نقابة المحامين ونادى القضاة والإعلام وجهة سياسية وراء «الفتنة الحالية» |
المستشار رفعت السيد، يحتفظ بعلاقات وصلات متداخلة بين القضاة والمحامين، فهو رئيس محكمة جنايات القاهرة ورئيس نادى قضاة أسيوط ورئيس مجلس تأديب المحامين، إضافة إلى أنه سبق له أن تولى أمين عام صندوق نقابة المحامين أثناء إشراف اللجنة القضائية على النقابة قبل أن يأتى إليها حمدى خليفة ومجلسه الجديد، كما أن «السيد» انضم لنقابة المحامين كمحام عندما فصله الرئيس عبدالناصر فى مذبحة القضاء الشهيرة عام ١٩٦١، ثم عاد بعدها إلى عمله قاضياً.. وفى ذلك يقول إنه جمع بين «الحسنيين» كقاض حالٍ ومحام سابق. صوت السيد فى أزمة «المحامين والقضاة» يمثل صوت العقل والحكمة، كما يقول بعض القضاة والمحامين على حد سواء بسبب إدانته الجميع فى هذه الأزمة وعدم انحيازه لطرف دون آخر.. «المصرى اليوم» التقت المستشار رفعت السيد وأجرت معه هذا الحوار.. ■ كيف تصف الأزمة التى حدثت بين المحامى ووكيل النيابة.. ومن الجانى والمتهم فى هذه القضية؟ - ما وصل إلى علمى سواء مما نشر فى الصحف أو مما ترامى عبر الزملاء العاملين بمحاكم طنطا هو أن أحد السادة المحامين كان لديه مطلب يريد أن يعرضه على وكيل النيابة، وطلب من شرطى الحراسة أن يستأذن له فى الدخول، وتصادف أن كان وكيل النيابة يجرى مكالمة هاتفية آنذاك، فأشار إلى الحارس بأن يطلب منه الانتظار إلا أن السيد المحامى لم يرتض الانتظار وحاول أن يقتحم الغرفة، فتصدى له حرس النيابة وحالوا بينه وبين الاقتحام وحدث اشتباك، وتمكن فعلاً من دخول حجرة وكيل النيابة ووجه السيد المحامى بعض العبارات الجارحة لوكيل النيابة، بسبب عدم سماحه له بالدخول، مما جعل الحرس يشتبك معه. ■ لكن هناك رواية منسوبة للمحامين تقول إن وكيل النيابة قام بصفع المحامى بعد الاستعانة بالحرس؟ - أنا أقول ما وصل إلى علمى وليس معنى هذا أن ما أقوله هو الحقيقة، والذى حدث كما وصل إلى علمى هو أن المحامى استدعى بعض زملائه لمساندته ومؤازرته، وقرروا التقدم بشكوى فى حق حرس وكيل النيابة ووكيل النيابة، وقرر وكيل النيابة بدوره تحرير مذكرة بما حدث، وأثناء تواجد الطرفين بمكتب المحامى العام لنيابات طنطا الكلية الذى كان يحاول احتواء المشكلة وإنهاء الخلاف ودياً بينهما باعتبارهما زملاء فوجئ المحامى العام والمتواجدون من أعضاء النيابة بمكتبه بالمحامى يقوم من على مقعده ويتجه صوب وكيل النيابة ويصفعه بكل قوته على وجهه، وعلى هذا الأساس اتخذت الإجراءات فى تحقيق الواقعة التى كان المحامى العام وأعضاء النيابة العامة شهوداً عليها. ■ لكن لماذا قامت النيابة العامة بالتحقيق فى الواقعة، ولم يتم انتداب قاض للتحقيق طالما أن أحد أعضاء النيابة طرف فى المشكلة؟ - يقينى أن سلطة التحقيق هى النيابة العامة، وهى الأصل واستثناء يجوز إذا رأت النيابة العامة طبقاً للمادة ٦٤ إجراءات جنائية أن من صالح التحقيق أو رأى المتهم نفسه أنه من صالح التحقيق أن يتولاه قاض للتحقيق. ■ ولماذا لم تنتدب قاضياً للتحقيق منعاً للتأويل ودرءًا للشبهات؟ - إذا رأت النيابة تحقيق الدعوى بمعرفة قاضى التحقيق أكثر ملاءمة بالنظر إلى ظروفها الخاصة جاز لها أن تطلب ندب أحد قضاة المحكمة لمباشرة التحقيق، ويحظر على المتهم أن يطلب من رئيس المحكمة ندب قاض للتحقيق بعد سماع أقوال النيابة العامة، والأمر منوط بالنيابة وبالمتهم، وحسب علمى فإن النيابة العامة لم تطلب قاضياً للتحقيق. ■ لكن تردد أن المحامين كان لهم هذا الطلب وهو انتداب قاض للتحقيق، لأنه لا يجوز أن تكون النيابة خصماً وحكماً فى ذات الوقت؟ - المتهم ودفاعه لم يطلبا ندب قاض للتحقيق لأن القانون يقول إن الطلب يقدم إلى رئيس المحكمة المختص، والثابت أنه لم يتقدم أحد بهذا الطلب. ■ وأنت بصفتك قاضياً وأحد شيوخ القضاة.. كيف كنت ستتصرف لو كان الأمر بيدك؟ - كنت أتمنى أن يكون التحقيق فى هذه الواقعة تحديداً وجميع الوقائع التالية لها سواء فى شأن ما حدث بالمحلة الكبرى أو فى محكمة الاستئناف بمعرفة قاضى تحقيق لكن ليس هناك إلزام على النيابة أن تتخلى عن دورها أو إلزام رئيس المحكمة بأن يندب قاضياً للتحقيق فى أمر لم يطلب منه. ■ لكن ألا ترى أن بيان النائب العام فى بداية الأزمة كان شديد اللهجة ومتحيزاً فى صف القضاة، وجعل منه طرفاً وليس مرجعية قانونية لدى الجانبين؟ - النائب العام يتحدث عن واقعة حدثت وهذا واجبه مع ملاحظة أن النائب العام الأصل فيه سلطة اتهام فهو الذى يتهم وإذا كان قد تحدث بلغة شديدة فهذا يتعلق بلغة الاتهام. ■ ولماذا لم يدرج وكيل النيابة فى التحقيق باعتبار أنه طرف فى مشكلة وتمت إحالة المحامى فقط للتحقيق رغم أن كليهما كان يستوجب الخضوع للتحقيق؟ - وكيل النيابة هو المجنى عليه من قبل المحامى فى حضور المحامى العام، وباقى أعضاء النيابة العامة الذين شهدوا الواقعة، لذلك فإن أدلة الثبوت مكتملة. ■ لكن المحامى يقول إن وكيل النيابة هو الذى اعتدى عليه أولاً وقام بصفعة هو والحرس؟ - ما نسبه المحامى لوكيل النيابة جاء فى معرض تبريره لما صدر عنه من اعتداء على وكيل النيابة أمام المحامى العام. ■ أليس من العدل أن يتم التحقيق أيضاً مع وكيل النيابة لمعرفة الحقيقة، ومن الذى تسبب فى الأزمة هو أم المحامى؟ - التحقيق جار مع وكيل النيابة ومع حرس النيابة. ■ من الذى يحقق؟ - تفتيش النيابات والتفتيش القضائى. ■ هل صدرت نتيجة لهذه التحقيقات مع وكيل النيابة ومع حرس النيابات؟ - لم ننته بعد وإذا رأت جهة التحقيق أن هناك أدلة على اقتراف وكيل النيابة أو أى من العاملين فى النيابة خطأ يشكل تعدياً فلابد من اتخاذ جميع الإجراءات القانونية. ■ هل مثل هذه التحقيقات الداخلية يمكن أن تشهد نوعاً من المحاباة والمجاملة؟ - إطلاقاً.. وإذا ثبت اقتراف وكيل النيابة هذه الواقعة، فإن العقاب يكون شديداً، والتفتيش القضائى لا يعرف المجاملة أو المحاباة لأى طرف كائن من كان. ■ كيف تقول إن وكيل النيابة يخضع الآن للتحقيق داخل التفتيش القضائى وقد تم انتدابه إلى مكتب النائب العام؟ - هذا عمل إدارى لمحاولة إزالة التوتر، وحفاظاً على حسن العلاقة بين المحامين وأعضاء النيابة. ■ لكن هذا الانتداب تم تفسيره بأن النائب العام يقوم بتكريمه وليس بالتحقيق معه؟ - إطلاقاً.. هذا إجراء مؤقت ليكون قريباً من جهة التحقيق الجارى، وهذا يدل على الشفافية الكاملة، وعند انتهاء التحقيق معه سيتم التصرف فى الأمر على ضوء ما سيسفر عنه التحقيق. ■ هل سيتم الإعلان عن نتيجة هذا التحقيق مع وكيل النيابة لوسائل الإعلام، أم أن الأمر سيكون داخلياً كما هى عادة التفتيش القضائى؟ - بالقطع سيتم الإعلان عنه مع ملاحظة أن أعضاء الهيئات القضائية عند محاسبتهم عن أى خطأ ينسب إليهم، ويثبت حدوثه يتعرضون لعقوبات أقسى وأمر وأشد وأردع مما يتم التعامل به مع باقى المواطنين، وبالنسبة للسادة المحامين فإن ارتكاب الكثير منهم جرائم جنح وجنايات أو خروج على مقتضى الواجب الوظيفى أو اتخاذ سلوك شائن فى الغالب الأعم، فإن النيابة العامة الأمينة على الدعوى العمومية تكتفى بإحالتهم إلى مجالس تأديب ولا يتم تقديمهم إلى المحاكمة الجنائية، وبهذا يتضح مدى الرعاية التى توليها النيابة العامة للسادة المحامين، إذ توفر لهم كل وسائل الأمن والأمان فى أداء عملهم حتى مع الخطأ. ■ فى تقديرك لماذا هذا «التخاصم» الشديد بين القضاة والمحامين الذى أظهرته هذه الأزمة؟ - رأيى الشخصى ورأى الغالبية العظمى من رجال القضاء أن علاقة المحامين بالقضاة هى علاقة الرأس بالجسد فى الجسم الواحد، ومحاولة الفصل بينهما تؤدى بالقطع إلى تدمير الرأس والجسد معاً لأنه لا قضاء دون محاماة، ولا محاماة دون قضاء وإذا اهتزت الثقة أو وهنت الهيبة فى رجال القضاء انعدمت السلطة وزالت الهيبة تماماً من شركائهم فى العدالة وهم السادة المحامون. ومن ثم فإن الحرب المستعرة إذا حدثت بين القضاة والمحامين فهى ليست حرباً بين فريقين وإنما هى «حرب مع النفس الواحدة» والجسد الواحد، وسيدفع ثمنها جسد العدالة وهو أمر لا يقبله قاض أو محام. ■ لكن هناك من يقول إن هذه الأزمة أظهرت مدى التوتر فى العلاقة بين الطرفين؟ - الزعم بأن هناك علاقة متوترة وعدم احترام من قبل السلطة القضائية لمهنة المحاماة فرية وافتراء على الحقيقة والواقع لأن أغلب أعضاء النيابة العامة ورجال القضاء آباؤهم وأصهارهم من المحامين، ومن غير المعقول ألا يحترم الابن أباه، وأقرب مثال على ذلك أن نقيب المحامين الحالى أولاده قضاة، والنقيب السابق لديه ابن وكيل نيابة، ووكيل نقابة المحامين محمد طوسون ابنه وكيل نيابة فى أسيوط، ونقيب المحامين فى أسيوط لديه ثلاثة أولاد وكلاء نيابة والأمثلة كثيرة وفوق الحصر، الأمر الذى يدل على مدى امتزاج القضاء والمحاماة، وعليه فإن القول بأن هناك سوء علاقة بين الطرفين فيه افتراء كما أن شيوخ المحامين الآن وأكثرهم شهرة وتأثيراً كانوا فى الأصل قضاة وعندما اكتمل عطاؤهم فى القضاء زاولوا المحاماة وأثروها بعلمهم. ■ البعض يرى أن عمليات الالتحاق بالهيئات القضائية وما يشوبها من شوائب معروفة وشائعة هى سبب احتقان المحامين الشبان مما يخلق الحقد والأزمة النفسية مع وكلاء النيابة أثناء التعامل الدورى اليومى بينهم؟ - إذا كانت هناك غصة فى النفس لدى بعض شباب المحامين الذين يعتقدون أن من حقهم أن يعملوا بالهيئات القضائية وأن فرصتهم لم تتحقق لأسباب فى نظرهم غير موضوعية أعتقد أن لهم بعض العذر. ■ ألا ترى أن عمليات الالتحاق بالهيئات القضائية تشوبها الوساطة والمحسوبية وأمور أخرى يعرفها الكافة ولم تعد الكفاءة والعلم هما شروط الالتحاق كما كان فى السابق؟ - أنا شخصياً وأبناء جيلى فى الستينيات التحقنا بالنيابة دون طلب منى أو منهم، وكانت نتائج كليات الحقوق ترسل مباشرة إلى النيابة العامة فتتولى ترشيح أوائل الكلية بقدر عدد الدرجات المتوافرة لديها وترسل النيابة إلى المرشح وتنبئه بترشيحه إذا كان راغباً فى العمل بالنيابة وفلسفة ذلك أن العمل بالقضاء ولاية وطالب الولاية لا يولى ولكن يُكلّف، وهذا كان يحدث فى جيلنا وبالتالى لم تكن هناك غصة لأن الاختيار يتم وفق الكفاءة والترتيب فى النجاح. ■ إذن ما يحدث الآن فى عملية الالتحاق بالهيئات القضائية هو السبب لما يحدث من أزمات نفسية بين المحامين وأعضاء النيابة؟ - الذى يحدث الآن أن الآلاف يتقدمون للعمل ويتم الاختيار بناء على اختبارات شخصية جعلت الكثير من الشباب يظن أنه لا تتحقق الموضوعية التى يتمنونها. ■ يرى البعض أن الاعتبارات الأمنية والاجتماعية والسياسية تتقدم كثيراً على عامل الكفاءة والعلم فى عمليات الالتحاق بهذه الهيئات.. ماذا تقول فى ذلك؟ - الأصل هو الكفاءة لأنها المعيار الوحيد الآمن الذى يطمئن إليه الجميع، فإذا كانت هناك اعتبارات أمنية وشخصية متعلقة بشخص المرشح فلا مانع من إعمال آثارها فى الاستبعاد شريطة أن يأخذ مكانه من يليه مباشرة وبهذا تتحقق فكرة تكافؤ الفرص وتنتفى روح الاعتراض. ■ فى المقابل ألا ترى أن زيادة أعداد الخريجين فى كليات الحقوق عقبة كبيرة وضغط هائل على الهيئات القضائية؟ - نحن نعانى من انفتاح غير سوىّ فى أعداد المقبولين فى كليات الحقوق، بحيث لا يتناسب حجم الخريجين مع حجم العمل المتاح فى المجتمع سواء بمجال القضاء أو جميع المجالات التى لا تستوعب أكثر من ٥٪ من عدد الخريجين ويتبقى ٩٥٪ منهم بغير عمل فيضطرون إلى الالتحاق بمهنة المحاماة وهذه المهنة كمهنة الأطباء يحتكر العمل فيها أعداد قليلة ممن حققوا شهرة واسعة، ويبقى الآخرون دون عمل ويتواجدون يومياً بمقار المحاكم والنقابات الفرعية بحثاً عن أى عمل يؤدونه. ■ هؤلاء لديهم إحساس بأن القضاء يحتاج إليهم والدليل كثرة القضايا وبطء إجراءات التقاضى بسبب النقص فى أعداد القضاة.. أليس كذلك؟ - هذا صحيح والمطلوب أن يتم تعيين خمسين ألف محام أكفاء بعد اختيارهم وتدريبهم وإعدادهم جيداً للعمل فى القضاء وبالتالى سوف يتم اختيار الأكفأ والأجود وسيترك المحتكرون للمحاماة آلافاً غيرهم يعملون. ■ ذكرت فيما قبل أن وراء هذه الأزمة جهة سياسية منظمة وجهات أخرى.. ماذا تقصد ومن هم المسؤولون عن إثارة هذه الأزمة بين المحامين والقضاة؟ - هذه الفتنة الكبرى أشعل فتيلها أربعة أطراف الأول الإخوة المحامون ومجلس نقابتهم والنقابات الفرعية التى أيدت وساندت ووقفت إلى جوار المتهمين دون أن يقرأ أى منهم أوراق التحقيق أو يعلم بمحتوياته وإنما كان تأييداً للمهنة وهذا أمر غير مقبول. ■ والطرف الثانى؟ - الطرف الثانى هو نادى قضاة مصر لأنه طالما كانت النيابة العامة هى سلطة أصيلة من السلطة القضائية تتولى التحقيق فى الاتهام واتخذت إجراءاتها فى شأنه ما كان له أن يساند أو يدافع عن عضو النيابة العامة المعتدى عليه، لأن فى تأييده ومساندته باسم القضاة تدخلاً معنوياً لدى سلطة التحقيق والحكم، وهو دعوة أيضاً للمحامين لأن يساندوا زميلهم لأن تصرفات نادى قضاة مصر جعلت من مشكلة بين محام ووكيل نيابة أزمة بين مرفقين هما القضاء والمحاماة. ■ ما الجهات السياسية المنظمة التى تمثل الطرف الثالث فى المسؤولية عن الأزمة؟ - هناك جهات سياسية منظمة استغلت الموقف أسوأ استغلال وقامت بتعبئة المتشيعين لهم من المحامين وموّلت تجمعاتهم وحشدت الآلاف منهم أمام محكمة طنطا حيث بلغ عددهم كما ذكر أكثر من عشرة آلاف محام من جميع أنحاء الجمهورية وهذه الجهة قامت بتصعيد سقف المطالبات ونادت بالإضرابات والاعتصامات وكلها تحتاج إلى تنظيم وتمويل، الأمر الذى يتعين فيه الكشف عن هذه الجهة ومعرفتها وفضحها لأنها تستهدف من وراء ذلك هدم القضاء المصرى والمحاماة معاً. ■ هل تقصد تنظيم الإخوان المسلمين؟ - لا أتهم جهة معينة لأننى لا أعرفها، وهذه ليست مهمتى ولكن أستقرئ الأحداث وأحلل ما حدث وأحاول الوصول إلى النتائج، أما معرفة هذه الجهة فهذه ليست مهمتى وإنما على المتخصصين الكشف عنها. ■ ما الذى جعلك متيقناً من أن وراء إثارة هذه الأزمة جهة سياسية منظمة أو الإخوان المسلمين كما تلّمح؟ - بالله عليك قل لى كيف يمكن أن يجتمع أكثر من عشرة آلاف محام دفاعاً عن محام شاب اعتدى على وكيل نيابة بينما هناك محام آخر أكثر شهرة وله موقع اجتماعى مشهود ارتكب ذات الجرم فى الاعتداء على أحد رجال القضاء وحكم عليه بالسجن ابتداء واستئنافاً ونفذ الحبس ولم يتحرك محام واحد للدفاع عنه أو التظاهر بسببه. ■ ومن هو الطرف الرابع المسؤول عن اندلاع الفتنة الكبرى كما تسميها؟ - أجهزة الإعلام المقروءة والمرئية هى المسؤول الرابع والتى استفحل خطرها وفتحت أبوابها وأبواقها لمحبى الشهرة والظهور على الجرائد والفضائيات من الجانبين القضاة والمحامين. ■ لكن الإعلام ينقل الحدث وليس مسؤولاً عنه؟ - الإعلام له دور فيما حدث ودوره بالسلب وليس بالإيجاب ولو أن الإعلام أغلق أبوابه أمام راغبى الكلام لانصاع الجميع وانتهت المشكلة، لكن الإعلام قام بتصوير الأزمة على أن حلها ينصب فى اتفاق الطرفين والوصول إلى حلول، وهذا غير صحيح لأن القضية أمام المحكمة ولا يملك أحد أياً كان دوره أو قدره فى المجتمع أن يتدخل لدى المحكمة بتوصية أو رجاء أو توجيه لأن ذلك يعتبر تدخلاً فى أعمال القضاء وهو جريمة يعاقب عليها القانون، وبالتالى حديث الإعلام اليومى عن الوساطات والاجتماعات التى تجرى والحديث عبر أجهزة الإعلام وتحديد مواعيد لانتهاء الأزمة ومطالبة قيادات سياسية كبيرة بالتدخل.. هذا كله أمر مرفوض ومخالف للقانون. ■ وما الذى يجب أن يكون فى تقديرك الشخصى؟ - يجب إعلاء سيادة القانون وهو أن يتوجه المتهمان ودفاعهما أمام محكمة الجنح المستأنفة غداً يطلبون من المحكمة ما يعن لهما من أوجه دفاع ودفوع وأن يستشهدوا بما لديهم من أدلة، ويقدموها للحصول على البراءة والمحكمة وحدها دون غيرها صاحبة الحق فى أن تلغى الحكم وتقضى بالبراءة أو تعدّل الحكم دون تدخل من أحد. ■ لكن المستشار أحمد الزند، رئيس نادى قضاة مصر، يدعو القضاة إلى عدم التصريح أو الخروج فى وسائل الإعلام ويقوم هو بالخروج على الإعلام ليتحدث وكذلك المحامون.. ما رأيك؟ - المستشار أحمد الزند ليست لديه سلطات لا على القضاة ولا على زملائه من أعضاء مجلس إدارة النادى ولا يملك من أمره شيئاً والذى يطلب من القضاة عدم الظهور فى الإعلام هو مجلس القضاء الأعلى، أما الأندية الاجتماعية فليست لها علاقة بما يحدث وعلى الزند وغيره أن ينحى نفسه جانباً ولا يتدخل فى قضية منظورة أو يتحدث بشأنها ويجب على القضاة والقائمين على عمل القضاء أن يعرفوا دورهم ويؤدوه بكل تفان واقتدار، كما يجب أن يعرف المحامون أنه لا سلطان على القاضى. ■ وما رأيك فى تصريحات الزند للإعلام؟ - القضية أمام المحكمة ولا يجب التحدث بشأنها وعلى الإعلام أن يغلق أبوابه أمام راغبى الظهور لحل المشكلة ويجب أن يعلم الجميع أن هذه فتنة سرعان ما تنطفئ نارها وسيعود الجميع إلى سيرتهم الأولى شركاء فى إقامة العدل يكمل البعض بعضه الآخر، لأنه لن تستطيع قوة مهما كان شأنها ومهما كان حجمها أن تفصل الرأس عن الجسد. ■ إذا ما تجاوز القضاة والمحامون هذه الأزمة.. هل يمكن أن تقوم بينهما علاقة مميزة مستقبلاً؟ - أولاً رب ضارة نافعة، وربما كانت هناك نار تحت الرماد وكان الجميع متغافلاً عنها وعلينا أن نستفيد من المحنة، وفى تقديرى يتعين أن تكون هناك مادة فى كلية الحقوق تدرس السلوكيات التى يلتزم بها القاضى تجاه المحامى، والمحامى تجاه القاضى، ويجب أيضاً أن تكون كل اللقاءات التى تجرى بين قيادات النيابة العامة وأعضائها والقيادات القضائية تدعو إلى حسن المعاملة وحسن السلوك، وكذلك لشيوخ المهنة فى المحاماة عند تدريبهم لأبنائهم فى مكاتبهم أن يطرحوا هذه الأفكار وينقلوها إلى أبنائهم، وقطعاً سيكون لذلك أثر ناجح فى درء هذه «الفتنة الكبرى».. المهم هو أن تتجه إرادتنا جميعاً إلى القضاء على أسبابها ولا أعتقد أن ذلك أمر صعب المنال. ■ ما الكلمة التى تحب أن توجهها إلى أطراف الأزمة، خاصة أن حكم الاستئناف على المحامين فى المحكمة غداً؟ - أناشد الجميع أن يتقوا الله فى بلدهم مصر أولاً وفى القضاء والمحاماة. |
ساحة النقاش