، أو محكوما عليها فيها ومن ثم فما كان يمكن رفع الطعن بحكم الضرورة الا من كلية الطب الصادر عليها الحكم باعتبارها صاحبة الصفة فى الطعن والمصلحة فيه، وان لم تكن لها أصلا صفة فى التقاضى فى الدعوى أمام المحكمة الادارية، ولا أهلية لذلك، لعدم تمتعها بشخصية اعتبارية، اذ أن الحكم المطعون فيه، بالزامه بشئ لخصمه، أو برفض طلب من طلباته، بحيث يكون غرضه من الطعن الغاء هذا الحكم أو تعديله، باقالته مما حكم عليه به، أو باجابته الى ما رفض من طلباته، وقد نصت المادة 377 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه "لا يجوز الطعن فى الأحكام الا من المحكوم عليه" وغنى عن البيان أن المحكوم عليه هو صاحب المصلحة فى الطعن، لأنه هو وسيلته الوحيدة لتصحيح الخطأ الواقع فى الحكم، والتخلص من آثاره، اذ أن الطعن يتيح له أن يبدى أمام المحكمة العليا، ما كان يمكنه ابداؤه أمام المحكمة المطعون فى حكمها، من دفوع لم يسقط الحكم فيها، أو أوجه دفاع فاته ابداؤها ولا يجوز حرمانه من حق الطعن، أو جعل الطعن ممتنعا عليه، بسبب وقوع خطأ فى الحكم، ناتج عن عيب فى الشكل، فات الخصوم تدراكه، كما فات المحكمة القضاء - من تلقاء ذاتها - بالأثر المترتب عليه، لأن هذا الخطأ فى ذاته، مبرر للطعن، وبهذه المثابة، لا يسوغ أن يكون هو المانع منه، ومن ثم فان الطعن فى هذه الحالة يكون مقبولا، حتى لا يستغلق بابه، بالنسبة الى حكم معيب، وحتى لا يتحصن هذا الحكم بسبب قيام عيب به، فيعصمه عيبه من التصحيح، فى حين أن هذا العيب هو سند الطعن فيه، ولا سيما اذا كان سبيل الطعن غير متاح لجامعة الاسكندرية، لعدم وجود صفة لها، لأنها لم تكن ممثلة فى الدعوى كخصم أصلى أو متداخل، أو مدخل فيها أو خلفا عاما أو خاصا وكونها ليست محكوما عليها.
2 - أن تمثيل صاحب الصفة تمثيلا فعليا فى الدعوى وابداءه الدفاع فيها كما لو كان مختصما حقيقة لا يقبل معه الدفع بعدم قبول الدعوى ومن ثم يكون هذا الدفع على غير أساس سليم من القانون متعينا رفضه وقبول الدعوى.
3 - أن كلية الطب وهى تباشر اختصاصها فى منح بدل العدوى لمستحقيه من المساعدين الفنيين والعمال، انما تترخص فى تقدير مدى تعرض كل منهم بسبب طبيعة الأعمال المسندة اليه لخطر العدوى - الذى هو مناط استحقاق هذا البدل - وهذا من الملاءمات المتروكة لتقدير الكلية بلا معقب عليها من القضاء بوصفه مسألة فنية مرجعها اليها، مادام تقديرها قد خلا من اساءة استعمال السلطة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
( أ ) عن قبول الطعن:
من حيث ان مبنى الدفع بعدم قبول الطعن الذى أثارته هيئة مفوضى الدولة هو أن هذا الطعن قدم نيابة عن كلية الطب بجامعة الاسكندرية، مع أن الكلية ليست لها أهلية التقاضى، لعدم تمتعها بالشخصية الاعتبارية، الأمر الذى كان يقتضى تقديم الطعن نيابة عن الجامعة المذكورة، واذ لم يحصل هذا، فان الطعن يكون مقدما من غير ذى صفة، مما يتعين معه الحكم بعدم قبوله.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه، صدر ضد كلية الطب بجامعة الاسكندرية اذ لم تختصم جامعة الاسكندرية ذاتها فى الدعوى، ولم يصحح شكل الدعوى بادخال الجامعة فيها، باعتبارها صاحبة الصفة فى التقاضى وفقا لأحكام القانون رقم 184 لسنة 1958 فى شأن تنظيم الجامعات فى الجمهورية العربية المتحدة، فلم تكن جامعة الاسكندرية طرفا فى الخصومة، أو محكوما عليها فيها ومن ثم فما كان يمكن رفع الطعن بحكم الضرورة الا من كلية الطب الصادر عليها الحكم، باعتبارها صاحبة الصفة فى الطعن والمصلحة فيه، وان لم تكن لها أصلا صفة فى التقاضى فى الدعوى أمام المحكمة الادارية، ولا أهلية لذلك، لعدم تمتعها بشخصية اعتبارية، اذ أن الحكم المطعون فيه، بالزامه بشئ لخصمه، أو برفض طلب من طلباته، بحيث يكون غرضه من الطعن، الغاء هذا الحكم أو تعديله، باقالته مما حكم عليه به، أو باجابته الى ما رفض من طلباته، وقد نصت المادة 377 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه "لا يجوز الطعن فى الأحكام الا من المحكوم عليه" وغنى عن البيان، أن المحكوم عليه هو صاحب المصلحة فى الطعن، لأنه هو وسيلته الوحيدة لتصحيح الخطأ الواقع فى الحكم، والتخلص من آثاره، اذ أن الطعن يتيح له أن يبدى أمام المحكمة العليا، ما كان يمكنه ابداؤه أمام المحكمة المطعون فى حكمها، من دفوع لم يسقط الحق فيها، أو أوجه دفاع فاته ابداؤها، ولا يجوز حرمانه من حق الطعن، أو جعل الطعن ممتنعا عليه، بسبب وقوع خطأ فى الحكم، ناتج عن عيب فى الشكل، فات الخصوم تداركه كما فات المحكمة القضاء - من تلقاء ذاتها - بالأثر المترتب عليه لأن هذا الخطأ فى ذاته، مبرر للطعن، وبهذه المثابة، لا يسوغ أن يكون هذا المانع منه، ومن ثم فان الطعن فى هذه الحالة يكون مقبولا، حتى لا يستغلق بابه، بالنسبة الى حكم معيب، وحتى لا يتحصن هذا الحكم بسبب قيام عيب به، فيعصمه عيبه من التصحيح، فى حين أن هذا العيب هو سند الطعن فيه، ولا سيما اذا كان سبيل الطعن غير متاح لجامعة الاسكندرية، لعدم وجود صفة لها، لأنها لم تكن ممثلة فى الدعوى كخصم أصلى، أو متدخل، أو مدخل فيها، أو خلفا عاما أو خاصا وكونها ليست محكوما عليها.
ومن حيث انه لما تقدم، يكون الدفع بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه من غير ذى صفة، على غير أساس سليم من القانون، متعينا رفضه، واذ رفع هذا الطعن من صاحب الصفة بايداع تقريره قلم كتاب المحكمة الادارية العليا فى الميعاد القانونى فانه يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
"ب" عن الدفع بعدم قبول الدعوى:
من حيث أن الحاضر عن كلية الطب بجلسة المرافعة دفع بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها على غير ذى صفة وقال فى المذكرة التى قدمها انه يؤسس هذا الدفع على أحكام القانون رقم 184 لسنة 1958 فى شأنه تنظيم الجامعات، الذى نص على أن تتكون كل جامعة من عدد من الكليات، وأضفى على كل جامعة الشخصية الاعتبارية وقضى بأن تكون لها ميزانية خاصة مستقلة عن ميزانية الدولة، وبأن يتولى مديرها تمثيلها أمام الهيئات الأخرى، ومن ثم تكون الدعوى وقد وجهت الى عميد كلية الطب بجامعة الاسكندرية قد رفعت على غير ذى صفة ولا يجدى فى تصحيح شكلها حضور ممثل الشئون القانونية للجامعة بالجلسة أو تقديم دفاع عنها موقع من أمين الجامعة، اذ ليس لأى منهما حق تمثيل الجامعة، ولو صح القول بأن شكل الدعوى قد صحح بتقديم دفاع عن الجامعة أو بحضور ممثل الشئون القانونية بالجلسة، فان الحكم المطعون فيه يكون باطلا لاغفاله ذكر اسم الخصم الحقيقى فى الدعوى كما قضت بذلك المادة 349 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق، أن ممثل الشئون القانونية بالجامعة قد حضر بالجلسة، وقدم مذكرة بدافاعها فيها، كما قدمت الجامعة، جميع البيانات والأوراق المتصلة بالدعوى وغنى عن البيان أن من حضر الجلسة عن الجامعة انما حضر عن نائبها وممثلها فى التقاضى، وأن ما قدم من دفاع وبيانات وأوراق منسوب الى هذا الأخير سواء كانت موقعه منه، أو من الموظف المختص - على حسب توزيع العمل بادارة الجامعة وبهذه المثابة فان الحاضر فعلا بالجلسة كان هو جامعة الاسكندرية التى تتبعها كلية الطب المختصة فى الدعوى بمراعاة هذه التبعية كما أن المدافع فيها كان هو تلك الجامعة ذاتها، وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن تمثيل صاحب الصفة تمثيلا فعليا فى الدعوى وابداءه الدفاع فيها كما لو كان مختصما حقيقة لا يقبل معه الدفع قبول الدعوى ومن ثم يكون هذا الدفع على غير أساس سليم من القانون متعينا رفضه وقبول الدعوى.
"جـ" عن الموضوع:
من حيث أن عناصر هذه المنازعة، تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن المطعون عليه، أقام الدعوى رقم 2421 لسنة 8 القضائية ضد عميد كلية الطب بجامعة الاسكندرية بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الادارية بالاسكندرية، فى 10 من أغسطس سنة 1961، بناء على قرار صادر فى جلسة 30 من مايو سنة 1961 من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكور، فى طلب الاعفاء رقم 633 لسنة 8 القضائية المقدم من المدعى، ضد عميد كلية الطب بجامعة الاسكندرية وطلب المدعى فى عريضة الدعوى "الحكم بأحقيته فى بدل العدوى عن الفترة من 8 من يوليو سنة 1953، الى 9 من نوفمبر سنة 1956 مع الزام الجهة الادارية بالمصروفات". وقال بيانا لدعواه، انه عين بقسم الاقربازين بكلية الطب فى 18 من مايو سنة 1951 فى وظيفة مساعد فنى، واستمر يعمل بهذا القسم الى أن نقل الى كلية الصيدلة فى 10 من نوفمبر سنة 1956 وكان أثناء عمله بكلية الطب، يتعرض لخطر العدوى، لأنه كان يشترك فى اجراء التجارب على الحيوانات، ويقوم بأعمال أخرى تعرضه لهذا الخطر، ومع ذلك لم يصرف له بدل العدوى المقرر، بينما صرف لزملائه الذين كان يعمل معهم فى قسم الاقربازين على الرغم من أن رئيس هذا القسم قد وافق على صرف هذا البدل له وقد أجابت جامعة الاسكندرية عن الدعوى، بمذكرة مؤرخة 27 من نوفمبر سنة 1961 قدمها مندوب الشئون القانونية بالجامعة بجلسة 28 من نوفمبر سنة 1961 انتهت فيها الى أن المدعى خلال المدة من 23 من ديسمبر سنة 1953 - تاريخ صدور القرار الخاص ببدل العدوى - حتى تاريخ نقله الى كلية الصيدلة - لم يكن يقوم بعمل يعرضه لخطر العدوى حسبما قررت اللجنة ذلك، التى شكلت فى كلية الطب لتحديد مستحقى هذا البدل، وقدمت الجامعة صورة من كتاب قسم الاقربازين رقم 444 الموجه الى كلية الطب فى 22 من نوفمبر سنة 1956 ومعه صورة من الكشوف المتضمنة أسماء المساعدين الفنيين الذين يعملون بهذا القسم ويتعرضون لخطر العدوى ومن بينهم المدعى وقد ورد فى شأنه أنه كان يقوم بالعمل بمعمل الصيدلية ويحضر الامتحان الخاص بها، يرد على الأعمال الكتابية ويشترك فى التجارب على الحيوانات كما قدمت مذكرة موقعة من عميد كلية الطب، ورد بها أن الكلية المذكورة شكلت لجنة من العميد ومن رئيس قسم الجراحة وأستاذ الأمراض الباطنية وأستاذ البكترولوجيا لوضع قواعد منح بدل العدوى للمساعدين الفنيين والعمال، فان رأى هذه اللجنة قد انتهى الى أن يكون منح هذا البدل مقصورا على من يثبت أن طبيعة عملهم تعرضهم لخطر العدوى، وأن اللجنة قد استعرضت الاقتراحات التى قدمت لها من أقسام الكلية وآراء رؤساء هذه الأقسام وانتهت الى تحديد الأعمال التى يتعرض القائمون بها لخطر العدوى بأنها الأعمال التى يخالط فيها المساعدون الفنيون أو العمال، للحيوانات الخاصة بالتجارب أو المرضى، أو الافرازات سواء البول أو الدم أو العينات المرضية من أعضاء الجسم" وأنها استفسرت من جميع الأقسام عن طبيعة أعمال المساعدين الفنيين والعمال بها وناقشت رؤساء الأقسام فى هذه الأعمال واطلعت على بيانات قسم الاقربازين المرافقة لكتابها الى الكلية فى 22 من نوفمبر سنة 1956 المشار اليه والمتضمنة البيانات الخاصة بالمدعى ورأت أن طبيعة الأعمال التى يقوم بها لا تعرضه لخطر العدوى فلم توافق على منحه بدل العدوى وقدمت جامعة الاسكندرية أيضا صورة من كتاب كلية الطب المؤرخ 4 من ديسمبر سنة 1961 الذى تضمن أن عمل المدعى بها "كان ينحصر فى الأعمال الكتابية، وتحضير الامتحان الخاص بالصيدلانيات، ومساعدة أعضاء هيئة التدريس فى أبحاثهم التى يقومون بها على الحيوانات وهذا العمل اعتبرته اللجنة من الأعمال التى لا تجعله عرضة للعدوى وبذلك لم توافق على منحه هذا البدل" - وبجلسة 5 من فبراير سنة 1962 قضت المحكمة "باستحقاق المدعى، مرتب بدل عدوى، طبقا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 23 من ديسمبر سنة 1953 وبالفئات المقررة قانونا حسب درجته المالية، اعتبارا من 23 من ديسمبر سنة 1953 وحتى 5 من نوفمبر سنة 1956 وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق المالية عن الخمس سنوات السابقة على تقديم طلب الاعفاء فى 31 من يناير سنة 1961 وألزمت الادارة بالمصروفات" وأقامت قضاءها على أن مناط استحقاق بدل العدوى هو التعرض لخطرها وأن المدعى قد تعرض لهذا الخطر حسبما يؤخذ من بيانات قسم الاقربازين بكلية الطب، اذ كان من بين الأعمال التى يقوم بها الاشتراك فى التجارب على الحيوانات، ومن ثم يعتبر مخالطا لهذه الحيوانات، وبالتالى يخضع فى استحقاقه البدل للقاعدة العامة التى وضعتها اللجنة التى شكلتها الكلية المذكورة والتى تقضى باستحقاق بدل العدوى لمن تجعلهم أعمال وظائفهم من المخالطين للمرضى أو الحيوانات الخاصة بالتجارب أو الافرازات أو العينات المرضية من أعضاء الجسم.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ اذ بنى قضاءه باستحقاق المدعى لبدل العدوى، على أن الثابت من بيانات قسم الاقربازين أن من عمله المشاركة فى اجراء التجارب على الحيوانات وأنه مخالط لها، وبالتالى معرض للعدوى، ومستحق للبدل المقرر لها، طبقا للقاعدة التى وضعتها اللجنة التى شكلت فى كلية الطب لتعيين مستحقى هذا البدل، ذلك أن تقارير الاقسام من أعمال المساعدين الفنيين، لم نكن هى الوعاء الوحيد لتقرير استحقاق بدل العدوى وأن اللجنة المذكورة قد وضعت هذه التقارير موضوع البحث، وأخذت منها ما انتهى البحث الى سلامته، وتركت ما خالف الواقع وما لديها من معلومات وأنه ليس من حق القضاء، أن يستأنف النظر بالموازنة والترجيح، فيما قام لدى جهة الادارة من اعتبارات، قدرت على مقتضاها ملاءمة اصدار قرارها، ما دام هذا القرار غير مشوب بعيب اساءة السلطة. وطالما أنه قد صدر ممن يملكه، مطابقا للقانون، وخاليا من عيوب عدم المشروعية اذ أنه بذلك يخرج عن مجال التعقيب، وقد أحل الحكم المطعون فيه نفسه محل جهة الادارة فتصدى لما هو داخل فى صميم اختصاصها وخاضع لتقديرها.
ومن حيث ان الثابت مما تقدم أن كلية الطب بجامعة الاسكندرية قد عهدت الى لجنة مشكلة من أربعة أعضاء من اساتذتها ذوى الكفاية والتخصص والخبرة فى معرفة أعمال المساعدين الفنيين بأقسام الكلية المختلفة بفحص أعمال كل من هؤلاء المساعدين ومدى تعرضه لخطر العدوى بسبب هذه الأعمال، وقد استعانت هذه اللجنة بتقارير رؤساء الاقسام عن أعمال المساعدين الفنيين، وناقشتهم فيما قدموه اليها من بيانات، ثم خلصت الى أن أعمال المدعى، لا تعرضه لخطر العدوى، وانتهت تبعا لذلك الى عدم استحقاقه بدل العدوى موضوع دعواه.
ومن حيث ان كلية الطب وهى تباشر اختصاصها فى منح بدل العدوى لمستحقيه من المساعدين الفنيين والعمال، انما تترخص فى تقدير مدى تعرض كل منهم بسبب طبيعة الأعمال المسندة اليه لخطر العدوى - الذى هو مناط استحقاق هذا البدل - وهذا من الملائمات المتروكة لتقدير الكلية بلا معقب عليها من القضاء بوصفه مسألة فنية مرجعها اليها، مادام تقديرها قد خلا من اساءة استعمال السلطة، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه اذ ذهب غير هذا المذهب، قد جانب الصواب فى تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين من ثم القضاء بالغائه وبرفض الدعوى، مع الزام المدعى بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها شكلا، وبرفضها موضوعا، وألزمت المدعى بالمصروفات.
ساحة النقاش