بمناسبة ذكرى تحريرصلاح الدين الأيوبى للقدس الشريف من الصليبيين يوم 2 أكتوبر..
"الحسام"
بيتُ السيفِ غِمدُه... و بيتُ الرِماحِ راحة ُ الجنودِ...
دارُ السهمِ المشدودةُ... بين النِبلَةِ و قوسِ الفهودِ...
رأسُه مُتوَجٌ على أناملٍ ممدودةٍ... يُسابِقُ صوتَه حينَ شقَهُ الهواءُ...
و السيوفُ لا تعودُ دارَها إلا ساخِنة ً... مُلتهبة ُ الطَرَفِ، هى و البركانُ سواءُ...
تَعشَقُ ساحاتِ الوغَى (1) و الوطيسُ حامية ٌ... لا تَبغَى غِزلانًا و لا ظباءًا و لا النوقَ العصافيرَ(2)...
عَلِمَتْ قبائلُ الفلا(3) مصائِرَها... و لكن، لا يَعرِفُ لحُبِ قلبى مصيرَ...
استَحلَكَ الليلُ فاستعظَمَ بريقُه... مِشكاةُ الشجاعَةِ و تعاجيبُ الكَرِ...
لا يأتى بالهواهِى(4) و لا يَصرُخُ أكاذيبَ... تاجُ المستليثين(5) و لا يُذاعُ له سرُ...
يُولَدُ، فيتنعنعُ(6) أعداءُ الخيرِ، و بأريجِهِ... يبقَى هو هائلَ السطوةِ، هو السطامُ(7)...
خليلُ فارِسِهِ، بسَّامُ بريقَهِ... هو السيفُ، نعم، هو الحُسامُ...
مُرتَحِل من غِمدِه سَفيرُ الأشجانِ... مُغتَبِطاً يعودُ، للجوانحِ(8) سمير...
فالِقُ هاماتِ العِدا بنَصلِه... لا يأسِرُهُ صَدأ الودقِ(9) أسير...
سفيرُ الوجَلِ(10) فى دروبِ الفيافى... لا يَخدعُهُ سَرابٌ و بل يعصِفُ به خوف...
و لا يؤجِلُ ذهابِهِ ولا إيابِهِ... و لا قرارُهُ به غدًا أو سوف...
أجِنَ(11) الماءُ و بَقِىَ أريجُ السيفِ... مُعَطِرًا لدروبِ الصحراءِ فوَّاح...
فوقَ الأدماءِ(12) عَرشُهُ، و للفارسِ هو... كمثلٍ للفهدِ و الأسامةِ(13) نابُهُ سلاح...
لا يُصادِقُ اللغوبَ و الذامَ(14)... ركاكةُ(15) لَحظِهِ ليس من شِيَمِه...
رَمضُ اليومِ فلا احتَّرَ فى غِمدِهِ... و لا مَلَّ ضَربَ وَتَدِ العدوِ و خِيَمِه...
مُفَرِّقُ أراهيط ً(16) الأعداءِ مُنشِد... أناشيدَ الشُتاتِ الأشعثِ(17) الرأسِ...
يُجاورُ الصنديدَ(18) سيدُهُ و لا يُفارِقُه... يَغارُ من ضَربَةِ الرُمحِ و الخِنجَرِ و الفأس...
وَتَدُ المُقاتِلِ إذ ما طَوَّحَتْهُ الطوائحُ(19)... سندٌ، تنفرجُ له فى الشِدَّةِ الأسارير...
حَوْلَ الهوادِجِ مُشَيدٌ كقلاعٍ... يومَ أعصَفَتُ الرياحُ و اعصَوصَبْتُ الأعاصير...
يُفَيدلُ(20) فُلولُ الجُبنِ و الخَوفِ مُسرعينَ... و هم العندَليبُ فى سربِ يومِ الغوائِل(21)...
أهَمَهُ السكوتُ عن الحقِ و أقلَقَهُ... قلقًا يفوقُ البُركانَ و لا تنوءُ به النَوائلُ...
الأوامُ(22) لا تَعرفُهُ و تَعرفُ غيرِهِ مُصاحِبًا... اللِجامَ و السِرجَ و سَنَابِكَ الخيلِ...
مولودَةُ السماءِ الشمسُ فى كَبِدِها... تَزورُ آشِعَتُها وَجهَكَ فتَنشُرُ سناكَ(23) كالسيل...
إشرَئَبَّتْ الأعناقُ عندَ وصولِك... لا قَحطُ و لا جَدَبُ يُخيفونَكَ و لا موت...
و لا عُذرُ فى دَهواءِ(24) النِزًالِ و لا... لو سَجَمَت(25) العَينُ دَمعَها و تَعاقَبُ الأزهران(26)...
فصَوتُهُ كزمزمةٍ(27)، باتِرُ الشرِ... حينَ تسايفوا(28) الرِجَالُ فى يومِ حَرَّان(29)...
تَمَخَّضُ الغِمدُ فكان ميلادُه... مُرَصَّعًا بكرائمِ الأحجارِ، لكِرامِ العائلاتِ سليل...
أهلَكَ العِدا الأحمَرَين(30) هو ثالِثُهُما... فكُن بَخيلاً فى استلالِه و ليس على الخليل...
و فى وادى قفرٍ(31) حيثُ تغزو المَسغَبَة(32)... لا يَئِنُ و لو استَعَرَتْ
نيرانُ الدوارق(33)...
به تَنعَمُ فى جَنَّاتِ الخُلدِ، و لو... أسأتُ استِعمَالَهُ، جَثَمت فى سَعيرِ الحوارق...
صَرصَرَ(34) الصَقرُ و البازُ و أنتَ حَليفُهُما... صِحت فأطرَدَ(35) أمرُ الفيالِقِ فى الجوى(36)...
جيلٌ بعدَ جيلٍ أنتَ مُلازِمُه... غِمدُ البطولةِ بينَ أجاوِدِ القومِ استوى...
تُقابِلُ الوِدَ و الحِقدَ فى دربٍ... فاستَلا سَيفَهُما فى التَوِّ و الحال...
سَيفُ الوِدِ قَطيفِىُّ المَلمَس... مُخمَلِىُّ الحِسِ منهُ الطِيبُ سال...
استَعانَ الحِقدُ بالعِندِ ضده... و قالا إنَّا قاتِليكَ و مَصيرُكَ النِسيان...
ردَّ الوِدُ مُتَبَسِمًا برِقَةٍ... لو لم أُنهيكما معًا لقَتَلتا بَعضَكما بالفليان...
الزالِقُ (37) البارِقةُ(38) المدجل(39) هذَّاء... مُهَنَّدٌ نونٌ رَهيفٌ حُسام...
مهدُ يمانى(40) إبريقٌ فاروق... بَاتِكٌ بَتوكٌ خَليلٌ كَهَام...
معاني الكلمات
(1) الحرب (2) نوع من الجِمال (3) الصحراء (4) الهراء- الأباطيل (5) من ليث (6) يضطرب (7) السيف (8) للصدور (9) المطر (10) الخوف (11) تغير لونه و طعمه (12) الإبل الشديدة البياض (13) الأسد (14) عيب (15) ضعف (16) ما دون العشرة من الرجال و لا يكون فيهم إمرأة (17) مغبر الرأس (18) الشجاع (19) قذفته القواذف (20) يُصَوِت (21) الدواهى (22) حر العطش (23) ضوء البرق (24) الأمر العظيم (25) سال (26) الشمس و القمر (27) صوت الرعد (28) تضاربوا بالسيف (29) عطشان (30) اللحم و الخمر (31) خلاء من الأرض لا ماء فيه و لا ناس (32) المجاعة (33) مكيال شراب (34) صاح (35) إستقام (36) ما إتسع من الأودية (37) سَلِس الخروج من الغمد (38) الذى له بريق (39) مطلى بالذهب (40) منسوب إلى اليمن.
بقلم المؤرخ / أ. بسام الشماع