290-إن القانون يشترط في الشخص الذي يتجر في مثل الشيء المسروق أو الضائع في معنى الفقرة الثانية من المادة 977 من القانون المدني، أن يتجر فيه حقيقة.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 404
جلسة 11 من يناير سنة 1955
برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: مصطفى فاضل، ومصطفى حسن، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل المستشارين.
(134)
القضية رقم 1030 سنة 24 القضائية
استرداد الشيء المسروق. الشخص الذي يتجر في مثل الشيء المسروق أو الضائع في حكم المادة 977/ 2 مدني. ما الذي يشترط فيه؟
إن القانون يشترط في الشخص الذي يتجر في مثل الشيء المسروق أو الضائع في معنى الفقرة الثانية من المادة 977 من القانون المدني، أن يتجر فيه حقيقة، ولا يكفى أن يظهر البائع بمظهر التاجر أو يعتقد المشترى أنه يتعامل مع تاجر.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1ـ مدبولى أحمد التركي (الطاعن الأول) و2ـ موريس برسوم و3ـ ميخائيل جرجس بدوى بأنهم في الفترة الواقعة ما بين 6 فبراير سنة 1952 و12 مايو سنة 1952 بدائرة قسم عابدين: أولاً: المتهمان الأول والثاني أخفيا السيارة المسروقة والموضحة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لألبير فيتا بيهار مع علمهما بذلك. وثانياً: لأنهما أخفيا السيارة المسروقة والموضحة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لفيكتور بنشوتو مع علمهما بذلك. وثالثاً: لأنه في الفترة الواقعة ما بين 9 يوليه سنة 1952 و24 فبراير سنة 1953 بدائرة قسم عابدين: الأول والثالث أخفيا السيارة المسروقة الموضحة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لأمين رفعت أبو هيف مع علمهما بذلك. وطلبت النيابة عقابهم بالمادة 44 مكررة من قانون العقوبات. كما اتهمت النيابة في دعواها رقم 1321 سنة 1953 المتهمين الأول والثانى بأنهما في الفترة الواقعة ما بين 23 مايو سنة 1952 و25 أغسطس سنة 1952 بعابدين أخفيا السيارة المسروقة الموضحة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لكامل جرجس منصور مع علمهما بذلك، وطلبت عقابهما بالمادة 44 مكررة من قانون العقوبات.
ومحكمة عابدين الجزئية نظرت الدعويين وقررت ضمهما ليصدر فيهما حكم واحد. وقد ادعى أمامها بحق مدني 1ـ إمام حنفي إبراهيم وطلب الحكم له قبل المتهمين الأول والثانى متضامنين مع وزارة الداخلية باعتبارها مسئولة مدنياً بمبلغ 220ج على سبيل التعويض مع المصاريف وأتعاب المحاماة و2ـ جبرائيل غليونجى وطلب الحكم له قبل المتهمين الأول والثانى بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف والأتعاب و3ـ الأستاذ أمين رفعت أبو هيف وطلب الحكم له قبل المتهمين الثلاثة متضامنين (كذا) بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف والأتعاب مع إلزام ميخائيل جرجس بأن يسلمه السيارة و4ـ ألبير فيتا بيهار وطلب الحكم له قبل المتهمين الأول والثانى متضامنين بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف والأتعاب و5 ـ كمال جرجس منصور وطلب الحكم له قبل المتهمين الأول والثانى متضامنين بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. وبعد أن انتهت المحكمة من سماع أطراف الخصومة في الدعويين قضت حضورياً في 7 يونيه سنة 1953 أولاً: في الدعوى رقم 1371 سنة 1953 عابدين بحبس المتهم الأول مدبولى أحمد التركي سنة مع الشغل والنفاذ عن كل تهمة وحبس المتهم الثاني موريس برسوم سنة مع الشغل عن كل تهمة وذلك عملاً بالمادة 44 مكررة من قانون العقوبات. وببراءة المتهم الثالث ميخائيل جرجس بدوى مما أسند إليه عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. وفى الدعوى المدنية المرفوعة من إمام حنفي إبراهيم برفضها مع رد السيارة رقم 18909 ملاكي مصر إليه، وألزمته بالمصاريف المدنية المناسبة. وفى الدعوى المرفوعة من ألبير فيتا بيهار بإلزام مدبولي أحمد التركي وموريس برسوم متضامنين بأن يدفعا له قرشاً صاغاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ورفض ما خالف ذلك من الطلبات، وفى الدعوى المرفوعة من الأستاذ أمين رفعت أبو هيف بإلزام مدبولى أحمد التركي بأن يدفع مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ورفض ما خالف ذلك من الطلبات وثانياً: في الدعوى رقم 1321 سنة 1953 جنح عابدين بحبس مدبولى أحمد التركي سنة مع الشغل والنفاذ وحبس موريس برسوم سنة وكفالة 50 جنيهاً لوقف التنفيذ، وفى الدعوى المدنية المرفوعة من جبرائيل غليونجى بإلزام المتهمين متضامنين بأن يدفعا له قرشاً صاغاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف والتصريح له باستلام السيارة 7773 ملاكي مصر. وفى الدعوى المرفوعة من كمال جرجس منصور بإلزام المتهمين متضامنين بأن يدفعا له قرشاً صاغاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم وطلبا إلغاءه وبراءتهما مما نسب إليهما ورفض الدعوى المدنية قبلهما، كما استأنفته النيابة طالبة تشديد العقوبة عليهما ومعاقبة المتهم الثالث الذي حكم ببراءته بمادة الاتهام المطلوب محاكمته بها، واستأنف هذا الحكم كذلك الأستاذ أمين رفعت أبو هيف وطلب الحكم له بطلباته، وقيدت الاستئنافات جميعها برقم 3427 سنة 1953، وقد نظرتها محكمة مصر الابتدائية وقضت حضورياً بحكمها الصادر في 6 ديسمبر سنة 1953 أولاً في الجنحة رقم 1371 سنة 1953 عابدين بقبول استئناف المتهم الأول شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة والاكتفاء بحبسه ستة شهور مع الشغل عن كل تهمة وتأييده بالنسبة للدعاوى المدنية وبإلغائه بالنسبة للتضامن بينه و بين المتهم الثاني مع رفض طلب معاملته في السجن فئة أو بقبول استئناف المتهم الثاني شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة له وبراءته مما نسب إليه ورفض الدعاوى المدنية ضده مع إلزام رافعيها بمصروفاتها عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. وبالنسبة لاستئناف النيابة والمدعي بالحقوق المدنية الأستاذ أمين رفعت أبو هيف: أولاًـ بعدم جواز استئناف النيابة بالنسبة للمتهمين الأول والثانى مدبولى أحمد التركي والأستاذ موريس برسوم، وبقبول استئناف النيابة بالنسبة للمتهم الثالث ميخائيل بدوى شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة له في الدعوى الجنائية وبقبول استئناف المدعى الأستاذ أمين رفعت أبو هيف شكلاً ولرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة له مع إلزامه بالمصروفات المدنية الاستئنافية. وثانياً ـ في الجنحة رقم 1321 سنة 1953 عابدين بقبول استئناف المتهم الأول شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة والاكتفاء بحبسه ستة شهور مع الشغل وبالنسبة للدعوى المدنية المرفوعة من جبرائيل غليونجى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام هذا المتهم مع الثاني بالتضامن بدفع قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت ورفض الدعوى المدنية وتأييده فيما قضى من رد السيارة للمدعى بالحقوق المدنية مع إلزام رافع الدعوى المدنية بمصروفاتها ورفض طلب هذا المتهم معاملته بالفئة أ بالسجن. وبقبول استئناف المتهم الثاني شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءته مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية المرفوعة ضده وإلزام رافعها بمصروفاتها عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية، وبعدم جواز استئناف النيابة بالنسبة لهذين المتهمين.
فطعن المحكوم عليه الأول وحده في الحكم الأخير بطريق النقض غير أنه لم يقدم تقريراً بأسباب طعنه ـ وفى 16 من ديسمبر سنة 1953 حصل الأستاذ أمين رفعت أبو هيف المدعى بالحقوق المدنية على شهادة رسمية من قلم الكتاب تفيد أن الحكم الاستئناقى لم يودع قلم الكتاب موقعاً عليه حتى التاريخ المذكور. وفى 22 من الشهر المذكور توجه المحضر لإعلانه بمكتبه، فوجده مغلقاً، فأعلنه للنيابة في اليوم نفسه، وأرسل إليه خطاباً مسجلاً يخبره فيه بذلك، كما يوجب ذلك القانون. وقدم الأستاذ أحمد مختار قطب المحامى عن الأستاذ أبو هيف تقريراً بأسباب طعنه في يوم السبت 2 من يناير سنة 1954.
المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول مدبولى أحمد التركي وإن كان قرر الطعن في الميعاد، غير أنه لم يقدم لطعنه أسباباً، فيكون طعنه غير مقبولاً شكلاً.
وحيث إن الطعن المرفوع من الطاعن الثاني الأستاذ أمين رفعت أبو هيف قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن المذكور على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون وفى تأويله حين قضى برفض طلب استرداد سيارته المسروقة، ذلك بأن المحكمة أخطأت فهم المقصود من عبارة من يتجر في مثل الشيء الضائع أو المسروق الواردة بالفقرة الثانية من المادة 977 من القانون المدني، كما أخطأ في تأويل معنى السوق العامة الواردة بالفقرة المذكورة.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه برفض طلب الطاعن استرداد سيارته المسروقة ممن هي في حيازته ـ وهو المطعون ضده ميخائيل جرجس ـ على قوله"أما عن طلب السيارة استناداً إلى أن المتهم الثالث (المطعون ضده) لم يشتر ممن يتجر عادة في السيارات فمردود عليه بأن اعتبار الشخص ممن يتجر في سلعة معينة من عدمه مسألة تقديرية لا يمكن وضع ضابط لها وتختلف باختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية، ولا شك أن في ظهور المتهم الأول (البائع) بأنه يشترى السيارات القديمة ويصلحها ويبيعها وطبيعة عمله أنه ميكانيكي سيارات، وقد ثبت من تحقيق هذه القضية أنه باع أربع سيارات للمتهم الثاني. ولا جدال في أن من يظهر بهذا المظهر أمام الناس ويشتهر عنه أنه يبيع السيارات بعد إصلاحها ينطبق عليه المعنى المقصود من أنه يتجر عادة في مثل هذه السلع، ويعزز هذا الرأي السائد بين الناس أن السيارات المستعملة ليس لها سوق خاص، بل العادة جرت أن يشترى الشخص سيارة مستعملة من بائعها مباشرة إذا كانت بينهما معرفة أو بواسطة شخص له اتصال بالسيارات كالميكانيكية لشراء سيارة للغير، ومن ثم يمكن القول إن السوق العامة المقصودة في القانون للسيارات المستعملة هو ميكانيكية السيارات وأصحاب الورش التي تقوم بإصلاحها، ومن ثم يكون هذا الاستئناف في غير محله ويتعين رفضه وتأييد الحكم المستأنف ".
وحيث إنه يبين مما قاله الحكم من ذلك أنه إذ اعتبر البائع تاجراً عول في ذلك على ظهوره بمظهر التاجر دون أن يبحث فيما إذا كان هذا البائع يتجر حقيقة في السيارات. ولما كان القانون يشترط في الشخص الذي يتجر في مثل الشيء المسروق أو الضائع في معنى الفقرة الثانية من المادة 977 من القانون المدني أن يتجر فيه حقيقة، ولا يكفى أن يظهر البائع بمظهر التاجر أو يعتقد المشترى أنه يتعامل مع تاجر ـ لما كان ذلك، وكان ما قاله الحكم أيضاً من أن محال إصلاح السيارات وأصحاب الورش تعتبر سوقاً عامة لبيع السيارات المستعملة لا يؤدى وحده إلى هذه النتيجة، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على ما تقدم يكون قاصر البيان مما يستوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ساحة النقاش