كفاية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي بالبراءة.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 696
جلسة 9 من نوفمبر سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب ووفيق الدهشان ونير عثمان ومحمود مسعود شرف نواب رئيس المحكمة.
(139)
الطعن رقم 15614 لسنة 62 القضائية
(1) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
كفاية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي بالبراءة. حد ذلك؟
(2) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
منازعة الطاعن في مقدار المبلغ المثبت بالشيك لا يؤثر على قيام جريمة الشيك ما دام أن الساحب لا يدعي وجود رصيد له في البنك المسحوب عليه الشيك يكفي لسداده. وجوب بحث المحكمة له وجوداً وكفاية للصرف أياً كانت قيمته.
اقتصار الحكم المطعون فيه على تقرير عدم إسباغ الحماية القانونية على الشيك موضوع الدعوى لمجرد حدوث تغير في مقدار المبلغ المثبت به دون بحثه استيفاءه للبيانات التي تطلب القانون توافرها في الشيك ليصبح أداة دفع ووفاء مستحق الأداء بمجرد الاطلاع. خطأ في تطبيق القانون وقصور.
1 - حسب القاضي للقضاء بالبراءة أن يتشكك في ثبوت التهمة. بيد أن هذا رهن بإحاطته بالدعوى عن بصر وبصيرة وبخلو حكمه من الخطأ في القانون ومن عيوب التسبيب.
2 - إن المنازعة في حقيقة مقدار المبلغ المثبت بالشيك لا أثر له على جريمة إعطاء شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب، ما دام أن الساحب لا يدعي وجود رصيد له في البنك المسحوب عليه يكفي لسداد المبلغ الذي يدعي بأنه هو الذي تم إدراجه بالشيك وقت تحريره، فإنه كان على المحكمة أن تبحث أمر الرصيد بالبنك المسحوب عليه لبيان وجوده وكفايته لصرف قيمة الشيك موضوع الدعوى. أياً كانت قيمته - وبصرف النظر عن المنازعة فيها وما إذا كان التغيير الذي حدث في مقدار المبلغ الحقيقي الذي كان مثبتاً بذلك الشيك له أثر على عدم قابلية الرصيد بالبنك المسحوب عليه أو كفايته للصرف، أما وقد اقتصرت في حكمها المطعون فيه على تقرير عدم إسباغ الحماية القانونية على الشيك موضوع الدعوى لمجرد حدوث تغير في مقدار المبلغ المثبت به، دون أن تعرض. لبحث استيفاء ذلك الشيك لسائر البيانات الأخرى التي يتطلب القانون توافرها في الشيك ليصبح أداة دفع ووفاء مستحق الأداء بمجرد الاطلاع، فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون معيباً بالقصور في التسبيب.
الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الإدعاء المباشر ضد المطعون ضده بوصف أنه: أصدر له شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات. وإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنح...... قضت غيابياً بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة ألف جنيه لوقف التنفيذ وفي الدعوى المدنية بإلزام المتهم بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. عارض وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه إلى حبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ والتأييد فيما عدا ذلك. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المستأنف ورفض الدعوى المدنية.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي نيابة عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب ورفض الدعوى المدنية، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم برر قضاءه بالبراءة تأسيساً على ما حدث من تغير في قيمة المبلغ الذي حرر بالشيك موضوع الدعوى، دون أن يعرض لما أقر به المطعون ضده بالتحقيقات بشأن مديونيته للمدعي بالحقوق المدنية بمبلغ مائة جنيه بموجب ذلك الشيك، وتوقيعه عليه، وعدم وجود رصيد له بالبنك المسحوب عليه، وهي ما يكفي لتحقق الجريمة المسندة إليه - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالبراءة في قوله "وحيث إن الشيك بذاته كأداة وفاء يجب أن يكون مستوفياً لأركانه الجازمة بما تحمله تلك الأوراق على نحو إذا قدمها حامل الورقة قدم له المسحوب ما تحمله من قيمة مما يتعين معه أن تكون تلك القيمة محددة به تحديداً نافياً للجهالة، غير قابل للتأويل فإن خضعت فيما تحمله إلى دلالة غير قاطعة يثبت الشك والظن فيها، والأمور الجنائية مبناها الجزم واليقين لا الشك والتخمين مهما ترجح نسبة الجريمة إلى المتهم، ومتى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق وتقريري الطب الشرعي أن قيمة شيك التداعي مائة جنيه وليست 16800 جنيهاً، الأمر الذي يعني أن البيان بشأن قيمة الشيك صار إلى أكثر من ترجيح عن تلك القيمة في هبوط أثر الورقة من الناحية الجنائية وأفضى إلى انعدام قيمتها من حيث التأثيم الجنائي، ومن ثم تقضي المحكمة ببراءة المستأنف ورفض الدعوى المدنية". لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - أنه قد اكتفى في قضائه بالبراءة على ما ثبت من التقريرين الفنيين - سالفي الذكر - من حدوث تغيير في مقدار المبلغ الذي كان محرراً أصلاً بالشيك موضوع الدعوى. لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أنه حسب القاضي للقضاء بالبراءة، أن يتشكك في ثبوت التهمة، بيد أن هذا رهن بإحاطته بالدعوى عن بصر وبصيرة وبخلو حكمه من الخطأ في القانون ومن عيوب التسبيب، وإذ كان من المقرر أن المنازعة في حقيقة مقدار المبلغ المثبت بالشيك لا أثر له على جريمة إعطاء شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب، ما دام أن الساحب لا يدعي وجود رصيد له في البنك المسحوب عليه يكفي لسداد المبلغ الذي يدعي بأنه تم إدراجه بالشيك وقت تحريره، فإنه كان على المحكمة أن تبحث أمر الرصيد بالبنك المسحوب عليه لبيان وجوده وكفايته لصرف قيمة الشيك موضوع الدعوى، أياً كانت قيمته - وبصرف النظر عن المنازعة فيها وما إذا كان التغيير الذي حدث في مقدار المبلغ الحقيقي الذي كان مثبتاً بذلك الشيك، له أثر على عدم قابلية الرصيد بالبنك المسحوب عليه أو كفايته للصرف، أما وقد اقتصرت في حكمها المطعون فيه على تقرير عدم إسباغ الحماية القانونية على الشيك موضوع الدعوى لمجرد حدوث تغير في مقدار المبلغ المثبت به، دون أن تعرض لبحث استيفاء ذلك الشيك لسائر البيانات الأخرى التي يتطلب القانون توافرها في الشيك ليصبح أداة دفع ووفاء مستحق الأداء بمجرد الاطلاع، فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون معيباً بالقصور في التسبيب، مما يوجب نقضه والإعادة فيما قضى به في الدعوى المدنية، بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
====================================
ساحة النقاش