موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

حقوق تقاعديةموظفو بلديات المدن الكبرى  ريان قانون الموظفين الأساسي رقم 135 لسنة 1945 والمرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 الخاص بالتقاعد عليهم من تاريخ نشر القانون رقم 208 لسنة 1954 بأثر حال ومباشر.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثالث (من أول إبريل سنة 1961 إلى آخر سبتمبر سنة 1961) - صـ 1078

(135)
جلسة 15 من مايو (آيار) سنة 1961

برياسة السيد/ محمد عفت رئيس المجلس وعضوية السادة/ مصطفى كامل إسماعيل، وحسن السيد أيوب وإسماعيل أبو الخير قولى وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.

القضية رقم 76 لسنة 2 القضائية

( أ ) موظف - حقوق تقاعدية - موظفو بلديات المدن الكبرى - سريان قانون الموظفين الأساسي رقم 135 لسنة 1945 والمرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 الخاص بالتقاعد عليهم من تاريخ نشر القانون رقم 208 لسنة 1954 بأثر حال ومباشر - عدم جواز المساس بالحق المكتسب أو المركز القانوني الذي يكون قد ترتب لهم في ظل النظام القديم الذي كانوا يعاملون به قبل نفاذ القانون رقم 208 لسنة 1954 - أثر ذلك - إحالة موظف البلدية، المستمر في الخدمة بعد بلوغه سن الستين طبقاً لإحصاء نفوس سنة 1922 بسبب حصوله على حكم بتغيير تاريخ مولده، على التقاعد من تاريخ نفاذ الأحكام الجديدة عليه وليس قبل ذلك أي من 10 من آب (أغسطس) سنة 1954 وتسوية حقوقه التقاعدية على هذا الأساس - أساس ذلك.
(ب) قرار إداري - قرار إداري تنفيذي - ميعاد الطعن فيه - القرار الصادر بتسوية حقوق ناشئة عن التقاعد - هو قرار تنفيذي لقانون التقاعد - أثر ذلك - جواز الطعن فيه دون قيد من المواعيد المقررة في دعاوى الإلغاء.
1 - إذا كان الثابت أن المدعي حتى تاريخ نفاذ أحكام القانون رقم 208 لسنة 1954 كان خاضعاً - بوصفه من موظفي البلديات - لنظام معين ليس فيه ما يمنع من قبول أحكام بتغيير السن المثبت في سجلات قيد النفوس، وهذا بخلاف ما هو متبع بالنسبة لموظفي الحكومة فقد كان القانون المطبق عليهم يحظر الأخذ بغير السن المثبت في قيد النفوس، وعلى ذلك فقد حصل المدعي على حكم في سنة 1936 - بالطريق الذي رسمه القانون - بتغير مولده من سنة 1892 إلى سنة 1902 وعومل في البلدية بحسب هذا التعديل وأقرته وأنه بحسب سنه المثبت في قيد نفوس سنة 1922 كان يبلغ الستين من عمره في سنة 1952 وهو سن الإحالة على التقاعد بحسب نظام البلدية التي كان تابعاً لها المدعي، فإذا ما أبقت عليه البلدية بعد ذلك في الخدمة فإنها تكون قد أخذت بغير السن الوارد في قيد النفوس.. والموظفون سواء أكانوا في خدمة الحكومة أو في المؤسسات أو الأشخاص الاعتبارية العامة فإنهم يخضعون لنظام لائحي عرضة للتغيير، فمركزهم من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة، ويتفرع على ذلك أن كل تنظيم جديد يستحدث يسري على الموظف بأثر حال مباشر من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت له نتيجة لتطبيق التنظيم القديم عليه قانوناً كان أو لائحة إلا بنص خاص في قانون.
وعلى هدي ما تقدم فإن القانون رقم 208 لسنة 1954 بنظام تقاعد موظفي بلديات المدن الكبرى قد نص في مادته الأولى على أن "يطبق على موظفي البلديات بالمدن الكبرى القانون رقم 135 لسنة 1945 المتضمن نظام الموظفين الأساسي وتعديلاته المعمول بها بتاريخ نشر هذا القانون على أن يخول محافظ مدينة دمشق الممتازة ورؤساء بلديات المدن الكبرى السلطات الممنوحة بموجبه إلى الوزراء والأمناء العامين ويخول وزير الداخلية السلطات الأخرى"..
ونص في مادته الخامسة على أن "يطبق على موظفي بلديات المدن الكبرى المعرفة بالمادة الثانية من هذا القانون قانون التقاعد المنشور بموجب المرسوم التشريعي رقم 34 في 27 من إبريل سنة 1949 وتصفى حقوق هؤلاء الموظفين من تقاعد أو تسريح بقرار من وزير الداخلية". ويبين من الاطلاع على المرسوم التشريعي رقم 34 المشار إليه أنه نص في مادته السادسة على أن "يعتبر في تطبيق أحكام هذا المرسوم التشريعي تاريخ الولادة المثبت في إحصاء سنة 1922 أو في أول تسجيل لدى دوائر الأحوال المدنية إذا كانت الولادة بعد سنة 1922 ولا عبرة للتعديلات إذا كانت طارئة بعد التاريخين المذكورين. وتعتبر هذه المادة نافذة في تطبيق الأحكام المتعلقة بالسن الواردة في قانون الموظفين الأساسي، إذا كان يوم الولادة مجهولاً بحسب السن من اليوم الأول في شهر كانون الثاني من سنة الولادة" ونص في مادته 12 على أنه "يتحتم على الإدارة إحالة الموظف على التقاعد حين إكماله الحد الأقصى للسن وهو ستون سنة أو الحد الأقصى للخدمة الفعلية وهو أربعون سنة من الخدمة الفعلية المؤداة بعد بلوغ الثامنة عشر من سني العمر، وإذا لم يصدر مرسوم أو قرار بالإحالة خلال شهرين من تاريخ انقضاء إحدى المدتين المذكورتين يعتبر الموظف محالاً على التقاعد حكماً ويوقف راتبه حتماً ولا تدخل مدة الشهرين المذكورين في عداد الخدمات المقبولة"، كما نص في مادته 19 على أن "تسري أحكام هذا القانون على موظفي البلديات القائمين على الخدمة بتاريخ نفاذ أحكامه وعلى جميع الموظفين الذين يعينون بعد صدوره".
وطبقاً للقاعدة القانونية السالفة الذكر فإن التنظيم الجديد الذي طرأ على حالة المدعي بتطبيق قانون نظام الموظفين عليه وكذلك بتطبيق أحكام المرسوم التشريعي المشار إليه إنما يسري عليه بأثر حال مباشر من يوم اعتباره نافذاً على موظفي بلدية دير الزور دون مساس بالحق المكتسب أو المركز القانوني الذي يكون قد ترتب للمدعي في ظل النظام القديم الذي كان معاملاً به قبل العمل بأحكام القانون رقم 208 لسنة 1954، ومن مقتضى ذلك وأخذاً بما ورد في المرسوم التشريعي من الاعتداد فقط بالسن الواردة في قيد النفوس - أن يحال المدعي إلى التقاعد من تاريخ نفاذ الأحكام الجديدة عليه وليس قبل ذلك أي من 10 آب (أغسطس) سنة 1954 تاريخ نشر القانون رقم 208 لسنة 1954 وتسوى حقوقه التقاعدية على هذا الأساس. وأن الأخذ بالنظرية التي تقول بها البلدية من أن القانون رقم 208 لسنة 1954 وما تضمنته من أحكام خاصة بسريان قانون الموظفين وسريان المرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 على موظفي البلديات لا يسري في حق المدعي لأنه بحسب النصوص التي تضمنها هذا المرسوم التشريعي من الأخذ فقط بالسن الوارد في قيد نفوس سنة 1922 دون الأحكام يعتبر المدعي محالاً على التقاعد منذ سنة 1952 أي قبل صدوره، الأخذ بهذا القول فيه رجوع بالقانون المذكور إلى الرجعية دون نص؛ ذلك أنه في سنة 1952 لم يكن المدعي - كما سبق القول - يخضع لقانون الموظفين أو المرسوم التشريعي المشار إليهما وإنما كان خاضعاً لنظام لا يمنع من تصحيح السن الوارد في قيد النفوس وهذا فضلاً عن التناقض الذي وقعت فيه البلدية بسبب اعتناق النظرية التي تقول بها لأنها في الوقت الذي تقول فيه أن القانون رقم 208 لسنة 1954 الذي أوجب تطبيق المرسوم التشريعي على موظفي البلديات الكبرى ومنها بلدية دير الزور لا ينطبق على المدعي، فإنها في الوقت ذاته تطبق أحكام المرسوم التشريعي بما تضمنه من وجوب الأخذ بقيد نفوس سنة 1922 - على المدعي وتحيله على التقاعد اعتباراً من سنة 1952 حسب سنه الوارد في قيد النفوس المذكور.
2 - إذا كان القرار المطعون فيه يتناول تسوية حقوق نشأت عن التقاعد فهو على هذا الوضع قرار تنفيذي للقانون والقرارات التنفيذية مما يجوز الطعن فيها دون قيد من المواعيد المقررة في دعاوى الإلغاء وذلك طبقاً لقانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 الذي رفعت الدعوى في ظله وهي بالوضع الذي جاءت عليه إنما تتعلق بالمنازعة في معاش مما يدخل في اختصاص مجلس الدولة، وقد كان من حق المدعي دون انتظار لصدور هذا القرار أن يطلب تسوية حقوقه التقاعدية.


إجراءات الطعن

في 15 حزيران (يونيه) سنة 1960 طعنت بلدية دير الزور في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بدمشق بجلسة 40 من إبريل سنة 1960 في الدعوى رقم 40 لسنة 2 القضائية المرفوعة من المطعون عليه ضد الطاعنة "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وبأحقية المدعي في تصفية حقوقه التقاعدية عن مدة خدمته السابقة لتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1954 وفقاً لأحكام المرسوم التشريعي رقم 34 في 27 من إبريل سنة 1949 وبإلزام الإدارة بالمصروفات، وطلبت الطاعنة للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده، وقد أعلنت البلدية والمطعون عليه بصحيفة الطعن وعين لنظره أمام هيئة فحص الطعون بدمشق جلسة 14 من فبراير سنة 1961 ثم أصدرت قرارها في 25 من فبراير سنة 1961 بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحدد لنظره جلسة 13 من مايو سنة 1961 وأرجأت النطق بالحكم فيه لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الملاحظات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 25 من إبريل سنة 1959 أقام المدعي (المطعون ضده) الدعوى رقم 40 لسنة 2 القضائية ضد وزير الشئون البلدية والقروية طلب فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإعادة ما أسلفه المدعي من تأمين وتضمين الجهة المدعى عليها ما تكبده من نفقات وإلزامها بأتعاب المحاماة. وقال في بيان ذلك أنه استخدم كموظف في بلدية دير الزور في سنة 1921 وعندما جرى إحصاء النفوس عام 1922 سجل فيه باعتباره من مواليد سنة 1892، وفي عام 1936 رفع دعوى أمام القضاء طالباً تصحيح تاريخ ولادته المثبت في إحصاء عام 1922 فقبلت المحكمة طلبه وقررت اعتباره من مواليد عام 1902 وهذا التصحيح كان معتبراً بالنسبة لموظفي البلديات، ونظام بلدية دير الزور لم يكن يمنع من قبوله، لذلك فقد استمر المدعي في الخدمة إلى أن أحيل على التقاعد بالقرار الصادر من رئيس البلدية برقم 266 في 19 من مارس سنة 1956 وبدلاً من أن تصفى حقوقه التقاعدية وفق أحكام المرسوم التشريعي رقم 34 في 27 من نيسان (إبريل) سنة 1949 عملاً بالمادة 5 من القانون رقم 208 في 2 من آب سنة 1954 المعدلة بالقانون رقم 52 في 5 من إبريل سنة 1955 فإنه اعتبر خاضعاً لقانون العمل وقضى بالقرار المطعون فيه بأن يصرف له تعويض تسريح كالعمال، والمدعي عند صدور القانون رقم 208 لسنة 1954 كان خاضعاً لنظام بلدية دير الزور الذي لم يكن يمنع من تصحيح قيد نفوس موظفي البلدية المذكورة بخلاف القانون رقم 208 المشار إليه الذي أوجب تطبيق أحكام قانون تقاعد الموظفين على موظفي البلديات وهذا القانون لا يعتبر الحكم القضائي بتصحيح تاريخ الولادة ولأنه لم يصدر قرار بإحالة المدعي على التقاعد فإنه يجب اعتباره محالاً على التقاعد حكماً بعد انقضاء شهرين على بدء نفاذ القانون رقم 208 لسنة 1954 أي من 10 من أكتوبر سنة 1954 وبالتالي يكون القرار المطعون فيه بتخصيصه تعويض تسريح بعد هذا التاريخ هو قرار صحيح، أما عن المدة السابقة لتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1954 فقد رأت الجهة الإدارية ألا تطبق على المدعي المرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 ومنحته تعويضاً عمالياً بدلاً من معاش تقاعدي وهو الأمر الذي لا يقبله المدعي وحجة الإدارة في ذلك أن تطبيق المرسوم التشريعي سالف الذكر يقتضي عدم قبول تصحيح قيد النفوس ولكن قد فات الإدارة أن هذا المرسوم التشريعي ليس له أثر رجعي سابق على نفاذ قانون التقاعد رقم 208 لسنة 1954 إلا أن جهة الإدارة خالفت هذا المبدأ فاعتبرت خدمة المدعي غير قانونية بعد أول سنة 1952 ونتيجة لذلك لم تطبق عليه المادة 6 من قانون التقاعد واعتبرت هذه المادة كما لو كانت نافذة في أول عام 1952 على هذا الوضع - ومن وجهة نظر الإدارة - يكون القانون الجديد قد سلبه الحقوق التي اكتسبها في ظل القانون القديم وهو الأمر الذي لا يجوز إلا بنص وقد نحا المشرع النحو الصحيح عندما أصدر القانونين 183 و211 لسنة 1958 اللذين أبطلا تصحيحات السن الواقعة بموجب القانون رقم 240 لسنة 1947 والقانون رقم 186 لسنة 1954 فلقد اعتبر بنصهما الصريح أن الخدمة التي تمت قبل صدورهما تدخل في حساب التقاعد رغم تجاوز الستين، وأن المبدأ الذي أخذ به المشرع في القانونين المشار إليهما إنما هو إقرار للحق المكتسب، ولئن ترتب على صدور القانون رقم 208 سالف الذكر إحالة المدعي إلى التقاعد إلا أنه لا يجوز المساس بحقه في أن يحصل على معاش تقاعدي وفق أحكامه الجديدة، ولما كان القرار المطعون فيه قد خالف حكم المادة 16 من هذا القانون فهو حري بالإلغاء. وقد ردت البلدية على الدعوى فقالت ما محصله أن القرار المطعون فيه الصادر من رئيس بلدية دير الزور بتاريخ 26 من مارس سنة 1959 هو قرار تصفية حقوق المدعي التقاعدية وفق المادة 51 من المرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 وتنص على أن "تتولى دائرة التقاعد تصفية الحقوق التقاعدية وهذا القرار ليس له قوة التنفيذ وفقاً للمادة 50 من القانون رقم 57 لسنة 1950 فهو بالتالي غير قابل للطعن، ومن ثم تكون الدعوى غير مقبولة شكلاً، وأما عن الموضوع فالمدعي من مواليد سنة 1892 بحسب إحصاء النفوس الجاري عام 1922 لذلك فإن تصحيح عمره عام 1936 لا يلتفت إليه وفاقاً للمادة 12 من المرسوم التشريعي رقم 161 الصادر في 4 من نوفمبر سنة 1935 ووفاقاً أيضاً للمادة 6 من المرسوم التشريعي رقم 34 الصادر في 27 من إبريل سنة 1949، ولما كان المدعي من مواليد عام 1892 بحسب تحرير النفوس عام 1922 فيعتبر محالاً على التقاعد حكماً ووفقاً للمادة 12 المشار إليها من سنة 1952 والمدة التي تقع ما بين 1952 و1956 تاريخ إحالته على التقاعد لا تدخل في حساب الخدمات الفعلية وفي تصفية معاش التقاعد، وقد كانت البلديات عام 1952 - وهو العام الذي يعتبر فيه المدعي محالاً على التقاعد حكماً لا تخضع في علاقاتها مع موظفيها إلى أحكام قانون الموظفين العام وبقيت كذلك حتى صدر القانون رقم 208 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 52 لسنة 1955 الذي أخضع موظفي البلديات الكبرى إلى أحكام قانون الموظفين، ومن ثم فإن المدعي لا يخضع لأحكام قانون التوظف ولا ينطبق عليه نظام التقاعد، ذلك أن المدعي لا يستفيد من القانون رقم 208 لسنة 1954 الصادر في 28 من أغسطس سنة 1954 الذي يخضع موظفي البلديات الكبرى لقانون الموظفين ونظام التقاعد بصدور القانون المذكور بعد بلوغ المدعي سن الستين والذي يعتبر ببلوغه هذا السن محالاً على التقاعد حكماً حين صدور القانون رقم 208 المشار إليه، وانتهت البلدية من ذلك إلى طلب الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً مع تضمين المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الدعوى محصله أن المدعي يطلب إلغاء القرار الصادر من رئيس بلدية دير الزور رقم 266 في 19 من مارس سنة 1956 القاضي باعتبار المدعي خاضعاً لقانون العمل فيما يتعلق بحقوقه التقاعدية وأن يصرف له تعويض تسريح كالعمال بدلاً من أن تصفى حقوقه التقاعدية وفق أحكام المرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949، وتقول البلدية إن مثل هذا القرار ليس له قوة تنفيذية لأنه لم يصدر من وزير الشئون البلدية والقروية، وما تذهب إليه البلدية هو خطأ لأن المادة 12 من المرسوم التشريعي المشار إليه توجب على الإدارة أن تحيل الموظف على التقاعد عند بلوغه سن الستين أو قضائه في الوظيفة أربعين سنة فعلية وإذا لم يصدر مرسوم أو قرار بالإحالة حسب الأحوال - خلال شهرين من تاريخ انتهاء إحدى المدتين المذكورتين فإن الموظف يعتبر محالاً حكماً على التقاعد ووفاقاً لهذا النص يعتبر المدعي محالاً على التقاعد حكماً بمرور شهرين على نفاذ المرسوم المذكور ما دام لم يصدر قرار بهذه الإحالة، ولما كان المدعي ينعى على القرار رقم 266 المؤرخ 19 من مارس سنة 1956 الصادر بتسوية حقوقه التقاعدية فهو على هذا الوضع لا يخضع لميعاد الستين يوماً لأنه قرار كاشف وليس بقرار منشئ لمركز قانوني معين، وأما من ناحية الموضوع فإن المرسوم التشريعي رقم 34 سالف الذكر لم يكن ليسري في شأن موظفي البلديات إلى أن صدر القانون رقم 208 لسنة 1954 بتطبيق هذا المرسوم التشريعي على موظفي بلديات المدن الكبرى - ومنها بلدية دير الزور - القائمين على الخدمة يوم نفاذه وهذا القانون يسري بأثره المباشر على الوقائع والمراكز القانونية التي تقع أو تتم منذ نفاذه ولا يسري بأثر رجعي على الوقائع والمراكز القانونية التي وقعت أو تمت قبل نفاذه إلا بنص خاص يقرر الأثر الرجعي وبالتالي لا يسري حكم المرسوم التشريعي الذي قضى القانون رقم 208 المشار إليه بسريانه على موظفي البلديات الكبرى إلا من تاريخ سريان هذا القانون ولم يكن يوجد من قبل في القوانين أو اللوائح التي كانت مطبقة على موظفي البلديات ما يمنع من تصحيح سنهم بعد تحرير نفوس عام 1922 إنما المنع ورد في المرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 الذي أوجب القانون رقم 208 لسنة 1954 الصادر في 2 من أغسطس سنة 1954 تطبيق هذا المرسوم على موظفي البلديات الكبرى ونص في المادة 66 من المرسوم المذكور على أنه "مع مراعاة أحكام المادة 60 جميع الأحكام السابقة المتعقلة بالتقاعد" وبالتالي فلا جدوى من استمساك الجهة الإدارية المدعى عليها بالقوانين السابقة على المرسوم المشار إليه والتي فسخت بصدوره كما نص في مادته السادسة على أن "يعتبر في تطبيق أحكام هذا المرسوم التشريعي، تاريخ الولادة المثبت في إحصاء عام 1922 أو في أول تسجيل لدى دوائر الأحوال المدنية إذا كانت الولادة بعد سنة 1922 ولا عبرة بالتعديلات الطارئة بعد التاريخين المذكورين" وكذلك نصت المادة 22 منه على أنه "يتحتم على الإدارة إحالة الموظف على التقاعد حين إكماله الحد الأقصى للسن وهو ستون سنة، أو الحد الأقصى للخدمة الفعلية وهي أربعون سنة، وإذا لم يصدر مرسوم أو قرار بالإحالة خلال شهرين من تاريخ انقضاء المدتين المذكورتين يعتبر الموظف محالاً على التقاعد حكماً، ويوقف راتبه حتماً، ويؤدى الراتب كاملاً خلال هذه المدة دون أن يقتطع منه العوائد التقاعدية" وطبقاً للأصول الفقهية المسلمة تسري النصوص الجديدة وما تضمنته من أحكام بأثر مباشر من تاريخ نفاذ القانون الذي قضى بتطبيقها على موظفي البلديات الكبرى وهو القانون رقم 208 لسنة 1954 الصادر في 2 من أغسطس سنة 1954، ومقتضى هذا ووفقاً لصريح نص المادة 6 من المرسوم السالف الذكر تكون العبرة في تحديد تاريخ الولادة هو بالتاريخ المثبت في إحصاء عام 1922 ولا عبرة بالتعديلات الطارئة بعد ذلك، ويحال الموظف على التقاعد ببلوغه سن الستين أو بقضاء أربعين سنة في الوظيفة، وهذا الحكم مستحدث بالنسبة لموظفي البلديات بمقتضى القانون رقم 208 لسنة 1954 المشار إليه فإنه لا يسري إلا من تاريخ العمل به وليس بأثر رجعي بمعنى أنه لا يترتب على عدم الاعتداد بتصحيح السن، أن يعتبر الموظف الذي بلغ الستين من عمره طبقاً لقيد نفوس سنة 1922 قبل نفاذ هذا القانون محالاً على التقاعد في التاريخ الذي بلغ فيه هذه السن وإلا كان ذلك إعمالاً للقانون بأثر رجعي، ولأن الإدارة لم تصدر مرسوماً أو قراراً بإحالته على التقاعد عند صدور القانون رقم 208 لسنة 1954 فإنه يعتبر محالاً على التقاعد حكماً بعد مضي شهرين من نفاذ هذا القانون لأنه في ذاك الوقت كان المدعي قد تجاوز الستين من عمره طبقاً لقيد نفوس سنة 1922 وهو الواجب الأخذ به طبقاً للقانون المذكور، وهذا النظر الفقهي أخذ به المشرع وقننه بالقانون رقم 186 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 211 لسنة 1958، وإذ لم يصدر قرار بإحالة المدعي (المطعون ضده) على التقاعد أثر نفاذ القانون رقم 208 لسنة 1954، وظل قائماً بالعمل فعلاً بعد نفاذه وينص هذا القانون في المادة 19 على أن تسري أحكامه على موظفي البلديات القائمين على الخدمة بتاريخ نفاذه وعلى جميع الموظفين الذين يعينون بعد صدوره، فإن القانون المذكور يسري على المدعي، ومن مقتضى ذلك سريان أحكام المرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 الخاص بنظام الرواتب التقاعدية. وانتهى المفوض إلى أحقية المدعي في أن تسوى حقوقه التقاعدية وفقاً لأحكام المرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 وما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 20 من إبريل سنة 1960 حكمت المحكمة "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وبأحقية المدعي في تصفية حقوقه التقاعدية عن مدة خدمته السابقة لتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1954 وفقاً لأحكام المرسوم التشريعي رقم 34 تاريخ 27 من إبريل سنة 1949 وبإلزام الإدارة المصروفات" وأقامت قضاءها على ما محصله أن المدعي كان من موظفي بلدية دير الزور وقائماً على العمل عند صدور القانون رقم 208 لسنة 1954 الذي سرت أحكامه على موظفي البلديات من تاريخ نفاذها ومن مقتضاها سريان المرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 عليهم، ولم يكن يوجد قبل ذلك في القوانين المنطبقة في حق موظفي بلدية دير الزور ما يمنع من إجراء التصحيح بقيد النفوس والأخذ به على خلاف المرسوم التشريعي المشار إليه الذي طبق عليهم بالقانون سالف الذكر؛ ومن ثم فإن الحكم بعدم جواز التصحيح بمقتضى أحكام المادة 22 من المرسوم التشريعي المذكور يعتبر مستحدثاً بالنسبة لموظفي بلدية دير الزور، فلا يمكن تطبيقه على حوادث تمت قبل وجوده، وعلى ذلك فإن المدعي يعتبر قائماً بالخدمة فعلاً حين صدور القانون رقم 208 لسنة 1954 ومن حقه أن تصفى حقوقه التقاعدية وفقاً لأحكام المرسوم سالف الذكر، وأما تذرع الإدارة بأن المدعي قد بلغ السن القصوى لإحالته على التقاعد قبل نفاذ القانون رقم 208 لسنة 1954 فإن معنى ذلك إعطاء مفعول رجعي له وهو الأمر الذي لا يكون إلا بنص خاص.. وبذلك فالدعوى لا تخرج عن كونها طلب تسوية حقوق غير خاضعة لميعاد ولم تتقادم بعد ومن حق المدعي أن يطلب الحكم بها على مقتضى أحكام الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 ولا يشترط لوجود هذه المنازعة أن يكون القرار نهائياً.
ومن حيث إن البلدية أقامت أسباب طعنها في الحكم المتقدم على مخالفة هذا الحكم للقانون لأن القرار رقم 346 الصادر من رئيس البلدية غير قابل للطعن أمام المحكمة الإدارية بدمشق لأن ليس له قوة التنفيذ وفاقاً للمادة 50 من القانون رقم 57 لسنة 1950 إذ أن المقصود بقول المشرع أن الدعوى لا تقام إلا على المراسيم والقرارات والأعمال التي لها قوة التنفيذ، هو أن تكون قد خلقت وضعاً حقوقياً أو بدلت من وضع حقوقي، ورئيس البلدية ليس له حق إحالة المدعي على التقاعد والذي يملك هذا هو وزير الشئون البلدية والقروية لأن الإحالة تتم من السلطة التي تمارس حق التعيين وفاقاً للمادة 10 فقرة أولى من المرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 وتنص على أن "تتم الإحالة على التقاعد بمرسوم أو قرار من السلطة التي تمارس حق التعيين" وطبقاً للمادة 4 من القانون رقم 208 لسنة 1954 وتنص على أن "تخضع قرارات تعيين الموظفين وترفيعهم المتخذة من رؤساء البلديات لموافقة وزير الداخلية" وأما عن مدى إفادة المدعي من القانون رقم 208 لسنة 1954 فإن هذا القانون قد صدر بعد بلوغ المدعي سن الستين عام 1952 طبقاً لقيد نفوس سنة 1922 والذي يعتبر ببلوغ هذا السن محالاً على التقاعد حكماً ولو بقي على رأس عمله.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي عين ببلدية دير الزور في سنة 1921 واعتبر في قيد نفوس سنة 1922 من مواليد سنة 1892 ثم صدر قرار في سنة 1936 بتصحيح مولده واعتباره من مواليد سنة 1902 بناء على شهادة الشهود وكان ذلك التصحيح بناء على طلبه، وفي 19 من مارس سنة 1956 صدر قرار برقم 266 من محافظ دير الزور ورئيس بلديتها قضى بإحالة المدعي على التقاعد مع تصفية حقوقه التقاعدية وفقاً للأنظمة المرعية ثم صدر القرار رقم 346 في 26 من مارس سنة 1959 من رئيس البلدية بتسوية تلك الحقوق لا على أساس المرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 كما يطلب المدعي في دعواه الحالية، وإنما على أساس صرف تعويض تسريح له عن الخدمة التي يستحق عنها التعويض بالاستناد إلى قانون العمل، ويتضح من المكاتبات التي تبودلت قبل إجراء هذه التسوية بصفة نهائية بين البلدية والوزارة أن تعويض التسريح المقترح والذي صدر به القرار المشار إليه هو عن مدة خدمة المدعي حتى بلوغه سن التقاعد طبقاً لقيد نفوس سنة 1922 وليس على أساس التصحيح الذي أدخل عليه بالحكم سالف الذكر وذلك بالتطبيق للمرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 الذي سرى على موظفي البلديات بالقانون رقم 208 لسنة 1954 وهو لا يعتد إلا بالسن المثبت في قيد النفوس لسنة 1922 أو بعد ذلك.
ومن حيث إنه لا خلاف بين الطرفين على وقائع الدعوى وإنما يقوم الخلاف على مدى انطباق القانون رقم 208 لسنة 1954 وأثر ذلك على حقوق المدعي التقاعدية وهل تجرى على أساس تعويض تسريح طبقاً لقانون العمل كما ذهب في ذلك القرار المطعون فيه أم على أساس المرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 الذي طبق على موظفي البلديات بالقانون المشار إليه.
ومن حيث إن المدعي حتى تاريخ نفاذ أحكام القانون رقم 208 لسنة 1954 كان خاضعاً - بوصفه من موظفي البلديات - لنظام معين ليس فيه ما يمنع من قبول أحكام بتغيير السن المثبت في سجلات قيد النفوس، وهذا بخلاف ما هو متبع بالنسبة لموظفي الحكومة فقد كان القانون المطبق عليهم يحظر الأخذ بغير السن المثبت في قيد النفوس، وعلى ذلك فقد حصل المدعي على حكم في سنة 1936 - بالطريق الذي رسمه القانون - بتغيير مولده من سنة 1892 إلى سنة 1902 وعومل في البلدية بحسب هذا التعديل وأقرته، وأنه بحسب سنه المثبت في قيد نفوس سنة 1922 كان يبلغ الستين من عمره في سنة 1952 وهو سن الإحالة على التقاعد بحسب نظام البلدية التي كان تابعاً لها المدعي فإذا ما أبقت عليه البلدية بعد ذلك في الخدمة تكون قد أخذت بغير السن الوارد في قيد النفوس.. والموظفون سواء أكانوا في خدمة الحكومة أو في المؤسسات أو الأشخاص الاعتبارية العامة فإنهم يخضعون لنظام لائحي عرضة للتغيير فمركزهم من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة، ويتفرع على ذلك أن كل تنظيم جديد يستحدث يسري على الموظف بأثر حال مباشر من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت له نتيجة لتطبيق التنظيم القديم عليه قانوناً كان أو لائحة إلا بنص خاص في قانون.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم فإن القانون رقم 208 لسنة 1954 بنظام تقاعد موظفي بلديات المدن الكبرى قد نص في مادته الأولى على أن "يطبق على موظفي بلديات المدن الكبرى القانون رقم 135 لسنة 1945 المتضمن نظام الموظفين الأساسي وتعديلاته المعمول بها بتاريخ نشر هذا القانون على أن يخول محافظ مدينة دمشق الممتازة ورؤساء بلديات المدن الكبرى السلطات الممنوحة بموجبه إلى الوزراء والأمناء العامين ويخول وزير الداخلية السلطات الأخرى.." ونص في مادته الخامسة على أن "يطبق على موظفي بلديات المدن الكبرى المعرفة بالمادة الثانية من هذا القانون قانون التقاعد المنشور بموجب المرسوم التشريعي رقم 34 في 27 من إبريل سنة 1949 وتصفى حقوق هؤلاء الموظفين من تقاعد أو تسريح بقرار من وزير الداخلية". ويبين من الاطلاع على المرسوم التشريعي رقم 34 المشار إليه أنه نص في مادته السادسة على أن "يعتبر في تطبيق أحكام هذا المرسوم التشريعي تاريخ الولادة المثبت في إحصاء سنة 1922 أو في أول تسجيل لدى دوائر الأحوال المدنية إذا كانت الولادة بعد سنة 1922 ولا عبرة للتعديلات إذا كانت طارئة بعد التاريخين المذكورين. وتعتبر هذه المادة نافذة في تطبيق الأحكام المتعلقة بالسن الواردة في قانون الموظفين الأساسي - إذا كان يوم الولادة مجهولاً بحسب السن من اليوم الأول في شهر كانون الثاني من سنة الولادة" ونص في مادته 12 على أنه "يتحتم على الإدارة إحالة الموظف على التقاعد حين إكماله الحد الأقصى للسن وهو ستون سنة أو الحد الأقصى للخدمة الفعلية وهو أربعون سنة من الخدمة الفعلية المؤداة بعد بلوغ الثامنة عشرة من سني العمر، وإذا لم يصدر مرسوم أو قرار بالإحالة خلال شهرين من تاريخ انقضاء إحدى المدتين المذكورتين يعتبر الموظف محالاً على التقاعد حكماً ويوقف راتبه حتماً ولا تدخل مدة الشهرين المذكورين في عداد الخدمات المقبولة". كما نص في مادته 19 على أن "تسري أحكام هذا القانون على موظفي البلديات القائمين على الخدمة بتاريخ نفاذ أحكامه وعلى جميع الموظفين الذين يعينون بعد صدوره".
ومن حيث إنه طبقاً للقاعدة القانونية السالفة الذكر فإن التنظيم الجديد الذي طرأ على حالة المدعي بتطبيق قانون نظام الموظفين عليه وكذلك بتطبيق أحكام المرسوم التشريعي المشار إليه إنما يسري عليه بأثر حال مباشر من يوم اعتباره نافذاً على موظفي بلدية دير الزور دون مساس بالحق المكتسب أو المركز القانوني الذي يكون قد ترتب للمدعي في ظل النظام القديم الذي كان معاملاً به قبل العمل بأحكام القانون رقم 208 لسنة 1954، ومن مقتضى ذلك وأخذاً بما ورد في المرسوم التشريعي من الاعتداد فقط بالسن الواردة في قيد النفوس - أن يحال المدعي إلى التقاعد من تاريخ نفاذ الأحكام الجديدة عليه وليس قبل ذلك أي من 10 من آب (أغسطس) سنة 1921 تاريخ نشر القانون رقم 208 لسنة 1954، وتسوى حقوقه التقاعدية على هذا الأساس، وأن الأخذ بالنظرية التي تقول بها البلدية من أن القانون رقم 208 لسنة 1954 وما تضمنه من أحكام خاصة بسريان قانون الموظفين وسريان المرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 على موظفي البلديات لا يسري في حق المدعي لأنه بحسب النصوص التي تضمنها هذا المرسوم التشريعي من الأخذ فقط بالسن الوارد في قيد نفوس سنة 1922 دون الأحكام يعتبر المدعي محالاً على التقاعد منذ سنة 1952 أي قبل صدوره، الأخذ بهذا القول فيه رجوع بالقانون المذكور إلى الرجعية دون نص، ذلك أنه في سنة 1952 لم يكن المدعي - كما سبق القول - يخضع لقانون الموظفين أو المرسوم التشريعي المشار إليهما وإنما كان خاضعاً لنظام لا يمنع من تصحيح السن الوارد في قيد النفوس وهذا فضلاً عن التناقض الذي وقعت فيه البلدية بسبب اعتناق النظرية التي تقول بها لأنها في الوقت الذي تقول فيه إن القانون رقم 208 لسنة 1954 الذي أوجب تطبيق المرسوم التشريعي على موظفي البلديات الكبرى ومنها بلدية دير الزور لا ينطبق على المدعي فإنها في الوقت ذاته تطبق أحكام المرسوم التشريعي بما تضمنه من وجوب الأخذ بقيد نفوس سنة 1922 - على المدعي وتحيله على التقاعد اعتباراً من سنة 1952 حسب سنه الوارد في قيد النفوس المذكور.
ومن حيث إنه على ما تقدم فإن ما قد سلف بيانه يعتبر رداً كافياً على الوجه الثاني من وجهي الطعن اللذين أقامت البلدية طعنها في الحكم على أساسهما، وأما عن الوجه الثاني الخاص بعدم قبول الدعوى لأن القرار المطعون فيه رقم 346 ليس له قوة التنفيذ بمعنى "أنه لم يخلق وضعاً قانونياً أو يعدل في وضع قانوني، وصواب الرد على ذلك بأن القرار المطعون فيه يتناول تسوية حقوق نشأت عن التقاعد فهو على هذا الوضع قرار تنفيذي للقانون، والقرارات التنفيذية مما يجوز الطعن فيها دون قيد من المواعيد المقررة في دعاوى الإلغاء وذلك طبقاً لقانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 الذي رفعت الدعوى في ظله، وهي بالوضع الذي جاءت عليه إنما تتعلق بالمنازعة في معاش مما يدخل في اختصاص مجلس الدولة، وقد كان من حق المدعي دون انتظار لصدور هذا القرار أن يطلب تسوية حقوقه التقاعدية، وكذلك ما أثير حول صحة قرار الإحالة على التقاعد باعتبار أنه قد صدر من غير مختص والحقيقة أنه صدر ممن يملك إصداره وصدق عليه من وزير الداخلية طبقاً للوضع القانوني الذي كان قائماً وقتذاك، ومن ثم يكون هذا الوجه غير مبني على سند صحيح.
ومن حيث إن المدعي وإن كان قد طلب إلغاء القرار رقم 346 في 26 من مارس سنة 1959 المتضمن تسوية حقوقه التقاعدية فإنه قد هدف من هذا الطلب إلى إجراء تصفية حقوقه التقاعدية على أساس من المرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بأحقية المدعي في ذلك فهو لم يخرج عن نطاق الطلب الذي كان معروضاً على المحكمة، وفقط أخطأ هنا الحكم في تحديد التاريخ الذي تسوى لحده حقوق التقاعد فجعله 10 من أكتوبر سنة 1954 وذلك على أساس أن القانون رقم 208 لسنة 1954 أصبح نافذاً في محافظة دير الزور اعتباراً من 10 من أغسطس سنة 1954، ولأنه لم يصدر قرار بإحالة المدعي إلى التقاعد في هذا التاريخ فإن الإحالة تعتبر واقعة حكماً طبقاً للمادة 12 من المرسوم التشريعي رقم 34 لسنة 1949 بعد شهرين، ومرد الصواب في هذا الأمر هو أن مدة الخدمة القانونية للمدعي تحتسب لحد اليوم الثاني لتاريخ نفاذ القانون على بلدية دير الزور لأن المرسوم التشريعي في الحالة التي عناها في المادة 12 المشار إليها هي خلاف الحالة المعروضة، ففي الحالة الأولى يكون معروفاً على وجه التحديد تاريخ الإحالة على التقاعد وأما في الحالة المعروضة فالتاريخ لم يكن معروفاً ومختلفاً عليه - كما سبق أن توضح في هذه الأسباب، وعلاوة على ذلك فإن مدة الشهرين لا تحتسب بنص القانون ضمن الخدمة المقبولة في تسوية حقوق التقاعد ومن ثم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه على الوجه المبين آنفاً مع إلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وباستحقاق المدعي لتصفية حقوقه التقاعدية عن مدة خدمته حتى 10 من آب (أغسطس) سنة 1954، وتأييد الحكم فيما عدا ذلك وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 55 مشاهدة
نشرت فى 18 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,166,108

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »