18-حالة الحادث القهري. شرط توافرها: ألا يكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه اطمئنان المحكمة إلى توافر الخطأ في حق الطاعن وإيرادها صورته. مؤداه: انتقاء القول بتحقق الحادث القهري.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 1108
جلسة 18 من أكتوبر سنة 1998
برئاسة السيد المستشار/ طلعت الأكيابي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جبري وأحمد جمال الدين عبد اللطيف وفريد عوض علي وبدر الدين السيد البدوي نواب رئيس المحكمة.
(150)
الطعن رقم 10317 لسنة 61 القضائية
(1) نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم إغفاله نص القانون الذي حكم بموجبه - غير مقبول. ما دام أنه يبين مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها وأفصح عن أخذه بها.
(2) إثبات "معاينة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد. لا محل له. ما دام ما حصله الحكم من محضر المعاينة له أجله الثابت في الأوراق.
الجدل الموضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى غير جائز أمام النقض. مثال.
(3) تقرير التلخيص. إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي يعدم اشتمال الأوراق على تقرير التلخيص. لا محل له. ما دام أن البين من المفردات المضمومة اشتمالها عليه.
(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب "قوة قاهرة". مسئولية جنائية "موانع المسئولية". قتل خطأ. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حالة الحادث القهري. شرط توافرها: ألا يكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه اطمئنان المحكمة إلى توافر الخطأ في حق الطاعن وإيرادها صورته. مؤداه: انتقاء القول بتحقق الحادث القهري.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. لا يجوز إثارته أمام النقض.
(6) خطأ. مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر عنصر الخطأ". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الخطأ المستوجب مسئولية مرتكبة جنائياً أو مدنياً. موضوعي. المجادلة في ذلك أمام النقض غير مقبولة.
(7) قتل خطأ. مسئولية جنائية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ هي مجاوزة الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه. تقدير ذلك. موضوعي.
استظهار الحكم خطأ الطاعن من قيادته سيارته بسرعة زائدة من آثار الفرامل وطولها ومكانها في منتصف الطريق من واقع المعاينة لمكان الحادث مما أدى إلى اصطدامه بالسيارة التي تتقدمه وانقلابها في المياه المجاورة وموت المجني عليهما. كفايته لبيان خطأ الطاعن ورابطة السببية بينه وبين الضرر الواقع نتيجة ذلك الخطأ. المجادلة في ذلك. غير مقبولة.
(8) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
(9) إثبات بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها وأفصح عن أخذه بها - ومن بينها المادة 238/ 1 من قانون العقوبات التي عاقب الطاعن بمقتضاها، فإن النعي عليه بإغفال ذلك يكون في غير محله.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه لدى بيانه واقعة الدعوى وعند تحصيله مضمون ما جاء بتقرير الحوادث وما أثبته الضابط.... بمحضر المعاينة بتاريخ 3 من مارس سنة 1985 الذي بين مكان الحادث وأطرافه والمصابين ووضع السيارات وحالة الطريق والتلفيات والشهود أورى بالبند الخامس آثار الحادث" (1) وجد آثار زجاج مكسور خلف السيارة الملاكي (2) كما وجد آثار فرامل خلف السيارة رقم.... ملاكي دمياط بحوالي 50 متراً بطول حوالي خمسة أمتار في منتصف الطريق (3) وجد آثار احتكاك لبويه لونها أخضر وهو لون السيارة الملاكي على الجانب الأيسر للسيارة..... أجرة بورسعيد (4) كما وجد آثار احتكاك لبوية لونها أبيض وهو لون السيارة الأجرة على الجانب الأيسر للسيارة رقم...... ملاكي دمياط. وإذ كان ما حصله الحكم من محضر المعاينة له صداه وأصله الثابت في الأوراق - على ما يبين من المفردات المضمومة - فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل بما تنحل معه منازعته في سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى ومصادرتها في عقيدتها وهو ما لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض.
3 - لما كان البين من مراجعه المفردات المضمومة إنها اشتملت على تقرير التلخيص ومن ثم فإن النعي لذلك يكون غير محله.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر خطأ الطاعن بما مؤداه أن الطاعن اصطدم بالسيارة الملاكي قيادته بالسيارة الأجرة التي تتقدمه مما أدى إلى انحراف السيارة الأجرة وانقلابها في المياه ونجم عن ذلك وفاة المجني عليهما إذ أوردت المعاينة من تهشم مقدمة السيارة الملاكي فضلاً عن آثار فراملها والتي بلغت خمسة أمتار في منتصف الطريق ما يؤكد قيادته بسرعة زائدة وأنه كان يحاول تخطي سيارة الأجرة التي تتقدمه وعليه فالمحكمة تطمئن إلى ثبوت الخطأ في حق الطاعن. وإذ كان ما أورده الحكم في هذا الشأن كافياً وسائغاً في استظهار ركن الخطأ في جانب الطاعن لمحاولته اجتياز سيارة أمامه دون أن يتأكد من أن حالة الطريق تسمح بذلك فحدث التصادم، وكان يشترط لتوافر حالة الحادث القهري ألا يكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه فإذا اطمأنت المحكمة إلى توافر الخطأ في حق الطاعن وأوردت صورة الخطأ الذي وقع منه ورتبت عليه مسئوليته فإن في ذلك ما ينتفي معه القول بحصول الواقعة عن حادث قهري ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل.
5 - لما كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكانت المحكمة قد استخلصت صورة الحادث التي ارتاح إليها وجدانها واستقرت في عقيدتها وكان الطاعن لا يجادل في أن الأدلة التي استندت إليها والتي تؤدى إلى تلك النتيجة لها أصلها الثابت في الأوراق فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة التي استنبطت منها المحكمة معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لما كان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى لا تقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
7 - لما كانت السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ ليست لها حدود ثابتة وإنما هي التي تجاوز الحد الذي يقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت أو الجرح وتقدير ما إذا كانت السرعة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ أولاً تعد مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحدها، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر خطأ الطاعن ودلل على أن الطاعن كان يقود سيارته بسرعة زائدة من واقع آثار الفرامل وطولها ومكانها في منتصف الطريق من واقع المعاينة لمكان الحادث مما أدى لاصطدامه بالسيارة الأجرة التي كانت تتقدمه فأطاح بها بعد انقلابها في المياه المجاورة مما أدى إلى حدوث إصابات أودت بحياة المجني عليهما ومن ثم فإنه يكون قد أبان خطأ الطاعن ورابطة السببية بين هذا الخطأ والضرر الواقع بوفاة المجني عليهما نتيجة ذلك الخطأ مستنداً في ذلك إلى أدلة الدعوى مما لا يجوز المجادلة في توافره أو سلامة الاستدلال عليه أمام هذه المحكمة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
8 - لما كان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر أمام المحكمة دفاعه القائم على انتفاء عنصر السرعة أثناء قيادته السيارة إذ آثار الفرامل تخص السيارة الأخرى - على ما أورده بوجه طعنه - وكان من المقرر أنه لا يقبل من المتهم أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس.
9 - لما كان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. فإن كل ما يثيره الطاعن في باقي أوجه الطعن من نفي التهمة وأن سيارة الأجرة هي التي انحرفت ناحيته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما أولاً: تسببا خطأ في وفاة كل من..... وآخر مجهول الشخصية وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احترازهما وعدم مراعتهما للقوانين واللوائح بأن قاد كل منهما سيارته برعونة وبحالة ينجم عنها الخطر فأخلا إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه أصول مهنتهما فاصطدم كل منهما بسيارته بالآخر فحدثت إصابات المجني عليهما سالفي الذكر والتي أودت بحياتهما. ثانياً: قاد كل منهما سيارته بحالة ينجم عنها الخطر. ثالثاً: تسببا بإهمالهما في إحداث التلفيات المبينة بالمحضر. وطلبت عقابه بالمادتين 238/ 1، 2، 378/ 6 من قانون العقوبات ومواد القانون رقم 66 لسنة 73 المعدل بالقانون رقم 210 لسنة 80. ومحكمة جنح كفي سعد قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام - بتغريمه مائتي جنيه عن المتهمين الأولى والثانية وعشرين جنيهاً عن الثالثة وخمسة جنيهات عن الرابعة. استأنف ومحكمة دمياط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتغريمه مائتي جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (وقيد بجدولها برقم 11511 لسنة 59 ق). ومحكمة النقض قضت في 9 من إبريل سنة 1990 بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة دمياط الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى.
ومحكمة الإعادة (مشكلة بهيئة استئنافية أخرى) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم مائتي جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية... إلخ.
المحكمة
لما كان الحكم المطعون فيه قد بين مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها وأفصح عن أخذه بها - ومن بينها المادة 238/ 1 من قانون العقوبات التي عاقب الطاعن بمقتضاها، فإن النعي عليه بإغفال ذلك يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لدى بيانه واقعة الدعوى وعند تحصيله مضمون ما جاء بتقرير الحوادث وما أثبته الضابط....... بمحضر المعاينة بتاريخ 3 من مارس سنة 1985 الذي بين مكان الحادث وأطرافه والمصابين ووضع السيارات وحالة الطريق والتلفيات والشهود أورى بالبند الخامس آثار الحادث" (1) وجد آثار زجاج مكسور خلف السيارة الملاكي (2) كما وجد آثار فرامل خلف السيارة رقم..... ملاكي دمياط بحوالي 50 متراً بطول حوالي خمسة أمتار في منتصف الطريق (3) وجد آثار احتكاك لبويه لونها أخضر وهو لون السيارة الملاكي على الجانب الأيسر للسيارة.... أجرة بورسعيد (4) كما وجد آثار احتكاك لبوية لونها أبيض وهو لون السيارة الأجرة على الجانب الأيسر للسيارة رقم...... ملاكي دمياط. وإذ كان ما حصله الحكم من محضر المعاينة له صداه وأصله الثابت في الأوراق - على ما يبين من المفردات المضمومة - فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل بما تنحل معه منازعته في سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى ومصادرتها في عقيدتها وهو ما لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من مراجعة المفردات المضمومة إنها اشتملت على تقرير التلخيص ومن ثم فإن النعي لذلك يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر خطأ الطاعن بما مؤداه أن الطاعن اصطدم بالسيارة الملاكي قيادته بالسيارة الأجرة التي تتقدمه مما أدى إلى انحراف السيارة الأجرة وانقلابها في المياه ونجم عن ذلك وفاة المجني عليهما إذ أوردت المعاينة من تهشم مقدمة السيارة الملاكي فضلاً عن آثار فراملها والتي بلغت خمسة أمتار في منتصف الطريق ما يؤكد قيادته بسرعة زائدة وأنه كان يحاول تخطي سيارة الأجرة التي تتقدمه وعليه فالمحكمة تطمئن إلى ثبوت الخطأ في حق الطاعن. وإذ كان ما أورده الحكم في هذا الشأن كافياً وسائغاً في استظهار ركن الخطأ في جانب الطاعن لمحاولته اجتياز سيارة أمامه دون أن يتأكد من أن حالة الطريق تسمح بذلك فحدث التصادم، وكان يشترط لتوافر حالة الحادث القهري ألا يكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه فإذا اطمأنت المحكمة إلى توافر الخطأ في حق الطاعن وأوردت صورة الخطأ الذي وقع منه ورتبت عليه مسئوليته فإن في ذلك ما ينتفي معه القول بحصول الواقعة عن حادث قهري ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكانت المحكمة قد استخلصت صورة الحادث التي ارتاح إليها وجدانها واستقرت في عقيدتها وكان الطاعن لا يجادل في أن الأدلة التي استندت إليها والتي تؤدى إلى تلك النتيجة لها أصلها الثابت في الأوراق فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة التي استنبطت منها المحكمة معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى لا تقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض. وأن السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ ليست لها حدود ثابتة وإنما هي التي تجاوز الحد الذي يقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت أو الجرح وتقدير ما إذا كانت السرعة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ أولاً تعد مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحدها، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر خطأ الطاعن ودلل على أن الطاعن كان يقود سيارته بسرعة زائدة من واقع آثار الفرامل وطولها ومكانها في منتصف الطريق من واقع المعاينة لمكان الحادث مما أدى لاصطدامه بالسيارة الأجرة التي كانت تتقدمه فأطاح بها بعد انقلابها في المياه المجاورة مما أدى إلى حدوث إصابات أودت حياة المجني عليهما ومن ثم فإنه يكون قد أبان خطأ الطاعن ورابطة السببية بين هذا الخطأ والضرر الواقع بوفاة المجني عليهما نتيجة ذلك الخطأ مستنداً في ذلك إلى أدلة الدعوى مما لا يجوز المجادلة في توافره أو سلامة الاستدلال عليه أمام هذه المحكمة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر أمام المحكمة دفاعه القائم على انتفاء عنصر السرعة أثناء قيادته السيارة إذ آثار الفرامل تخص السيارة الأخرى - على ما أورده بوجه طعنه - وكان من المقرر أنه لا يقبل من المتهم أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. فإن كل ما يثيره الطاعن في باقي أوجه الطعن من نفي التهمة وأن سيارة الأجرة هي التي انحرفت ناحيته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاًً مع مصادرة الكفالة.
ساحة النقاش