172-الاصل أن نقل المخدر بقصد الاتجار هو واقعة يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها الا أن شرط ذلك يكون استخلاص الحكم توافر هذه الواقعة أو نفيها سائغا تؤدى اليه ظروف الواقعة وادلتها وقرائن الاحوال فيها.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 173
جلسة 18 من يناير سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار ابراهيم واحمد جمال عبد اللطيف.
(25)
الطعن رقم 5375 لسنة 59 القضائية
(1) مواد مخدرة. اثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". جريمة "اركانها". قصد جنائى.
تقدير أن نقل المخدر بقصد الاتجار. موضوعى. شرط ذلك ؟
(2) إثبات "بوجه عام".
وجوب أن يكون الدليل مؤديا الى ما رتب عليه من نتائج فى غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق.
(3) مواد مخدرة. جريمة "اركانها". قصد جنائى. قانون "تفسيره".
توافر قصد الاتجار فى الجواهر المخدرة لدى من نقلت لحسابه. ليس دليلا على توافره فى حق الناقل.
(4) مواد مخدرة. جريمة "اركانها". قصد جنائى. قانون "تفسيره".
مناط المسئولية عن جريمة احراز المخدر بقصد الاتجار أو الاشتراك فيها. رهن بثبوت هذا القصد ثبوتا فعليا لا افتراضيا.
1- الاصل أن نقل المخدر بقصد الاتجار هو واقعة يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها الا أن شرط ذلك يكون استخلاص الحكم توافر هذه الواقعة أو نفيها سائغا تؤدى اليه ظروف الواقعة وادلتها وقرائن الاحوال فيها.
2- من المقرر أنه من اللازم فى اصول الاستدلال أن يكون الدليل الذى يعول عليه الحكم مؤديا الى ما رتبه عليه من نتائج بغير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق.
3- يصح القيام بنقل المخدر - سواء بمقابل أو بغير مقابل - دون أن يتوافر قصد الاتجار لدى الناقل، كما أن توافر هذا القصد فى حق من نقلت الجواهر المخدرة لحسابه لا يصلح بذاته، دليلا على توافره لدى الناقل ولا يفيد لزوما وحتما تحققه قبله - سواء بصفته مساهما اصليا فى جريمة احراز ذلك المخدر بقصد الاتجار أو مساهما تبعيا فيها، والقول بغير ذلك فيه انشاء لقرينة قانونية مبناها افتراض توافر قصد الاتجار لدى ناقل الجواهر الخدرة لحساب غيره، من مجرد توافر ذلك القصد لدى هذا الغير.
4- إن مناط المسئولية فى جريمة احراز المخدر بقصد الاتجار، أو الاشتراك فيها رهن بثبوت هذا القصد - بالاضافة الى سائر عناصر تلك الجريمة - ثبوتا فعليا لا افتراضيا فى حق كل متهم يؤخذ به، يستوى فى ذلك أن يكون الاتجار او الاحراز بقصد الاتجار لحساب الذات أو لحساب الغير.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه احرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا (حشيش) فى غير الاحوال المصرح بها قانونا. واحالته الى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 1، 2، 34/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 57 من الجدول الملحق بالقانون الاول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالاشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه خمسة الاف جنيه ومصادرة المخدر ووسيلة النقل المضبوطين. باعتبار أنه قام بنقل المخدر بقصد الاتجار.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة نقل جواهر مخدرة بقصد الاتجار قد شابه الفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه دلل على توافر قصد الاتجار فى حق الطاعن بما لا يصح للتدليل عليه، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن سرد واقعات الدعوى وأدلة الثبوت التى استند اليها فى ادانة الطاعن، استظهر قصد الاتجار فى حقه بقوله "إنه عن قصد المتهم من احراز المخدر المضبوط فإن المحكمة تستخلصه من اعترافه بالتحقيقات بعد أن اطمأنت الى سلامته على نحو ما سلف من أن حيازته كان لحساب احد التجار. ومن ثم فإنه يجرى فى شأنه نص المادة 34 أ من قانون المخدرات ذلك لأن غايته من النقل كانت بقصد الاتجار. ومن ثم يعاقب بذات عقوبة الاتجار بوصفه يستمد جرمه من الفاعل الاصلى وهو التاجر الذى نقل المخدر لحسابه، وباعتباره شريكا فى الجرم بطريق الاتفاق والمساعدة - فقد تضمن اعترافه معرفته المسبقة بالشخص الذى سلمه المضبوطات وانه تاجر يعمل فى مجال ترويج المخدرات ويختلط بتجار المخدرات وإنه قبض منه اجرة نقل المخدرات (55ج) التى ضبطت معه والمتفق عليها بينهما سلفا وحرص على الهرب بها فور رؤيته للقوة ومحاولته الهرب بها وتنفيذاًَ لما اتفق عليه من تسليمه إياها فى مسكنه الذى حدده مكانا للقاءه". لما كان ذلك، ولئن كان الاصل فى نقل المخدر بقصد الاتجار هو واقعة يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها، إلا أن شرط ذلك يكون استخلاص الحكم توافر هذه الواقعة أو نفيها سائغا تؤدى اليه ظروف الواقعة وادلتها وقرائن الاحوال فيها, وكان من المقرر أنه من اللازم فى اصول الاستدلال أن يكون الدليل الذى يعول عليه الحكم مؤديا الى ما رتبه عليه من نتائج بغير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق, وإذ كان يصح القيام بنقل المخدر - سواء بمقابل أو بغير مقابل - دون أن يتوافر قصد الاتجار لدى الناقل، كما أن توافر هذا القصد فى حق من نقلت الجواهر المخدرة لحسابه لا يصلح، بذاته، دليلا على توافره لدى الناقل ولا يفيد لزوما وحتما تحققه قبله - سواء بصفته مساهما أصليا فى جريمة احراز ذلك المخدر بقصد الاتجار لدى ناقل الجواهر الخدرة لحساب غيره، من مجرد توافر ذلك القصد لدى هذا الغير، وهو ما لا يمكن اقراره قانونا ما دام أن مناط المسئولية فى جريمة احراز المخدر بقصد الاتجار، أو الاشتراك فيها, رهن بثبوت هذا القصد - بالاضافة الى سائر عناصر تلك الجريمة - ثبوتا فعليا لا افتراضيا فى حق كل متهم يؤخذ به، يستوى فى ذلك أن يكون الاتجار أو الاحراز بقصد الاتجار لحساب الذات أو لحساب الغير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند فى التدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن الى مجرد اتفاقه مع واحد من تجار المخدرات كان على معرفة سابقة به على نقل الجواهر الخدرة المضبوطة لحسابه لقاء أجر ومحاولته الهرب عند مشاهدته رجال الضبط، دون أن يقيم الدليل على توافر قصد الاتجار توافراً فعلياً لدى الطاعن هو نفسه، فإنه يكون فوق فساده فى الإستدلال مشوباً بالقصور فى التسبيب متعيناً، من ثم نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة إلى نظر فى باقى وجوه الطعن.
ساحة النقاش