7-لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة قتل عمد مقترن بجناية هتك عرض.
الحكم كاملاً
المكتب الفني - أحكام النقض – جنائي
السنة 57 - صـ 100
جلسة 16 من يناير سنة 2006
برئاسة السيد المستشار/ فتحي الصباغ نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. وفيق الدهشان، حسن أبو المعالي، عبد الرحمن أبو سليمة وخالد مقلد نواب رئيس المحكمة.
(10)
الطعن رقم 71175 لسنة 75 القضائية
(1) إثبات " بوجه عام ". قتل عمد. هتك عرض. حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة قتل عمد مقترن بجناية هتك عرض.
(2) محاماة. وكالة. دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره ". إجراءات " إجراءات المحاكمة ".
ندب المحكمة محاميًا ترافع في الدعوى لتخلف المحامي الموكل عن الطاعن. لا يعد إخلالاً بحق الدفاع. ما دامت المحكمة قد أمهلته الوقت الكافي لأداء مأموريته ولم يبد الطاعن اعتراضًا ولم يتمسك بطلب التأجيل لحضور محاميه الموكل.
مثال.
(3) إثبات " اعتراف ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف". دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف ". حكم " تسبيب. تسبيب غير معيب ".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
تقدير صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه. موضوعي. ما دام سائغًا.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره وليد إكراه.
(4) قتل عمد. هتك عرض. إثبات " اعتراف " "خبرة ". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
نعي الطاعن على الحكم بالتناقض بين اعترافه والدليل الفني دون الإفصاح عن ماهيته وخلو الحكم من ذلك التناقض. غير مقبول.
تطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضًا يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
مثال لتسبيب سائغ ينتفي فيه التناقض بين الدليلين القولي والفني في جريمة قتل عمد مقترنة بجناية هتك عرض.
(5) إثبات " خبرة " " اعتراف ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. عدم التزام المحكمة بالرد عليه.
مثال.
(6) إعدام. نيابة عامة. نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده ". محكمة النقض " سلطتها ".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة العامة في قضايا الإعدام. غير لازم. أساس وعلة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها. دون التقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها.
(7) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة " أركانها ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار نية القتل في جريمة قتل عمد.
(8) قتل عمد. هتك عرض. اقتران. عقوبة " تطبيقها ". حكم " تسبيبه تسبيب غير معيب ".
ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل العمد وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما. كاف لتطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات على المتهم.
(9) إثبات " خبرة ". مسئولية جنائية. عقوبة " الإعفاء منها ". أسباب الإباحة وموانع العقاب " الجنون والعاهة العقلية ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
المرض العقلي الذي تنعدم به المسئولية وفقًا لمفهوم نص المادة 62 عقوبات. هو الذي يعدم الشعور أو الإدراك. سائر الأمراض والأحوال النفسية الأخرى. لا تعد سببًا لانعدام المسئولية.
الجنون والعاهة العقلية. هما مناط الإعفاء من المسئولية.
المرض النفسي. لا يعد عذرًا معفيًا من العقاب. اعتباره دفاعًا بتوافر عذر قضائي مخفف. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع. عدم التزام المحكمة بالرد عليه على استقلال. علة ذلك؟
مثال.
(10) قبض. نيابة عامة. نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها " " المصلحة في الطعن ".
النعي بعدم عرض الطاعن على النيابة العامة خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه. غير مجد. ما دام أن هذا الإجراء لم يسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى.
(11) دفوع" الدفع ببطلان القبض ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
عدم تعويل الحكم على الدليل المستمد من القبض. ينحسر معه الالتزام بالرد على الدفع ببطلانه.
(12) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي باستحالة حدوث الواقعة. جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة. غير مقبول.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال. قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها. مفاده: اطراحها.
(13) إجراءات " إجراءات المحاكمة ". إعدام. عقوبة " توقيعها ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما حاصله أنه حال تواجد المجني عليها والتي لم تبلغ السادسة عشرة من عمرها بالحقول الزراعية ترعى الغنم شاهدها المتهم حال ذهابه لحقله لرعاية ماشيته وما إن شاهدها حتى نزل من فوق دابته وتوجه إليها وتودد إليها وبادلها الحديث عن شعرها ثم قرب منها وقبلها وأخذ يقبلها حتى تمكن من استدراجها داخل الأرض الزراعية المنزرعة قطن حان وقت جنيه ثم نزع عنها بنطالها وشورتها وقام بربط يديها ورجليها بكيس كان معه ثم قام بوضع بنطالها على فمها حتى لا تصرخ ولا يسمع لها صوت وحاول إيلاج قضيبه في فرجها فلم يتمكن فطرحها على وجهها وهي تحاول الصراخ والاستغاثة ثم حاول معاشرتها لواطًا فلم يتمكن لصغر سنها فأدارها مرة أخرى على ظهرها وحاول إتيانها إلا أنها ظلت تصرخ وتتألم فوضع يده على رقبتها بشدة وكتم أنفاسها قاصدًا قتلها والخلاص منها مخافة أن يفتضح أمره ولم يتركها إلا بعد أن تيقن من موتها فعاد إلى منزله ثم ذهب إلى عمله وبعد عودته منه علم من أهل قريته باختفاء المجني عليها فاشترك معهم في البحث عنها حتى تم العثور عليها جثة هامدة بالأرض الزراعية التي كانت مسرحًا لأحداث جريمته، وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شاهدي الإثبات واعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة وما ورد بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها.
2 - لما كان البين من محضر جلسة ...... أن المحامي الأصيل لم يحضر وحضر عنه محام طلب أجلا لحضور الأول وأن تخلفه يرجع لمرضه الذي لم يقدم دليله - خلافا لما يدعيه في أسباب طعنه - فندبت المحكمة محاميًا مقيدًا أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - للدفاع عنه وأمهلته الوقت الكافي لأداء مأموريته فترافع هذا المحامي مدافعًا عن الطاعن بما هو مدون في محضر الجلسة والذي لم يثبت فيه أن الطاعن أو المحامي الحاضر عن المحامي الأصيل قد اعترض على ذلك أو أبديا طلبًا ما في هذا الشأن أو تمسكا بحضور المحامي الأصيل، وكان من المقرر، أنه إذا لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محاميًا آخر ترافع في الدعوى، فإن ذلك لا يعد إخلالاً بحق الدفاع ما دام لم يبد المتهم اعتراضًا على هذا الإجراء ولم يتمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه الموكل، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان اعترافه لصدوره وليد إكراه مادي ومعنوي واطرحه في قوله: " .... فهو مردود عليه وهو قول في غير محله البتة ذلك بأن التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة لم تتوصل إلى ثبوت الإكراه المزعوم لأسباب حاصلها 1) أن التحريات توصلت إلى أن المتهم هو مرتكب الواقعة وتم استدعاؤه بتاريخ ..... بواسطة رئيس فرع البحث الجنائي ..... وسئل شفاهة بشأن المعلومات والتحريات فأقر بذلك وعرض على النيابة العامة في ذات اليوم ولم يثبت على الإطلاق أنه تم احتجازه أو تقييد حريته من قبل كما يزعم الدفاع وليس من دليل دالاً على ذلك 2) ثبت من تحقيقات النيابة العامة وقد أفهمه السيد النائب المحقق بأن النيابة العامة هي التي تباشر معه التحقيق وتم فحص جسده ومناظرته قبل وأثناء استجوابه وثبت عدم وجود إصابات أو آثار به تؤيد ما يدعيه دفاعه وإذ سئل عن التهمة المسندة إليه بعد أن أحيط علمًا بها وبعقوبتها فأقر بها تفصيلاً 3) عرض المتهم على القاضي حوالي ثلاث أو أربع جلسات للنظر في أمر تجديد حبسه ولم يقل هو أو الدفاع الحاضر معه أن ثمة إكراه أو حجز بدون وجه حق كان قد وقع عليه طوال أكثر من مائة يوم 4) لم يثبت من تحقيق النيابة العامة أن أيا من رجال الضبط كان متواجدًا بغرفة التحقيق أثناء استجواب المتهم بمعرفة النيابة العامة وحتى ولو كان ذلك، فأنه من المستقر عليه فقهًا وقضاءً أن تواجد مأمور الضبط القضائي أثناء التحقيق ليس فيه ما يعيب إجراءاته ولا يعد بذاته إكراهًا ما لم يستطل على المتهم بأذى مادي أو معنوي وعليه يكون هذا الدفع في غير محله ألبتة ويتعين الالتفات عنه". وهو رد سائغ وكاف في مجموعه في اطراح هذا الدفع، لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها ما دامت تقيم ذلك على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
4 - لما كان الطاعن لم يفصح عن ماهية التناقض الذي يشير إليه في أسباب طعنه بين اعترافه والدليل الفني وكانت أسباب الحكم قد خلت من التناقض الذي يعيبه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يضحى على غير أساس، فضلاً عن ذلك، فإنه لما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضًا يستعصي على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد حصل من اعتراف الطاعن أنه حاول إيلاج قضيبه في فرج المجني عليها فلم يستطع لصغر سنها فطرحها على وجهها وأولج قضيبه في دبرها ولما كانت تتألم وتحاول الصراخ والاستغاثة كتم أنفاسها ببنطالها واضعًا وضاغطًا بيده على عنقها وأنفها كما نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها أن بها إصابات تشير إلى حدوث إيلاج عنيف من دبر وأن سبب وفاتها يرجع إلى إسفكسيا كتم النفس وأن ما بها من إصابات بأسفل الساقين غرار ما يتخلف عن التقييد، ومن ثم تنتفي دعوى التناقض بين الدليلين اللذين عول عليهما الحكم في قضائه مع باقي الأدلة التي تساند إليها ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن على غير محل.
5 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى ما انتهى إليه تقرير الصفة التشريحية من أن بجثة المجني عليها إصابات تشير إلى حدوث إيلاج عنيف من دبر وهو ما يتفق مع ما جاء باعتراف الطاعن من قيامه بمحاولة إيلاج قضيبه في دبر المجني عليها فإن ما يثيره الطاعن في شأن الدليل الفني لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير الدليل المستمد من ذلك التقرير لا تلتزم المحكمة بمتابعته فيه والرد عليه.
6 - لما كانت النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
7 - لما كان الحكم المعروض بعد أن بين واقعة الدعوى - على النحو المار بيانه - حصل مؤدى الأدلة التي
عول عليها في قضائه بالإدانة بما له أصله الثابت في الأوراق وعلى ما يبين من المفردات ثم خلص إلى إدانة المتهم بجريمة قتل المجني عليها عمدًا المقترن بجناية هتك عرض صبية لم تبلغ السادسة عشرة من عمرها بالقوة وأنزل عليه العقوبة المنصوص عليها في المادة 234/ 2 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم قد عرض لنية القتل واستقاها ثبوتًا في حق المحكوم عليه في قوله: " ..... أن المحكمة تستخلص توافر هذه النية لدى المتهم من حاصل ما تبينته المحكمة من الظروف والملابسات التي أحاطت بواقعة الدعوى والأدلة التي ساقتها ذلك أنه بعد أن استدرج المتهم المجني عليها إلى داخل حقل القطن وهو الذي تغطى أشجاره من يدخل فيها لأنه يكون كامل النمو وفي طريقه للجني وبعد أن أوثق رجليها ويديها على النحو الذي عثرت عليه الجثة ومناظرة النيابة العامة ثم حسر عنها بنطالها ووجدت الجثة عارية من أسفل ثم وضع هذا البنطال على وجهها وفاها وبعد أن ارتكب فعلته الشنعاء من الأمام والخلف وهي تتألم وتحاول أن تستغيث قام بالضغط الشديد كاتمًا أنفاسها بكلتا يديه وبواسطة هذا البنطال الذي يسد كل هواء داخل إليها أو نفس خارج منها خوفًا من افتضاح أمره بعد أن نال منها أمامًا وخلفًا ولم يتركها إلا وقد همدت حركتها وتوقفت أنفاسها وتأكد من إزهاق روحها في قصد واضح على قتلها وإزهاق روحها ولم يكن ما يفعله عبثًا أو هباء وقد كان بإمكانه تركها بعد ارتكاب فعلته وهي الصغيرة ثماني سنوات التي لا تناله بأذى ولن تستطيع ولكنها كان بإمكانها أن تخبر أهلها وتفضح أمره وقد تمكن من إزهاق روحها ". فإن الحكم يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم عليه.
8 - لما كان الحكم المطروح بعد أن دلل على توافر جناية هتك العرض في حق المحكوم عليه عرض لظرف الاقتران واستظهر توافره من استقلال جناية هتك العرض عن جناية القتل وتميزها عنها مع قيام المصاحبة الزمنية بينهما، بما يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات.
9 - لما كان ما أثاره المحكوم عليه في صدر أسباب طعنه دون النعي به على الحكم المعروض من طلب إحالته إلى أحد المستشفيات للصحة النفسية وأنه قدم بجلسة المحاكمة شهادة تفيد أنه يعاني من مرض نفسي فإن هذا القول مردود بأنه من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية قانونًا طبقًا لنص المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور أو الإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره أو إدراكه فلا تعد سببًا لانعدام المسئولية ومن ثم فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به الجنون أو العاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية، ولا يعد مرضه النفسي في صحيح القانون عذرًا معفيًا من العقاب، بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مؤذنًا بتوفر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في أعماله أو اطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض، لما كان ذلك، فإنه لا يعيب الحكم إذ هو دان الطاعن على سند من الأدلة السائغة التي أوردها دون أن يرد على هذا الدفاع على استقلال لظهور بطلانه.
10 - من المقرر أنه لا جدوى مما يثيره المحكوم عليه من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه - بفرض صحته - طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ومن ثم فإن ما يثيره من دفاع في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
11 - لما كان الحكم المعروض قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من القبض الذي يدعى المحكوم عليه ببطلانه كما لم يشر إليه الحكم في مدوناته ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع.
12 - لما كانت منازعة المحكوم عليه في استحالة حدوث الواقعة في أرض زراعية نهارًا لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، ولما كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنًا أنها اطرحتها ولم تعول عليها ومن ثم يضحى ما يثيره المحكوم عليه في هذا الشأن لا يكون له محل.
13 - لما كان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان المحكوم عليه بهما وساق عليهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وبعد استطلاع رأى مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقًا للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقًا للقانون وجاء الحكم متفقًا وصحيح القانون ومبرأ من الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقًا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل ....... عمدًا بأن قام بكتم أنفاسها بالضغط بيديه على فيها وأنفها قاصدًا من ذلك إزهاق روحها فأحدث بها الإصابات والأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى أنه في ذات الزمان والمكان آنف البيان هتك عرض المجني عليها المذكورة والتي لم تبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بالقوة بأن استدرجها داخل أحد الحقول وقيد قدميها ويديها وحسر عنها ملابسها ووضعها على وجهها لمنع استغاثتها ثم أولج قضيبه في دبرها على النحو المبين بالأوراق. وأحالته على محكمة جنايات ..... لمحاكمته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنيًا قبل المتهم بمبلغ 2001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمادة 234/ 2،1 من قانون العقوبات بإحالة الأوراق إلى فضيلة المفتي لإبداء رأيه وحددت جلسة ...... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضوريًا وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقا وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغًا وقدره ألفا جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ......... إلخ
.
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها.
المحكمة
ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية القتل العمد المقترن بجناية هتك عرض صبية لم تبلغ السادسة عشرة من عمرها بالقوة وعاقبه بالإعدام قد شابه البطلان والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن محاميه تخلف عن حضور جلسات المحاكمة لعذر قهري هو مرضه وحضر عنه محام قدم دليلاً على صحة العذر وطلب أجلا لحضوره إلى أن المحكمة التفتت عن طلبه وندبت محام آخر للدفاع عنه دون رغبة منه وبعد أن استمعت لمرافعته قضت في الدعوى، كما أغفل الحكم الرد على دفاعه ببطلان اعترافه لصدوره وليد إكراه مادي ومعنوي تمثل في حضور ضابط الواقعة تحقيقات النيابة، هذا إلى أن الحكم عول على الدليل الفني رغم تعارضه مع اعتراف الطاعن كما عجز الدليل الفني عن تحليل السائل المنوي ونسبته للطاعن وهو ما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما حاصله أنه حال تواجد المجني عليها والتي لم تبلغ السادسة عشرة من عمرها بالحقول الزراعية ترعى الغنم شاهدها المتهم حال ذهابه لحقله لرعاية ماشيته وما إن شاهدها حتى نزل من فوق دابته وتوجه إليها وتودد إليها وبادلها الحديث عن شعرها ثم قرب منها وقبلها وأخذ يقبلها حتى تمكن من استدراجها داخل الأرض الزراعية المنزرعة قطن حان وقت جنيه ثم نزع عنها بنطالها وشورتها وقام بربط يديها ورجليها بكيس كان معه ثم قام بوضع بنطالها على فمها حتى لا تصرخ ولا يسمع لها صوت وحاول إيلاج قضيبه في فرجها فلم يتمكن فطرحها على وجهها وهي تحاول الصراخ والاستغاثة ثم حاول معاشرتها لواطًا فلم يتمكن لصغر سنها فأدارها مرة أخرى على ظهرها وحاول إتيانها إلا أنها ظلت تصرخ وتتألم فوضع يده على رقبتها بشدة وكتم أنفاسها قاصدًا قتلها والخلاص منها مخافة أن يفتضح أمره ولم يتركها إلا بعد أن تيقن من موتها فعاد إلى منزله ثم ذهب إلى عمله وبعد عودته منه علم من أهل قريته باختفاء المجني عليها فاشترك معهم في البحث عنها حتى تم العثور عليها جثة هامدة بالأرض الزراعية التي كانت مسرحًا لأحداث جريمته، وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شاهدي الإثبات واعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة وما ورد بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة ..... أن المحامي الأصيل لم يحضر وحضر عنه محام طلب أجلاً لحضور الأول وأن تخلفه يرجع لمرضه الذي لم يقدم دليله - خلافا لما يدعيه في أسباب طعنه - فندبت المحكمة محاميًا مقيدا أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - للدفاع عنه وأمهلته الوقت الكافي لأداء مأموريته فترافع هذا المحامي مدافعًا عن الطاعن بما هو مدون في محضر الجلسة والذي لم يثبت فيه أن الطاعن أو المحامي الحاضر عن المحامي الأصيل قد اعترضا على ذلك أو أبديا طلبًا ما في هذا الشأن أو تمسكا بحضور المحامي الأصيل، وكان من المقرر، أنه إذا لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محاميًا آخر ترافع في الدعوى، فإن ذلك لا يعد إخلالاً بحق الدفاع ما دام لم يبد المتهم اعتراضًا على هذا الإجراء ولم يتمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه الموكل، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان اعترافه لصدوره وليد إكراه مادي ومعنوي واطرحه في قوله: ".... فهو مردود عليه وهو قول في غير محله ألبتة ذلك بأن التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة لم تتوصل إلى ثبوت الإكراه المزعوم لأسباب حاصلها 1) أن التحريات توصلت إلى أن المتهم هو مرتكب الواقعة وتم استدعاؤه بتاريخ ....... بواسطة رئيس فرع البحث الجنائي ....... وسئل شفاهة بشأن المعلومات والتحريات فأقر بذلك وعرض على النيابة العامة في ذات اليوم ولم يثبت على الإطلاق أنه تم احتجازه أو تقييد حريته من قبل كما يزعم الدفاع وليس من دليل دالاً على ذلك 2) ثبت من تحقيقات النيابة العامة وقد أفهمه السيد النائب المحقق بأن النيابة العامة هي التي تباشر معه التحقيق وتم فحص جسده ومناظرته قبل وأثناء استجوابه وثبت عدم وجود إصابات أو آثار به تؤيد ما يدعيه دفاعه وإذ سئل عن التهمة المسندة إليه بعد أن أحيط علمًا بها وبعقوبتها فأقر بها تفصيلاً 3) عرض المتهم على القاضي حوالي ثلاث أو أربع جلسات للنظر في أمر تجديد حبسه ولم يقل هوأو الدفاع الحاضر معه أن ثمة إكراه أو حجز بدون وجه حق كان قد وقع عليه طوال أكثر من مائة يوم 4) لم يثبت من تحقيق النيابة العامة أن أيًا من رجال الضبط كان متواجدًا بغرفة التحقيق أثناء استجواب المتهم بمعرفة النيابة العامة وحتى ولو كان ذلك، فإنه من المستقر عليه فقهًا وقضاءً أن تواجد مأمور الضبط القضائي أثناء التحقيق ليس فيه ما يعيب إجراءاته ولا يعد بذاته إكراهًا ما لم يستطل على المتهم بأذى مادي أو معنوي وعليه يكون هذا الدفع في غير محله البتة ويتعين الالتفات عنه ". وهو رد سائغ وكاف في مجموعه في اطراح هذا الدفع، لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها ما دامت تقيم ذلك على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية التناقض الذي يشير إليه في أسباب طعنه بين اعترافه والدليل الفني وكانت أسباب الحكم قد خلت من التناقض الذي يعيبه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يضحى على غير أساس. فضلاً عن ذلك، فإنه لما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضًا يستعصي على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد حصل من اعتراف الطاعن أنه حاول إيلاج قضيبه في فرج المجني عليها فلم يستطع لصغر سنها فطرحها على وجهها وأولج قضيبه في دبرها ولما كانت تتألم وتحاول الصراخ والاستغاثة كتم أنفاسها ببنطالها واضعًا وضاغطًا بيده على عنقها وأنفها كما نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها أن بها إصابات تشير إلى حدوث إيلاج عنيف من دبر وأن سبب وفاتها يرجع إلى إسفكسيا كتم النفس وأن ما بها من إصابات بأسفل الساقين غرار ما يتخلف عن التقييد، ومن ثم تنتفي دعوى التناقض بين الدليلين اللذين عول عليهما الحكم في قضائه مع باقي الأدلة التي تساند إليها ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن على غير محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى ما انتهى إليه تقرير الصفة التشريحية من أن بجثة المجني عليها إصابات تشير إلى حدوث ايلاج عنيف من دبر وهو ما يتفق مع ما جاء باعتراف الطاعن من قيامه بمحاولة إيلاج قضيبه في دبر المجني عليها فإن ما يثيره الطاعن في شأن الدليل الفني لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير الدليل المستمد من ذلك التقرير لا تلتزم المحكمة بمتابعته فيه والرد عليه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعينًا رفضه موضوعًا.
وحيث إن النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
وحيث إن الحكم المعروض بعد أن بين واقعة الدعوى - على النحو المار بيانه - حصل مؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة بما له أصله الثابت في الأوراق وعلى ما يبين من المفردات ثم خلص إلى إدانة المتهم بجريمة قتل المجني عليها عمدًا المقترن بجناية هتك عرض صبية لم تبلغ السادسة عشرة من عمرها بالقوة وأنزل عليه العقوبة المنصوص عليها في المادة 234/ 2 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم قد عرض لنية القتل واستقاها ثبوتًا في حق المحكوم عليه في قوله: "... أن المحكمة تستخلص توافر هذه النية لدى المتهم من حاصل ما تبينته المحكمة من الظروف والملابسات التي أحاطت بواقعة الدعوى والأدلة التي ساقتها ذلك أنه بعد أن استدرج المتهم المجني عليها إلى داخل حقل القطن وهو الذي تغطي أشجاره من يدخل فيها لأنه يكون كامل النمو وفي طريقه للجني وبعد أن أوثق رجليها ويديها على النحو الذي عثرت عليه الجثة ومناظرة النيابة العامة ثم حسر عنها بنطالها ووجدت الجثة عارية من أسفل ثم وضع هذا البنطال على وجهها وفيها وبعد أن ارتكب فعلته الشنعاء من الأمام والخلف وهي تتألم وتحاول أن تستغيث قام بالضغط الشديد كاتمًا أنفاسها بكلتا يديه وبواسطة هذا البنطال الذي يسد كل هواء داخل إليها أو نفس خارج منها خوفًا من افتضاح أمره بعد أن نال منها أمامًا وخلفًا ولم يتركها إلا وقد همدت حركتها وتوقفت أنفاسها وتأكد من إزهاق روحها في قصد واضح على قتلها وإزهاق روحها ولم يكن ما يفعله عبثًا أو هباء وقد كان بإمكانه تركها بعد ارتكاب فعلته وهي الصغيرة ثماني سنوات التي لا تناله بأذى ولن تستطيع ولكنها كان بإمكانها أن تخبر أهلها وتفضح أمره وقد تمكن من إزهاق روحها ". فإن الحكم يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطروح بعد أن دلل على توافر جناية هتك العرض في حق المحكوم عليه عرض لظرف الاقتران واستظهر توافره من استقلال جناية هتك العرض عن جناية القتل وتميزها عنها مع قيام المصاحبة الزمنية بينهما، بما يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان ما أثاره المحكوم عليه في صدر أسباب طعنه - دون النعي به على الحكم المعروض - من طلب إحالته إلى أحد المستشفيات للصحة النفسية وأنه قدم بجلسة المحاكمة شهادة تفيد أنه يعاني من مرض نفسي فإن هذا القول مردود بأنه من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية قانونًا طبقًا لنص المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور أو الإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره أو إدراكه فلا تعد سببًا لانعدام المسئولية ومن ثم فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به الجنون أو العاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية، ولا يعد مرضه النفسي في صحيح القانون عذرًا معفيًا من العقاب، بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مؤذنًا بتوفر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو اطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض. لما كان ذلك، فإنه لا يعيب الحكم إذ هو دان الطاعن على سند من الأدلة السائغة التي أوردها دون أن يرد على هذا الدفاع على استقلال لظهور بطلانه. لما كان ذلك، وكان لا جدوى مما يثيره المحكوم عليه من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه - بفرض صحته - طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ومن ثم فإن ما يثيره من دفاع في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من القبض الذي يدعي المحكوم عليه ببطلانه كما لم يشر إليه الحكم في مدوناته ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع. لما كان ذلك، وكانت منازعة المحكوم عليه في استحالة حدوث الواقعة في أرض زراعية نهارًا لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، ولما كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنا أنها اطرحتها ولم تعول عليها ومن ثم يضحى ما يثيره المحكوم عليه في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان المحكوم عليه بهما وساق عليهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وبعد استطلاع رأى مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقا للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقًا للقانون وجاء الحكم متفقًا وصحيح القانون ومبرأ من الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
ساحة النقاش