المراحل التى مرت بها الدرجة المالية لوظيفة نائب الدرجة المالية التى تعادل هذه الوظيفة فى الكادر الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 هى الدرجة الثانية - العبرة فى التعادل بمتوسط مربوط الدرجة.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 705
(73)
جلسة 21 من فبراير 1965
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومى نصار ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.
القضية رقم 1117 لسنة 7 القضائية
ادارة قضايا الحكومة - موظف - درجة - المراحل التى مرت بها الدرجة المالية لوظيفة نائب - الدرجة المالية التى تعادل هذه الوظيفة فى الكادر الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 هى الدرجة الثانية - العبرة فى التعادل بمتوسط مربوط الدرجة.
يبين من تقصى المراحل التى مرت بها الدرجة المالية لوظيفة نائب بفئتيها الأولى والثانية أن الدرجة المعادلة لدرجتها كانت فى كادر سنة 1939 الدرجة الثانية وكذلك فى القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة هى الدرجة الثانية، وعندما تغير وضع هذه الوظيفة بحيث أصبحت من فئة واحدة بدلا من فئتين وأدمجت فيها وظيفة المندوب الأول اختلفت هذه المعادلة، اذ هبطت بدايتها الى 540 جنيها وهى بداية مربوط الدرجة الثالثة بينما ظلت نهايتها مجاوزة لنهاية مربوط الدرجة الثانية وأن كانت لا تزال دون نهاية مربوط الدرجة الأولى ولما لم تعد درجة هذه الوظيفة تتطابق تماما مع درجات الكادر العام لا من حيث البداية ولا من حيث النهاية، أصبح لا مناص - اذ اقتضى الحال معادلتها بالدرجة المقابلة لها فى الكادر العام - من التعويل فى ذلك على متوسط مربوط الدرجة اذ أنه باختلاف البداية والنهاية يكون هذا المعيار هو المعيار السليم لاجراء التعادل المالى اذ أنه فضلا عن أنه يلائم فى التقدير بين حدى الدرجة المالية فانه المعيار الذى تأخذ به التشريعات المالية والميزانيات فى تقدير وتسويات مرتبات الموظفين ومعاشاتهم باعتباره المعيار الدقيق لتقييم الدرجة وانضباطها واذا كان متوسط مربوط الدرجة المقررة لوظيفة النائب وقت صدور القرار المطعون فيه هو 810 جنيها، وكان متوسط مربوط الدرجات الثالثة والثانية والأولى المتداخلة فيها فى الكادر العام هو على التوالى 660، 870، 1050 جنيها فقد وضح أن المعادلة بين درجة نائب فى الكادر الخاص وبين الدرجة الثانية فى الكادر العام هى معادلة سليمة لا شائبة فيها.
ومن حيث أنه ليس مقبولا، بعد أن سلكت درجات مالية ثلاث فى درجة النائب (540/ 1080) أن يعتد بالحد الأعلى لمربوط هذه الدرجة معيارا تجرى على أساسه المعادلة بينها وبين درجات الكادر العام، لأن التزام هذا المعيار يفضى الى نتائج لا يمكن تقبلها، فالمرقى حديثا الى وظيفة نائب وقد كان الى عهد قريب فى وظيفة مندوب لا يجاوز ربطها المالى حدود الدرجة الرابعة (360/ 540) لا تقبل منه المطالبة بالدرجة الأولى لو صار تعيينه بعد ذلك خارج قسم القضايا طبقا للفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون رقم 84 لسنة 1959 بضم قسم قضايا وزارة الأوقاف الى ادارة قضايا الحكومة ولو جاز على الفرض الجدلى تعيين مثل هذا النائب فى الدرجة الأولى رغم أن نهاية هذه الدرجة أعلى من نهاية مربوط وظيفته الفنية السابقة بقسم القضايا، لكان فى هذا التعيين طفرة صارخة لا يسيغها العدل، ويأباها الحرص على تحقيق التعادل بين الدرجتين، ولا ريب أن الأخذ بمعيار متوسط الدرجة هو أقرب الى الحق وأبعد عن الشطط، اذ به ينضبط مفهوم التعادل المنشود وليس فيه حيف على وضع سابق، ولا اعتداء على حق مكسوب، سيما وهو ينطوى فى الغالب على مزايا يستفيد فيها النائب المعين خارج قسم القضايا، ومتى انتفى المساس بالوضع الوظيفى السابق، فانه لا وجه لمجاراة المدعى فى طلب المزيد من المزايا التى يختل بها التعادل ولا تقرها روح المادة الثالثة من القانون آنف الذكر.
(اجراءات الطعن)
بتاريخ 24/ 4/ 1961 أودع السيد/ أحمد محمد مراد عريضة طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (هيئة الترقيات والتعيينات) بجلسة 23/ 2/ 1961 فى الدعوى رقم 633 لسنة 14 القضائية المرفوعة منه ضد وزارة الأوقاف القاضى بعدم جواز نظر الدعوى لعدم قابلية القرار المطعون فيه لأى طعن أو مطالبة أمام أية جهة ادارية وألزمت المدعى بالمصروفات "وطلب المدعى للاسباب المبينة بصحيفة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه واعادة النزاع من جديد الى محكمة القضاء الادارى لتقضى للطاعن بطلباته الواردة فى صحيفة دعواه مع الزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقد أعلن الطعن للحكومة فى 29/ 4/ 1961، وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 28/ 3/ 1963. ثم قررت المحكمة إحالة الدعوى الى المحكمة الادارية العليا وحددت لذلك جلسة 3/ 1/ 1965 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ملاحظات ذوى الشأن على الوجه الموضح تفصيلا بالمحضر، أرجأت النطق بالحكم الى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن فى أن المدعى أقام دعواه طالبا الحكم بالغاء القرار رقم 1575 الصادر من وزارة الأوقاف فى 11/ 8/ 1959 بتعيينه فى الدرجة الثانية الفنية والقضاء بوضعه فى الدرجة الأولى بأول مربوطها من تاريخ تعيينه فى تلك الدرجة مع الزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال فى بيان ذلك أنه كان يشغل وظيفة نائب بقسم قضايا وزارة الأوقاف. وقد صدر القانون رقم 84 لسنة 1959 الذى ألغى قسم قضايا الأوقاف وأحل محله ادارة قضايا الحكومة فى اختصاصاته المبينة فى القوانين واللوائح، وأجاز القانون المذكور تعيين الموظفين الفنيين بقسم قضايا الأوقاف فى الوظائف المماثلة لوظائفهم بادارة قضايا الحكومة، أما الذين لا يعينون بادارة قضايا الحكومة فيحتفظون بدرجاتهم ومرتباتهم الحالية بصفة شخصية لمدة أقصاها ثلاثة أشهر يعينون خلالها فى وظائف فنية أو ادارية لا تقل من حيث الدرجة عن درجاتهم الحالية، ولم يكن من حظ المدعى أن يعين فى ادارة قضايا الحكومة بدرجة نائب، فلزم من ثم تعيينه فى وظيفة فنية أو ادارية لا تقل من حيث الدرجة عن درجة نائب، وهى الدرجة الأولى، غير أنه صدر القرار المطعون فيه 1575 فى 12/ 8/ 1959 بتعيينه فى الدرجة الثانية الفنية وهى دون نهاية درجة النائب فتظلم المدعى الى وزير الأوقاف من هذا القرار ولما لم يجد تظلمه نفعا أقام هذه الدعوى.
وأجابت الوزارة على الدعوى بأن دفعت بعدم قبول الدعوى استنادا الى نص المادة الرابعة من القانون رقم 84 لسنة 1959 التى سلب فيها المشرع جهة القضاء سلطة التعقيب على القرارات الصادرة بمن عين من أعضاء قسم قضايا الأوقاف فى وظائف الكادر العام وهى وظائف مختلفة عن وظائفهم السابقة وقد أضفى الشارع عليها حصانة فاعتبرها نهائية غير قابلة للطعن أمام أية جهة قضائية. وفى الموضوع ذكرت أنه منذ صدور القانون رقم 492 لسنة 1955 بالغاء المحاكم الشرعية أصبح التعيين فى الوظائف القضائية مقصورا على حملة ليسانس القانون، وعلى هذا الأساس صدر القانون رقم 84 لسنة 1959 ناصا على تعيين الموظفين الفنيين بقسم قضايا الأوقاف فى الوظائف المماثلة لوظائفهم بادارة قضايا الحكومة بشرط أن يكونوا حاصلين على درجة الليسانس فى الحقوق، ومن لا يحمل منهم هذا المؤهل استبعد من التعيين فى تلك الوظائف وهو شأن المدعى الذى لم يكن من الجائز تعيينه بادارة قضايا الحكومة. على أن المشرع عالج أمر المدعى وزملائه فنص على تعيينهم فى وظائف فنية أو ادارية بالكادر العام لا تقل من حيث الدرجة عن درجاتهم القضائية. ولقد عين المدعى تنفيذا لذلك فى الدرجة الثانية الفنية، وقد رأت الوزارة عند تحديد درجة الكادر العام التى يعين عليها موظف الكادر القضائى الأخذ بمعيار المرتب الذى وصل اليه المدعى فى الكادر القضائى أساسا لتحديد الدرجة التى يعين عليها فى الكادر العام وهى الدرجة التى يدخل فى حدودها هذا المرتب وذلك قياسا على النص الوارد فى قانون استقلال القضاء وكذلك قانون السلطة القضائية بتحديد الشروط الواجب توافرها للتعيين فى الوظائف القضائية من غير رجال القضاء والنيابة، وقد نص فيها على أن يكون المرشح فى درجة مماثلة للدرجة القضائية أو يتقاضى مرتبا يدخل فى حدود هذه الدرجة وعلى مقتضى هذا كان يحق للوزارة وفقا لهذا المعيار أن تعين المدعى فى وظيفة من الدرجة الثالثة، اذ أن مرتبه يدخل فى حدود هذه الدرجة، الا أنها تجاوزت عن هذا الحق وعينته فى الدرجة الثانية (780 - 960 جنيه) وبداية مربوطها تزيد على مرتبه الذى كان يتقاضاه. وتأسيسا على ذلك يمكن القطع بأن هذه الدرجة لا تقل عن الدرجة القضائية التى كان يشغلها المدعى وهى درجة نائب، ولا عبرة بالآثار اللاحقة التى يرتبها القانون على تعيينه فى احدى درجات الكادر العام من حيث تحديد مقدار العلاوة وأقصى المربوط، ولكن المدعى لم يرضه هذا الوضع ويذهب الى وجوب تعيينه فى الدرجة الأولى ومنحه أول مربوطها وقدره 80 جنيها فى الوقت الذى كان يتقاضى فيه راتبا قدره 59 جنيها شهريا. ولا يعقل أن الشارع وقد رأى عدم صلاحيتهم للتعيين فى ادارة قضايا الحكومة، ونص على تعيينهم فى وظائف أخرى أقل شأنا من الوظائف القضائية من حيث أهمية العمل ومسئولياته أن يقرر لهم مزايا جديدة مقابل نقلهم الى الكادر العام يفضلون بها زملاءهم الذين عينوا بادارة قضايا الحكومة فى ذات وظائفهم. وانتهت الوزارة الى طلب رفض الدعوى.
وبجلسة 23/ 2/ 1961 قضت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لعدم قابلية القرار المطعون فيه لأى طعن أو مطالبة أمام جهة قضائية وألزمت المدعى بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن مفهوم نص المادة الرابعة من القانون رقم 84 لسنة 1959 المنطبق على واقعة الدعوى أن تكون القرارات الصادرة وفقا لأحكام هذا القانون نهائية وغير قابلة لأى طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية، ومن ثم فانه يمتنع على المحكمة نظر الطعون فى القرارات الصادرة وفقا لأحكامه سواء أكانت هذه القرارات صحيحة أو مخالفة للقانون، ذلك أن المشرع حسما للمنازعات ومنعا من فتح الباب أمام طعون مختلفة قد يطول أمد التقاضى بشأنها قد أضفى على تلك القرارات حماية قانونية تمنع القضاء الادارى من تسليط رقابته عليها. ولا وجه لما يثيره المدعى من أن الحظر الوارد بالمادة الرابعة إنما ينصرف فقط الى منع الطعن على التعيين الذى يقع موافقا للمادة الثالثة من القانون المذكور طالما أن النص ورد عاما مطلقا يحظر كافة الطعون فى قرارات التعيين أو تحديد الأقدمية الصادرة طبقا لتلك المادة وتحديد الدرجة المالية لشاغل وظيفة معينة يعتبر من جوهريات قرار التعيين.
ومن حيث أن الطعن المقدم من المدعى يقوم على ثلاثة أوجه، الوجه الأول هو بطلان الحكم لمخالفته حكم المادة 339 مرافعات وذلك لأن السيد المستشار مصطفى درويش لم يسمع المرافعة فى الدعوى ومع ذلك اشترك فى اصدار الحكم والوجه الثانى مبناه عدم دستورية القانون رقم 84 لسنة 1959 وبطلانه شكلا بمقولة أن هذا القانون بايراده نصا على عدم قابلية القرارات التى تصدر طبقا لأحكامه لأى طعن قضائى يكون غير دستورى لما فى ذلك من مصادرة لحق التقاضى، هذا بالاضافة الى أن القانون لم يعرض على مجلس الدولة لصياغته، وهذا عيب يجعل التشريع باطلا من الناحية الشكلية. وأما عن الوجه الثالث من أوجه الطعن فقوامه مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، اذ لم يراع أن للحصانة التى قررها التشريع شرطا ورد بصريح النص وهو موافقة القرارات المنصوص على تحصينها للقاعدة الواردة فى المادة الثالثة ومقتضاها أن تكون الدرجة التى عين عليها الموظف لا تقل عن الدرجة التى كان مقيدا عليها فى كادر القضاء فاذا قام نزاع حول معادلة هذه الدرجات لتلك، فان قرار التعيين لا يكون حصينا من الرقابة القضائية. وقد تعرض المدعى فى مذكرته الختامية التى قدمها فى الطعن لموضوع دعواه وانتهى فيها الى استحقاقه الدرجة الأولى استنادا الى أن الدرجة عبارة عن بداية ونهاية وعلاوة وأن الدرجة الأولى هى الدرجة الوحيدة التى يدخل فى نطاقها نهاية مربوط درجة نائب، وأن الزيادة فى أول مربوط الدرجة الأولى اذا منحت له يقابلها نقص فى العلاوة اذ أن علاوة الدرجة الأولى خمسة جنيهات فى حين أن علاوته فى درجته القضائية ستة جنيهات بالنظر الى أنه كان قد أمضى فترتى علاوتين فى هذه الدرجة - ومن الملاحظ أن المشرع استعمل قاصدا عبارة "لا تقل من حيث الدرجة عن درجاتهم الحالية" وهو بهذه العبارة الحاسمة قد حظر التعيين فى درجة أقل ولم يمنع التعيين فى درجة أعلى تعويضا للذين لم يعينوا بادارة قضايا الحكومة وأخرجوا من الكادر المشار اليه عن سائر الكادرات بغير ارادتهم. ثم أشار المدعى الى أنه فقد ضمن ما فقده من جراء اخراجه من الكادر القضائى بدل طبيعة العمل الذى كان يحصل عليه وأنه وإن كان هذا البدل لا يدخل ضمن مرتب الموظف الا أنه على كل حال ميزة مالية حرم منها.
واستطرد المدعى الى أنه ينبغى عند مقارنة درجة النائب بما يعادلها من درجات الكادر العام مراعاة الأثر المالى تبعا للمدة التى يقضيها النائب فى درجته بحيث اذا ما استحق النائب الذى لم يمض فى درجته أربع سنوات وكانت علاوته ستين جنيها أن يعين فى الدرجة الثانية بالكادر العام فلا مرية فى أن النائب الذى قضى هذه المدة فأكثر كما هو الحال بالنسبة الى المدعى وكانت علاوته تبعا لذلك اثنين وسبعين جنيها يستحق أن يعين فى الدرجة الأولى دون أن يحاج بالزيادة فى مرتبه عند تعيينه فى هذه الدرجة ما دامت ستكون فى مقابل النقص فى علاوته، وفى ذات الوقت فاننا لو أخذنا متوسط مربوط الدرجة للنائب معيارا للدرجة التى تعادلها فى الكادر العام دون نظر الى هذا الاعتبار فان الدرجة الأولى تكون قد سقطت تماما ولن يستحقها أى نائب حتى ولو جاوز مرتبه الشهرى فى درجته القضائية أول مربوط هذه الدرجة الأولى خاصة وبعد أن قضت المحكمة العليا فى الدعاوى السابقة بأن درجة المستشار المساعد لمن كانوا من زملائهم فى قسم قضايا الأوقاف يعادلها درجة مدير عام.
ومن حيث أن الحاضر فى الطعن عن المدعى تنازل بجلسة المرافعة عن الدفع الخاص ببطلان الحكم المطعون فيه لمخالفته نص المادة 339 مرافعات لما ثبت من أن السيد المستشار/ مصطفى درويش لم يشترك فى إصدار الحكم وبذلك أصبح هذا الوجه غير ذى موضوع.
ومن حيث أن هذه المحكمة سبق أن قضت بجلسة 27/ 12/ 1964 فى دعوى مماثلة خاصة بزميل المدعى السيد/ محمد إبراهيم صالح (الطعن رقم 1118 لسنة 7 ق) بأنه لا وجه للنعى بعدم دستورية نص المادة الرابعة من القانون رقم 84 لسنة 1959 بدعوى أن هذا النص فيه مصادرة لحق التقاضى تأسيسا على أن كل ما يخرجه القانون من اختصاص القضاء الادارى فيصبح هذا القضاء معزولا عن نظره هو من قبيل تحديد دائرة اختصاص القضاء بالتوسع أو التضييق فيه دون أن يتعدى ذلك الى المصادرة المطلقة لحق التقاضى. كما قضت بأن إغفال عرض القانون على مجلس الدولة لا يترتب عليه بطلانه، ومن ثم يكون ما دفع به المدعى فى هذا الشأن فى غير محله متعينا رفضه. وفيما يتعلق بالدفع المبدى من الحكومة بعدم جواز نظر الدعوى فقد رفضته المحكمة أيضا استنادا الى أن مفاد المادتين الثالثة والرابعة من القانون رقم 84 لسنة 1959 ومدلولهما أن المشرع بعد أن ألغى قسم قضايا الأوقاف قد ترك للادارة الحرية فى اختيار من ترى تعيينه من أعضاء هذا القسم فى ادارة قضايا الحكومة التى حلت محله، وفى هذا المجال تترخص الادارة بمقتضى السلطة المخولة لها فى القانون فى اختيار من تعينهم فى الادارة المذكورة دون ما معقب عليها فى هذا الاختيار واذا هى أعملت هذه الرخصة فان القرار الصادر منها فى هذا الشأن وبمقتضى الحصانة التى أضفاها عليها القانون يكون بمنجاة من الطعن سواء من جانب أعضاء ادارة قضايا الحكومة أو من جانب أعضاء قسم قضايا الأوقاف الذين لم يقع عليهم الاختيار للتعيين فى تلك الادارة، على أن القانون وأن حرم أعضاء قسم قضايا وزارة الأوقاف من الطعن فى القرار الصادر بتعيين زملائهم بادارة قضايا الحكومة فيما تضمنه من عدم تعيينهم، فانه قد نظم أوضاعهم ولم يترك للادارة مجالا تترخص فيه حيالهم بل فرض عليها مقدما الوضع الذى يتعين تسوية حالتهم على مقتضاه وذلك بأن أوجب تعيينهم خلال ثلاثة أشهر فى وظائف فنية أو ادارية لا تقل من حيث الدرجة عن درجاتهم الحالية، فوجب بالتالى على الادارة نزولا على مقتضى حكم القانون المشار اليه أن تعينهم على الوجه وبالحدود التى رسمها وأوجبها، فان هى خالفت حكم القانون بأن عينتهم فى درجة ليست فنية أو ادارية أو عينتهم فى درجة فنية أو ادارية ولكنها تقل عن درجاتهم الأصلية كان لصاحب الشأن أن يطعن بالالغاء فى القرار الصادر فى هذا الشأن، وبذلك يتوصل الى حقه الذى قرره له القانون، ولا يجوز أن ينعى على هذا الطعن بأنه داخل فى حكم الحظر المنصوص عليه فى المادة الرابعة من القانون سالف الذكر ذلك ان العضو الذى لم يقع عليه اختيار الادارة للتعيين فى ادارة قضايا الحكومة ثم يعين فى وظيفة فنية أو ادارية انما يتعلق حقه بالتعيين فى وظيفة فنية أو ادارية لا ينبغى أن تقل من حيث الدرجة عن درجته القضائية السابقة وذلك حرصا من الشارع على رعاية حقوقه المكتسبة، واذا كان ذلك فانه لا يعقل أن يفسر ذلك الحظر الوارد فى القانون بما من شأنه أن يعطل نصا آخر واردا فى ذات القانون بل الأولى هو إعمال جميع نصوصه فى ضوء الحكمة التى تغياها، وخلاصة ذلك كله أن الأمر هنا وكما سلف البيان يتعلق بنص استثنائى هو قيد على مبدأ الرقابة القضائية ويتعين من أجل ذلك تفسير هذا النص تفسيرا ضيقا يخرج من حكمه الطعن مثار المنازعة الحالية.
ومن حيث أنه فيما يتعلق بالموضوع فقد قضت المحكمة بأن حق المدعى لا يتعلق بغير الدرجة الثانية - وهى الدرجة التى عينته الوزارة فيها بأول مربوطها - الذى لم يكن قد بلغه راتبه فى وظيفة نائب واعتبارا من تاريخ نفاذ القرار المطعون فيه، وذلك تأسيسا على أن تقصى المراحل التى مرت بها الدرجة المالية لوظيفة نائب بفئتيها الأولى والثانية أن الدرجة المعادلة لدرجتها كانت فى كادر سنة 1939 الدرجة الثانية وكذلك فى القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة هى الدرجة الثانية، وعندما تغير وضع هذه الوظيفة بحيث أصبحت من فئة واحدة بدلا من فئتين وأدمجت فيها وظيفة المندوب الأول اختلت هذه المعادلة، اذ هبطت بدايتها الى 540 جنيها وهى بداية مربوط الدرجة الثالثة بينما ظلت نهايتها مجاوزة لنهاية مربوط الدرجة الثانية وإن كانت لا تزال دون نهاية مربوط الدرجة الأولى ولما لم تعد درجة هذه الوظيفة تتطابق تماما مع درجات الكادر العام لا من حيث البداية ولا من حيث النهاية، أصبح لا مناص - اذا اقتضى الحال معادلتها بالدرجة المقابلة لها فى الكادر العام - من التعويل فى ذلك على متوسط مربوط الدرجة اذ أنه باختلاف البداية والنهاية يكون هذا المعيار هو المعيار السليم لاجراء التعادل المالى اذ أنه فضلا عن أنه يلائم فى التقدير بين حدى الدرجة المالية فانه المعيار الذى تأخذ به التشريعات المالية والميزانيات فى تقدير وتسويات مرتبات الموظفين ومعاشاتهم باعتباره المعيار المالى الدقيق لتقييم الدرجة وانضباطها واذا كان متوسط مربوط الدرجة المقررة لوظيفة النائب وقت صدور القرار المطعون فيه هو 810 جنيهات، وكان متوسط مربوط الدرجات الثالثة والثانية والأولى المتداخلة فيها فى الكادر العام هو على التوالى 660، 870، 1050 جنيها فقد وضح أن المعادلة بين درجة نائب فى الكادر الخاص وبين الدرجة الثانية فى الكادر العام هى معادلة سليمة لا شائبة فيها.
ومن حيث أنه ليس مقبولا، بعد أن سلكت درجات مالية ثلاث فى درجة النائب (540/ 1080) أن يعتد بالحد الأعلى لمربوط هذه الدرجة معيارا تجرى على أساسه المعادلة بينها وبين درجات الكادر العام، لان التزام هذا المعيار يفضى الى نتائج لا يمكن تقبلها، فالمرقى حديثا الى وظيفة نائب وقد كان الى عهد قريب فى وظيفة مندوب لا يجاوز ربطها المالى حدود الدرجة الرابعة (360/ 540) لا تقبل منه المطالبة بالدرجة الأولى لو صار تعيينه بعد ذلك خارج قسم القضايا طبقا للفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون رقم 84 لسنة 1959 بضم قسم قضايا وزارة الأوقاف الى ادارة قضايا الحكومة، ولو جاز على الفرض الجدلى تعيين مثل هذا النائب فى الدرجة الأولى رغم أن نهاية هذه الدرجة أعلى من نهاية مربوط وظيفته الفنية السابقة بقسم القضايا، لكان فى هذا التعيين طفرة صارخة لا يسيغها العدل، ويأباها الحرص على تحقيق التعادل بين الدرجتين، ولا ريب أن الأخذ بمعيار متوسط الدرجة هو أقرب الى الحق وأبعد عن الشطط، اذ به ينضبط مفهوم التعادل المنشود وليس فيه حيف على وضع سابق، ولا اعتداء على حق مكسوب، سيما وهو ينطوى فى الغالب على مزايا يستفيد منها النائب المعين خارج قسم القضايا، ومتى انتفى المساس بالوضع الوظيفى السابق، فانه لا وجه لمجاراة المدعى فى طلب المزيد من المزايا التى يختل بها التعادل ولا تقرها روح المادة الثالثة من القانون آنف الذكر. ومن ثم فان الوزارة على مقتضى ما تقدم تكون قد طبقت القانون فى حق المدعى تطبيقا سليما، ويكون طلب الغاء القرار المطعون فيه على أساس ما يزعمه من استحقاقه الدرجة الأولى من تاريخ نفاذ تعيينه فى الدرجة الثانية بالقرار المذكور، غير قائم والحالة هذه على أساس من القانون، ولا يغير من هذا النظر ما يثيره المدعى بمذكرته الختامية السابق الاشارة اليها طالما أن فيما سبق بيانه من أسانيد كل الغناء عن الرد عليه. وبهذه المثابة فانه يتعين رفض الدعوى مع الزام رافعها بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات.
ساحة النقاش