193-لما كان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجه، وكان الحكم قد استخلص ذلك القصد من أقوال الشاهدين وما كشفت عنه التحريات ومن ضخامة كمية المخدر المضبوط وطريقة تجزئته.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 134
جلسة 18 من يناير سنة 1998
برئاسة السيد المستشار/ محمد علي عبد الواحد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وحسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة وممدوح يوسف.
(17)
الطعن رقم 502 لسنة 66 القضائية
1 - مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية. تقديرها. موضوعي. طالما أقيمت على ما ينتجها.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن في جريمة إحراز مخدر.
2 - مواد مخدرة. عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تصدى المحكمة لبحث مدى توافر إعمال حقها الجوازي في إيداع من يثبت إدمانه إحدى المصحات. يكون بعد إسباغها الوصف الصحيح على الواقعة. مناط إعماله هو مقارفة الجاني جريمة التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
انتهاء المحكمة إلى أن إحراز المخدر كان بقصد الاتجار. أثره: انتفاء مبرر تدبير الإيداع بالمصلحة. أساس ذلك.؟
(1) لما كان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجه، وكان الحكم قد استخلص ذلك القصد من أقوال الشاهدين وما كشفت عنه التحريات ومن ضخامة كمية المخدر المضبوط وطريقة تجزئته، وهو من الحكم تدليل سائغ في العقل والمنطق ويكفي لحمل قضائه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحنى لا يكون سديداً.
(2) لما كان القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد اختط في المواد من 33 إلى 38 منه خطة تهدف إلى التدرج في العقوبة تبعاً لخطورة الجاني ودرجة إثمه ومدى ترديه في هوة الإجرام ووازن بين ماهية كل قصد من القصود التي يتطلبها القانون في الصور المختلفة لجريمة إحراز المخدرات وقدر لكل منها العقوبة التي تناسبها، فشدد العقاب في جرائم الجلب والاتجار وخفف العقوبة في جرائم التعاطي والاستعمال الشخصي، فحدد عقوبتها بما نص عليه في الفقرة الأولى من المادة 37 منه من أن "يعاقب الأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من حاز أو أحرز... جوهراً مخدراً.... وكان ذلك بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً..". ثم أورد في الفقرة الثانية تدبيراً احترازياً ناط بمحكمة الموضوع تقدير إعماله - بالنسبة لمن يثبت إدمانه - بغير معقب، إذ أجرى نصها على أنه "ويجوز للمحكمة عند الحكم بالعقوبة في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الأولى، بدلاً من تنفيذ هذه العقوبة، أن تأمر بإيداع من يثبت إدمانه إحدى المصلحات....". وكان الأصل أن تصدي المحكمة لبحث مدى توافر إعمال حقها الجوازي في الحكم بهذا التدبير الاحترازي أو انتقاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى، وكان مناط إعماله هو مقارفة الجاني جريمة التعاطي أو الاستعمال الشخصي، وكان الحكم قد خلص إلى أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار - وليس التعاطي أو الاستعمال الشخصي - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، فإن دعوى الإدمان وتحقق مبرر الإيداع بالمصلحة تكون ولا محل لها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7، 34/ 1 بند أ - 2 بند 6، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند رقم (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق والمادتين 36 من ذات القانون و17 عقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه مائة ألف جنيه وبمصادرة المواد المخدرة والمضبوط الأخرى.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض......... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً كافياً وسائغاً على توافر قصد الاتجار لديه، ورغم أن دفاعه انبنى على إدمانه تعاطي المخدر بدلالة اعترافه بالتحقيقات ولدى النظر في أمر تجديد حبسه وسبق إيداعه المستشفيات والمصلحات النفسية، وأيده ضابط الواقعة في ذلك، مما كان يوجب على المحكمة تحقيقه عن طريق المختص فنياً لبيان مدى جواز إعمال التدبير الاحترازي المنصوص عليه في المادة 37 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960، إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن التحريات السرية للرائد...... والنقيب...... دلت على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة، ونفاذاً لإذن النيابة العامة أجريا ضبطه أمام نادي التجديف بمدينة طلخا، وبتفتيش أولهما له عثر بجيب صداره على كيس من البلاستيك به مائه وخمس عشرة لفافة حوت جميعها مخدر الهيروين وبجيب جلبابه على مبلغ ثلاثة وستين جنيهاً وخمسين قرشاً وأقر لهما قصده من الإحراز كان الاتجار. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة صحيحة لها معينها الصحيح من أقوال شاهدي الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم قد استخلص ذلك القصد من أقوال الشاهدين وما كشفت عنه التحريات ومن ضخامة كمية المخدر المضبوط وطريقة تجزئته، وهو من الحكم تدليل سائغ في العقل والمنطق ويكفي لحمل قضائه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحنى لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد اختط في المواد من 33 إلى 38 منه خطة تهدف إلى التدرج في العقوبة تبعاً لخطورة الجاني ودرجة إثمه ومدى ترديه في هوة الإجرام ووازن بين ماهية كل قصد من القصود التي يتطلبها القانون في الصور المختلفة لجريمة إحراز المخدرات وقدر لكل منها العقوبة التي تناسبها، فشدد العقاب في جرائم الجلب والاتجار وخفف العقوبة في جرائم التعاطي والاستعمال الشخصي، فحدد عقوبتها بما نص عليه في الفقرة الأولى من المادة 37 منه من أن "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من حاز أو أحرز... جوهراً مخدراً.... وكان ذلك بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.."، ثم أورد في الفقرة الثانية تدبيراً احترازياً ناط بمحكمة الموضوع تقدير إعماله - بالنسبة لمن يثبت إدمانه - بغير معقب، إذ أجرى نصها على أنه "ويجوز للمحكمة عند الحكم بالعقوبة في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الأولى، بدلاً من تنفيذ هذه العقوبة، أن تأمر بإيداع من يثبت إدمانه إحدى المصلحات...."، وكان الأصل أن تصدى المحكمة لبحث مدى توافر إعمال حقها الجوازي في الحكم بهذا التدبير الاحترازي أو انتقاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى، وكان مناط إعماله هو مقارفة الجاني جريمة التعاطي أو الاستعمال الشخصي، وكان الحكم قد خلص إلى أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار - وليس التعاطي أو الاستعمال الشخصي - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، فإن دعوى الإدمان وتحقق مبرر الإيداع بالمصلحة تكون ولا محل لها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش