50-يكفي لتغليظ العقاب عملا بالمادة 234 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 115
جلسة 17 من يناير سنة 1994
برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر ومجدي ومنتصر وحامد عبد الله ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.
(17)
الطعن رقم 14725 لسنة 62 القضائية
(1) نقض "ما لا يجوز الطعن فيه". إعدام.
الطعن بالنقض. قصره على الأحكام الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح. المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
القرارات والأوامر. أياً كان نوعها. لا يجوز الطعن فيها بالنقض إلا بنص خاص. استطلاع رأي المفتي. الطعن فيه بطريق النقض غير جائز. علة ذلك؟
(2) إعدام. محكمة النقض "سلطتها". نيابة عامة.
اتصال محكمة النقض بالقضية المقضى فيها حضورياً بالإعدام. متى عرضتها النيابة عليها. ولو تجاوزت في ذلك الميعاد المقرر في المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
(3) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق. وإن عدل عنه بعد ذلك.
(4) إثبات "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان نتيجة إكراه. موضوعي.
(5) قتل عمد. جريمة "أركانها". قد جنائي. حكم "تسبيبه تسبيب. غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. لا يدرك بالحس الظاهر. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاصه - موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على توافر نية القتل.
(6) قتل عمد. هتك عرض. ظروف مشددة "اقتران". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر الاقتران". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
يكفي لتغليظ العقاب عملا بالمادة 234 عقوبات. أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.
(7) إعدام. إجراءات "إجراءات المحاكمة". عقوبة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم لإقراره؟
(1) إن المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قصرت حق الطعن بالنقض على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح، مما مفاده أن الأصل هو عدم جواز الطعن بطريق النقض - وهو طريق استثنائي - إلا في الأحكام الصادرة في الموضوع والتي تنتهي بها الدعوى، أما القرارات والأوامر - أياً كان نوعها - فإنه لا يجوز الطعن فيها بالنقض إلا بنص خاص، ولما كانت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت على محكمة الجنايات أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية قبل الحكم بالإعدام، مما مفاده أن استطلاع رأي المفتي لا يعدو أن يكون إجراءً لازماً لصحة الحكم بتلك العقوبة، أي أنه إجراء سابق على صدور الحكم، ولكنه ليس حكماً تنتهي به الدعوى، ومن ثم يكون الطعن فيه بطريق النقض غير جائز.
(2) لما كانت النيابة العامة عملاً بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
(3) من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
(4) من المقرر أن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه، كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها.
(5) من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد عرض لنية القتل واستقاها ثبوتاً في حق المحكوم عليه في قوله (وحيث أنه عن نية القتل فقد توافرت لدى المتهم من ظروف الدعوى كما طرحتها المحكمة، ومن حداثة سن المجني عليها - التي لم تبلغ السابعة - وهي لا تتناسب مع سن وقوة المتهم البالغ الحادية والعشرين، وقامت هذه النية لدى المتهم من انتوائه إزهاق روح المجني عليها حتى لا تفضح فعله السوء التي قارفها معها، فانعكس ذلك على الكيفية التي استخدمها في تنفيذ ما انتواه، وذلك بحشو فم المجني عليها بقطع الطين وجزء من قماش وهو الكلوت الذي كانت ترتديه قبل خلعه منها، والضغط بيده على فمها بما فيه من حشو لسد المسالك الهوائية وكتم أنفاسها، وظل على هذا الحال ولم يتركها إلا بعد أن خارت قواها وأصبحت جثة هامدة، وبعد أن أحدث بها المظاهر والأمارات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياتها، كل ذلك يدل بيقين على أن المتهم إنما قصد بفعله إزهاق روح المجني عليها) فإن الحكم يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم عليه.
(6) لما كان البين من أن الحكم المطروح بعد أن دلل على توافر جناية هتك العرض في حق المحكوم عليه عرض لظرف الاقتران واستظهر توافره - من استقلال جناية هتك العرض عن جناية القتل وتميزها عنها مع قيام المصاحبة الزمنية بينهما - بما يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات.
(7) لما كان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان المحكوم عليه بهما وساق عليهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع أراء أعضاء المحكمة، وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381، 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقاً للقانون وجاء الحكم متفقاً وصحيح القانون ومبرأ من الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية بالفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
"الوقائع"
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل....... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن قام بحشو فمها بسروالها وبضعة من الأتربة الجافة وقام بكتم أنفاسها بيديه قاصداً من ذلك قتلها فحدثت بها الأغراض المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وقد تقدم هذه الجناية جناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالف الذكر شرع في مواقعة المجني عليها سالفة الذكر بغير رضائها بأن استدرجها لمكان الواقعة وخلع عنها سروالها وحاول إيلاج قضيبه في فرجها وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو عدم تمكنه من ذلك لحداثة سن المجني عليها. وإحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ومحكمة جنايات طنطا قررت بإجماع الآراء في...... إرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لاستطلاع رأيه في شأن المتهم وحددت للنطق بالحكم جلسة....... وبالجلسة المحددة قضت ذات المحكمة حضورياً بإجماع الآراء عملاً بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم...... بالإعدام شنقا عما أسند إليه باعتبار أن جناية القتل العمد مقترنة بجناية هتك عرض كاملة المعاقب عليها بالمادة 269 عقوبات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطرق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها...... إلخ.
المحكمة
حيث إن المحكوم عليه قد قرر الطعن بطريق النقض في قرار المحكمة الصادر بجلسة 14/ 4/ 1992 بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لاستطلاع رأيه، دون الحكم الصادر فيها والذي قضى بمعاقبته بالإعدام شنقاً عما أسند إليه، لما كان ذلك، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قصرت حق الطعن بالنقض على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح، مما مفاده أن الأصل هو عدم جواز الطعن بطريق النقض - وهو طريق استثنائي - إلا في الأحكام الصادرة في الموضوع والتي تنتهي بها الدعوى، أما القرارات والأوامر - أيا كان نوعها - فإنه لا يجوز الطعن فيها بالنقض إلا بنص خاص، ولما كانت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت على محكمة الجنايات أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية قبل الحكم بالإعدام، مما مفاده أن استطلاع رأي المفتي لا يعدو أن يكون إجراء لازماً لصحة الحكم بتلك العقوبة، أي أنه إجراء سابق على صدور الحكم، ولكنه ليس حكماً تنتهي به الدعوى، ومن ثم يكون الطعن فيه بطريق النقض غير جائز.
وحيث إن النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالفة الذكر إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى لما حاصلة أنه أثناء قيام المتهم بري الزراعات القائمة بالمقابر، وفي حوالي الساعة الرابعة والنصف عصراً شاهد المجني عليها - التي لم تبلغ السابعة من عمرها - تلهو على مقربة منه فوسوس له شيطانه أن يرتكب الفحشاء معها، فقام باستدراجها - بحجة جمع بعض ثمار البلح لها - إلى زراعة الأذرة المجاورة، واستغل عدم إدراكها لحداثة سنها وأرقدها على الأرض بعد أن خلع عنها سروالها وقام بحك قضيبه في دبرها ثم غلبته رغبته الحيوانية فحاول إتيانها من قبل، ولكنها صرخت من شدة الألم، فخاف من مغبة فعلته، فسولت له نفسه قتل المجني عليها حتى لا تبلغ أهلها بما فعله بها، فأمسك بقطعة من الطين الجاف ودفع به بعنف إلى فمها ثم شفع ذلك بأن دفع سروالها إلى فمها خلف الطين فكتم بذلك أنفاسها ولم يتركها إلا بعد أن تيقن من موتها، ثم حمل جثتها ووضعها في إحدى المقابر، وفي ليلة اليوم التالي أبلغ والده الذي يعمل لحاداً بوجود جثة لطفلة في مقبرة لم تستعمل ولما ذهب الأب إلى المقبرة المذكورة اكتشف وجود جثة المجني عليها وأبلغت الشرطة التي دلت تحرياتها على أن المتهم هو الذي ارتكب الحادث خشية افتضاح أمر ما ارتكبه وساق الحكم على صحة إسناد الواقعة إلى المتهم وثبوتها في حقه على الصورة آنفة البيان أدلة استمدها من الاعتراف التفصيلي للمتهم في تحقيقات النيابة وفي المعاينة التصويرية التي أجرتها، ومن اعترافه أمام قاضي المعارضات بتاريخ 14/ 8/ 1991، وأمام غرفة المشورة بتاريخ 28/ 9/ 1991، ومن شهادة كل من....... و....... وكل من الرائد...... و....... ومما ثبت من التقرير الطبي الشرعي، وبعد أن حصل الحكم مؤدى هذه الأدلة بما يتفق مع أصلها الثابت بالأوراق - على ما يبين من مطالعة المفردات المضمومة - عرض لموقف الإنكار الذي اتخذه المحكوم عليه أمام غرفة المشورة بجلسة 18/ 11/ 1991 ولدى إعادة سؤاله بمعرفة النيابة بذات التاريخ وأمام المحكمة، وما دفع به المدافع عنه من بطلان اعترافه لصدوره تحت تأثير الإكراه المادي والأدبي الذي تعرض له من الشرطة ورد عليه بما مفاده أن المحكمة لا تعول على هذا الإنكار اطمئنانا منها إلى أدلة الثبوت التي عولت عليها ومن بينها اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة الذي عززه بوصف كيفية ومراحل ارتكاب الجريمة في المعاينة التصويرية التي أجرتها النيابة، والذي أصر عليه أمام قاضي المعارضات وأمام غرفة المشورة بجلسة 28/ 9/ 1991، خاصة وأن أوراق الدعوى خلت مما يشير من قريب أو بعيد إلى وقوع ثمة إكراه على المحكوم عليه الذي لم يحدد هو أو محاميه بما يدل على تعرضه لإكراه مادي أو أدبي حتى يمكن تمحيصه وبحث مدى تأثيره على ما أدلى به من أقوال تفصيلية تقطع بارتكاب الجريمة، وأفصحت المحكمة عن اطمئنانها إلى اعتراف المحكوم عليه صدر منه عن طواعية واختيار وأن الدفع ببطلان هذا الاعتراف للإكراه لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً عارياً من أي دليل على جنيته، خاصة وأن هذا الاعتراف جاء متفقاً مع ما أثبته تقرير الصفة التشريحية من وجود سروال صغير من القماش محشور داخل تجويف الفم والبلعوم ويوجد خلفه قطع طينية جافة تسد أعلى الحنجرة مع وجود ذرات منها داخل القصبة الهوائية، وانتهت المحكمة إلى أن اعتراف المحكوم عليه غير مشوب بأية شائبة، لما كان ذلك، وكان المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والوقائع، وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه، كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها. وكان الحكم المطروح - على ما سلف بيانه - قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليه لصدوره تحت تأثير الإكراه، وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع، فإنه يكون قد برئ من أية شائبة في هذا الخصوص، لما كان ذلك، وكان المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد عرض لنية القتل واستقاها ثبوتاً في حق المحكوم عليه في قوله (وحيث إنه عن نية القتل فقد توافرت لدى المتهم من ظروف الدعوى كما طرحتها المحكمة، ومن حداثة سن المجني عليها - التي لم تبلغ السابعة - وهي لا تتناسب مع سن وقوة المتهم البالغ الحادية والعشرين، وقامت هذه النية لدى المتهم من انتوائه إزهاق روح المجني عليها حتى لا تفضح فعله السؤ التي قارفها معها، فانعكس ذلك على الكيفية التي استخدمها في تنفيذ ما انتواه، وذلك بحشو فم المجني عليها بقطع الطين وجزء من قماش وهو الكلوت الذي كانت ترتديه قبل خلعه منها، والضغط بيده على فمها بما فيه من حشو لسد المسالك الهوائية وكتم أنفاسها، وظل على هذا الحال ولم يتركها إلا بعد أن خارت قواها وأصبحت جثة هامدة، وبعد أن أحدث بها المظاهر والأمارات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياتها، كل ذلك يدل بيقين على أن المتهم إنما قصد بفعله إزهاق روح المجني عليها) فإن الحكم يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطروح بعد أن دلل على توافر جناية هتك العرض في حق المحكوم عليه عرض لظرف الاقتران واستظهر توافره - من استقلال جناية هتك العرض عن جناية القتل وتميزها عنها مع قيام المصاحبة الزمنية بينهما - بما يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان المحكوم عليه بهما وساق عليهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع أراء أعضاء المحكمة، وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقاً للقانون وجاء الحكم متفقاً وصحيح القانون ومبرأ من الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
ساحة النقاش