كشف كاتب المصريات المعروف بسام الشماع، عن مجموعة من المعلومة التاريخية الغريبة فى تاريخ معبد أبو سمبل، والذى تتجه أنظار العالم، يوم الثلاثاء القادم، نحوه لمتابعة سقوط أشعة الشمس على تماثيل منحوتة داخل قدس الأقداس فى المعبد الرئيسى فى ظاهرة فلكية نادرة تحدث مرتين فى العام الأولى فى 22 فبراير والثانية يوم 22 أكتوبر.
وأوضح الشماع – فى حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم- أنه من بين تلك المعلومات اكتشاف نسخة من القرآن الكريم وبعض العملات المعدنية وصحيفتين ووثيقة تذكارية تحت حجرين لتأريخ وتوثيق الفترة الزمنية التى تم خلالها نقل المعبدين إلى موقعهما الجديد على إرتفاع 64 مترا من الموقع القديم لإنقاذهما من مياه بحيرة ناصر عندما بدأت تتكون خلف السد العالى، وقد بدأ مشروع الإنقاذ فى عام 1964 واستغرق 4 سنوات.
وأكد أن هذا التعامد ليس هو تعامد الشمس الوحيد على آثار مصر، ولكن هناك أنواعا مختلفة من التعامد على معابد الكرنك وحتشبسوت وتمثال أبو الهول، مشيرا إلى أن اسم معبد أبو سمبل انتشر فى العالم عام 1813 عندما اكتشفه الرحالة "بورخاردت" ثم أزاح التراب عنه المغامر الإيطالى "جيوفانى بلزونى" فى عام 1817. وأوضح أن حوالى 40 دولة تحت راية منظمة اليونسكو تعاونت لإنقاذ المعبدين فى مشروع ضخم تكلف حوالى 40 مليون دولار، وتم افتتاح المعبدين فى مكانهما الجديد فى 21 سبتمبر عام 1968مرتفعين حوالى 64 مترا عن مكانهما الأصلى يعضدهما جبلان من صنع الإنسان، وتم تشييد قبة هائلة الحجم خلف الواجهة كى تساعد على اتزان المعبد الكبير.
وأشار إلى أنه لم يغير نقل المعبدين إلا تاريخ دخول أشعة الشمس لقدس الأقداس بالمعبد الكبير فأصبح يومى 22 فبراير و22 أكتوبر بدلا من يومى 21 فبراير و21 أكتوبر من كل عام، مؤكدا أن النحات والفلكى المصرى القديم قد برع فى نحت المعبد بحيث تسمح البوابة الوحيدة للمعبد بدخول أشعة الشمس وتمر بالقاعة الأولى والغرف المتتالية حتى تضىء التماثيل مرتين كل عام. ولفت إلى أن البعض حلل هذه التواريخ على أنهما يوما الجلوس على العرش والميلاد، وهو ما لم يثبت بأى نص أو دليل مادى، وتبقى هذه التواريخ غامضة وغير مشروحة رغم أن البعض يقترح أنها تواريخ لها علاقة بالمواسم الزراعية والفصول السنوية، مشيرا إلى أنه من المؤكد أن المصرى القديم الذى آمن بالشمس وقوتها وأشعتها الواهبة للحياة أراد أن ينير المعبد بأشعة القرص الشمسى كطقس عقائدى فى المرتبة الأولى. وقال الشماع، إنه من بين الغرائب المثيرة فى تاريخ معبد أبو سمبل أنه عند سقوط أشعة الشمس على غرفة قدس الأقداس، التى تم نحت 4 تماثيل بها هى "رع- حر-آختى"، و"آمون"، و"رعمسيس الثانى" صاحب المعبد، يتم إنارة ثلاثة تماثيل فقط من الأربعة، مشيرا إلى أن التمثال الذى لا تسقط عليه أشعة الشمس كاملة هو الرب الأسطورى "بتاح" رب العالم السفلى أى المظلم، مما يؤكد العبقرية المصرية القديمة فإذا كان "بتاح" قد أنارته الشمس لكانت أسطورة "الربوة المقدسة" خاطئة من وجهة نظر المصرى القديم، لأنه ذو علاقة وطيدة بالظلام والليل مما يعضد من أنه ليس خطأ معماريا أو فلكيا.
وأضاف أن التماثيل الصغيرة المنحوتة بجانب أرجل التماثيل الأربعة لـ"رعمسيس الثانى" هم ثلاثة تماثيل للواجهة الرئيسية "نفرت-إيرى" وتمثالان للملكة "موت-توى" أم رعمسيس الثانى" وزوجة" سيتى الأول" أبو "رعمسيس الثانى" وتمثال واحد لـ"نبت-عنات" وتمثال واحد لـ"نبت-تاوى" وتمثال واحد لـ"ميريت-آمون" أما التمثال الرابع فهو بدون اسم. وأشار إلى أن المصرى القديم نحت أعلى واجهة المعبد الرئيسى صفا مكونا من 22 قرد بابون بالشمس، وأن اسم المعبد الرئيسى فى مصر القديمة كان "معبد رعمسيس- ميرى- محبوب إيمن الشمس".
وذكر أنه داخل المعبد الرئيسى يوجد منظر بتفاصيل مدهشة لمعركة "قادش" التى قادها الملك المصرى "رعمسيس الثانى" ضد الحيثيين التى انتهت بمعاهدة سلام بين المملكتين، ومن المناظر العجيبة منحوت على يمين الداخل فى الصالة الأولى لاثنين من الجواسيس (المستطلعين) الحيثيين وقد تم القبض عليهما وهما يتعرضان للضرب بالعصى من جانب الجنود المصريين لإرغامهما على الاعتراف بمكان الجيش الحيثى. وأضاف الشماع، أن الجاسوسين قد اعترفا- قاصدين- بمكان خاطئ تمويهى للجيش الحيثى، مما أدى إلى مشكلة عسكرية فى الموقعة للمصريين، وكانت هذه خدعة حربية ومكر ودهاء حيثى، وشرح "رعمسيس الثانى" كيف أنه تعرض للخطر من جراء الخدعة وصرخ فى قواد جيشه وغضب منهم.
وأكد أن أول من زار النوبة من الأوروبيين هو البحار والرسام "فريدريك نوردن" الدانماركى بين عامى 1737 إلى 1738 ولكنه لم يغادر قاربه، وزار الرحالة "بورخاردت" معبد أبو سمبل فى عام 1813 ولكنه شاهد فقط جزءا من الواجهة، لأن الجزء الآخر كان مغطى بالتراب، مؤكدا أن أول من اكتشف معبد أبوسمبل ووضع قدمه داخله كان لاعب السيرك والمغامر "بلزونى" الإيطالى فى يوم 16 سبتمبر 1816 مع زوجته سارة وقد دخلا المعبد الكبير الرئيسى.
وأوضح أنه تم تغطية واجهتى المعبدين بطبقة من التراب لحمايتهما خلال عملية القطع والنقل، وتم حقن وجه تماثيل رعمسيس بمادة صمغية للتأكد من عدم تفتتها عند القطع والنقل، لافتا إلى أنه فى مايو عام 1966 كان قد تم قطع 330 ألف طن من أحجار المعبدين.
وأشار إلى أنه عندما تمت إعادة وضع الأحجار فى المكان الجديد للمعبد كان الاختلاف يقدر بـ 1/12 من البوصة من مقاس المكان الأصلى وهو ما يدل على دقة العمل والإنجاز، منوها إلى أن وزن الوجه والرأس لتمثال "رعمسيس الثانى" بلغ 21 طنا.
وقال الشماع، إن معبدى أبو سمبل لم يكونا هما الوحيدان اللذان تم إنقاذهما، ولكن تم أيضا إنقاذ معابد مثل بيت الدالى وكلابشة ووادى السبوع ومعابد كيرتاسى وفيلة ومحرقة ودير ودابود ودندور وعمدا وبوهين وجرف حسين ومقبرة بنوت فى عينيبة، موضحا أن عدد المعابد والآثار التى تم تفكيكها وإعادة تشييدها وصل إلى 19 أثرا. وطالب كاتب المصريات بالمحافظة على معبد أبو سمبل وتدارك خطأ النحت والنخر فى جسده لوضع كشافات كهربائية للإنارة وكابلات كهربائية، محذرا من الدمار الذى من الممكن حدوثه إذا إنفجرت إحدى هذه الكشافات الكهربائية خاصة أن أبو سمبل تتصف بدرجة الحرارة المرتفعة.
\