13-القياس في الأعذار القانونية غير جائز عذر الزوج في قتل زوجته قصره على حالة مفاجأة الزوجة متلبسة بالزنا مثال لتسبيب سائغ في عدم توافر شروط انطباق المادة 237 عقوبات على الطاعن .
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني – جنائي
السنة 48 - صـ 320
جلسة 10 من مارس سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة وحامد عبد الله ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.
(46)
الطعن رقم 24855 لسنة 64 القضائية
(1) زنا. قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". أعذار قانونية.
القياس في الأعذار القانونية. غير جائز.
عذر الزوج في قتل زوجته. قصره على حالة مفاجأة الزوجة متلبسة بالزنا.
مثال لتسبيب سائغ في عدم توافر شروط انطباق المادة 237 عقوبات على الطاعن.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(3) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
مثال.
(4) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل لدى الطاعن.
(5) عقوبة "العقوبة المبررة". قصد جنائي. نقض "المصلحة في الطعن".
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال في استظهار نية قتل المجني عليها الثانية. ما دامت العقوبة المقضى بها عليه مبررة حتى مع عدم توافر هذا القصد. علة ذلك؟
(6) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف".
الاعتراف في المسائل الجنائية. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
تقدير محكمة الموضوع عدم صحة ما ادعاه المتهم من أن اعترافه كان وليد إكراه. لا معقب عليها. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ في الرد على دفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير إكراه.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق المحكمة في الأخذ بأقوال الشاهد في محضر الشرطة. متى اطمأنت إليها.
(8) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم في الإسناد. لا يعيبه. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر على عقيدة المحكمة.
مثال.
(9) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم بيان الحكم الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة. لا ينال من سلامة الحكم.
1 - لما كان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بشأن أن قتله زوجته قد توافرت له شروط انطباق المادة 237 من قانون العقوبات نظراً لوجود القرائن التي يتطلبها في حالة مفاجأة الزوج لزوجته وهي في حالة زنا بقوله: "وحيث إنه بخصوص ما أثاره الدفاع من أن التكييف القانوني لواقعة الدعوى هو تطبيق المادة 237 من قانون العقوبات في حق الزوج بالنسبة لقتل زوجته..... فمردود عليه بأن نص المادة 237 من قانون العقوبات قد جرى على أن "من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها في الحال هي ومن يزني بها يعاقب بالحبس بدلاً من العقوبات المقررة في المادتين 234، 236"، ومن ثم فإن المشرع لا يعتبر الغضب عذراً مخففاً إلا في حالة خاصة هي حالة الزوج الذي يفاجئ زوجته حال تلبسها بالزنا فقتلها هي ومن يزني بها أما الغضب في سائر أحوال القتل والجرح والضرب فلم يعتبر عذراً وإن كان يتنافى مع توافر ظرف سبق الإصرار، وبتطبيق نص المادة 237 من قانون العقوبات على واقعات الدعوى ومادياتها فإن المحكمة تخلص إلى عدم توافر شروط تطبيقها ذلك أنه لم يثبت من التحقيقات أن شخصاً أجنبياً كان مع المجني عليها الأولى زوجة المتهم في غياب من زوجها - كما أن المتهم نفسه لم يتعقب ذلك الشخص ويتأكد من صدق ظنونه التي وسوس له بها الشيطان فضلاً عن أن المتهم لم يجد زوجته في حالة تدعو إلى القول أنه فاجأها وهو يزني بها، كما أنها لم تقر له بذلك، ولم يثبت ذلك بأي دليل أو قرينة في أوراق الدعوى وأن قتله للمجني عليها كان وليد مشادة بينهما انتهت بأن المذكورة طعنته في رجولته والتي أقر بها المتهم أنه منذ أن تزوج بالمذكورة وأنه يعاني من ضعف جنسي - فقام بصفعها بالقلم أولاً ثم قام بلف قطعة القماش والمازورة على رقبتها على النحو الثابت تفصيلاً في وصف الجثة ولإصابات التي أوردها الطبيب الشرعي سبباً للوفاة، ومن ثم يكون قتل المتهم لزوجته لم يكن حال تلبسها بالجريمة المنصوص عليها في المادة 237 عقوبات ناهيك عن أن هذا الظرف يكون غير متوافر أيضاً في حالة الزوج الذي يقتل زوجته هي ومن يزني بها بعد ترصده لهما إذ لا يعد معذوراً في حالة حصول الترصد، بعد تيقن الزوج من خيانة زوجته تيقناً لا ريب فيه لأن الدافع للفعل في هذه الحالة هو التشفي. ولما كان ذلك، فإن ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص بشأن توافر عذر الاستفزاز عملاً بنص المادة 237 من قانون العقوبات في حق الزوج يكون على غير سند من القانون حري برفضه". لما كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم فيما سلف أن الطاعن لم يكن قد فاجأ زوجته متلبسة بجريمة الزنا ولم يكن قتله لها حال تلبسها بالجريمة المذكورة فإذا ما كان الحكم قد أطرح ما دفع به الطاعن من تمسكه بإعمال المادة 237 من قانون العقوبات فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير قويم لما هو مقرر من أن الأعذار القانونية استثناء لا يقاس عليه وعذر الزوج في قتل زوجته مفاجأة الزوجة متلبسة بالزنا.
2 - لما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صورة أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة والمخالف لتصويره ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
3 - لما كان ما ينعاه الطاعن على تصرف النيابة من حيث عدم تحقيقها لواقعة تواجد الشخص الأجنبي مع زوجته فهو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
4 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعن بالنسبة لقتل المجني عليها الثانية. وكان البين من سياق الحكم أن ما قاله في معرض هذا التدليل من أن هذه النية قد توافرت في حق الطاعن بالنسبة لها لحظة استيقاظها بعد خنقه لوالدتها عندما اتجهت ظنونه إلى أن الطفلة التي لا حول لها ولا قوة يثور الشك حول ثبوت نسبها منه بعد أن عاد بذاكرته للخلافات التي كانت بينه وبين زوجته وإثارتها لشكوكه في رجولته فأراد الخلاص منها أيضاً بأن اتجهت إرادته إلى ضربها وإزهاق روحها ذلك أن المجني عليها لم تبلغ من العمر سوى العام وأنه عند ضربه لها قد قصد النتيجة التي وصل إليها وتوقعها وهي قتلها والخلاص منها أيضاً وذلك بضربه إياها على وجهها ورأسها وهي طفلة صغيرة ومع شدة الضربات أدى هذا الأمر إلى حدوث كدم شائع المساحة يشمل الجهة اليسرى للرأس والجهة اليسرى بالوجه وهي إصابات حيوية وما نتج عنها من كسر بعظام الجبهة اليسرى للوجه ونزيف دماغي وصدمة بما تتوافر معه نية إزهاق روح المجني عليها لدى الطاعن فإن هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن كما هي معرفة في القانون.
5 - لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال أو القصور في استظهار نية القتل بالنسبة لابنته المجني عليها الثانية ما دامت العقوبة المقضى بها عليه - وهي الأشغال الشاقة المؤبدة - مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد بحسبانها جناية ضرب أفضى إلى الموت وهي ما تكفي لحمل الحكم ويتوافر بها ظرف الاقتران أيضاً.
6 - لما كان الحكم قد عرض لما دفع به المدافع عن المحكوم عليه من أن اعترافه جاء باطلاً لأنه وليد لقبض باطل ولإكراه معنوي بقوله "بأن ذلك القول جاء مرسلاً لم يتأيد بدليل في الأوراق، كما أن الدفاع لم يقدم الدليل عليه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عولت في أدلة الدعوى على اعتراف المتهم بالتحقيقات آية ذلك: (1) أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه دفاع المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الحيلة أو الإكراه، ومتى تحققت أنه سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها. (2) كما أن سلطان الوظيفة هو في ذاته لا يعد إكراهاً بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات بسلطان ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً. ومجرد الخشية منه لا يعدو قريناً للإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً - ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم من ذلك السلطان حين أدلى باعترافه ومرجع الأمر في ذلك لمحكمة الموضوع. لما كان ما تقدم، وكان الثابت من التحقيقات أن المتهم كان قد توجه للقاهرة عقب ارتكاب الجريمة وأن شقيقه ومحام معه قد توجها إليه وطلبا منه تسليم نفسه للشرطة بعد ثبوت الأدلة عليه وأنه توجه طواعية واختياراً إلى مركز الشرطة وسلم نفسه ولم يذكر بتحقيقات النيابة العامة أن إكراهاً مادياً أو أدبياً قد وقع عليه. كما لم يثبت أن إكراهاً معنوياً قد وقع عليه أثناء إجراءات التحقيقات بالنيابة العامة الأمر الذي يكون معه ذلك النعي على غير سند من الواقع والقانون حري بالرفض". ولما كان الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها. وإذ كانت المحكمة مما أوردته - فيما سلف - قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف الطاعن إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة إكراه واقتنعت بصحته فإن رد المحكمة على ما دفع به المدافع عن الطاعن في هذا الشأن يكون كافياً وسائغاً بما لا شائبة معه تشوب الحكم.
7 - من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد في محضر الشرطة متى استرسلت بثقتها إليها.
8 - لما كان ما أورده الحكم في مجال تحصيله لأقوال الشاهد يرتد إلى أصل صحيح في الأوراق بشأن علمه بأن الطاعن هو مرتكب الحادث وإن اقتصر على القول بأن سبب الحادث يرجع إلى خلافات عائلية فقط - وذلك على ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - ولما كان خطأ الحكم فيما نقله عن هذا الشاهد من أن سبب الحادث يرجع إلى طعن المجني عليها الأولى للطاعن في رجولته لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها فإن ما يثيره الطاعن في هذا النعي لا يكون مقبولاً. لما هو مقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر على عقيدة المحكمة.
9 - من المقرر أن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل عمداً....... بأن خنقها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى وهي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر قتل عمداً.... بأن اعتدى عليها بالضرب قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وأحالته إلى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المقترن بجناية قتل عمد أخرى قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد، ذلك بأن دفاعه قام على أن قتله زوجته توافرت له شروط انطباق المادة 237 من قانون العقوبات نظراً لوجود القرائن التي يتطلبها القانون في حالة مفاجأة الزوج لزوجته وهي في حالة زنا وأطرح الحكم هذا الدفاع برد غير سائغ معتنقاً صورة أخرى للواقعة تتجافي مع ما جاء بدفاعه المؤيد بالحالة التي شاهد عليها زوجته المجني عليها ولم تحقق النيابة واقعة تواجد الشخص الأجنبي مع زوجته، كما دلل الحكم على توافر نية القتل لدى الطاعن لابنته المجني عليها الثانية تدليلاً غير سائغ مستنداً في ذلك إلى اعترافه الذي جاء به أنه قام بخنقها في حين أن ذلك لا يتفق مع النتيجة الواردة بتقرير الصفة التشريحية الذي أرجع الوفاة إلى الاصطدام بجسم صلب، كما جاء رد الحكم قاصراً على دفاع الطاعن المتعلق ببطلان اعترافه لكونه نتيجة لقبض باطل لعدم وجود إذن من النيابة ولانتفاء حالة التلبس ولكونه كذلك وليد للإكراه المعنوي المتمثل في إجبار أسرته على تسليم الطاعن لنفسه ويؤكد هذا الأمر أن الاعتراف لا يطابق ماديات الدعوى، كما استند الحكم في إدانة الطاعن إلى شهادة..... والد زوجته في حين أن أقواله اقتصرت على إبلاغ الشرطة بغياب المجني عليها ولم تسمع أقواله بالنيابة، واستند الحكم كذلك إلى ما شهد به....... من حيث علمه بأن الطاعن هو مرتكب الحادث وأن ذلك يرجع إلى قيام زوجته المجني عليها بطعنه في رجولته وهي عبارة لم ترد بأقوال هذا الشاهد مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن واقعة الدعوى حسبما بينها الحكم المطعون فيه تخلص في أن الطاعن كان قد تزوج بالمجني عليها الأولى منذ عامين كان يعاني خلالها من ضعف جنسي، ودأبت الزوجة على معايرته بهذا الضعف وسبه في رجولته أمام الجيران والأهل، كما رزق منها بطفلة هي المجني عليها الثانية، كما كانت تتساهل في معاملاتها مع الرجال مما أثار ريبة في نفسه عن سلوكها لشعوره بالضعف أمامها، وعند عودة الطاعن إلى مسكنه يوم الحادث وسوس له الشيطان أن أحداً بالمسكن مع زوجته ولاحظ تواجدها بحجرة الصالون وسألها عما راودته فيه شكوكه فما كان منها إلا أن طعنته في رجولته وعايرته بضعفه الجنسي فصفعها على وجهها وأمسك بمازورة قياس ملابس ولفها حول رقبتها قاصداً خنقها ولما قاومته قام بإحكام ربط المازورة والضغط على رقبتها حتى أحس بوفاتها وكانت ابنته المجني عليها قد استيقظت فعاد بذاكرته إلى ما سبق أن ذكرته له زوجته أن الطفلة ليست ابنته فأخذ يضربها قاصداً إزهاق روحها حتى تحقق له ما أراد فقام بوضع الجثتين وماكينة حياكة خاصة بزوجته بداخل جوال حمله على دراجته لإلقائه في بحر للتخلص من الجثتين ثم هداه تفكيره إلى دفن الجوال بما يحويه على جسر البحر ونفذ ذلك فعلاً وعاد إلى مسكنه ثم سافر إلى القاهرة وأقام عند أحد أقاربه حتى حضر إليه شقيقه الذي طلب منه تسليم نفسه للشرطة بعد اكتشاف الواقعة والعثور على الجثتين وأيدت تحريات الشرطة صورة الواقعة على النحو المتقدم، كما اعترف الطاعن تفصيلاً بذلك ومثل كيفية ارتكابه للجريمة، وساق الحكم على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف الطاعن بالتحقيقات وتمثيله لكيفية ارتكابه الحادث ومن تقرير الصفة التشريحية لجثتي المجني عليهما. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بشأن أن قتله زوجته قد توافرت له شروط انطباق المادة 237 من قانون العقوبات نظراً لوجود القرائن التي يتطلبها في حالة مفاجأة الزوج لزوجته وهي في حالة زنا بقوله: "وحيث إنه بخصوص ما أثاره الدفاع من أن التكييف القانوني لواقعة الدعوى هو تطبيق المادة 237 من قانون العقوبات في حق الزوج بالنسبة لقتل زوجته....... فمردود عليه بأن نص المادة 237 من قانون العقوبات قد جرى على أن "من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها في الحال هي ومن يزني بها يعاقب بالحبس بدلاً من العقوبات المقررة في المادتين 234، 236"، ومن ثم فإن المشرع لا يعتبر الغضب عذراً مخففاً إلا في حالة خاصة هي حالة الزوج الذي يفاجئ زوجته حال تلبسها بالزنا فقتلها هي ومن يزني بها أما الغضب في سائر أحوال القتل والجرح والضرب فلم يعتبر عذراً وإن كان يتنافى مع توافر ظرف سبق الإصرار، وبتطبيق نص المادة 237 من قانون العقوبات على واقعات الدعوى ومادياتها فإن المحكمة تخلص إلى عدم توافر شروط تطبيقها ذلك أنه لم يثبت من التحقيقات أن شخصاً أجنبياً كان مع المجني عليها الأولى زوجة المتهم في غياب من زوجها - كما أن المتهم نفسه لم يتعقب ذلك الشخص ويتأكد من صدق ظنونه التي وسوس له بها الشيطان فضلاً عن أن المتهم لم يجد زوجته في حالة تدعو إلى القول أنه فاجأها وهو يزني بها، كما أنها لم تقر له بذلك، ولم يثبت ذلك بأي دليل أو قرينة في أوراق الدعوى وأن قتله للمجني عليها كان وليد مشادة بينهما انتهت بأن المذكورة طعنته في رجولته والتي أقر بها المتهم أنه منذ أن تزوج بالمذكورة وأنه يعاني من ضعف جنسي - فقام بصفعها بالقلم أولاً ثم قام بلف قطعة القماش والمازورة على رقبتها على النحو الثابت تفصيلاً في وصف الجثة والإصابات التي أوردها الطبيب الشرعي سبباً للوفاة، ومن ثم يكون قتل المتهم لزوجته لم يكن حال تلبسها بالجريمة المنصوص عليها في المادة 237 عقوبات ناهيك عن أن هذا الظرف يكون غير متوافر أيضاً في حالة الزوج الذي يقتل زوجته هي ومن يزني بها بعد ترصده لهما إذ لا يعد معذوراً في حالة حصول الترصد، بعد تيقن الزوج من خيانة زوجته تيقناً لا ريب فيه لأن الدافع للفعل في هذه الحالة هو التشفي. ولما كان ذلك، فإن ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص بشأن توافر عذر الاستفزاز عملاً بنص المادة 237 من قانون العقوبات في حق الزوج يكون على غير سند من القانون حري برفضه". لما كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم فيما سلف أن الطاعن لم يكن قد فاجأ زوجته متلبسة بجريمة الزنا ولم يكن قتله لها حال تلبسها بالجريمة المذكورة فإذا ما كان الحكم قد أطرح ما دفع به الطاعن من تمسكه بإعمال المادة 237 من قانون العقوبات فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير قويم، لما هو مقرر من أن الأعذار القانونية استثناء لا يقاس عليه وعذر الزوج في قتل زوجته خاص بحالة مفاجأة الزوجة متلبسة بالزنا، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صورة أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة والمخالف لتصويره ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على تصرف النيابة من حيث عدم تحقيقها لواقعة تواجد الشخص الأجنبي مع زوجته فهو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمر خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعن بالنسبة لقتل المجني عليها الثانية. وكان البين من سياق الحكم أن ما قاله في معرض هذا التدليل من أن هذه النية قد توافرت في حق الطاعن بالنسبة لها لحظة استيقاظها بعد خنقه لوالدتها عندما اتجهت ظنونه إلى أن الطفلة التي لا حول لها ولا قولة يثور الشك حول ثبوت نسبها منه بعد أن عاد بذاكرته للخلافات التي كانت بينه وبين زوجته وإثارتها لشكوكه في رجولته فأراد الخلاص منها أيضاً بأن اتجهت إرادته إلى ضربها وإزهاق روحها ذلك أن المجني عليها لم تبلغ من العمر سوى العام وأنه عند ضربه لها قد قصد النتيجة التي وصل إليها وتوقعها وهي قتلها والخلاص منها أيضاً وذلك بضربه إياها على وجهها ورأسها وهي طفلة صغيرة ومع شدة الضربات أدى هذا الأمر إلى حدوث كدم شائع المساحة يشمل الجهة اليسرى للرأس والجهة اليسرى بالوجه وهي إصابات حيوية وما نتج عنها من كسر بعظام الجبهة اليسرى للوجه ونزيف دماغي وصدمة بما تتوافر معه نية إزهاق روح المجني عليها لدى الطاعن فإن هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن كما هي معرفة في القانون، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في شأن استدلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال أو القصور في استظهار نية القتل بالنسبة لابنته المجني عليها الثانية ما دامت العقوبة المقضى بها عليه - وهي الأشغال الشاقة المؤبدة - مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد بحسبانها جناية ضرب أفضى إلى الموت وهي ما تكفي لحمل الحكم ويتوافر بها ظرف الاقتران أيضاً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما دفع به المدافع عن المحكوم عليه من أن اعترافه جاء باطلاً لأنه وليد لقبض باطل ولإكراه معنوي بقوله "بأن ذلك القول جاء مرسلاً لم يتأيد بدليل في الأوراق، كما أن الدفاع لم يقدم الدليل عليه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عولت في أدلة الدعوى على اعتراف المتهم بالتحقيقات آية ذلك: (1) أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه دفاع المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الحيلة أو الإكراه، ومتى تحققت أنه سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها. (2) كما أن سلطان الوظيفة هو في ذاته لا يعد إكراهاً بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات بسلطان ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً. ومجرد الخشية منه لا يعدو قريناً للإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم من ذلك السلطان حين أدلى باعترافه ومرجع الأمر في ذلك لمحكمة الموضوع. لما كان ما تقدم، وكان الثابت من التحقيقات أن المتهم كان قد توجه للقاهرة عقب ارتكاب الجريمة وأن شقيقه ومحام معه قد توجها إليه وطلبا منه تسليم نفسه للشرطة بعد ثبوت الأدلة عليه وأنه توجه طواعية واختياراً إلى مركز الشرطة وسلم نفسه ولم يذكر بتحقيقات النيابة العامة أن إكراهاً مادياً أو أدبياً قد وقع عليه، كما لم يثبت أن إكراهاً معنوياً قد وقع عليه أثناء إجراءات التحقيقات بالنيابة العامة الأمر الذي يكون معه ذلك النعي على غير سند من الواقع والقانون حري بالرفض" لما كان الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها. وإذ كانت المحكمة مما أوردته - فيما سلف - قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف الطاعن إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة إكراه واقتنعت بصحته فإن رد المحكمة على ما دفع به المدافع عن الطاعن في هذا الشأن يكون كافياً وسائغاً بما لا شائبة معه تشوب الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد في محضر الشرطة متى استرسلت بثقتها إليها فإنه لا على الحكم إن هو اعتمد على شهادة والد المجني عليها الأولى ضمن ما اعتمد عليه في قضائه بالإدانة ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في مجال تحصيله لأقوال الشاهد...... يرتد إلى أصل صحيح في الأوراق بشأن علمه بأن الطاعن هو مرتكب الحادث وإن اقتصر على القول بأن سبب الحادث يرجع إلى خلافات عائلية فقط - وذلك على ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - ولما كان خطأ الحكم فيما نقله عن هذا الشاهد من أن سبب الحادث يرجع إلى طعن المجني عليها الأولى للطاعن في رجولته لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها فإن ما يثيره الطاعن في هذا النعي لا يكون مقبولاً لما هو مقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر على عقيدة المحكمة. هذا فضلاً عن أن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش