مصريات
المرحاض القديم ج1
قطعة بالدور العلوي بالمتحف المصري عبارة عن مرحاض حجري يرجع إلى عصر اخناتون – الأسرة الثامنة عشرة وتم اكتشافه في منطقة تل العمارنة بمحافظة المنيا (1353 ق.م إلى 1333ق.م) ويعتبر من القطع الفريدة ليس فقط في المتحف المصري، لكن في العالم أجمع, مما جعله مثار اهتمام جميع العلماء وذلك لأنه يثبت أن المصري القديم كان يعيش في بيئة نظيفة في منزله معتمداً على نظام عبقري للصرف الصحي, حيث يظهر في تشكيل المرحاض الحجري (وهو يشبه المرحاض البلدي في بيوتنا الآن في مصر) مكانان للقدمين يكتنفان فتحة تشبه فتحة مفتاح الباب الآن وبالتالي يصبح هذا المرحاض من أنسب الطرق الصحية للإنسان لأنه لا يتم التلامس بين قاعدة الإنسان الجالس القرفصاء وبين المرحاض نفسه, وهو ما يحدث الآن للأسف فيتم انتقال الأمراض الجلدية بين الناس، المرحاض المصري القديم أنظف وأصح وأكثر ملائمة بيئياً حيث يكون تحت هذه الفتحة بئر صغير يتم عن طريقة تصريف المجاري والفضلات، وإذا كان المصري قد فكر بهذه الطريقة الطبية الصحيحة, فإن هذا يثبت أنه كان على علم بالأمراض الجلدية وطريقة انتقالها وطرق العدوى, بل لقد تم دراسة روشتات طبية قديمة لعلاج أمراض جلدية وابتكار أنواع من المراهم والدهانات التي استخدمها في حالة العدوى, ولكن هذه الروشتات لم تذكر كثيراً ولم أقرأ في دراساتي في الأعوام ال25 الماضية أنه كان هناك حالة إصابة بمرض جلدي في القاعدة أو خلف الأفخاذ من جراء استخدام مرحاض وذلك لأنه كما اشرنا لم تتم عملية تلامس وقد تم اكتشاف غرفة حمام ملكية بقصر الملك رمسيس الثالث على الجانب الجنوبي لمعبد مدينة "هابو" غرب الأقصر، وتم دراسة ألقاب لعمال كانوا مسئولين عن الحمامين مما يجعلني اعتقد أنه كان هناك حمام خاص بالنساء وآخر خاص بالرجال، ولا يجب أن نتعامل مع هذا الموضوع باستخفاف أو سخرية لأن حضارة بدون تصريف للمجاري والفضلات لن تقوم لها قائمة, فتراكم الفضلات البشرية سوف يؤدي إلى تكاثر الذباب والناموس والديدان والعفن والرائحة الكريهة ليقود ذلك للإصابة بالأمراض مثل الملاريا وغيرها من الأمراض القاتلة التي تفت في عضد المجتمع وتصيبه بالوهن وبتقهقر الصحة الجسمانية فلا يستطيع الفرد أن يفكر جلياً في اختراع أو ابتكار يفيد به حضارته ومجتمعه وهذا عكس ما حدث في مصر القديمة.
وقد شاهدت تمثال نصفي موضوع على نهر" تيمز" بلندن بجانب مسلة كيلو باترا بجانب محطة " إم بانك منت" وذلك تبجيلاً للرجل الذي صمم شبكة مجاري لندن مما يؤكد أهمية الصرف الصحي في حضارات العالم, وهذا ما جعلني أصاب بالدهشة لعدم وجود مرحاض العمارنة في فترينته الموجودة في الطابق العلوي في المتحف المصري بميدان التحرير منذ فترة ليست بقليلة وعندما زرته البارحة (الأربعاء 13 أبريل ) و جدت ورقة ملصقة على زجاج الفاترينة بها صورة للمرحاض الحجري مكتوب عليها بخط اليد السريعة أن المرحاض ذهب ليعرض في معرض من المعارض التي يطلق عليها المعارض الطائرة في 2007 في البحرين، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث لصقت ورقة صغيرة أخرى باللون الأصفر كتب عليها الآن (هذه الورقة تفيد أنه في معرض يسمى توت2 أي توت عنخ آمون JE 55520 TUT2 -9/3/2008 to 31/12/2012) ويبدو أن هذه الفترة الكبيرة تفيد فترة تواجد المعرض بالولايات المختلفة داخل أمريكا حيث كتب أيضاً (NOW Phoenix art museum—12/12/2009 to 13/5/2010) حيث عرضت في هذه الفترة بمعرض متحف اريزونا بفينيكس وهي أحد الولايات هناك وتساؤلي هنا ،
1- <!--[endif]-->لماذا تنتقل قطعة فريدة نادرة مثل المرحاض من بلد إلى آخر تجوب في الأجواء المختلفة وقد تؤدي بها هذه الانتقالات لمخاطر كثيرة؟
2- <!--[endif]-->لم نسمع من أي هيئة آثار في العالم أو وزارة ثقافة أو متحف أنه بعث بقطعة فريدة بعيداً عن مكانها الأصلي لمدة تصل إلى حوالي 5 سنوات؟ فهي مدة طويلة جداً وغيابها يؤثر في عدد السائحين الذي يتوافد على المتحف المصري و يزيد من عدد السياح و الزائرين لنفس القطعة في المتاحف الخارجية.
3- <!--[endif]-->إذا كان السبب هو أن هذه القطعة تجلب لمصر دخلاً بالعملة الصعبة فهذا تخطيط غير سليم من وجهة نظري لأن السائح الذي يأتي إلى مصر أو يريد زيارتها يجب أن يرى هذه القطع هنا في مصر حيث تنتمي القطعة، ويساعد هنا في أن يقتنع بالمكوث مدة أطول لكي يزور أماكن أكثر فيزيد من الدخل السياحي والقومي لأن صرف السائح ليس فقط لدخول متحف أو معبد فمجرد سيره في شوارع مصر فائدة اقتصادية فهو يشتري البضائع و التذكارات و الملابس ويتناول الأطعمة داخل وخارج الفنادق وغيرها من أوجه الصرف التي تجعل شركات الطيران الوطنية والقطارات والتاكسيات واتوبيسات النقل تعمل و العامل المصري يرتزق،
كل هذا نفقده عندما تذهب قطع مثل هذه للخارج رغم الدخل الذي يأتي من المتاحف الطائرة، فمن يريد أن يشاهد القطع المصرية القديمة فليأتي إلى مصر سائحاً وصديقاً مرحباً به من قبل الشعب المصري، لذا أطالب بعودة كل القطع الفريدة وأطالب بوقف هذه المتاحف الطائرة تماماً كمواطن مصري وأطالب بإنشاء متحف جديد صغير سريعاً يسمى متحف القطع المتفردة و يقطع له تذكرة دخول عالية الثمن للأجنبي تدفع بالعملة الصعبة لمن يريد زيارته، ويكون الدخول لهذا المتحف مجاناً للمصريين كي يتمتعوا بإفرازات حضارتهم التليدة، وكفانا تلك الآثار التي سلبها الأجنبي في الماضي واغتصبها بدون وجه حق ولا يريد إرجاعها إلينا عندما رغم مطالبات أفراد الشعب والحكومة بهذا.
·