3-لدفع ببطلان القبض لوقوعه قبل صدور الأمر به موضوعي. كفاية الرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً عليه.
الحكم كاملاً
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 63 – صـ 833
جلسة 12 من ديسمبر سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ يحيى خليفه، محمد محمود محاميد، منصور القاضي نواب رئيس المحكمة وأحمد فرحان.
(150)
الطعن رقم 1031 لسنة 82 القضائية
(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
عدم إيداع الطاعنين أسباباً لطعنهما. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) قبض. دفوع "الدفع ببطلان القبض". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان القبض لوقوعه قبل صدور الأمر به. موضوعي. كفاية الرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً عليه.
(3) إثبات "اعتراف". استدلالات. نقض "المصلحة في الطعن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نعي الطاعنين على الحكم بتعويله على اعترافهم بمحضر الشرطة. غير مجد. ما دام الحكم لم يعول عليهما في قضائه.
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق". استجواب. تلبس. قانون "تفسيره". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم جواز استجواب المتهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وجوباً أو مواجهته بغيره من المتهمين في غير حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة إلا بعد دعوة محاميه. المادة 124 إجراءات.
(5) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاعتراف في المسائل الجنائية. من عناصر الاستدلال. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
(6) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض اعترافات المتهمين. لا يعيب الحكم. متى استخلصت المحكمة الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان الاعتراف لكونه وليد الإكراه.
(7) نقض "الطعن لثاني مرة". محكمة النقض "نظرها الدعوى والحكم فيها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نقض الحكم بناءً على طلب أحد الخصوم من غير النيابة العامة. أثره: أن لا يضار الطاعن بطعنه.
عدم جواز تدخل المدعي المدني لأول مرة في الدعوى الجنائية بعد إحالتها من محكمة النقض إلى محكمة الموضوع لإعادة الفصل فيها. مثال.
1- لما كان كلاً من الطاعنين وإن قررا بالطعن بطريق النقض في الحكم المطعون فيه في الميعاد، إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنهما، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن المرفوع من كلٍ منهما شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2- من المقرر أن الدفع ببطلان القبض لوقوعه قبل صدور الأمر به من السلطة المختصة قانوناً يُعد دفاعاً موضوعياًّ يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع القبض بناء على الأمر الصادر به أخذاً بالأدلة التي أوردتها. وكان الحكم المطعون فيه فوق ذلك قد عرض لهذا الدفع واطرحه تأسيساً على ما ثبت للمحكمة من أن القبض على الطاعنين كان لاحقاً على صدور أمر النيابة العامة به وهو رد كافٍ وسائغ وله معينه الصحيح بالأوراق - حسبما يبين من المفردات المضمومة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
3- لما كان البين أن الحكم لم يعول في إدانة الطاعنين على اعتراف أي منهما بمحضر الشرطة، وقد خلص سائغاً إلى صحة القبض عليهما، فلا مغبة عليه إن هو عول على اعترافيهما أمام النيابة العامة اللاحقين على ذلك، ومن ثم فلا وجه للنعي عليه في هذا المقام.
4- لما كان من المقرر أن المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية قد استثنت حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة مما حظرته على المحقق من أن يستجوب المتهم في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً أو يواجهه بغيره من المتهمين إلا بعد دعوة محاميه للحضور، وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن اعتراف كل من الطاعنين الذي عول عليه الحكم المطعون فيه في إدانتهما قد ورد بمحضر جلسة التحقيق المعقودة في الساعة ..... من مساء ..... من ..... سنة .....، وقد أثبت وكيل النيابة المحقق في صدر المحضر المشار إليه مضمون ملحق المحضر رقم ..... لسنة ..... إداري ..... المحرر في الساعة ..... من مساء ..... من ..... سنة ..... والمتضمن ضبط الطاعنين وباقي المحكوم عليهم بناء على الأمر الصادر من النيابة العامة بذلك بعد أن دلت تحريات الشرطة على أنهم مرتكبو واقعة قتل المجني عليه، وإقرارهم شفاهه بصحة ما كشفت عنه التحريات ودور كلٍ منهم في الواقعة، ثم أثبت وكيل النيابة المحقق في المحضر المشار إليه اعتراف كل من الطاعنين شفاهه أمامه بالاتهام المسند إليه مقرراً بعدم وجود محام معه، فاستجوب كلاًّ منهما تلو الآخر حيث اعترفا تفصيلاً بمقارفتهما جريمة قتل المجني عليه وأضاف ثانيهما كذلك بمقارفته جريمتي إحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص. ولما كان الثابت مما سلف أن استجواب الطاعنين أمام النيابة العامة والمتضمن اعتراف كلٍ منهما الذي ركن إليه الحكم المطعون فيه كان قد تم ليلاً بعد أن اعترف كلاهما شفاهه أمام وكيل النيابة المحقق بالاتهام المسند إليه وهو ما يفيد توافر حالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وهي إحدى الحالتين اللتين استثنتاهما المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية من حظر استجوابهما دون حضور محام معهما، استثنتهما إذ خلص الحكم إلى اطراح ما تمسك به الطاعنان في هذا الخصوص، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، ويضحى النعي عليه بشأنه غير صائب.
5- من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع، وإن التناقض بين اعترافات المتهمين بفرض قيامه لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الاعترافات استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ولمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به دون معقب ما دامت تقيم ذلك على أسباب سائغة.
6- لما كان البين من الحكم المطعون فيه قد حصل اعتراف كل من الطاعنين بتحقيقات النيابة العامة بما لا تناقض فيه، وعرض لما تمسكا به من بطلان ذلك الاعتراف لكونه وليد إكراه واطرحه تأسيساً على ما اطمأنت إليه المحكمة من أن كلاً منهما قد أدلى به طواعية واختياراً دون وقوع أي إكراه عليه ولخلو أوراق الدعوى مما يشير إلى وقوع القبض على أي من ذويهما، وهو من الحكم رد كافٍ وسائغ في اطراح هذا الدفع، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون غير مقترن بالصواب.
7- من المقرر أنه إذا كان نقض الحكم حاصلاً بناء على طلب أحد الخصوم من غير النيابة العامة فلا يضار بطعنه، وأن طبيعة الطعن بطريق النقض وأحكامه وإجراءاته لا تسمح للقول بجواز تدخل المدعى بالحقوق المدنية لأول مرة في الدعوى الجنائية بعد إعادتها من محكمة النقض إلى محكمة الموضوع لإعادة الفصل فيها بعد نقض الحكم. لما كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق إنه بعد نقض الحكم وإعادة الدعوى إلى محكمة الموضوع بناء على طلب الطاعنين وحدهم، ادعت والدة المجني عليه مدنياً قبلهم لأول مرة طالبة إلزامهم بأن يؤدوا لها تعويضاً مؤقتاً قدره عشرة آلاف جنيه وواحد، فقضى الحكم المطعون بذلك مع أن دعواها غير مقبولة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه وتصحيحه بإلغاء ما قضى به في الدعوى المدنية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلًّ من: 1- ....... (الطاعن) 2- ....... (الطاعن) 3- ....... 4- ...... 5- ...... (الطاعن) 6- ..... (الطاعن) بأنهم: 1- المتهمين من الأول حتى الرابع: قتلوا ...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعد المتهم الأول لذلك الغرض سلاحاً نارياً (مسدساً فردي الإطلاق) وتوجهوا إلى المكان الذي أيقنوا تواجده فيه بعدما أرشدهم المتهم الخامس عنه واستدرجه المتهم السادس إليهم فأدخلوه عنوة السيارة قيادة المتهم الرابع وانطلقوا به لمنطقة جبلية ولدى وصولهم دفعوه خارجها وطرحوه أرضاً وما إن ظفروا به حتى أشهر المتهم الثاني السلاح الناري آنف البيان وأطلق صوبه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات. 2- المتهم الخامس: اشترك بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة مع كل من المتهمين من الأول حتى الرابع في قتل المجني عليه سالف الذكر عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن تقابل مع المتهم الأول وحرضه على ضرورة قتل المجني عليه أخذاً لثأر نجله المتوفي وأبدى له استعداده معاونته في ذلك وأجرى اتصالات هاتفية مع المتهم السادس تيقن خلالها من وجود المجني عليه عنده فاصطحب باقي المتهمين وأرشدهم عن مكان تواجد الأخير حتى ظفروا بالمجني عليه فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق والتحريض وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. 3- المتهم السادس: اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الأول حتى الخامس في قتل المجني عليه سالف الذكر عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن استدرج المجني عليه لمسكنه وأجرى اتصالاً هاتفياً بالمتهم الخامس وأخبره بحضور الأخير عنده واصطحبه لمكان تواجد المتهمين حتى ظفروا به فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. 4- المتهمين الأول والثاني: 1- أحرز كل منهما بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (مسدساً فردي الإطلاق) على النحو المبين بالتحقيقات. 2- أحرز كل منهما ذخائر (أربع طلقات) مما تستعمل على السلاحين الناريين سالفي البيان دون أن يكون مرخصاً لهما بحيازتهما أو إحرازهما. وأحالتهم إلى محكمة جنايات ...... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المحامي ..... عن والد المجني عليه ..... كما ادعي المحامي ..... عن المحامي ..... عن والدة المجني عليه ..... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت. ومحكمة …… قضت عملاً بالمواد 40/ أولاً وثانياً وثالثاً، 41/ 1، 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 6، 26/ 2، 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند (أ) من القسم الأول من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة (32) من قانون العقوبات. حضورياً للأول والثاني والرابع والخامس السادس وغيابياً للثالث، بمعاقبة كل من 1- ...... وشهرته ..... 2- ..... 3- ..... 4- ..... 5- ...... بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات عما أسند لكل واحد منهم ومصادرة الأسلحة المضبوطة. ثانياً: ببراءة ..... وشهرته ..... مما نسب إليه. ثالثا: إثبات ترك المدعى بالحقوق المدنية لدعواه المدنية. فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والخامس والسادس في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات ..... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. وادعت والدة المجني عليه ..... مدنياً بمبلغ ..... على سبيل التعويض المدني المؤقت. ومحكمة الإعادة (بهيئة مغايرة) قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ أولاً وثانياً، وثالثاً، 41/ 1، 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2، 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند (أ) من القسم الأول من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 مع إعمال المادتين 17، 32 من القانون الأول والمادة 163 من القانون المدني: أولاً: بمعاقبة كل من ..... وشهرته .... و..... و.... و..... بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات عما أسند إليهم وبمصادرة السلاح الناري المضبوط. ثانياً: في الدعوى المدنية بإلزام المحكوم عليهم بأن يؤدوا للمدعية بالحق المدني .... مبلغ ..... على سبيل التعويض المدني المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم ..... و..... و..... في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
المحكمة
من حيث إن كلاً من الطاعنين وأن قررا بالطعن بطريق النقض في الحكم المطعون فيه في الميعاد، إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنهما، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن المرفوع من كل منهما شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ثانياً: عن الطعن المرفوع من كل من الطاعنين الأول: ..... وشهرته.... ، والثاني: ……
من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانهما بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز كل منهما سلاحاً نارياً مششخناً وذخائر بغير ترخيص، وألزمهما بالتعويض، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أنهما تمسكا ببطلان القبض عليهما لحصوله قبل صدور إذن النيابة العامة، غير أن الحكم اطرح هذا الدفع برد قاصر غير سائغ، وعول على ما اعترف به كل منهما بمحضر الشرطة وبتحقيقات النيابة العامة على الرغم من كونه مترتباً على القبض الباطل، ومع أن اعتراف كل منهما بتلك التحقيقات باطل لأنه مستمد من استجوابهما بها دون حضور محام معهما على خلاف ما يوجبه القانون، ولعدم مطابقته للحقيقة والواقع بدلالة تناقضه بشأن المصدر الذي استحصل منه الطاعن الثاني على السلاح الناري المقول باستخدامه في الحادث، ولكونه وليد إكراه معنوي تمثل في القبض على بعض من ذويهما من النساء، جميع ما تقدم تمسكا به، بيد أن الحكم اطرحه بما لا يكفي ويسوغ اطراحه، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة استقاها من اعتراف كل منهما بتحقيقات النيابة العامة ومن أقوال شهود الإثبات بتلك التحقيقات، ومما ورد بكتاب شركة الهاتف المحمول"........" ، وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رُتب عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض لوقوعه قبل صدور الأمر به من السلطة المختصة قانوناً يُعد دفاعاً موضوعياًّ يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع القبض بناء على الأمر الصادر به أخذاً بالأدلة التي أوردتها. وكان الحكم المطعون فيه ـ فوق ذلك ـ قد عرض لهذا الدفع واطرحه تأسيساً على ما ثبت للمحكمة من أن القبض على الطاعنين كان لاحقاً على صدور أمر النيابة العامة به وهو رد كاف وسائغ وله معينة الصحيح بالأوراق حسبما يبين من المفردات المضمومة ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يعول في إدانة الطاعنين على اعتراف أي منهما بمحضر الشرطة، وقد خلص سائغا إلى صحة القبض عليهما، فلا مغبة عليه إن هو عول على اعترافيهما أمام النيابة العامة اللاحقين على ذلك، ومن ثم فلا وجه للنعي عليه في هذا المقام. لما كان ذلك، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية قد استثنت حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة مما حظرته على المحقق من أن يستجوب المتهم في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً أو يواجهه بغيره من المتهمين إلا بعد دعوة محاميه للحضور، وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن اعتراف كل من الطاعنين الذي عول عليه الحكم المطعون فيه في إدانتهما قد ورد بمحضر جلسة التحقيق المعقودة في الساعة السابعة والنصف من مساء العشرين من أكتوبر سنة 2009 وقد أثبت وكيل النيابة المحقق في صدر المحضر المشار إليه مضمون ملحق المحضر رقم ..... لسنة ..... إداري ..... المحرر في الساعة السادسة والنصف من مساء العشرين من أكتوبر سنة 2009 والمتضمن ضبط الطاعنين وباقي المحكوم عليهم بناء على الأمر الصادر من النيابة العامة بذلك بعد أن دلت تحريات الشرطة على أنهم مرتكبو واقعة قتل المجني عليه، وإقرارهم شفاهة بصحة ما كشفت عنه التحريات ودور كل منهم في الواقعة، ثم أثبت وكيل النيابة المحقق في المحضر المشار إليه اعتراف كلًّ من الطاعنين شفاهة أمامه بالاتهام المسند إليه مقرراً بعدم وجود محام معه، فاستجوب كلاً منهما تلو الآخر حيث اعترفا تفصيلاً بمقارفتهما جريمة قتل المجني عليه وأضاف ثانيهما كذلك بمقارفته جريمتي إحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص. ولما كان الثابت مما سلف أن استجواب الطاعنين أمام النيابة العامة والمتضمن اعتراف كل منهما الذي ركن إليه الحكم المطعون فيه كان قد تم ليلاً بعد أن اعترف كلاهما شفاهة أمام وكيل النيابة المحقق بالاتهام المسند إليه وهو ما يفيد توافر حالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وهي إحدى الحالتين اللتين استثنتاهما المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية من حظر استجوابهما دون حضور محام معهما، استثنتهما إذ خلص الحكم إلى اطراح ما تمسك به الطاعنان في هذا الخصوص، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، ويضحى النعي عليه بشأنه غير صائب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع، وأن التناقض بين اعترافات المتهمين ـ بفرض قيامه ـ لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الاعترافات استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ولمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به دون معقب ما دامت تقيم ذلك على أسباب سائغة. وكان الحكم المطعون فيه قد حصل اعتراف كل من الطاعنين بتحقيقات النيابة العامة بما لا تناقض فيه، وعرض لما تمسكا به من بطلان ذلك الاعتراف لكونه وليد إكراه واطرحه تأسيساً على ما اطمأنت إليه المحكمة من أن كلاً منهما قد أدلى به طواعية واختياراً دون وقوع أي إكراه عليه ولخلو أوراق الدعوى مما يشير إلى وقوع القبض على أي من ذويهما، وهو من الحكم رد كاف وسائغ في اطراح هذا الدفع، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون غير مقترن بالصواب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كان نقض الحكم حاصلاً بناء على طلب أحد الخصوم من غير النيابة العامة فلا يضار بطعنه، وأن طبيعة الطعن بطريق النقض وأحكامه وإجراءاته لا تسمح للقول بجواز تدخل المدعى بالحقوق المدنية لأول مرة في الدعوى الجنائية بعد إعادتها من محكمة النقض إلى محكمة الموضوع لإعادة الفصل فيها بعد نقض الحكم. لما كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق إنه بعد نقض الحكم وإعادة الدعوى إلى محكمة الموضوع بناء على طلب الطاعنين وحدهم، ادعت والدة المجني عليه مدنياًّ قبلهم لأول مرة طالبة إلزامهم بأن يؤدوا لها تعويضاً مؤقتاً قدره عشرة آلاف جنيه وواحد، فقضى الحكم المطعون بذلك مع أن دعواها غير مقبولة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه وتصحيحه بإلغاء ما قضى به في الدعوى المدنية ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ساحة النقاش