أكاديمية المبيعات

بيت الخبرة لرجال المبيعات في الوطن العربي

ربيع التعلُم العربي

 

عشرة دروس مهمة من الثورات العربية

 

بشير بن علي

 

أجمل فصول السنة فصل الربيع وفيه يكون محور الأرض مائلاً نحو الشمس ويزداد طول فترة النهار بسرعة في نصف الكرة الأرضية الذي يميل فيه محور الأرض نحو الشمس. بحيث يميل هذا النصف من الكرة الأرضية نحو الدفء بشكل ملحوظ مما يؤدي إلى بدء نمو النباتات الجديدة، وهي العملية التي تميز فصل الربيع وتعلن عن قدومه.وفي الغالب الأعم، قد تشوب الطقس خلال فصل الربيع حالة من عدم الإستقرار، وذلك عندما يبدأ الهواء الدافئ في الهبوب من وقت لآخر من المناطق القريبة من خط الإستواء، بينما لا يزال الهواء البارد يهب أيضاً من المنطقة القطبية.وهو المرحلة الإنتقالية من موسم الشتاء البارد والساكن، إلى موسم الصيف بحرارته ونشاطه ودفئه.

وربيع 2011 يعلمنا الكثير من الدروس،بأن نهار  الثورة سيكون طويلا مما يؤدي إلى دفء أكثر ونمو حركات وأفكار جديدة،كما سيتقلب الجو العام نتيجة الإنتقال من حياة السكون والمهانه إلى وضع النشاط والبناء والعمران. وكل ما نحتاجة الآن هو إرداة التعلم واكتساب المعرفة وإمعان النظر وفهم السطور وما بينها،وبدون إرادة التعلم فإن الضياع هو السمه المميزة للتجربة الإنسانية فكل ما سكن بين جوانب هذا العالم المادي معرض للفناء والإختفاء والزوال.ويعلمنا التاريخ أن الحضارات وكذلك الأنظمة، تنمو وتزدهر وتموت وتختفي،وفي بعض الأحيان تموت سريعا،وفي أحيانا أخرى تتجرع سكرات موت بطيء.

 

الدرس الأول التوجة الاستراتيجي .. إن فقدان الثورة العربية لتوجة استراتيجي بعيد المدى هو أمر واضح جلي،فكل ما تطلبه هذه الثورات هي رحيل رمز النظام وإسقاط أركانه،ثم ستتفق القوى على المرحلة اللاحقة وهذه مسألة خطيرة لأنه يمكن توجيهها بعيداً عن أهدافها الحقيقية، وليس العرب وحدهم هم من يفتقد للتوجة الإستراتيجي لكن العالم الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوربي أثبت تخبطاً وقرارات غير مدروسة تتراوح بين دعم الأنظمة التقليدية أو مؤازرة الشعوب الغاضبة.فقد طرد الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، وزيرة خارجيته، ميشيل أليو – ماري، بسبب دعمها الظاهر للنظام التونسي في بداية الإنتفاضة. وبدت فرنسا، شأنها في ذلك شأن واشنطن، خرقاء بصورة مستمرة. وكان وليم هيج، وزير الخارجية البريطاني، على حق حين لاحظ أن التحدي  الذي يواجه الشرق الأوسط والمجتمع الدولي الآن هائل كالذي واجهه عقب سقوط جدار برلين. فعلى أحد جانبي الجسر ثمة أمل في بروز شرق أوسط منفتح، ومزدهر، وحليف وشريك قيّم لاتحاد أوروبي بحاجة ماسة إلى إعادة إحياء نفسه. وعلى الجانب الآخر يكمن خطر الفوضى، وزيادة التطرف، والهجرة غير المسيطر عليها.


الدرس الثاني وسائل الإعلام العوراء.. كل التحية لوسائل الاعلام الحر التي أججت الثورة في كل مكان ونقلت لشعوب ساكنة أهمية الحركة ومقدار القوة التي تملكها ضد أنظمة قمعية جبرية وملكية في ثوب جمهورية.وتلك القنوات الإعلامية جابهتها أبواق السلطات الرسمية ومدافع الإعلام الرسمي، وظل الأمر بين شد وجذب.وحينما توجهت الثورة تجاه حكومات صديقة لبعض القنوات الإعلامية ومن يحركها، سرعان ما تغير الخطاب والتوجية للتصعيد وظهرت سياسة التعامل العقلاني مع الشعوب الجديدة،والتي تحاول أن تثور إسوة بشعوب انتصرت، كما في تجربة البحرين وسوريا وتعامل قناة الجزيرة معها.وكما فعلت قناة المنار والعالم وصحيفة الأخبار اللبنانية مع الأزمة السورية والبحرينية كذلك.إن هذه الوسائل فشلت كما فشل الإعلام الرسمي في مواكبه تطلعات الشعب العربي،وأثبتت أن لها مخططاتها الخاصة وأنها لا تسير إلا وفقاً لخططها المسبقة وأجندتها الخاصة.وليس البحث عن الحقيقة ونقل الخبر بمصداقية وبمنهية عالية في إطار الموضوعية الإعلامية.وكلٌ يغني على ليلاهـ.


الدرس الثالث الثقة بالنفس وبتاريخنا وكرامتنا وقدرتنا على تجاوز محطات الماضي..فالعقود الماضية أسهمت الأنظمة في بناء مشروع الهزيمة الكبرى للشعوب وصرفها عن معالي الأمور وإشغالها بالرزق ولقمة العيش،كما جعلتها تعيش ضمن سياسة الخوف والبطش والفتنة.بعيداً عن موروثنا الإسلامي والعربي الكبير ،الذي كنا فيه رواد هذا العالم وصناع حضارته.واليوم إمتلكنا زمام الأمور.وأطياف الماضي التليد ترسم لنا مستقبلا زاهراً نحلم بأن نعيش فيه بعد عقد أو حتى عقدين من الزمان،فنحن ندرك بأن البناء سيأخذ وقتاً ليس بقصير، وجهداً ليس باليسير.


الدرس الرابع الحقوق لا تسقط بالتقادم.. طالما ورائها مُطالب يسعى لها ويعمل جاهدا على استردادها.وأغلى تلك الحقوق ،حق الكرامة وحق التعبير وقول لا للفساد والظلم وإعادة صياغة دستور الأمة ورفع حالات الطوارىء.واسترجاع الحرية النفسية والذهنية والجسدية.كما أنها تفتح لنا باب الحق الأكبر وهو حق الوحدة العربية الشاملة بإعتبار وحدة الثورة والامال والانفجار والمستقبل.

الدرس الخامس الشباب ذروة سنام الأمة..قال النبي صلى الله عليه وسلم (نصرت بالشباب) فهم القلب النابض والساعد المهم في عمليات البناء والتغيير وقدراتهم تنسجم مع متطلبات الأحداث وهم من يبذلوا الغالي والرخيص ويتميزون بالإقدام والجسارة لتحطيم القيود.وأن كل محاولات تغييبهم وإقصائهم عن الحياة لم تفلح،وكذا إغراقهم في عادات الأدمان النفسي والجسدي والذهني قد فشلت فشلا ذريعا.وأن الأمة ما زالت بخير طالما احتضنت شباب كهؤلاء هممهم تسمو إلى العلا وتلامس قمم الجبال.


الدرس السادس النفاق أسوا العادات.. ما زال أزلام النظام السياسي يمارسون النفاق الذي تربوا عليه سنين طويلة مع كل من قابلوه من وسائل الإعلام أو الشعب أو في جلساتهم الخاصة.وهذا طبيعي فكل إناء بما فيه ينضح.لكن الخطورة أن يغدو النفاق بين الثوار أنفسهم فجماعات ثائرة تجامل وتنافق جماعات أخرى، وأخرين ينافقون الثورة ككل.وهذة المسألة قد تدخل الثورات العربية في ما يسمى بثورة مضادة لكن من داخل الثورة نفسها.


الدرس السابع لا قوة لثورة مضادة.. ولا يمكن لها أن تنجح في إيقاف مسيرة الثورة إلى الأمام أو إيقاف حركتها أو تجميدها أو إبعادها عن مسارها،إلا في حال كانت أنفسنا غير قادرة على البناء وتدعي إمتلاك الحقيقة المطلقة،تدعي إمتلاك حق القرار وتفردها فيه بعيداً عن العقلاء وأصحاب الرأي والخبرة والمشورة،وأن عمليات إغفال الجنود المجهولين من الثوار الذين ساندوا ودعموا وتحدثوا عن الثورة في كل مكان وكسروا وحطموا مجاذيف السلطة وأركان النظام هي كلها مفاتيح النصر لأصحاب المشاريع الضيقة والنفوس المريضة.


الدرس الثامن صفحة بيضاء لا قوائم سوداء.. إنه من المعيب في أخلاقنا وأعرافنا وديننا أن نكون في يوم ما كمثل الأشخاص الذين ثُرنا ضدهم اليوم.فالعفو عند المقدرة هي سمه أساسية في ديننا.واذهبوا فأنتم الطلقاء خُلق نبينا عليه الصلاه والسلام،  تجاه من قاموا بتكذيبه وتعذيب أصحابه وطرده من بلده وقتاله بعد ذلك.فكيف بنا اليوم وقبل أن نحتفل بإنتصار الثورة قد قمنا بإعداد قوائم سوداء لكل مؤسسة وقطاع في الدولة والعاملين فيها من الإعلاميين والسياسيين والقبائل والشخصيات الإجتماعية.بدون اعتبار لرأيهم وحقهم في التعبير عنه سلميا.أما من أجرم فالمحاكمة في إنتظاره.لقد كانت ثورتنا سلمية وما زالت ويجب عليها أن تحافظ على هذا البياض الناصع أثناء الثورة وبعدها.فلا وجود لقوائم سوداء أو كتائب للإعتقال والإعدام.والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.


الدرس التاسع الأولويات دولة ديمقراطية قبل الدولة المدنية.. يجب أن نتعلم إحترام الأخر،وأن نضمن الحقوق لكل الناس والجماعات وأن نبني المؤسسات وأن نتعلم أدب الإختلاف والسلوك الحضاري.أما النداءات الواسعة اليوم إلى تشكيل دولة مدنية فهي خطيرة في بعدها العميق.لأنها دعوة للإبتعاد عن الدين وشريعة السماء بالتخويف من التيارات الإسلامية المتصاعدة في المنطقة وبرامجها السياسية.لذا فالمقارانات المنعقدة بين دولة دينية أو دولة مدنية غير سليم في شكله المطلق.لأن الأصل في هذا العصر أن يتم التركيز على بناء الدولة الديمقراطية التي تحترم الآخر وتقر بوجودة وحقوقة كاملة بعيداً عن إنتمائاته وتحزبة.وفي ظل إحترام الشريعة.وأجمل ما قيل في توضيح مفهوم الدولة المدنية كلمات للكاتب فهمي هويدي في جريدة الشروق العدد 808  أبريل 2011 ((فى الدولة المدنية الوضع مختلف، فالقائمون عليها يختارهم الناس. ومصير البلد لا يقرره فرد. لأن كل الناس فيه سواء، يتمتعون بحق المواطنة الذى يقرر لهم المساواة فى الحقوق والواجبات. والبلد تديره وتقرر مصيره المؤسسات التى ينتخبها المجتمع. أما رأس الدولة فكلامه يؤخذ منه ويرد، وهو قابل للمراجعة والمساءلة. ومن الفلاسفة من يتحدث عن بعد أخلاقى للدولة المدنية، إذ يرون أنها لا تقوم فقط بقيام المؤسسات وتحقيق المساواة بين المواطنين، لكنها تقوم أيضا بتحقق الرقى فى السلوك الاجتماعى، الذى بمقتضاه تسود قيم وأخلاق المدن التى يفترض أنها الأكثر تهذيبا. فى ذات الوقت فإن الدولة المدنية لا تأبه بالمرجعيات ولا تتدخل فى عقائد الناس وأفكارهم. إذ لا تهم مرجعيتك التى تنطلق منها، ولكن الأهم هو أداؤك واحترامك للنظام العام والقانون. وهى ليست نقيضا للدين ولا تستبعده، ولكنها تحتوى المؤسسات الدينية وغير الدينية، وتفتح ذراعيها لإسهام الجميع فى تحقق المقاصد العليا للمجتمع.))


الدرس العاشر التاريخ يكتبه المنتصر.. لنا أن نتسائل ماذا لو أنتصر مبارك أو القذافي أو غيره من الزعماء الذين لفظتهم شعوبهم؟ ما هي العبارات والأوصاف التي سيسجلها التاريخ؟ وما هو حجم الكتب والدراسات التي ستناقش وضع المخربين وحركات المنشقين العابثين بالأمن والمستهترين بالإنجازات والمنجزات العظيمة؟إن شهداء الثورات في كل مكان ينعتون بأبشع الألفاظ ويعاني أهاليهم لسنوات طوال بعد رحيلهم،حتى إذا انتصرت الثورة وغير الثوار نظام الحكم،تغير الخطاب وأصبحوا من شهداء منسيين إلى أبطال قوميين،تطلق أسمائهم على الجامعات والشوارع والمدارس،ويتغنى الإعلام بأمجادهم وأفكارهم وأخلاقهم.يجب علينا ونحن في طريق النصر أن ننتبه جيداً لهذا الأمر وأن نضع نصب أعيننا قوله تعالى(وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى (8) المائدة ).

  • Currently 254/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
62 تصويتات / 451 مشاهدة
نشرت فى 20 إبريل 2011 بواسطة basheerye

المدرب/ بشير بن علي

basheerye
مدرب أول في مجال المبيعات »

عدد زيارات الموقع

52,156