مرشدو هيئة بوغاز الإسكندرية - شطب اسم تلميذ المرشد لعدم لياقته طبياً للتعيين في وظيفة مرشد لعيب مستديم لاصق به - قرار صحيح .
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1963 إلى آخر يناير 1964) - صـ 502
(43)
جلسة 25 من يناير سنة 1964
برئاسة السيد/ مصطفى كامل إسماعيل وكيل المجلس وعضوية السادة حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد مختار العزبي المستشارين.
القضية رقم 745 لسنة 7 القضائية
( أ ) قضاء إداري - اختصاص - الحكم بعدم قبول دعوى الإلغاء شكلاً - يتضمن الحكم باختصاص المحكمة بنظرها - صيرورة هذا الحكم نهائياً تمنع من إثارة مسألة الاختصاص في دعوى التعويض في ذات الموضوع - أساس ذلك.
(ب) موظف - مرشدو هيئة بوغاز الإسكندرية - تعيين تلميذ المرشد في وظيفة مرشد من الدرجة الثالثة - الامتناع عن هذا التعيين لعدم ثبوت اللياقة الطبية وفقاً لأحكام القرار الوزاري رقم 27 لسنة 1948 معدلاً بالقرار الوزاري رقم 8 لسنة 1950 - قرار صحيح.
(جـ) موظف - مرشدو هيئة بوغاز الإسكندرية - شطب اسم تلميذ المرشد لعدم لياقته طبياً للتعيين في وظيفة مرشد لعيب مستديم لاصق به - قرار صحيح - أساس ذلك.
1) إذا كان الثابت من تقرير الطعن أن دعوى التعويض الراهنة تعتبر فرعاً لدعوى الإلغاء رقم 21 لسنة 4 القضائية، إذ أن المدعي بعد أن أخفق في دعوى الإلغاء المذكور لجأ إلى إقامة الدعوى الراهنة بطلب التعويض عن الضرر الذي ادعى أنه أصابه على أساس ادعائه بعدم مشروعية ذات القرار الإداري الذي كان قد طلب إلغاءه بدعوى الإلغاء المشار إليها بسبب ذات العيب الذي ادعى في دعوى الإلغاء سالفة الذكر أنه لحق القرار الإداري المذكور. وإذ كان الأمر كذلك فإنه لا تجوز العودة في الدعوى الراهنة إلى إثارة مسألة الاختصاص والفصل فيها من جديد، لأن الحكم الصادر في دعوى الإلغاء رقم 318 لسنة 4 القضائية سالفة الذكر إذ قضي بعدم قبولها. يكون قد قضي ضمناً باختصاص المحكمة بنظرها، وهو في ذلك نهائي، ومن ثم فقد حاز في مسألة الاختصاص قوة الأمر المقضي. فهو يعتبر المحكمة في هذه المسألة عند نظر طلب التعويض، وذلك أن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في طلبات التعويض متفرع عن اختصاصه بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية. والقاعدة في حجية الأمر المقضي. هي أن الحكم في شيء حكم فيما يتفرع عنه.
2) إن امتناع مصلحة المواني والمنائر عن تعيين المدعي مرشداً من الدرجة الثالثة ثم شطبها اسمه من عداد تلاميذ مرشدي هيئة إرشاد بوغاز ميناء الإسكندرية لم يبن على تقرير طبيب المصلحة بلياقته طبياً عند ترشيحه تلميذ مرشد وإنما بني على تقرير طبيب المصلحة وتقارير القومسيون الطبي العام بعدم لياقة المدعي طبياً عند ترشيحه مرشداً من الدرجة الثالثة وذلك لعدم إمكانه استعمال العينين معاً بسبب وجود حول في عينه اليمني، وهو رأي صحيح من الناحية الفنية لتوافر التقارير عليه. كما أنه صحيح من الناحية القانونية لأنه مطابق لما يشترطه البند 1 من المادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 27 لسنة 1948 المعدل بالقرار الوزاري رقم 8 لسنة 1950 (وهذا التعديل صادر قبل التحاق المدعي كتلميذ مرشد) لثبوت اللياقة طبياً فيمن يعين مرشداً من الدرجة الثالثة من وجوب استعمال العينين معاً فضلاً عن ذلك فإن طبيب المصلحة لم يخطئ حين قرر لياقة المدعي طبياً عند ترشيحه تلميذ مرشد على الرغم من وجود حول في عينه اليمنى لأن لياقة تلميذ المرشد طبياً تختلف شروطها بحسب أحكام القرار الوزاري سالف الذكر عن شروط لياقة المرشد طبياً فعلى حين يستوجب البند (1) من المادة الرابعة منه فيمن يعين مرشداً استعمال العينين معاً. فإن البند 3 من المادة الثالثة كما سلف البيان لا يستلزم هذا الشرط فيمن يقبل تلميذ مرشد. وليس أدل على أن المغايرة في هذا الخصوص بين صيغة البند 3 من المادة الثالثة وصيغة البند 1 من المادة الرابعة هي مغايرة مقصودة - ليس أدل على ذلك من أن صيغة البندين في هذا الخصوص كانت واحدة في القرار رقم 27 لسنة 1948 عند صدوره، ثم عدلت صيغة البند 1 من المادة الرابعة بالقرار الوزاري رقم 8 لسنة 1950 فأصبحت تشترط لثبوت لياقة المرشد طبياً دون تلميذ المرشد - استعمال العينين معاً.
ويبين من كل ما تقدم أن امتناع مصلحة المواني والمنائر عن تعيين المدعي مرشداً من الدرجة الثالثة. قرار سليم من العيوب ومطابق للقانون.
3) إنه ولئن كان صحيحاً أن عدم إمكان استعمال العينين معاً ليس شرطاً للياقة تلميذ المرشد. إلا أن ذلك لا يسوغ معه القول باستمرار صلاحية المدعي كتلميذ مرشد وعدم شطب اسمه من عداد تلاميذ مرشدي هيئة إرشاد بوغاز ميناء الإسكندرية ذلك أن هذه التلمذة بحكم طبيعة الأشياء لا تقصد لذاتها. وإنما تقصد للتأهيل لوظيفة مرشد. فإذا استبانت عدم لياقة المدعي لهذه الوظيفة لعيب مستديم لا ينفك لاصقاً به. فقد زالت دواعي بقائه تلميذاً. ومن ثم فإن شطب اسمه من عداد تلاميذ مرشدي هيئة إرشاد بوغاز ميناء الإسكندرية هو الآخر قرار سليم مبرأ من العيوب ومطابق للقانون.
إجراءات الطعن
في أول فبراير سنة 1961 أودع الأستاذ/ محمد صلاح الدين ناصر المحامي سكرتيرية هذه المحكمة بالوكالة عن السيد/ علي حسن حنفي تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 25 من فبراير سنة 1960 من المحكمة الإدارية بالإسكندرية في الدعوى رقم 365 لسنة 6 القضائية المقامة من الطاعن ضد وزارة الحربية ومصلحة المواني والمنائر والذي قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بالتعويض المؤقت المطلوب وقدره قرش صاغ واحد وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن تقرير هذا الطعن إلى وزارة الحربية في 9 من فبراير سنة 1961 وإلى مصلحة المواني والمنائر في 24 من فبراير سنة 1961 وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 25 من مايو سنة 1963 وأبلغ الطرفان في 13 من إبريل سنة 1963 وبميعاد هذه الجلسة. وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا. وعين لنظره أمامها جلسة 16 من نوفمبر سنة 1963. وأبلغ الطرفان في 18 من يوليه سنة 1963. بميعاد هذه الجلسة وتدوول الطعن في الجلسات حتى جلسة 28 من ديسمبر سنة 1963 وفيها قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع إيضاحات ذوي الشأن، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أن الحكم المطعون فيه صدر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 25 من فبراير سنة 1960 وأن المدعي تقدم إلى لجنة المساعدة القضائية في 23 من إبريل سنة 1960، أي خلال ستين يوماً، بطلب إعفائه من رسوم الطعن الحالي، وأن قرار إعفائه صدر من اللجنة بجلسة 3 من ديسمبر سنة 1960 فأقام هذا الطعن بإيداع عريضته سكرتيرية المحكمة الإدارية العليا في أول فبراير سنة 1961، أي في ميعاد الستين يوماً المقرر لقبوله، وذلك وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في شأن أثر طلب المساعدة القضائية في قطع ميعاد رفع الطعن.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام الدعوى رقم 365 لسنة 6 القضائية ضد وزارة الحربية ومصلحة المواني والمنائر بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية بالإسكندرية بتاريخ 13 من سبتمبر سنة 1959. وقال بياناً للدعوى إنه بتاريخ أول أغسطس سنة 1950 عين تلميذاً بهيئة إرشاد بوغاز إسكندرية التابعة لمصلحة المواني والمنائر بعد الكشف عليه طبياً من طبيب المصلحة المذكورة. بالتطبيق لأحكام القرار الوزاري رقم 27 لسنة 1948. وظل تلميذاً بالهيئة المذكورة حتى 20 من يناير سنة 1954 ثم رشح للترقية للدرجة الثالثة. فلما عرض على طبيب المصلحة لمعرفة مدى لياقته الطبيبة لهذه الدرجة طبقاً لنص المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 8 لسنة 1951. قرر الطبيب أن صحته جيدة وقوة إبصاره 6/ 9 بالعينين وعنده حول داخلي أيمن وغير لائق لأن الحول لا يمكنه الإبصار بالعينين معاً، وقد كان هذا القرار بعد أدائه امتحان الترقي لمرشد بوغاز من الدرجة الثالثة وبعد اجتيازه هذه الامتحان علمياً وعملياً. ثم مضى المدعي يقول أنه فوجئ بقرار مدير عام مصلحة الموانئ والمنائر بشطب اسمه من عداد تلاميذ مرشدي هيئة إرشاد بوغاز ميناء الإسكندرية اعتباراً من 5 من يونيه سنة 1956 استناداً إلى قرار القومسيون الطبي العام بجلسة 19 من إبريل سنة 1956 بعدم لياقته. وقد أصابه ضرر من جراء قرار طبيب المصلحة باعتباره لائقاً عند تعيينه تلميذاً بهيئة الإرشاد على الرغم من وجود الحول الذي حال دون ترقيته بل وشطب اسمه من عداد تلاميذ مرشدي هيئة إرشاد بوغاز ميناء الإسكندرية فبعد أن أمضى زهرة شبابه في جد واجتهاد. إذا به يخرج نحو مستقبل مظلم ومجهول. وأنه وإن كان يشترط الكشف الطبي عند الترقية إلى الدرجة الثالثة. إلا أن ذلك لحكمة مسلمة هي معرفة مدى التغيير الذي طرأ على صحته أثناء الفترة التي بدأت منذ تعيينه لاحتمال الإصابة بمرض أثناء الفترة المذكورة. وكان الأجدر بالطبيب أن يلاحظ الحول عند بداية تعيينه بهيئة البوغاز وأن يوفر عليه، ما أنفقه في فترة التلمذة من عمره وشبابه. وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أجابت المصلحة عن الدعوى بأن دفعت بعدم اختصاص المحكمة الإدارية بالإسكندرية بنظرها لأن المدعي لم يكن موظفاً ثابتاً لها. بل كان ملحقاً كتلميذ بهيئة إرشاد البوغاز بميناء الإسكندرية وهي هيئة أهلية لها لائحة داخلية ونظام خاص بها متفق عليه بين أفراد تلك الهيئة وهذه الهيئة لا تعتبر بأي حال من الهيئات التابعة للمصلحة وكل ما تقوم به المصلحة في صددها هو مباشرتها لنوع من الإشراف في حدود القانون رقم 130 لسنة 1948 بتنظيم الإرشاد بميناء الإسكندرية والقرارات الوزارية المنفذة له. وهذا الإشراف هو نوع من التنظيم المهني لهذه الهيئة عند مباشرتها للعمل في الإرشاد ببوغاز الإسكندرية لا يرقى إلى مرتبة تبعية تلك الهيئة أو أفرادها إلى المصلحة بدليل ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 130 لسنة 1948 المشار إليه من ألا تتحمل الحكومة أية مسئولية عما يحدث من هلاك أو ضرر بسبب استخدام أحد المرشدين الحاملين لإجازة مهنة الإرشاد التي تصرفها المصلحة. وبدليل ما نصت عليه المادة الثالثة من قرار وزير المواصلات رقم 27 لسنة 1948 من تقريرها صراحة أن تلاميذ المرشدين يقبلون تابعين للهيئة التي ينتمون إليها. وحتى إذا فرض جدلاً اعتبار مرشدي الدرجات الأولى والثانية والثالثة من عداد الموظفين العموميين فإن المدعي لم يكتسب هذه الصفة بعد. إذ أنه كان مجرد تلميذ ملحق بهيئة إرشاد بوغاز ميناء الإسكندرية على ذلك تكون المحكمة المختصة بنظر دعواه هي محكمة القضاء الإداري وقد أجابت المصلحة فيما يتعلق بالموضوع بأن الوقائع تنفي حدوث أي خطأ من جانب طبيب المصلحة عندما قرر في البداية لياقة المدعي الطبية لإلحاقه كتلميذ مرشد لأن الشروط المنصوص عليها في القرار الوزاري رقم 27 سنة 1948 المعدل بالقرار رقم 27 لسنة 1953 فيما يتعلق بالاختبار الطبي تختلف في حالة تعيين تلميذ المرشد عنها في حالة تعيين مرشد من الدرجة الثالثة. والكشف الطبي في الحالة الثانية يشترط إمكان استعمال العينين معاً. وبجلسة 25 من فبراير سنة 1960 قضت المحكمة الإدارية بعد اختصاصها بنظر الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أن المدعي يطلب التعويض عن خطأ طبيب مصلحة المواني والمنائر بتقرير لياقته الطبية وعدم اكتشافه الحول الذي كان بعينه اليمني عند فحصه الطبي في سنة 1950. وتقرير الطبيب لا يمكن اعتباره بحال قراراً إدارياً نهائياً - بل هو لا يعدو أن يكون رأياً فنياً لأحد موظفي الدولة عند مباشرته لوظيفته المهنية. فيخرج طلب التعويض المترتب على ذلك التقرير عن اختصاص القضاء الإداري وفقاً لحكم المادة التاسعة من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن خطأ الطبيب هو الذي ترتب عليه امتناع الإدارة عن إصدار قرار بتعيين المدعي بل وترتب عليه أيضاً تعيين غيره مع شطب اسمه من عداد تلاميذ هيئة الإرشاد. فأساس الدعوى القانوني هو خطأ الإدارة في عدم إصدار القرار المنوه عنه بل إصدار قرار بشطب اسمه وبالتالي يكون القضاء الإداري مختصاً بالتعويض عنه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي رشح في 16 من نوفمبر سنة 1950 للعمل كتلميذ مرشد بوغاز وطبقاً للبند 3 من المادة الثالثة من القرار الوزاري رقم 27 لسنة 1948 المعدل بالقرار الوزاري رقم 8 لسنة 1950. الصادر تنفيذاً للمادة السابعة من القانون رقم 130 لسنة 1948 بتنظيم الإرشاد بميناء الإسكندرية - طبقاً لهذا البند الذي يشترط لقبول التلميذ المرشد "أن يؤدي بنجاح اختباراً طبياً عاماً بواسطة طبيب المصلحة (مصلحة المواني والمنائر). ولا يعد ناجحاً في اختبار النظر إلا من تكون قوة إبصاره 6/ 9 على الأقل لكل عين على حدة بدون نظارة وأن يميز الأشكال والألوان" - طبقاً للبند المذكور. عرض المدعي على طبيب مصلحة المواني والمنار لتوقيع الكشف الطبي عليه. فقرر في 26 من نوفمبر سنة 1950 أن "صحته جيدة وقوة إبصاره 6/ 9 في كل عين ويميز الألوان ولائق" فصدرت إليه رخصة تلميذ مرشد بوغاز بتاريخ 2 من ديسمبر سنة 1950. وفي أوائل يناير سنة 1954 خلا محل مرشد من الدرجة الثالثة في هيئة إرشاد بوغاز الإسكندرية فتقرر أن يؤدي المدعي الامتحان الطبي العلمي والعملي المشترط لتعيين المرشد من الدرجة الثالثة. فأداه بنجاح بتاريخ 20 من فبراير سنة 1954 وطبقاً للبند 1 من المادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 27 لسنة 1948 المعدل بالقرار الوزاري رقم 8 لسنة 1950 سالف الذكر الذي يشترط في تعيين المرشد من الدرجة الثالثة "أن تثبيت لياقته طبياً على الوجه المبين بالبند 2 من المادة السابعة (المادة الثالثة) بشرط ألا تقل درجة إبصاره عن نصف البصر العادي مع استعمال العينين معاً سواء بالنظارة أو بدونها وبشرط أن يميز الأشكال والألوان تماماً" طبقاً لهذا البند عرض المدعي على طبيب مصلحة المواني والمنائر لتوقيع الكشف الطبي عليه. فقرر في 5 من إبريل سنة 1954 أن صحته جيدة وقوة إبصاره 6/ 9 بالعينين وعنده حول داخلي أيمن وأنه يعتبر لهذا السبب غير لائق طبياً. فطعن المدعي في قرار طبيب المصلحة. فأحالته مصلحة المواني والمنائر إلى القومسيون الطبي العام الذي قرر في جلسته المنعقدة في 29 من يوليه سنة 1954 أنه يميز الألوان والأشكال وأن قوة إبصاره 6/ 9 في كل عين إلا أنه يعتبر غير لائق لعدم الإبصار بالعينين معاً. وقد أجرى المدعي عمليتين جراحيتين في عينيه. وطلب إعادة الكشف الطبي عليه. فأحالته مصلحة المواني والمنائر مرة ثانية إلى القومسيون الطبي العام. فقرر في جلسته المنعقدة في 15 من سبتمبر سنة 1955 أن الحول لا يزال موجوداً وأنه لا يمكنه استعمال العينين معاً وغير لائق. ثم أحالته المصلحة للمرة الثالثة إلى القومسيون الطبي العام لإعادة الكشف على نظره لمعرفة مدى لياقته للعمل.
فقرر القومسيون في جلسته المنعقدة في 19 من إبريل سنة 1956 أنه "وجد أنه يبصر باليمنى 6/ 12 وباليسرى 6/ 6 وأنه يجرى له عملية حول لكل من العين اليمنى واليسرى. وعنده حول وحشي بالعين اليمنى ولا يمكنه استعمال العينين معاً وغير لائق" وعلى هذا أصدر مدير عام مصلحة المواني والمنائر في 4 من يونيه سنة 1956 قراراً بشطب اسم المدعي من عداد تلاميذ مرشدي هيئة إرشاد بوغاز ميناء الإسكندرية اعتباراً من 5 من يونيه سنة 1956، فأقام المدعي في 6 من أغسطس سنة 1956 الدعوى رقم 1777 لسنة 10 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بطلب الحكم بوقف تنفيذ القرار المذكور وفي الموضوع بإلغائه وبأحقيته في وظيفة مرشد من الدرجة الثالثة بهيئة إرشاد بوغاز الإسكندرية اعتباراً من 20 من فبراير سنة 1954 وما يترتب على ذلك من آثار. فقضت محكمة القضاء الإداري في 30 من يناير سنة 1957 برفض طلب وقف التنفيذ وبعد تحضير الموضوع قضت في 14 من نوفمبر سنة 1957 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية بالإسكندرية وأقامت قضاءها على أن الدعوى طبقاً للتكييف القانوني الصحيح هي طعن بالإلغاء في القرار السلبي بالامتناع عن تعيين المدعي في وظيفة مرشد من الدرجة الثالثة وهذه الوظيفة طبقاً لأحكام القانون رقم 130 لسنة 1948 والقرار الوزاري رقم 27 لسنة 1948 لا تدخل في نطاق وظائف الفئة العالية كما أنها ليست من وظائف الضباط. وقد قيدت الدعوى بالمحكمة الإدارية بالإسكندرية. تحت رقم 218 لسنة 4 القضائية وفي 2 من إبريل سنة 1959 قضت المحكمة المذكورة بعدم قبولها شكلاً لعدم اتباع الإجراءات. وأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه هو قرار بالتعيين وبتدرج في عداد القرارات المنصوص عليها في البند (ثالثاً) من المادة 8 من قانون مجلس الدولة فكان يتعين لقبول الدعوى التظلم منه إلى الهيئة التي أصدرته أو الهيئات الرئيسية. وبعد صدور الحكم المذكور أقام المدعي الدعوى الراهنة.
1 - إذا كان الثابت من تقرير الطعن أن دعوى التعويض الراهنة تعتبر فرعاً لدعوى الإلغاء رقم 218 لسنة 4 القضائية. إذ أن المدعي بعد أن أخفق في دعوى الإلغاء المذكورة لجأ إلى إقامة الدعوى الراهنة بطلب التعويض عن الضرر الذي ادعى أنه أصابه على أساس ادعائه بعدم مشروعية ذات القرار الإداري الذي كان قد طلب إلغاءه بدعوى الإلغاء المشار إليها بسبب ذات العيب الذي ادعى في دعوى الإلغاء سالفة الذكر أنه لحق القرار الإداري المذكور. وإذ كان الأمر كذلك فإنه لا تجوز العودة في الدعوى الراهنة إلى إثارة مسألة الاختصاص والفصل فيها من جديد. لأن الحكم الصادر في دعوى الإلغاء رقم 218 لسنة 4 القضائية سالفة الذكر إذ قضي بعدم قبولها. يكون قد قضي ضمناً باختصاص المحكمة بنظرها. وهو في ذلك نهائي، ومن ثم فقد حاز في مسألة الاختصاص قوة الأمر المقضي. فهو يعتبر المحكمة في هذه المسألة عند نظر طلب التعويض، وذلك أن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في طلبات التعويض متفرع عن اختصاصه بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية. والقاعدة في حجية الأمر المقضي. هي أن الحكم في شيء حكم فيما يتفرع عنه.
ومن حيث إنه إذ أثار الحكم المطعون فيه مسألة الاختصاص وفصل فيها من جديد فإنه "يكون لما تقدم قد خالف القانون" ويتعين القضاء بإلغائه وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن المدعي ينعى على امتناع مصلحة المواني والمنائر عن تعيينه مرشداً من الدرجة الثالثة ثم شطب اسمه من عداد تلاميذ مرشدي هيئة إرشاد بوغاز ميناء الإسكندرية إنه بني على خطأ من طبيب المصلحة الذي قرر لياقته طبياً عند تعيينه تلميذ مرشد على الرغم من وجود حول يمنع من لياقته الطبية لوظيفة مرشد من الدرجة الثالثة، إذ كان واجباً على الطبيب أن يلاحظ هذا الحول عند توقيع الكشف الطبي عليه حين رشح تلميذ مرشد. فلا يكبده ما أنفقه في فترة التلمذة من عمره وشبابه. بيد أنه فضلاً عن
2 - إن امتناع مصلحة المواني والمنائر عن تعيين المدعي مرشداً من الدرجة الثالثة ثم شطبها اسمه من عداد تلاميذ مرشدي هيئة إرشاد بوغاز ميناء الإسكندرية لم يبن على تقرير طبيب المصلحة بلياقته طبياً عند ترشيحه تلميذ مرشد وإنما بني على تقرير طبيب المصلحة وتقارير القومسيون الطبي العام بعدم لياقة المدعي طبياً عند ترشيحه مرشداً من الدرجة الثالثة. وذلك لعدم إمكانه استعمال العينين معاً بسبب وجود حول في عينه اليمنى. وهو رأي صحيح من الناحية الفنية لتوافر التقارير عليه. كما أنه صحيح من الناحية القانونية لأنه مطابق لما يشترطه البند 1 من المادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 27 لسنة 1948 المعدل بالقرار الوزاري رقم 8 لسنة 1950 (وهذا التعديل صادر قبل التحاق المدعي كتلميذ مرشد) لثبوت اللياقة طبياً فيمن يعين مرشداً من الدرجة الثالثة من وجوب استعمال العينين معاً فضلاً عن ذلك فإن طبيب المصلحة لم يخطئ حين قرر لياقة المدعي طبياً عند ترشيحه تلميذ مرشد على الرغم من وجود حول في عينه اليمنى لأن لياقة تلميذ المرشد طبياً تختلف شروطها بحسب أحكام القرار الوزاري سالف الذكر عن شروط لياقة المرشد طبياً فعلى حين يستوجب البند (1) من المادة الرابعة منه فيمن يعين مرشداً استعمال العينين معاً. فإن البند 3 من المادة الثالثة كما سلف البيان لا يستلزم هذا الشرط فيمن يقبل تلميذ مرشد. وليس أدل على أن المغايرة في هذا الخصوص بين صيغة البند 3 من المادة الثالثة وصيغة البند 1 من المادة الرابعة هي مغايرة مقصودة - ليس أدل على ذلك. من أن صيغة البندين في هذا الخصوص كانت واحدة في القرار رقم 27 لسنة 1948 عند صدوره. ثم عدلت صيغة البند 1 من المادة الرابعة بالقرار الوزاري رقم 8 لسنة 1950 فأصبحت تشترط لثبوت لياقة المرشد طبياً دون تلميذ المرشد - استعمال العينين معاً.
ويبين من كل ما تقدم أن امتناع مصلحة المواني والمنائر عن تعيين المدعي مرشداً من الدرجة الثالثة. قرار سليم مبرأ من العيوب مطابق للقانون.
3 - وإنه ولئن كان صحيحاً أن عدم إمكان استعمال العينين معاً ليس شرطاً للياقة تلميذ المرشد. إلا أن ذلك لا يسوغ معه القول باستمرار صلاحية المدعي كتلميذ مرشد وعدم شطب اسمه من عداد تلاميذ مرشدي هيئة إرشاد بوغاز الإسكندرية ذلك أن هذه التلمذة بحكم طبيعة الأشياء لا تقصد لذاتها. وإنما تقصد للتأهيل لوظيفة مرشد. فإذا استبانت عدم لياقة المدعي لهذه الوظيفة لعيب مستديم لا ينفك لاصقاً به. فقد زالت دواعي بقائه تلميذاً. ومن ثم فإن شطب اسمه من عداد تلاميذ مرشدي هيئة إرشاد بوغاز ميناء الإسكندرية. هو الآخر قرار سليم مبرأ من العيوب ومطابق للقانون.
ومن حيث إنه إذا انتفى الخطأ - على النحو سالف البيان من جانب الإدارة. فلا مسئولية عليها. ويكون طلب التعويض على غير أساس.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى، وبرفضها موضوعاً، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ساحة النقاش