موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

 108-إن المادة 26 من قانون الاتجار بالمخدّرات لا توجب على الطبيب قيد المواد المخدّرة في دفتر خاص إلا إذا كانت حيازته لهذه المواد شرعية عن طريق وجود ترخيص لديه من وزارة الصحة.

الحكم كاملاً

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 230

جلسة 16 مايو سنة 1938

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

(222)
القضية رقم 1328 سنة 8 القضائية

مواد مخدّرة:
( أ ) طبيب. اتصاله بالمخدّر الذي يصفه علاجاً لمريض. أساس هذه الإجازة. طبيب غير مرخص له في الاحتفاظ بالمواد المخدّرة. ضبطها عنده. حيازة غير مشروعة معاقب عليها.
(ب) دفتر قيد المواد المخدّرة. القيد غير واجب إلا في حالة الترخيص بحيازتها. طبيب غير مرخص له في حيازتها. قيدها في الدفتر. لا يخلصه من العقاب.
(القانون رقم 21 لسنة 1928)
1 - للطبيب أن يتصل بالمخدّر الذي وصفه لمريض لضرورة العلاج. وهذه الإجازة تقوم في الواقع على أساس من القانون العام وهو سبب الإباحة المبني على حق الطبيب في مزاولة مهنته بوصف الدواء ومباشرة إعطائه للمريض. ولكن هذا الحق يزول وينعدم قانوناً بزوال علته وانعدام أساسه. فهو وحده لا يخوّل للطبيب، بدون ترخيص من وزارة الصحة، أن يحتفظ بالمخدّر في عيادته لأي سبب من الأسباب. وإذاً فالطبيب، غير المرخص له من وزارة الصحة في حيازة المخدّر، ليس له أن يحتفظ بما يبقى لديه بعد علاج من صرف المخدّر بأسمائهم لاستعماله في معالجة غيرهم، ولا أن يحتفظ بالمخدّر نيابة عن المريض الذي صرف باسمه. فهو إذا ضبط لديه مخدّر كانت حيازته له غير شرعية معاقباً عليها.
2 - إن المادة 26 من قانون الاتجار بالمخدّرات لا توجب على الطبيب قيد المواد المخدّرة في دفتر خاص إلا إذا كانت حيازته لهذه المواد شرعية عن طريق وجود ترخيص لديه من وزارة الصحة. أما إذا لم يوجد لديه هذا الترخيص فتكون حيازته للمخدّر غير مشروعة ومعاقباً عليها، ولا يخلصه من العقاب عليها قيده للمخدّر في دفتر قيد المواد المخدّرة.


المحكمة

وحيث إن محصل الوجهين الأوّل والثاني من أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه باطل لأنه لم يبين الواقعة بياناً كافياً إذ أنه ذكر أسماء الأشخاص الذين قالوا إن الطاعن لم يعالجهم والذين قالوا إنه عالجهم ولكن بغير الحقن التي يدعيها. أما الأشخاص الذين وجدوا على قيد الحياة وصادقوا الطاعن فلم يذكر الحكم أسماءهم. كما أنه لم يرد على أسباب البراءة التي بني عليها الحكم الابتدائي الذي تأسس على أنه لا يصح أخذ المتهم بالشبهات. أما ما اعتمد عليه الحكم المطعون فيه في إدانة الطاعن فلم يكن إلا تلك الشبهات التي كانت مقدّمة من النيابة وبحثها الحكم الابتدائي وذكر أنها قد تكون محلاً للاستنتاج، إلا أن إثبات الجريمة بطريق الاستنتاج منها غير جائز لأنها لا تؤدّي حتماً إلى ثبوت الجريمة. ولكن الحكم الاستئنافي المطعون فيه أورد تلك الشبهات وختمها بالقول إنه لم يثبت أن المورفين صرف على الوجه المشروع، أي أنه اعتبر الدليل على وقوع الجريمة من الطاعن أنه لم يثبت أن المورفين صرف على الوجه المشروع. وهذا تكليف بالمستحيل إذ لا يدري أحد كيف يستطيع الطبيب أن يثبت أن المادة الواردة في تذكرة الدواء الذي يصفه للمريض صرفت على الوجه المشروع. ويدخل في هذا أيضاً قول الحكم إن المتهم لم يوضح كيفية صرف التذاكر وارتكانه على استبعاد تصوّر حصول أمر معين وعلى عدم إجماع الرأي الطبي على صلاحية دواء مع أن الواجب القانوني يقضي بأن مجرّد وجود رأي يجيز هذا العلاج يجعل البراءة واجبة.
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أدان الطاعن من أجل تهمتين: تهمة إحراز المورفين بدون مسوّغ قانوني والتصرف فيه واستعماله في غير الأغراض الطبية وتسهيل تعاطيه للجمهور بمقابل، وتهمة عدم قيد الوارد والمنصرف منه في دفتر خاص مختوم بختم وزارة الصحة، وقضى عليه بعقوبة جريمة واحدة طبقاً للمادة 32 من قانون العقوبات. وقد استند الحكم في ثبوت التهمة الأولى إلى أن الطاعن صرف تذاكر مورفين بأسماء أشخاص لا وجود لهم كما صرف كميات أخرى بأسماء آخرين أنكر بعضهم علاجهم عنده وقرّر البعض الآخر أنهم تعالجوا عنده من أمراض لا تحتاج لحقنهم بالمورفين فضلاً عن أن علاجهم كان في تواريخ سابقة على صرف التذاكر بأسمائهم. كما استند إلى ما تبين من أن الطاعن صرف عدّة علب مورفين بأسماء أشخاص في فترات متقاربة مما يستفاد منه أنه لم يصرف كل هذه الكميات للأشخاص الواردة بأسمائهم، وأنه قد تصرف فيها لتسهيل التعاطي للمدمنين لأنه لم يثبت أن المورفين الذي صرفه قد استعمله في أغراض مشروعة. وكان مما استند إليه الحكم أيضاً أن الطاعن مع ضخامة الكمية المنصرفة بأسماء الأشخاص الذين ذكرهم بتذاكره لم يوضح كيفية صرفها فضلاً عن أنه من المستبعد على طبيب مثله حضر حديثاً إلى بندر بني سويف أن يعالج عدداً وافراً من المرضى الذين يستدعى علاجهم هذه المواد المخدّرة اللهم إلا إذا كانوا من المدمنين الذين أنسوا منه تمكينهم من الحصول على المخدّرات تحت ستار مهنته. وذكر الحكم أن القول بأن الطاعن كان يعالج بعض المدمنين بحقنهم بحقن مورفين تتناقص تدريجياً وفقاً للطريقة التي يراها ناجحة في علاجه مردود بدليل كثرة التذاكر المنصرفة باسم الشخص الواحد في فترات متقاربة لا تتفق مع طريقة العلاج التي ذكرها، فضلاً عن أن هذه الطريقة ليس مجمعاً على صلاحيتها. وقد استخلص الحكم من الأدلة التي أوردها ومن ظروف الدعوى وملابساتها أن الطاعن كان يستحضر بنفسه، بتحريره تذاكر طبية، كميات وافرة من المورفين بأسماء أشخاص لا وجود لهم تحت ستار حرفته لتسهيل تعاطيها للمدمنين إشباعاً لرغباتهم نظير ما يستولى عليه من الأجر منهم. ثم عقب على ذلك بالقول إنه فضلاً عما تقدّم فقد ضبط بعيادة الطاعن 16 أمبولة مورفين بنسبة 2% ولم يبين سبباً مشروعاً لوجود هذه الكمية بعيادته ولم يرصدها في الدفتر الخاص بذلك، وإنما قال إنه كان يحرز تلك الجواهر المخدّرة على ذمة مرضى يعالجهم أو مرضى كان يعالجهم واستغنوا عما تبقى منها بعد علاجهم ليستعملها في معالجة مرضى آخرين. وسلوك الطاعن بعدم قيده هذه المخدّرات في الدفتر وعدم إرشاده عن الأشخاص الذين عالجهم بهذه المواد يجعل المحكمة تستنتج أنه لم يكن حسن النية في إحرازها وإنما أحرزها ليسهل تعاطيها للمدمنين بطريقة غير مشروعة. وكذلك عرض الحكم للرد على الحكم الابتدائي الذي قضى ببراءة الطاعن فقال إن أسبابه لا تتمشى مع شهادة الشهود ولا مع القرائن الكثيرة التي أوردها ولا مع تصرفات الطاعن وإسرافه في صرف المواد المخدّرة مما يتبين منه بوضوح أن تصرفه فيها لم يكن بقصد العلاج وإنما كان لتسهيل التعاطي بمقابل.
وحيث إنه يتضح من البيان المتقدّم أن الحكم أفاض في بيان الواقعة ولا عيب فيه من هذه الناحية. أما ما يقوله الطاعن من أن الحكم أغفل ذكر أسماء المرضى الذين صادقوه ووافقوه في دفاعه فلا يؤثر في سلامته لأنه مع تعويل المحكمة على أدلة الثبوت واستنادها إليها ما يفيد الرد على دفاع الطاعن وأنها لم تأخذ به ولم تصدّقه.
وحيث إنه يبين مما تقدّم أيضاً أن الحكم المطعون فيه ردّ على أسباب الحكم الابتدائي ردّاً كافياً كما أنه أورد الأدلة التي استند إليها في الإدانة وهي مما يصلح لأن تكون مقدّمات تؤدّي إلى النتيجة التي رتبت عليها. وقد كان عماد الحكم في ثبوت إدانة الطاعن أنه حرر تذاكر بأسماء أشخاص كثيرين ثبت أن لا وجود لهم، كما أن كثيرين ممن حرر تذاكر بأسمائهم لم يعالجوا عنده في تاريخ تحرير التذاكر. فإذا ما أضاف الحكم إلى ذلك قوله إنه لا يصدّق الطاعن في دفاعه بأنه كان يقصد معالجة المرضى باستعمال المخدّر لأن الأدلة توافرت على عكس ما يدّعيه، فضلاً عن أن مداواة المدمنين على المخدّرات بالطريقة التي ذكرها غير مجمع على صلاحيتها علمياً - إذا أضاف الحكم ذلك في صدد نفي دفاع الطاعن فلا يصح القول بأنه أخذ بالشبهات والاستنتاج.
ومن حيث إن محصل الوجه الثالث أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون لأنه أدان الطاعن على أساس أنه لم يمسك دفتراً لقيد المواد المخدّرة التي في حيازته مع أن الطبيب غير ملزم قانوناً بمسك الدفتر إلا إذا كان حاصلاً على إجازة خاصة من وزارة الصحة بإحراز المخدّر، وهذا الشرط لم يتوافر في الدعوى الحالية، ونفس الحكم يقول بذلك ولكنه يرى أنه ليس من الضروري تحقيقه. وهذا خطأ لأنه لا يتعارض مع نص المادة 26 من قانون المخدّرات فحسب، بل يتعارض مع جميع نصوص القانون المذكور.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ تصدّى لتهمة إمساك الدفتر في صدد ما وجد من المخدّرات عند الطاعن سلم بأنه لم يكن لديه تذكرة رخصة من وزارة الصحة، ولكنه قال إنه ليس هناك مع ذلك ما يمنع الطبيب من التصرف لمصلحة أحد المرضى فيما يمكن أن يتبقى لديه من حقن المورفين بعد علاج المريض الذي صرفت له بشرط أن يقيد ذلك في دفتر قيد المواد المخدّرة.
وعلى هذا الأساس أدان الحكم الطاعن من أجل التهمة الثانية.
- وحيث إن المادة 26 من قانون الاتجار بالمخدّرات لا توجب على الطبيب قيد المواد المخدّرة في دفتر خاص إلا إذا كانت حيازته لهذه المواد شرعية عن طريق وجود ترخيص صريح لديه من وزارة الصحة، فإذا لم يوجد لديه هذا الترخيص عاقبه القانون على الحيازة الغير المشروعة كلما وجد عنده مخدّر. أما قول الحكم بأن للطبيب غير المرخص له من وزارة الصحة بحيازة المخدّر أن يحتفظ بما يتبقى لديه بعد علاج من صرف ذلك المخدّر بأسمائهم لاستعماله في معالجة غيرهم، أو أن يحتفظ بالمخدّر نيابة عن المريض الذي صرف باسمه - أما قول الحكم هذا فظاهر البطلان ولا يستقيم بحال مع نصوص القانون ولا مع غرض المشرع من وضع حدّ لاستعمال المخدّرات في غير ما أجازه من الأغراض.
وحيث إنه لا جدال مع ذلك في أن للطبيب أن يتصل بالمخدّر الذي وصفه لمريض لضرورة العلاج إلا أن هذه الإجازة مرجعها في الواقع القانون العام وهو سبب الإباحة المبني على حق الطبيب في مزاولة مهنته بوصف الدواء ومباشرة إعطائه للمريض. ولكن هذا الحق يزول وينعدم قانوناً بزوال علته وانعدام أساسه، فهو لا يخوّل وحده للطبيب بدون ترخيص من وزارة الصحة أن يحتفظ بالمخدّر في عيادته لأي سبب من الأسباب.
وحيث إنه متى تقرر ذلك كانت حيازة الطاعن للمخدّر الذي ضبط لديه غير شرعية وكان غير ملزم بالقيد في أي دفتر. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قال بتوافر عناصر الجريمة المنصوص عليها في المادتين 26 و35/ 4 من قانون المواد المخدّرة مع عدم وجود تذكرة رخصة لدى الطاعن قد أخطأ في تأويل القانون.
وحيث إنه لما تقدّم يتعين قبول الطعن موضوعاً بالنسبة للتهمة الثانية (تهمة إمساك الدفتر) والحكم ببراءة الطاعن منها.
وحيث إن العقوبة التي أوردها القانون واحدة بالنسبة لكل من الجريمتين اللتين طلب معاقبة الطاعن عنهما وقد وقع العقاب على أساس أنه عن جريمة واحدة منهما طبقاً للمادة 32 من قانون العقوبات. ولما كان الحكم سليماً بالنسبة للتهمة الأولى وجب اعتبار العقوبة التي قضى بها الحكم المطعون فيه جزاء عن تلك التهمة ويتعين إذاً رفض الطعن موضوعاً فيما يختص بهذه التهمة.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 25 مشاهدة
نشرت فى 31 مارس 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,120,793

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »