أحكام النقض فى التزام البائع وورثته بضمان عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه
==============================
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 45 - صـ 1282
جلسة 23 من أكتوبر سنة 1994
برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم وخيري فخري نواب رئيس المحكمة.
(242)
الطعن رقم 3685 لسنة 59 القضائية
(1) نقض "حالات الطعن: مخالفة حكم سابق". قوة الأمر المقضي.
الطعن بالنقض المبني على تناقض حكمين انتهائيين. شرطه مناقضة الحكم المطعون فيه لقضاء سابق حاز قوة الأمر المقضي في مسألة كلية ثار حولها النزاع واستقرت حقيقتها بين طرفي الخصومة بالفصل فيها في الحكم السابق.
(2) دعوى "دعوى صحة التعاقد". بيع. ملكية. تقادم.
دعوى صحة التعاقد. تستلزم أن يكون من شان البيع موضوع التعاقد نقل الملكية. مقتضى ذلك أن يفصل القاضي في أمر صحة البيع وفي أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزامه. اتساع نطاقها لبحث كل ما يتعلق بصحة العقد ونفاذه ومنها تملك البائع للعين المبيعة - في مواجهة المشتري منه - بالتقادم المكسب.
(3) بيع "التزام البائع بضمان عدم التعرض". تقادم "تقادم مكسب". إرث.
التزام البائع وورثته بضمان عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه. التزام أبدي يتولد من عقد البيع ولو لم يشهر. لا يمنع ذلك من اكتسابهم ملكية العين المبيعة إذا توافرت لديهم بعد البيع شروط التقادم المكسب.
(4) نقض "حالات الطعن: مخالفة حكم سابق". بيع. ملكية. قوة الأمر المقضي.
القضاء نهائيا بتثبيت ملكية الطاعنين للعقار محل النزاع بالتقادم قبل مورث المطعون عليهم وهم من بعده. الحكم من بعد بصحة ونفاذ عقد البيع صادر من مورث الطاعنين إلى مورث المطعون عليهم عن ذات العقار. قضاء مخالفة لحجية الحكم السابق. جواز الطعن فيه بالنقض.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطعن المبني على تناقض حكمين انتهائيين يصح حيث يكون قضاء الحكم المطعون فيه ناقض قضاءً سابقاً حاز قوة الأمر المقضي في مسألة كلية شاملة ثار حولها النزاع بين طرفي الخصومة واستقرت حقيقتها بينهما بالفصل فيها في منطوق الحكم السابق أو في أسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق.
2 - دعوى صحة التعاقد تستلزم أن يكون من شان البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها، وهو ما يقتضي أن يفصل قاضي المضوع في أمر صحة البيع ثم يفصل في أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزامة ومن ثم فإن هذه الدعوى تتسع لبحث كل ما يثار من أسباب تتعلق بصحة ونفاذه ومنها تملك البائع للعين المبيعة - في مواجهة المشتري منه - بالتقادم الطويل المكسب.
3 - التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع أو عدم منازعته فيه هو التزام أبدي يتولد من عقد البيع ولو لم يشهر فيمتنع على البائع أبداً التعرض للمشتري لأن من وجب عليه الضمان امتنع عليه التعرض وينتقل هذا الالتزام من البائع إلى ورثته فيمتنع عليهم مثله منازعة المشتري فيما كسبه من حقوق بموجب عقد البيع إلا إنه ليس في القانون ما يمنع البائع وورثته من بعده من كسب ملكية العين المبيعة بوضع اليد المدة الطويلة إذا ما توافرت لديهم الشروط القانونية لهذا التملك.
4 - إذ كان الحكم الصادر في الدعوى المرفوعة من الطاعنين ضد المطعون عليهم قد قضي بثبوت ملكية الطاعنين للعقار محل العقد موضوع الدعوى الماثلة وهو ما يترتب عليه بالتالي استحالة تسجيل الحكم الذي يصدر فيها بصحة ونفاذ العقد المذكور التزاماً بحجية الحكم السابق الصادر ضد المطعون عليهم وإذ قضي الحكم المطعون فيه - على خلاف هذا النظر - بصحة ونفاذ ذلك العقد والتسليم فإنه يكون قد ناقض قضاء الحكم السابق الذي صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي مما يكون معه الطعن بالنقض جائزاً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 109 سنة 1988 مدني أبو حمص الجزئية في 3/ 4/ 1988 ضد الطاعنين وأخرى بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 9/ 4/ 1963، وقالوا بياناً لذلك إنه بموجب ذلك العقد باع مورث الطاعنين المرحوم/ .... إلى مورثهم المرحوم/ ..... العقار المبين بالصحيفة لقاء ثمن مقداره 300 جنيه، وإذ وافت المنية المتعاقدين من قبل أن يشهرا العقد فقد أقاموا الدعوى. دفع الطاعنون الدعوى بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 320 سنة 1979 مدني أبو حمص الجزئية والذي قضي لهم قبل نفس المطعون عليهم بتثبيت ملكيتهم للعقار موضوع التداعي. بتاريخ 1/ 3/ 1989 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع وبعدم قبول الدعوى. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم لدى محكمة دمنهور الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية بالدعوى رقم 161 سنة 1989 مدني مستأنف دمنهور، وبتاريخ 24/ 10/ 1989 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف. وبصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 9/ 4/ 1963 والتسليم. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفته لحكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي. وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا بأنهم سبق أن أقاموا الدعوى رقم 320 سنة 1979 مدني أبو حمص ضد مورث المطعون عليهم - وهم من بعده - بطلب ثبوت ملكيتهم لعين النزاع بوضع اليد المكسب للملكية أكثر من خمسة عشر عاماً، وصدر الحكم فيها بتاريخ 17/ 12/ 1986 بمطلب دعواهم، وقد استأنفه المطعون عليهم، وقضى في الاستئناف المرفوع عنه بعدم جوازه لقلة النصاب فصار نهائياً وبالتالي فلا يجوز لهم منازعتهم بما يكونوا قد اكتسبوه بموجب عقد البيع الذي يستندون إليه بعد أن ثبتت لهم ملكية العقار محل ذلك العقد بعد تمام البيع بالتقادم الطويل، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على خلاف الحقيقة القانونية التي أرساها الحكم السابق بين الخصوم أنفسهم فإنه يكون معيباً بما يجيز الطعن عليه بطريق النقض وبما يستوجب نقضه.
وحيث إن النص في المادة 249 من قانون المرافعات على أن "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي - أياً كانت المحكمة التي أصدرته - فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي" مؤداه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطعن المبني على تناقض حكمين انتهائيين يصح حيث يكون قضاء الحكم المطعون فيه قد ناقض قضاءً سابقاً حاز قوة الأمر المقضي في مسألة كلية شاملة ثار حولها النزاع بين طرفي الخصومة واستقرت حقيقتها بينهما بالفصل فيها في منطوق الحكم السابق أو في أسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق، وكان البين من الحكم الصادر في الدعوى رقم 320 سنة 1979 مدني أبو حمص الجزئية بتاريخ 17/ 12/ 1986 بين نفس الخصوم أنه قضي انتهائياً - بعد الحكم بعدم جواز الاستئناف المرفوع عنه من المطعون عليهم - بثبوت ملكية الطاعنين - وأخرى - لعين النزاع على ما أورده أن "الثابت من تقرير الخبير المودع في الدعوى والذي تطمئن إليه المحكمة أن..... يضع يده على المحل موضوع النزاع منذ عام 1963 وحتى الآن بصفته مستأجراً من مورث المدعين - مورث الطاعنين - والمدعين من بعده حيازة هادئة وظاهرة ومستمرة، أي أن المستأجر المذكور يحوز بالوساطة لحساب مورث المدعين وهم بعده حيازة مادية تتوافر لها شروطها، وكان مورث المدعين يمارس سلطاته كمالك على العين موضوع النزاع وكانت تلك الحيازة التي توافر لها عنصراها المادي والمعنوي قد استمرت أكثر من خمس عشرة سنة حيازة ظاهرة هادئة مستمرة لا يشوبها لبس أو غموض. ومن ثم فإن شروط تملك المحل موضوع الدعوى بالتقادم الطويل المكسب تكون قد توافرت وتقضي المحكمة تبعاً لذلك بثبوت ملكية مورث المدعين وهو من بعده للمحل موضوع الدعوى"، لما كان ذلك وكانت دعوى صحة التعاقد تستلزم أن يكون من شان البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها، وهو ما يقتضى أن يفصل قاضي المضوع في أمر صحة البيع ثم يفصل في أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزامه ومن ثم فإن هذه الدعوى تتسع لبحث كل ما يثار من أسباب تتعلق بصحة العقد ونفاذه ومنها تملك البائع للعين المبيعة - في مواجهة المشتري منه - بالتقادم الطويل المكسب للملكية، ذلك أنه وإن كان التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع, أو عدم منازعته فيه هو التزام أبدى يتولد من عقد البيع ولو لم يشهر فيمتنع على البائع أبداً التعرض للمشتري لأن من وجب عليه الضمان امتنع عليه التعرض وينتقل هذا الالتزام من البائع إلى ورثته فيمتنع عليهم مثله منازعة المشتري فيما كسبه من حقوق بموجب عقد البيع, إلا أنه ليس في القانون ما يمنع البائع وورثته من بعده من كسب ملكية العين المبيعة بوضع اليد المدة الطويلة إذا ما توافرت لديهم الشروط القانونية لهذا التملك، ولما كان الحكم الصادر بتاريخ 17/ 12/ 1986 في الدعوى رقم 320 سنة 1979 مدني أبو حمص المرفوعة من الطاعنين ضد المطعون عليهم قد قضي بثبوت ملكية الطاعنين للعقار محل العقد موضوع الدعوى الماثلة وهو ما يترتب عليه بالتالي استحالة تسجيل الحكم الذي يصدر فيها بصحة ونفاذ العقد المذكور التزاماً بحجية الحكم السابق الصادر ضد المطعون عليهم, وإذ قضى الحكم المطعون فيه - على خلاف هذا النظر - بصحة ونفاذ ذلك العقد والتسليم فإنه يكون قد ناقض قضاء الحكم السابق الذي صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي مما يكون معه الطعن بالنقض جائزاً، وإذا استوفي الطعن أوضاعه الشكلية، ولما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
حيث إن موضوع الطعن صالح للفصل فيه - لما سلف بيانه - بما يتعين رفض الاستئناف.
ساحة النقاش