المؤتمر الدولى للجمعية التربوية للدرسات الاجتماعية
التسامح وقبول الآخر فى الفترة من 3-4 أكتوبر 2017م
دار الضيافة – جامعة عين شمس – جمهورية مصر العربية
عقد المؤتمر الدولى للجمعية التربوية للدرسات الاجتماعية بعنوان ( التسامح وقبول الآخر ) فى الفترة من 3-4 أكتوبر 2017م ، في دار الضيافة – جامعة عين شمس ، وقد صدر عن المؤتمر مجلدين بلغ عدد صفحاتهما 1269 صفحة ، وبلغت عدد اوراق العمل والابحاث 34 عنوانًا .
وأهداف المؤتمر تمثلت في تحديد التغيرات السياسية والاجتماعية التى تؤثر على نشر قيم التسامح والتعايش مع الآخر ، وتوضيح دور المناهج الدراسية وأهميتها فى تدعيم قيم التسامح والتعايش مع الآخر بين الطلاب ، ورفع مستوى الحوار الدينى بين جميع الأفراد لإزالة أسباب الخلاف والشقاق ، وتقديم تجارب وأمثلة واقعية لنشر قيم التسامح والتعايش مع الأخر فى الثقافة العربية والعالمية ، وتحديد دور وسائل الاتصال التكنولوجية الحديثة فى نشر ثقافة التسامح والتعايش مع الآخر ، و التأكيد على دور المرأة العصرية فى نشر قيم التسامح والتعايش مع الآخر ، وتوضيح دور ومساهمات منظمات المجتمع المدنى فى نشر قيم التسامح والتعايش مع الاخر ، وتحديد دور المؤسسات التعليمية ماقبل وبعد الجامعى فى نشر قيم التسمح والتعايش مع الآخر ، وتقديم رؤى وتجارب عالمية تعزز من نشر قيم التسامح والتعايش مع الآخر ، وتحديد التحديات والمعوقات فى نشر ثقافة التسامح والتعايش مع الآخر وتقديم رؤى للتغلب عليها.
أما محاور المؤتمر ، فتمثلت في التغيرات السياسية والاجتماعية وقيم التسامح والتعايش مع الآخر . والمناهج الدراسية الجامعى وماقبل الجامعى ودورها فى نشر قيم التسامح والتعايش مع الآخر. و المناهج الدراسية فى مؤسسات التعليم الجامعى وماقبل الجامعى فى نبذ الكراهية والعنف والارهاب. و الأمن الفكرى بين الواجب والضرورة وعلاقته بالمن القومى. و التسامح والتعايش مع الآخر فى الثقافة العربية والعاليمة تجارب وأمثلة واقعية. و معيار نشر التسامح والتعايش مع الآخر لتعزيز حقوق الإنسان. و دور منظمات المجتمع المدنى فى نشر ثقافة التسامح والتعايش مع الآخر. و الاتصال وتكنولوجيا المعلومات وتأثيرها على أبعاد التسامح والتعايش مع الآخر. و الحوار الدينى الصحيح والمستنير لنشر قيم التسامح والتعايش مع الآخر. و المرأة وثقافة التسامح والتعايش مع الاخر. والتسامح والتعايش مع الآخر ...رؤي وتجارب عالمية وتقديم رؤى للتغلب عليها. و تحديات ومعوقات نشر قيم التسامح والتعايش مع الآخر.
وقدم أ.د. يحي عطية سليمان كتاب المؤتمر بقوله : " يعد نشر قيم التسامح والتعايش مع الآخر مطلباً ضرورياً في القرن الواحد والعشرين لما نعانيه من صراعات وخلافات موجودة على الساحة المحلية والإقليمية والعالمية، فالإنسان لايعيش منفرداً بل يعيش في مجتمعات بشرية ، وهذه المجتمعات قائمة علي الاختلاف في كل شيء ، والاختلاف حتمي . فقد قال تعالي : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا " ( سورة الحجرات : الآية 13 ) ، وقال تعالي أيضًا : " لوشاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين " ( سورة هود : الآية 118) ، ونظرًأ لان الاختلاف هو أصل الكون والهدف من الاختلاف التعارف ، ومن هنا كانت الضرورة لتدعيم أبعاد التسامح والتعايش مع الآخر، من خلال إرساء مبادئ الحب والمودة والأخوة ونشر لغة التسامح، وترسيخ الاحترام المتبادل بين جميع الأديان ، وتعزيز حق الاختلاف ونبذ التعصب والعنف، وبناء علاقات ايجابية بين الأفراد قائمة على االتفاهم. وكل ذلك لن يحدث إلا بتضافر الجهود بين جميع الهيئات والمؤسسات.
مفهوم التسامح :
في اللغة : من مادة سَمْحْ بمعني اللين والسهولة ، ويأتي مرادفًـا لكلمة التساهل ( ابن منظور : لسان العرب : مادة سمح ). واسمح وسامح أي الموافقة علي المطلوب ومن أقوال العرب عليك بالحق فإن فيه لمسمحًا أي متسعًا والمسامحة المساهلة . ( ابن منظور 1956م ، ص 489) .
وفي المعجم الوجيز (1990م) التسامح لغة من السماح والسماحة : بذل في العسر واليسر عن كرم وسخاء ( سمح ) – سماحة ، ( وسموحة ) لان وسهل فهو سمح ، ( وسامحه ) عفا عنه . ( وتسامح ) في كذا تساهل . ( والسماحة ) الجود والكرم . و ( السمحة) تساهل فلان تسامح ، ويقال شريعة سمحة فيها يسر وسهولة .
أما في مجال الاصطلاح ، فالتسامح كقيمة : العفو عند المقدرة ، وعدم الإساءة بالإساءة ، والترفع عن الصغائر ، والسمو بالنفس البشرية إلي مرتبة اخلاقية عالية .
والتسامح في معناه العميق : هو أن نسامح أنفسنا ، وننسى إساءة من حولنا .
والتسامح يعد أحد المباديء الإنسانية ، ويعني نسيان الماضي المؤلم بكامل إرادتنا ، وهو أيضا التخلي عن رغبتنا في ايذاء الآخرين لاي سبب قد حدث في الماضي ، وهو الشعور بالرحمة ، والتعاطف ، وأن لا يكون شعور بالغضب ولا لوجود المشاعر السلبية لأي شخص .
والتسامح الفكري يتمثل في قدرة الفرد علي عدم فرض اراءه و أفكاره بالقوة أو القسر أو بالخداع والمغالطة ، وإنما الإقرار بأن الجميع له الحرية في التعبير عن افكارهم وآرائهم واحترامها حتى وان كانت مخالفة ، وتعديل وتغيير الفرد لافكاره وآرائه إذ ثبت من خلال الحوار والمناقشة عدم دقتها وصحتها .
التسامح عبر التاريخ :
التسامح كمفهوم أخلاقي اجتماعي دعا اليه كافة الرسل والأنبياء والمصلحين ، لما له من دور وأهمية كبري في تحقيق وحدة وتضامن وتماسك المجتمعات والقضاء علي الخلافات والصرعات بين الافراد والجماعات ، والتسامح يعني احترام ثقافة وعقيدة وقيم الآخرين وهو ركيزة أساسية لحقوق الإنسان ، والديمقراطية والعدل ، والحريات الإنسانية العامة .
فالتسامح جزء أصيل في ثقافتنا العربية والإسلامية وقيمة من قيم الإسلام رسختها الشريعة الإسلامية ، وحث عليها القرآن الكريم في قوله تعالي :" ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين " . ( سورة النحل : الآية 125)
أهمية التسامح :
التسامح في جوهره دعوة للحوار والتعايش مع الآخرين ، وإنكار لنزعات التفوق والسيطرة وتعبير عن إرادة الحضارات المعاصرة لمعالجة قضايا المستقبل . وتتضح أهمية التسامح في :-
<!--احترام حريات الإنسان وحقوقه .
<!--الاختلاف في الرأي دون اللجوء إلي التعصب والتحيز .
<!--الاحترام المتبادل بين الجميع في كافة المواضيع .
<!--الانفتاح في تقبل وجهات النظر .
<!--تقوية الروابط بين الأفراد والجماعات وانصرافهم نحو البناء والتعمير .
<!--توفير قدر من الصحة والارتياح النفسي .
<!--تقوية العلاقات الانسانية وأواصر المحبة .
العولمة والتسامح :
يتعرض المجتمع العربي والإسلامي لأعاصير الغرب ، ومنها : الخير والشر ، والحق والباطل ، والجميل والقبيح تحت مسمي النظام العالمي الجديد " العولمة " والتي تتجسد فيها الهيمنة والسطوة لصالح الأقوي .
وعرف ( الصاوي أحمد – 2005م ) العولمة بأنها : " ماهي الإ حضارة مصطنعة وخالية من أية ثوابت ومباديء وقيم ، لانها قائمة علي سياسة بلا مبادىء ، وتجارة بلا أخلاق ، وتعلم بلا تربية ، وعلم بلا ضمير ، وديمقراطية بلا حرية ، والبقاء عندها للاقوي وعلي الضعيف الموت أو الانزواء في أزقة التاريخ "
وتحمل العولمة في طياتها - بالرغم من بريقها وبهجتها – كثير من ما يتعارض وثقافتنا وهويتنا وتقاليدنا ومبادئنا وقيمنا ، فالعيش في هذا العصر بكل تحدياته ومغرياته ، يتطلب إعمال العقل بالتفكير وتهذيب الوجدانيات بالقيم . وقد أكدت دراسات علي أن العولمة : تعني طمس الهوية وتحمل في طياتها العديد من السلبيات من بينها : إلغاء النسيج الاجتماعي للشعوب ، والاستيلاء علي اقتصاد العالم وزيادة نسبة الفقر والبطالة ، والقضاء علي الهوية الثقافية .
ولابد من مواجهة تداعيات العولمة التي برزت في تراجع سيادة الدولة علي أرضها وتناقص استقلالية القرار الوطني لصالح قوي إقليمية أو دولية ، وتم تهديد السيادة القومية عند ظهور الشركات متعددة الجنسيات وزيادة التدخل الاجنبي في شئون الدول فتتخذ أشكال التدخل تحت حجة الديمقراطية ومساعدة الشعوب في تقرير المصير وربما مكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة والجهادية ، ومحاولات طمس ملامح الهوية الثقافية العربية الإسلامية وضعف الاهتمام بالجوانب الروحية القيمية والفكرية .
أنواع التسامح :
تتمثل في التسامح : الديني ( العقائدي ) والاجتماعي والسياسي والثقافي والفكري والعلمي والشخصي والتسامح في المعاملات .
مكونات التسامح الفكري :
تتمثل مكونات التسامح الفكري ومتطلباته في : المرونة الفكرية ، تقبل النقد ، نبذ العنف ، تقدير مشاعر الآخرين ، التحكم في الانفعالات ، وتقبل الاختلاف .
مقومات التسامح الفكري :
تتمثل في : العقل والحرية والانتاج الفكري والمثابرة الفكرية
أبعاد التسامح :
وفقا لمباديء إعلان اليونسكو منها : الأبعاد التربوية ، والابعاد النفسية ، والابعاد الاجتماعية.
ويمكن تصنيف قيم التسامح إلي قسمين :
<!--قيم التسامح مع الذات ، وتمثلت : التسامح مع الذات في مواقف الفشل ، تحمل الأعباء ، تحمل أذي الآخرين .
<!--قيم التسامح مع الآخرين ، وشملت : تقبل الفرد الاختلاف بينه وبين أقرانه مهما كان اختلاف سواء حيث الشكل أو النوع أو الدين .
خصائص مفهوم التسامح :
تتمثل في مفهوم التسامح علي حرية التفكير والاعتقاد والشفافية في التعامل بين الأطراف المختلفين ، كما يتطلب نمو مفهوم التسامح وجود القبول الايجابي بين الأطراف المختلفين ، ولابد من وجود حدود التسامح مما يستوجب وضع معايير القبول أو الرفض التى يقبل بها الفرد أو القيادات السياسية والدينية والاجتماعية السائدة بالمجتمع .
أهمية التسامح بالنسبة الفرد والمجتمع :
<!--أما بالنسبة للفرد : يساعد التسامح علي تخفيف نسبة موت الخلايا العصبية في الدماغ ، فالمتسامحون أكثر فعالية ، وهو علاج للامراض حيث انه يقوي جهاز المناعة لدي الانسان ، وينعكس التسامح علي الافراد حيث أن من هم اكثر تسامحًا هم أكثر سعادة واقلهم انفعالاً ولايعاني المتسامحون من أمراض القلب وضغط الدم و التسامح يطيل العمر هذا علي مستوي الفرد .
<!--أما بالنسبة للمجتمع : فيؤدي التسامح إلي ثبات المجتمع واستقراره وزرع روح التعاون وترسيخ قيم التعايش والحوار الحر العقلاني .
مصادر قيم التسامح :
تتمثل في : القرآن الكريم – السنة - الاجماع – القياس – العرف . ويمكن أن نضيف إلي مصادر قيم التسامح طبيعة المجتمع وأهدافه ووسائل الاعلام ، وطبيعة العصر ومطالبه .
خصائص قيم التسامح :
ربانية المصدر والثبات والشمول والتوازن والايجابية والواقعية والاستمرارية والمرونة .
التسامح والتربية :
التربية الحالية يجب ان تقوم بواجبها في بناء شخصية المتعلم ومعالجة جوانب الانحراف من خلال :
<!--إنضباطهم ذاتيًا بعدم استغلال الفرص لمصالحهم الشخصية .
<!--عدم شعورهم بالتعالي علي حساب الآخرين.
<!--عدم محاولة تغيير أو تعديل القوانين وأحكام التعامل العام من أجل تمرير مصالح شخصية أو قرارات اجتماعية غير عادلة .