8-تولي محام واحد الدفاع عن متهمين رغم التعارض بين مصلحتيهما إخلال بحق الدفاع أثره: بطلان الحكم.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 547
جلسة 21 من إبريل سنة 1969
برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، وحسين سامح، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.
(114)
الطعن رقم 188 لسنة 39 القضائية
دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إجراءات المحاكمة. حكم. "بطلانه". بطلان. ضرب. "ضرب أحدث عاهة". عاهة مستديمة.
تولي محام واحد الدفاع عن متهمين رغم التعارض بين مصلحتيهما. إخلال بحق الدفاع. أثره: بطلان الحكم.
متى كان يبين من الحكم المطعون فيه أن للمجني عليه روايتين ذكر في إحداهما - وهي التي أدلى بها في تحقيق النيابة - أن الطاعن الأول هو الذي أحدث به إصابة اليد اليمنى التي تخلفت عنها عاهة مستديمة وأن الطاعن الثاني قد أحدث به إصابة اليد اليسرى التي تخلفت عنها أيضاً عاهة مستديمة، أما روايته الأخرى التي أدلى بها في محضر جمع الاستدلالات فقد ذكر فيها، أن هاتين الإصابتين اللتين تخلف عن كل منهما عاهة مستديمة قد أحدثهما الطاعن الثاني وحده. ومن ثم فإن تولى محام واحد الدفاع عن هذين المتهمين يشكل إخلالاً بحق المتهم الأول في الدفاع لتعارض مصلحته مع مصلحة المتهم الثاني، وأن رواية المجني عليه التي أدلى بها بمحضر جمع الاستدلالات هي مما ينبغي أن تكون محل تقدير في الدفاع عن المتهم الأول وكان يصح أن يتمسك بها في الجلسة لدرء مسئوليته الجنائية عن إحداث عاهة اليد اليمنى ولأحدثت بالتالي أثرها في تقدير العقوبة بالنسبة للمتهم الآخر وهو ما يستلزم حتماً فصل دفاع كل منهما عن الآخر وإقامة محام مستقل لكل منهما حتى يتوافر لكل منهما حرية الدفاع عن موكله في نطاق مصلحته الخاصة دون غيرها. أما وأن المحكمة قد سمحت لمحام واحد بالدفاع عن الطاعنين فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع مما يعيب الحكم ويبطله بالنسبة لهما.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 17 مارس سنة 1964 بدائرة مركز الدلنجات محافظة البحيرة: المتهم الأول: أحدث عمداً بعبد الحميد السيد زايد إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي بإصبعه السبابة ليده اليمنى والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة هي كسر ملتحم في وضع معيب بمشطية الإصبع وإعاقة في حركة مفاصل الأصبع تقلل من كفاءته عن العمل بما يقدر بنحو 6% "ستة في المائة" المتهم الثاني: أحدث عمداً بعبد الحميد السيد زايد إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي بإصبعه الوسطى ليده اليسرى والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة هي كسر ملتحم في وضع معيب بمشطية الأصبع مع إعاقة في حركة مفاصل الإصبع تقلل من كفاءته عن العمل بما يقدر بنحو 5% "خمسة في المائة". المتهمان الأول والثاني أيضاً: أحدثا عمداً بعبد الحميد السيد زايد إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد عن العشرين يوماً. المتهم الثالث: أحدث عمداً بالسيد عبد الحميد زايد إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي بأصبعه البنصر ليده اليسرى والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة هي كسر غير ملتحم بالسلامية الظفرية للإصبع مع تغيرات عظمية بالمفصل السلامي الظفري وإعاقات في حركة مفاصل الإصبع بما يقلل من كفاءته عن العمل بما يقدر بنحو 3 - 4% "ثلاثة إلى أربعة في المائة". المتهمان الثاني والثالث: أحدثا عمداً بالسيد عبد الحميد زايد إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد عن العشرين يوماً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادتين 240/ 1 وجنحة 241/ 1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. وادعى المجني عليه الأول مدنياً قبل المتهمين الأول والثاني متضامنين بمبلغ 250 ج على سبيل التعويض كما ادعى المجني عليه الثاني مدنياً قبل المتهمين الثاني والثالث بمبلغ 250 ج على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات دمنهور قضت في الدعوى حضورياً عملاً بالمادتين 240/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32 و17 من القانون المذكور بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل مدة ثلاثة أشهر وإلزام كل من المتهمين الأول والثاني متضامنين بأن يدفعا إلى المدعي بالحق المدني الأول مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت وبإلزام كل من المتهمين الثاني والثالث متضامنين بأن يدفعا إلى المدعي بالحق المدني الثاني مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض والمصروفات المدنية. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه هو أنه إذ دانهم بجرائم الضرب قد انطوى على إخلال بحق الدفاع إذ تولى الدفاع عن الطاعنين محام واحد رغم تعارض مصلحة كل منهم مع الآخر.
وحيث إنه لما كان يبين من الاطلاع على محضر الجلسة أن الأستاذ زهير علام المحامي قد حضر عن المتهمين جميعاً وأبدى دفاعه عنهم، كما يبين من الحكم المطعون فيه أن للمجني عليه عبد الحميد السيد زايد روايتين ذكر في إحداهما - وهي التي أدلى بها في تحقيق النيابة - أن الطاعن الأول علي السيد زايد هو الذي أحدث به إصابة اليد اليمنى التي تخلفت عنها عاهة مستديمة وأن الطاعن الثاني عبد المقصود السيد زايد قد أحدث به إصابة اليد اليسرى التي تخلفت عنها أيضا عاهة مستديمة أما روايته الأخرى التي أدلى بها في محضر جمع الاستدلالات فقد ذكر فيها أن هاتين الإصابتين اللتين تخلف عن كل منهما عاهة مستديمة قد أحدثهما الطاعن الثاني وحده. ومن ثم فإن تولى محام واحد الدفاع عن هذين المتهمين يشكل إخلالاً بحق المتهم الأول في الدفاع لتعارض مصلحته مع مصلحة المتهم الثاني، إذ أن رواية المجني عليه التي أدلى بها بمحضر جمع الاستدلالات هي مما ينبغي أن تكون محل تقدير في الدفاع عن المتهم الأول وكان يصح أن يتمسك بها في الجلسة لدرء مسئوليته الجنائية عن إحداث عاهة اليد اليمنى ولأحدثت بالتالي أثرها في تقدير العقوبة بالنسبة للمتهم الآخر وهو ما يستلزم حتماً فصل دفاع كل منهما عن الآخر وإقامة محام مستقل لكل منهما حتى يتوافر لكل منهما حرية الدفاع عن موكله في مصلحته الخاصة دون غيرها. لما كان ذلك، فإن المحكمة إذ سمحت لمحامي واحد بالدفاع عن الطاعنين الأول والثاني تكون قد أخلت بحق الدفاع مما يعيب الحكم ويبطله بالنسبة للطاعنين الأول والثاني. ونظراً لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة يتعين نقض الحكم بالنسبة للطاعنين الثلاثة والإحالة دون حاجة إلى بحث الوجه الثاني من الطعن
ساحة النقاش