******* الشعر الحر ( قصيدة النثر) إلى أين ؟*******
الشعر : إحساس ، نبض قلب ، عاصفة تجتاح الروح
تتالت ثورات التحديث على الشعر العربي منذ الجاهلية ، وقبيل أن يضع الفراهيدي بحور الشعر ، وبلغت ذروتها في العصر العباسي ، ثم جاء الموشح الأندلسي ، واستمرت حتى القرن العشرين ، جاءت قصيدة التفعيلة ، ثم ظهرت ما سمي بقصيدة النثر. وباعتقادي هذه التسمية فيها إجحاف ، وغير واقعية ، فهو نوع من أنواع الشعر تمرد على كل قوانين الفراهيدي .
الشعر كائن حي ، يتطور ، ويتجدد . وما الزحافات والعلل ، إلا تطور لعمود الشعر ، وبعض الشعراء الجاهليين الفحول تمرد على الإيقاع العروضي الذي رسمه الفراهيدي كمعلقة عبيد بن الأبرص ، سوف أتكلم عنها في مقال آخر إن شاء الله .
فهل الشعر الحر ( قصيدة النثر )) ليس لها قوانين ؟؟
سؤال يشغل تفكير كل شاعر ومحب للشعر .
إن الحياة خلقها الله ووضع لها وللدنيا التي نعيش فيها قوانين ، حتى لا تفسد وتدمر ، وأي شيء دون قانون وضوابط ، يفسد وينتهي ، ظن بعض مدعي الشاعرية ، أن الشعر الحر لا ضابطا له ، وظن البعض الآخر ، أنه غير ملزم بقواعد النحو وحتى الإملاء ، والبعض الآخر ، ظن الشاعرية ، بالغموض ، والإبهام واتخذ من التكعيبية مثلا .
الشعر خطاب الروح ، فيعقل أن نخاطب الروح بألغاز ، وصور مبهمة ، تحتاج لجهد وقراءة بالغيب ، ومعرفة بنفس الشاعر .
قواعد الشعر الحر :
1 – الوضوح بالكلمات فشعرنا العربي شعر غنائي والوضح وسلاسة المفردات وصياغة الجملة بكلمات شاعرية متناسبة ومتجانسة بذلك تشكل ايقاعا شعريا يعوض عن إيقاع العروض 2 – استعمال القافية او الروي : فالقافية تعتبر وقفة للشاعر لينطلق بعدها من جديد ، وهي معين له في تسلسل أفكاره ضمن القصيدة ، كما أن للقافية إيقاع جمالي خاصة إذا أحسن الشاعر اختيار الروي ، ولكن البعض يجد كلمة ذات نهاية مطابقة للروي الذي بدأ به قصيدته فيكتبها دون أن يهتم لتناسب الكلمة مع السياق العام للسطر .
الشاعر غير ملزم بورود القافية كل سطرين فله أن يوردها بعد عدد من الأسطر وهذا غير معيب ويعطي المقطع جمالية .
3 - استعمال المحسنات اللفظية وصور جميلة معبرة .
نعم هناك تشابيه وكنايات واستعارات اختلفت عما مضى لاختلاف العصر والمعطيات وهي تعابير رقيقة وساحرة ، لكن يجب أن تكون ضمن المقبول ذوقا وتذوقا .
كنت اقرأ لشاعر يخاطب حبيبته كتب كلمات جميلة ثم ختم مقطعه بجملة ( ثم تجشأت ) فكأني بها قد أتخمت من كلماته فتجشأت لتوسيع عقلها هذه صورة نابية لا يقبلها العقل ولا التذوق .
4 – أن يقسم الشاعر قصيدته لمقاطع ، يسلسل أفكاره ، ويجدد عزيمته للاستمرار بالكتابة .
فهناك البعض يقول بأن الشعر الحر هو أن يكتب الشاعر ويستمر دون توقف حتى ينهي قصيدته .
هذه غدت خاطرة وليست قصيدة شعر حين قلت يجب على الشاعر استعمال الروي فذلك ليتوقف الشاعر ويعطي المتلقي هنيهة ليتذوق ما قرأ ويشده ليحلق معه في ملكوت الشعر بالإضافة لما للقافية من موسيقى ايقاعية جميلة .
5 – الوضوح وحين استعمال رموزا تاريخية او اسقاطات لحوادث مضت او استعمال الرمزية ان تكون واضحة شفافة تأخذ بالقاريء الى تلك الأسطورة وماذا يريد الشاعر من ايراد هذه الرمزية .
أما قبول أو رفض للشعر الحر فهذا شيء آخر أتمنى من الله ان يساعدني لأكتب حول هذا الموضوع فهناك شؤون وشجون بدأت منذ عصر الجاهلية وسوف تستمر إلى أن يقبض الله الدنيا ومن عليها فلغتنا حية لن تموت وكل حي يجب ان يتمرد على القديم ويخط له طريقا غير طريق من سبقه لكن يبقى التراث المنهل والمورد الأساس والركيزة التي نستند إليها في كل جديد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدكتور أحمد مصطفى الأطرش
ساحة النقاش