:::: بسم الله الرحمن الرحيم :::: " انا انزلناه قرأن عربيا لعلكم تعقلون " صدق الله العظيم الحمد لله ، و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله و بعد : أحدثكم اليوم عن حق اللغة العربية علينا ، و واجبنا تجاهها ، ليس هذا بالأمر العادي الذي يُمل الحديث منه ، لأننا في معظم المنتديات و الفضائيات نتكلم عن مشاكل اللغة ولا نتكلم عن حلولها ، نريد في هذا الموضوع أن يسأل كل امرئٍ نفسَه ، ماذا يستطيع أن يقدم للغة العربية ؟ أولاً لماذا يقدم ؟؟ اللغة العربية ليست في حاجة لبيان شرفها و فضلها ، يكفي أن نقول إنها : *لغة كتاب الله ، و كتاب الله أشرف الكلام . *لغة سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و كلام رسول الله أشرف كلام الناس . *لغة الصحابة و التابعين الأمجاد ، الذين نسأل الله أن يحشرنا معهم يوم الحشر . *لغة الفصاحة و البلاغة و البيان و الجمال . *لغة الآباء و الأجداد ، و لغة تراث الأمة المكتوب على مدى ألف و أربعمئة عام و الذي لا يُقدّر حجمه و قيمته بمال . **اللغة العربية علمٌ شرعي قبل أن تكون علماً لسانياً ، لأنها علمٌ لازمٌ لفهم القرآن و الحديث النبوي الشريف ، فهو علم واجب على الأمة فرض كفاية ، و لا شك أن قدراً منه واجبٌ فرض عين (على كل إنسان) . **اللغة عمود هوية الأمة و هوية الفرد .. و كما قال حافظ : وكم عَزّ أقوامٌ بعز لغات ، و متى ذلت اللغة ذلت الأمة . أنا لست في حاجة إلى الإسهاب في بيان شرف اللغة العربية و لا أهميتها . و فيما تقدم كفاية .. لبيان وجوب قيام كل منا بدوره لحماية اللغة العربية . لكنني أدعوكم اليوم لنسأل أنفسنا .. ماذا يمكننا أن نقدم للغة العربية ؟ و ما الحد الأدنى الواجب القيام به على المستوى الفردي ؟ هل يليق أن تكون عربياً و لا تستطيع تركيب جملة عربية صحيحة ! هل يليق أنك وُلدتَ عربياً لأبوين عربيين و لا تستطيع قراءة بيت من الشعر بشكل سليم ! الأمر يحتاج إلى وقفة و لا يكفيه مُجرد الحديث .. منّ الله عليّ بأفكار ، و عسى أن يمنّ عليكم بخير منها .. على كُل فردٍ منّا : 1ـ أن يداوم على قراءة واستماع القرآن الكريم ، فإنه أفصح الكلام ، و سماعه يُنمي الملكة اللغوية . 2ـ أن يتعلم أحكام تجويد القرآن الكريم ، لأنها تُكسب اللسان فصاحة تلقائية و تضبطه بقواعد النطق السليم ، و تعلم هذه الأحكام سهلٌ و ميسورٌ في زماننا ، معاهد و دور القرآن تملأ المدن ، مقارئ المساجد لا يخلو منها حي ، برامج تعليم التجويد تملأ الفضائيات الدينية ، و تزخر بها الاسطوانات المعروضة في المحلات و على الأرصفة ، كُتُب أحكام التجويد تملأ المكتبات ، المصحف المعلم متوفر على الشبكة ، ليس لك حُجة لئلا تتعلم أحكام التجويد و لا يليق أنك مسلمٌ بالغٌ و لا تعرفُها . 3ـ لا بد من تعلم أساسيات النحو ، لأنه وسيلتك إلى تركيب جملة عربية سليمة ، هناك الكثير من الكُتب التي تتناول النحو بطريقة مُيسرة ، و منهج نحو الثانوية العامة كافٍ إذا ألزمت نفسك بتطبيقه ، احرص على أن تُطبق ما تعلمته من النحو في قرائتك و كتابتك لتُثبتها في ذهنك و على لسانك ، يُمكنك أن تبدأ في هذه الخطوة بعد قطع شوط في الخطوتين السابقتين . و من أسهل الكتب التي تشرح النحو بطريقة ميسرة (دليل النحو و الصرف لطلاب الثانوية العامة) الذي يتسلمه الطلبة في الصف الأول الثانوي ، فإنه يشرح دروس النحو بطريقة مُيسرة جداً ، و حجمه كبير بعض الشئ لأنه جمع كل دروس النحو لا لحشو أو تعقيد . 4ـ تطبيقاً لما تعلمته ، احرص على قراءة الصُحُف جهراً لتمرين لسانك و طبّق في قرائتك ما تعلمته حتى وقتها ، أخرج لسانك في الثاء و الذال و الظاء ، اقرأ بالتشكيل و لا تستعجل . 5ـ قيد استعمالك للُّغة الأجنبية بالضرورة ، الضرورة في استعمالها أن تكون : * تُكلم أجنبياً لا يفقه العربية . * تقرأ أو تسمع مادة أجنبية تقوم بترجمتها أو تستعين بأحد لذلك . أما إذا لم تكن هناك ضرورة ، فمن الغباء أن يُحدث العربي أخاه العربي بجملة نصفها ألفاظ أجنبية . 6ـ استخدم البديل العربي المعروف للفظ الأجنبي الشائع ، قل (بطاقة ذاكرة) و لا تقل (كارت ميموري) ، قل (لوحة مفاتيح) و لا تقل (كيبورد) ، قل (محمول أو جوال) و لا تقل (موبايل) ، إذا لم تعرف البديل العربي فلك العُذر حتى تعرف ، بإمكانك الاستعانة بقاموس (انجليزي / عربي) رُبما ساعدك في الوصول إلى البديل الصحيح . 7ـ أكتب باللغة العربية ، و بالحروف العربية .. لا داعي لأن تكتب : eh el25bar ya sa7by 3aml eh لستَ جاهلاً بالحروف العربية ، و لا لوحة مفاتيحك مستوردة من كاليفورنيا 8ـ حسّن خطّك العربي ، استخدم كتيبات تعليم الخط المنتشرة في المكتبات إذا كان خطك بالغ السوء . 9ـ اكتُب بالعربية أفكارك .. و مشاعرك .. و أحاسيسك .. و مواقف الحياة التي تتعرض لها ، بأسلوبك الخاص .. كوّن صداقة مع القلم .. سينفعك كثيراً 10ـ إن فعلت ما سبق .. فلا تحرم نفسك من جولة عابرة في حدائق الأدب العربي و قراءة سريعة ماتعة في رياض الشعر و النثر .. و لو على المواقع الأدبية على الشبكة . 11ـ زُر مكتبة من المكتبات .. أو معرض الكتاب .. و اشتر كتاباً أو أكثر .. تجرأ و افعلها .. عوّد نفسك على القراءة .. فخير جليس في الزمان كتاب . ** لا تقل لي : ليس لدي وقتٌ لكل هذا أو بعضه ، فلن أصدقك ، أنت تجلس أمام الحاسب بالساعات الطوال .. و تقيم في المنتدى نصف يومك .. و تشاهد الأفلام .. و مباريات كأس العالم .. ستجد الوقت .. لا تخدع نفسك لأنك أنت الخاسر .. ** إفعل كل هذا ـ أو ما تستطيعه منه ـ بحُب ، فأنت تؤدي خدمة عظيمة لدينك و لغتك و أمتك و وطنك .. و نفسك ، لأن عزة لغتك من عزتك ..و ذلها من ذُلّك . **كلما اقتربت من اللغة العربية اقتربت من القرآن الكريم ، و كلما اقتربت من القرآن اقتربت من ربك جل جلاله . **كلما أحسنت اللغة العربية فهمت القرآن الكريم و الحديث الشريف ، و المصطلحات الفقهية و العلمية و الأدبية ، و تكشفت لك من المعارف و العلوم جواهر كانت محجوبةً عنك . **إن قصرت في حق اللغة العربية فأنت الخاسر ، لأنك رضيت أن تحيا بلغة ضعيفة لأمة مهزومة