شمول الحكم بوقف التنفيذ والنص به على أن يكون الإيقاف شاملاً لجميع الآثار الجنائية.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1965) - صـ 1665
(152)
جلسة 19 من يونيه 1965
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل مجلس وعضوية السادة الأساتذة محمد شلبي يوسف وعادل عزيز وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.
القضية رقم 722 لسنة 9 القضائية
موظف - هيئة الشرطة - انتهاء خدمة - حكم في جناية - وقف تنفيذ - إدانة الموظف في جناية أو جريمة مخلة بالشرف - شمول الحكم بوقف التنفيذ والنص به على أن يكون الإيقاف شاملاً لجميع الآثار الجنائية - ينصرف إلى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التي تترتب على الحكم سواء ورد النص عليها في قانون العقوبات أو في غيره من القوانين - الحكم الصادر من محكمة الجنايات بحبس الطاعن مع الشغل لمدة سنة واحدة وإلزامه متضامناً مع المطعون ضدها بأن يدفع للمدعين بالحق المدني مبلغ ثلاثة آلاف جنيه على سبيل التعويض - النص فيه على وقف تنفيذه على أن يكون الإيقاف شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم - احترام حجية هذا الحكم مؤداه إبقاء الطاعن في وظيفته وعدم إعمال الفقرة الثالثة من المادة 113 من القانون رقم 234 لسنة 1955 الخاص بنظام هيئة الشرطة - أساس ذلك.
إن الحكم الجنائي إذا ما صدر موقوف الآثار الجنائية وقفا شاملاً لها فإن من شأن هذا الإيقاف أن يمتد أثره إلى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التي تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها في قانون العقوبات أو في غيره من القوانين، إذ أن طبيعتها جميعاً واحدة لأنها كلها من آثار الحكم الجنائي، ويظاهر وجهة النظر هذه ما ورد في المذكرة التفسيرية من جواز أن يكون الإيقاف شاملاً (للحرمان من حق الانتخاب باعتباره عقوبة تبعية مع أن هذا الحرمان لم يرد النص عليه في قانون العقوبات بل كان منصوصاً عليه في قانون خاص هو المرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1935 الذي حل محله القانون رقم 73 لسنة 1956 بمباشرة الحقوق السياسية).
وإن الحكم الجنائي الذي صدر بإيقاف التنفيذ الشامل لجميع الآثار الجنائية قد استهدف المحافظة على مركز الطاعن الوظيفي وعدم الإضرار بمستقبله وأن من شأن إعمال حجية هذا الحكم إبقاء الطاعن في الوظيفة وعدم إعمال حكم الفقرة الثالثة من المادة 113 من القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة، وإذ ذهبت وزارة الداخلية إلى غير هذا المذهب واعتبرت خدمة المدعي منتهية منذ صدور الحكم الجنائي فتكون قد أهدرت حجية الحكم الجنائي وخالفت بذلك صحيح حكم القانون الخاص بإيقاف التنفيذ الشامل لجميع الآثار الجنائية.
(إجراءات الطعن)
في يوم الثلاثاء الموافق 30 من أبريل سنة 1963 أودع الأستاذ حسن الجداوي المحامي نائباً عن الأستاذ محمد غزالة المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا والوكيل عن السيد وحيد محمد منصور سكرتارية هذه المحكمة صحيفة طعن عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية القاضي برفض الدعوى وإلزام رافعها المصروفات، وطلب السيد الطاعن اعتماداً على أسباب طعنه الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر في 22/ 6/ 1961 بفصل الطاعن من الخدمة، وفى 19/ 5/ 1963 أعلن الطعن لوزارة الداخلية (المطعون ضدها) وتعين لنظره أولاً جلسة 12/ 12/ 1964 أمام دائرة فحص الطعون وأخطر بها ذوو الشأن في 26/ 11/ 1964 فقررت بإحالته إلى هذه الدائرة فعينت له جلسة 6/ 3/ 1965 وأخطروا بها في 17/ 12/ 1965 فسمعت المحكمة ما رأت ضرورة سماعه من ملاحظات الطرفين ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن حاصل وقائع هذه المنازعة يجمل في أنه بتاريخ 5/ 6/ 1962 أقام الطاعن دعواه طالباً إلغاء القرار الإداري الصادر بفصله من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وتفصيلاً لها ذكر أنه بتاريخ 17/ 6/ 1961 صدر العدد رقم 134 الخاص بالأوامر اليومية لوزارة الداخلية وجاء به تحت رقم 1173 ما يأتي:
"تنتهي خدمة الكونستابل وحيد محمد منصور "الطاعن" من قوة المرور بالشرطة بالاستغناء اعتباراً من 16/ 1/ 1961 وهو تاريخ الحكم عليه في الجناية رقم 157 شبين الكوم سنة 1957 (ضرب أفضى إلى الموت) بالحبس مع الشغل لمدة سنة مع إيقاف تنفيذ هذه العقوبة وقفاً شاملاً لجميع الآثار الجنائية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم عليه عملاً بالمادة 113 فقرة 3 من القانون رقم 234 لسنة 1955 الخاص بنظام هيئة الشرطة مع حفظ حقه في المكافأة أو المعاش أو صندوق الادخار" وأنه بتاريخ 2/ 8/ 1961 تظلم من هذا القرار لصدوره على خلاف القانون رقم 234 لسنة 1955 وعلى خلاف ما قضى به الحكم الجنائي فرفضت الجهة الإدارية تظلمه في 19/ 8/ 1961.
وبتاريخ 17/ 12/ 1962 قضت تلك المحكمة على النحو السابق ذكره وأقامت قضاءها على أن الطاعن كان يشغل وظيفة "كونستابل" قبل الحكم عليه في الجناية رقم 517 لسنة 1957 شبين الكوم ومن ثم يسري عليه حكم القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة الذي تقضي المادة 113 منه بأن تنتهي خدمة الكونستابل أو الصول لأحد الأسباب الآتية:
...... (3) الحكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف، وإذ صدر حكم ضد الطاعن في جناية فليس على الجهة الإدارية إلا إنزال حكم القانون وإعمال أثره بغير ترخيص منها وبذا يكون القرار الصادر بفصله قد قام على صحيح سببه المبرر له قانوناً ولا يغير من الأمر شيئاً أن يكون الحكم في الجناية المذكورة قد أمر بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات إيقافاً شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم لأن الحكم بوقف التنفيذ على نحو ما ذهب إليه لا يمنع الجهة الإدارية من إنهاء خدمة الطاعن طبقاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة 113 من القانون رقم 234 لسنة 1955 أنفة الذكر، وذلك لأن وقف تنفيذ الآثار المترتبة على الأحكام الجنائية بالتطبيق للمادة 55 من قانون العقوبات وما بعدها لا يشمل إلا العقوبة التبعية والآثار الجنائية المترتبة على الحكم فلا يتعداها إلى الآثار الأخرى سواء أكانت من روابط القانون الخاص أم من روابط القانون العام أي سواء أكانت مدنية أو إدارية وأن إنهاء خدمة الطاعن لم تكن عقوبة تبعية أو تكميلية وإنما كانت لأسباب قانونية تبررها.
ومن حيث إن الطعن أسس على القول بأن العزل من الوظائف العمومية كما يستفاد من نص المادتين - 24، 25 من قانون العقوبات هو عقوبة تبعية تابعة للعقوبة الأصلية وأن نص المادة 55 من قانون العقوبات يجيز للمحكمة أن توقف تنفيذ العقوبة التبعية فإذا ما جاء الحكم في الجناية رقم 597 لسنة 1957 شبين الكوم موقفاً للآثار الجنائية وقفاً شاملاً فإن معنى ذلك عدم تنفيذ العقوبة التبعية وبذا لا يسوغ فصله من الخدمة طبقاً لنص
المادة 24 من قانون العقوبات.
وإذ جاءت المادة 113 من قانون هيئة الشرطة مطابقة للقواعد العامة الواردة في المادتين 24، 25 من قانون العقوبات فمن مقتضى هذا النظر أن يوقف تنفيذ حكم المادة 113 من القانون 234 لسنة 1955 متى أوقفت محكمة الجنايات تنفيذ العقوبة وقفاً شاملاً لجميع الآثار الجنائية والعقوبات التبعية ويساند هذا النظر نص المادة 107/ 8 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن موظفي الدولة وقد استقر الفقه والقضاء على أنه لكي يمكن إعمال نص الفقرة الثانية من المادة 107 أنفة الذكر يتعين أن يكون الحكم نهائياً نافذ المفعول أما إذا كان موقوف التنفيذ فلا يطبق حكم هذه الفقرة.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً برأيها القانوني ذهبت فيه إلى القول بأن وقف تنفيذ الآثار المترتبة على الأحكام الجنائية بالتطبيق لنص المادة 55 من قانون العقوبات لا يشمل إلا العقوبة التبعية والآثار الجنائية المترتبة على الحكم فلا يتعداها إلى الآثار الأخرى وأنه تجب التفرقة بين العزل كعقوبة تبعية أو تكميلية وبين إنهاء خدمة الموظف بالتطبيق لحكم الفقرة الثالثة من المادة 113 من القانون 234 لسنة 1955 وأن الطاعن يعتبر مفصولاً بقوة القانون ولا أثر لوقف تنفيذ العقوبة، وأن العزل تم طبقاً لقانون تنظيمي هو قانون الشرطة وليس طبقاً لقانون العقوبات الذي أجرت المحكمة إيقاف تنفيذ الآثار الجنائية المترتبة على الحكم فالعزل هنا إداري وللعزل الإداري مجاله كما أن للعزل طبقاً لقانون العقوبات مجاله وليس ثمة تلازم بينهما في كل الأحوال وأنه لا يسوغ تعطيل أحكام قانون نظام هيئات الشرطة في مجال تطبيقه متى قام موجبه واستوفى أوضاعه الشكلية، وبعد أن استعرضت هيئة المفوضين رأيها السابق انتهت إلى القول بأن الحكم أصاب وجه الحق في قضائه ومن ثم طلبت رفض الطعن موضوعاً مع إلزام رافعه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن إدارة قضايا الحكومة أودعت أخيراً مذكرة بدفاع وزارة الداخلية ذهبت فيها إلى القول بأن فصل الطاعن تم وفقاً لحكم المادة 113 فقرة ثالثة من القانون رقم 234 لسنة 1955 آنف الذكر وقد ورد نص هذه المادة في الفصل الرابع الخاص بإنهاء الخدمة الذي سبقه الفصل الثالث الذي تضمن المواد110، 111، 112 بشأن الجزاءات التي توقع على الكونستبلات والصولات والجهات التي تملك توقيع مثل هذه الجزاءات ومن بينها الفصل من الخدمة مع حفظ الحق في المكافأة أو صندوق الادخار والفصل من الخدمة مع الحرمان من كل أو بعض المكافأة أو صندوق الادخار ومن ثم يكون الفصل المنصوص عنه في كل منهما يغاير الأخر، وأن الفصل الوارد في الباب الرابع هو فصل لفقد أحد شروط صلاحية الموظف لأن يتولى وظيفة عامة وليس جزاءاً يوقع عليه إذ اعتبر الشارع أن الحكم على الموظف في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف يفقده صلاحية البقاء لشغل الوظيفة العامة وهو من جنس أسباب إنهاء الخدمة مثل بلوغ السن القانونية أو عدم اللياقة الصحية وآية اختلاف كل نوع عن الآخر أن الشارع غاير في صياغة مواد الباب الثالث والمادة التي أوردها في الباب الرابع، ولو رأى في الباب الثالث غناءاً لما أورد نص الباب الرابع.
ثم استطردت المذكرة إلى القول بأن إعمال حكم المادة 113 فقرة ثالثة من القانون 234 لسنة 1955 لا يتوقف على ما إذا كان الحكم في جناية نافذاً أو موقوف الأثر وذلك لأن إيقاف الآثار الجنائية ينصب فقط على العقوبات التبعية أو التكميلية وهو هنا ليس متهماً واستشهدت في هذا المقام بالحكم الصادر في الطعن رقم 5 لسنة 4 القضائية الصادر بجلسة 12/ 7/ 1958 والمنشور في السنة الثالثة بند 174 ص 175، وإذ كان الفصل ليس عقوبة تبعية أو تكميلية فلا حاجة للنص عليه في الحكم الصادر في الجناية ثم انتهت هذه المذكرة بأن ألمعت إلى الحكم الصادر من هذه المحكمة بجلسة 27/ 3/ 1965 في الطعن رقم 635 لسنة 5 القضائية وقالت عنه أن ذلك الحكم صدر بالتطبيق لنص المادة - 107 فقرة 8 من القانون 210 لسنة 1951 في شأن موظفي الدولة بيد أن الفصل هنا تم طبقاً لقانون هيئة الشرطة ويجب أن يختلف الحال بين رجل الشرطة الذي ينبغي أن تتوافر فيه شروط أشد صرامة من الشروط التي ينبغي توافرها في الموظف المدني لأن رجل الشرطة يجب أن تكون جميع تصرفاته حسنة مع الجمهور، وأن ما وقع من الطاعن يبرر إنهاء خدمته إذ بان من واقعات الجناية التي اتهم فيها أن طالباً كان في طريقه من بلدته إلى القاهرة لتأدية امتحان له في اليوم التالي وبينما هو في طريقه ينتظر سيارة عامة إذ قدمت السيارة وكان الطاعن واقفاً خلف بابها فحاول الأول فتحه فلم يستطيع فاستعان بالطاعن أن يفتحه له فكبرت على الأخير نفسه وتشاجر معه ولما ترامى إلى علم والد الأول نبأ هذه المشاجرة قدم مسرعاً فوكزه الطاعن فقضى عليه ولم يرحم كبر سنه ووهنه فإذا ما اتجهت وزارة الداخلية إلى فصله وإنهاء خدمته فكان ذلك منها صواباً إذ أن فعله هذا جعله غير صالح للاضطلاع بأعباء الوظيفة العامة.
ومن حيث إن الطاعن قدم مذكرة أخيراً ضمنها إشارة إلى ما سبق أن ذكره في طعنه وأضاف إليه أن المادة 113 من القانون 234 لسنة 1955 الخاص بتنظيم هيئة الشرطة ضمنها الشارع الأسباب التي تنتهي بها خدمة الكونستبلات والصولات كبلوغ سن المعاش وصدور حكم أو قرار تأديبي بالفصل وعدم اللياقة للخدمة صحياً والاستقالة والوفاة وأخيراً الحكم في جناية أو جريمة مخلة بالشرف وقد جاء النص فيما يختص بالحكم في جناية أو جريمة مخلة بالشرف ترديداً للقاعدة العامة التي وردت في المادة 24 والمادة 25 من قانون العقوبات ولا يفيد هذا النص حكماً جديداً أو مستقلاً عن القاعدة العامة وإذا ما قدر الحكم الصادر في جناية أن يحد من الآثار التي يرتبها القانون عليه من نفاذ العقوبة بوقف كل أثر يترتب عليه سواء أكان منصوصاً عليه في القانون العام أو في أي قانون خاص - طالما أن النص الوارد في القانون الخاص لا يضيف جديداً إلى النص الوارد في القانون العام - فإن تقدير الحكم في ذلك لا معقب عليه لجهة الإدارة لأن ملاك الأمر إناطة الشارع بالمحكمة التي تصدر الحكم باعتبارها وحدها التي تستطيع من نظر الدعوى أن تقدر مصلحة المجتمع وأن تقدر جريمة المتهم وما إذا كان إلحاق آثار الحكم الجنائي يحقق مصلحة للمجتمع أم لا، ومن ثم يكون القضاء بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الجناية ضد الطاعن وقفاً شاملاً لكل الآثار الجنائية والعقوبات التبعية، من شأنه أن يتعدى الموقف إلى كل أثر يترتب على الحكم سواء أكان ذلك وارداً في القانون العام أو في القانون الخاص، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى غير هذا النظر يكون قد خالف صحيح القانون ويتعين إلغاؤه وفى نهاية المذكرة صمم على الطلبات الواردة في صحيفة طعنه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أمر انتهاء خدمة الطاعن الذي أودعه حافظة مستنداته رقم 2 والذي لم تعترض عليه الحكومة بأي مطعن، أن عبارته جرت على النحو الآتي: تنتهي خدمة الكونستابل الممتاز وحيد محمد منصور من الشرطة اعتباراً من 16/ 1/ 1961 تاريخ الحكم عليه في الجناية رقم 597 لسنة 1957 شبين الكوم "ضرب أفضى إلى الموت" بالحبس مع الشغل لمدة سنة مع إيقاف التنفيذ لهذه العقوبة وقفاً شاملاً لجميع الآثار الجنائية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم إعمالا للمادة 113 فقرة 3 من القانون رقم 234 لسنة 1955 الخاص بنظام هيئة الشرطة مع حفظ حقه في المكافأة أو المعاش أو صندوق الادخار.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى صورة الحكم الجنائي رقم 597 لسنة 1957 شبين الكوم المقدمة من الطاعن مستند رقم 1 من حافظة مستنداته - وهى صورة رسمية - يتضح أن منطوق الحكم هو الآتي:
حكمت المحكمة حضورياً بمعاقبة وحيد محمد منصور بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بوقف تنفيذ هذه العقوبة وقفاً شاملاً لجميع الآثار الجنائية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم وإلزامه متضامناً مع وزارة الداخلية بأن يدفع للمدعين بالحق المدني مبلغ ثلاثة آلاف جنية على سبيل التعويض والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن أمر انتهاء الخدمة قد كشف عن أسباب هذا القرار وهو سبق الحكم الطاعن في الجناية رقم 597 لسنة 1957 جنايات شبين الكوم ومن ثم يكون مناط المنازعة هو ما إذا كان الحكم الصادر في الجناية أنفة الذكر الذي صدر موقوف الآثار الجنائية وقفاً شاملاً لها يسوغ للجهة الإدارية أن تعمل حكم المادة 113 فقرة ثالثة من القانون رقم 234 لسنة 1955 في شأن هيئة الشرطة أم أن حكم هذه الفقرة لا يمكن إعماله لصدور الحكم في الجناية موقوف الآثار الجنائية وقفاً شاملاً.
ومن حيث إن صدر المادة 113 أنفة الذكر يجرى على النحو الآتي: تنتهي خدمة الكونستابل أو الصول لأحد الأسباب الآتية:...
كما أن الفقرة الثالثة منها تجري عبارتها هكذا (الحكم عليه في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف).
ومن حيث إنه جاء في أسباب الحكم الجنائي آنف الذكر الحيثية الآتية: (وحيث إن صفة المتهم كرجل من رجال السلطة العامة كانت يجب أن تنأى به عن أن يتخذ منها سبيلاً للترفع على الناس ووسيلة للكيد لهم، فما كان يضيره شيئاً لو أنه قام بتلبية نداء ابن المجني عليه وأجاب دعاءه وفتح له باب السيارة وما كان مثل هذا الأمر سيكلفه شيئاً ولكن المتهم أبى واستكبر وعز عليه أن يطلب منه أفراد الناس أن يفتح له الباب أو يكلفه بذلك فكان ما كان في وقوع الجريمة على النحو السالف ذكره - إلا أن المحكمة وهى بصدد تقدير العقوبة في هذه القضية إنما تنظر بعين الاعتبار إلى مستقبل المتهم نفسه لا سيما وهو في مستهل حياته العملية مراعية في ذلك عدم جسامة فعل الاعتداء الذي قارفه والحالة المرضية التي كانت لدى المجني عليه مما يدعو إلى أخذ المتهم بالرأفة في حدود المادة (17) من قانون العقوبات، وكما ترى للأسباب ذاتها وقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها وقفاً شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم على أمل ألا ينزلق المتهم لمثل ذلك مستقبلاً وفقاً للمادتين: 55، 56 من قانون العقوبات.
ومن حيث إن المادة 55 من قانون العقوبات يجري نصها هكذا يجوز للمحكمة عند الحكم في جناية أو جنحة بالغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر في نفس الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة إذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون ويجب أن تبين في الحكم أسباب الإيقاف، ويجوز أن يجعل الإيقاف شاملاً لأية عقوبة تبعية، ولجميع الآثار الجنائية. وقد جاء في المذكرة التفسيرية للقانون عن هذه المادة التي استحدثها قانون العقوبات لأول مرة عند تعديله سنة 1937 إذ لم يكن لها مقابل في القانون القديم ما يأتي:
يجوز جعل الإيقاف شاملاً لأية عقوبة تبعية كمراقبة البوليس والحرمان من حق الانتخاب كما يجوز أن يشمل جميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم كاعتبار الحكم سابقة في العود.
ومن حيث إن الحكم الجنائي إذا ما صدر موقوف الآثار الجنائية وقفاً شاملاً لها فإن من شأن هذا الإيقاف أن يمتد أثره إلى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التي تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها في قانون العقوبات أو في غيره من القوانين إذ أن طبيعتها جميعاً واحدة لأنها كلها من آثار الحكم الجنائي، ويظاهر وجهة النظر هذه ما ورد في المذكرة التفسيرية من جواز أن يكون الإيقاف شاملاً (للحرمان من حق الانتخاب باعتباره عقوبة تبعية مع أن هذا الحرمان لم يرد النص عليه في قانون العقوبات بل كان منصوصاً عليه في قانون خاص هو المرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1935 الذي حل محله القانون 73 لسنة 1956 بمباشرة الحقوق السياسية).
ومن حيث إنه يبين من أسباب الحكم الجنائي الذي صدر بإيقاف التنفيذ الشامل لجميع الآثار الجنائية أنه استهدف المحافظة على مركز الطاعن الوظيفي وعدم الإضرار بمستقبله وأن من شأن أعمال حجية هذا الحكم إبقاء الطاعن في الوظيفة وعدم إعمال حكم الفقرة الثالثة من المادة 113 من القانون 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة وإذ ذهبت وزارة الداخلية إلى غير هذا المذهب واعتبرت خدمة المدعي منتهية منذ صدور الحكم الجنائي فتكون قد أهدرت حجية الحكم الجنائي وخالفت بذلك صحيح حكم القانون الخاص بإيقاف التنفيذ الشامل لجميع الآثار الجنائية "يراجع حكم هذه المحكمة الصادر منها بجلسة 27/ 3/ 1965 في الطعن رقم 635 لسنة 9 القضائية الذي لم ينشر بعد". ولا يمنعن المحكمة الاستشهاد بذلك الحكم صدوره بصدد عدم إعمال حكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن موظفي الدولة إذ سبق لها أن قررت مستنده إلى ما جاء في المذكرة التفسيرية عن المادة 55 من قانون العقوبات أنه يجوز أن يشمل الإيقاف أي أثر جنائي منصوص عليه في أي قانون غير قانون العقوبات.
وأما ما جاء في دفاع وزارة الداخلية من أن هناك فارقاً بين النص في القانون رقم 234 لسنة 1955 في شأن هيئة الشرطة والقانون 210 لسنة 1951 في شأن موظفي الدولة إذ جاء النص عن الفصل في الباب الرابع الذي خصصه القانون الأول لأسباب إنهاء الخدمة بعد أن قدم عليها الباب الثالث الذي عقده للتأديب فإن الحال كذلك في القانون الثاني إذ وردت المادة 84 في الباب السابع الخاص بالتأديب وتضمنت من الجزاءات العزل من الوظيفة وهو الجزاء التاسع منها وجاء في المادة 107 في الفصل الثامن الذي خصصه المشرع لإنهاء الخدمة وورد الحكم في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف كسبب لإنهاء الخدمة تحت رقم 8 منها وإذ سبق لهذه المحكمة أن قررت عدم إعمال أثر الفقرة الثامنة في حالة اقتران الحكم الجنائي بالإيقاف الشامل لجميع الآثار الجنائية كما سبق البيان فيكون الحكم كذلك بعدم إعمال نص الفقرة الثالثة من المادة 113 من القانون رقم 234 لسنة 1955 سالف الذكر.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه صدر بانتهاء خدمة الطاعن على أساس الحكم عليه في الجناية رقم 517 لسنة 1957 شبين الكوم ولم يستند إلى أسباب أخرى فإذا ما أنهار السبب إعمالاً لحجية الحكم الجنائي فينهار بالتالي القرار الذي قام عليه وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا المذهب فيتعين إلغاؤه وإلغاء قرار الفصل المطعون فيه.
ومع هذا تقرر المحكمة أن إلغاء هذا القرار لا يمنع جهة الإدارة من أن تصدر قراراً آخر (غير مؤسس على المادة 113 فقرة ثالثة)، يكون بدوره خاضعاًً لرقابة القضاء الإداري، إذا هي قدرت أن الحكم في الجناية أنفة الذكر من شأنه أن يؤدي بصلاحية الطاعن في البقاء في وظيفة أو بما ينبغي أن يكون عليه رجل الشرطة من سلوك وظيفي، شريطة أن يصدر مثل ذلك القرار المنوه عنه من السلطة المختصة بإصداره نزولاً على أحكام القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة البوليس.
ومن حيث إن وزارة الداخلية أصابها الخسر في الدعوى فتحمل عبء المصروفات وذلك إعمالاً لحكم المادة 357 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الصادر من وزارة الداخلية باعتبار خدمة الطاعن منتهية في 16 من يناير سنة 1961 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات.
ساحة النقاش