قانون الخلع المصري: نعمة أم نقمة؟

لا يزال الخلاف متأججا حول قانون الخلع الذي يصفه البعض بانه أحد أهم مكتسبات المرأة المصرية في الألفية الجديدة وبين آخرين يرون فيه وسيلة لخلق حالة من الشقاق داخل الأسرة المصرية بعد أن وضع الخلع آلية سهلة لانفصال الزوجة عن زوجها.
وترى بعض المصريات أن قانون الخلع يعد حصنا آمنا لهن من غدر أزواجهن وذلك نظرا لسهولة الحصول على الطلاق دون الحاجة إلى القيام برحلة معاناة في المحاكم وبين مكاتب المحامين.
ووفقا لدراسة أجراها مركز قضايا المرأة المصرية فإن السيدات استخدمن قانون الخلع لأسباب عدة من بينها خشية الزوجة ألا تقييم حدود الله، وإساءة المعاملة، والضرب، والإهانة، والزواج بالأخرى، والغيبة، وسوء السلوك، والهجر.
كما يرجع اقبال النساء الكبير على استخدام قانون الخلع الى كونه طوق نجاة للكثير من السيدات اللاتي عانين في المحاكم لسنوات طويلة في طلب الطلاق خاصة وأن غالبية قضايا الخلع الأولى كانت أغلبها تطليق للضرر، خاصة في الصعيد المصري. بالإضافة إلى العنف، والضرب والإهانة والسب.
وانقسمن المصريات المتضررات من أزواجهن في استخدام قانون الخلع، فمنهن من تضحي بنفسها وتتحمل إساءة العلاقة من قبل الزوج في سبيل أولادها، وهن كثيرات، حيث تستخدمن قانون الخلع في تهديد الزوج في حالة العنف الشديد باللجوء إلى خلعه لردعه عن ضربها وإساءتها، حيث تقول الموظفة ساميه محمد "أن قانون الخلع مثل القنبلة الذرية التي ألوح باستخدامها لكني لا أجرأ علي تفجيرها خوفا على مستقبل بناتي اللاتي اقتربن من سن الزواج".
وتضيف ساميه لميدل إيست اونلاين أن زوجي عصبي، وقد اعتاد ضربي وإهانتي دون مراعاة مشاعري أو مشاعر بناتي، بل كان يتفاخر بذلك، وبعد دخول قانون الخلع حيز التنفيذ، نصحتني زميلتي بتهديده بالخلع إذا حاول ضربي في إشارة أنها وصفة مجربة، وبالفعل قلت له " والله لخلعك"، ومن يومها تاب عن ضربي وإهانتي.
بينما ترى بعض الزوجات أن اللجوء إلى استخدام قانون الخلع عيب كبير، وعار في جبينهن، وبناتهن طوال الدهر مما دفعهن لتجاهل الخلع واللجوء إلى التطليق للضرر خوفا على سمعتهن، حيث تقول فاطمة السيد " أنني لجأت للتطليق للضرر خوفا على سمعتي ومستقبل بناتي، حيث سيكون طلاقي بالخلع رغم سرعته سبب في ضياع مستقبل بناتي وعدم زواجهن".
وأضافت "أنني فكرت كثيرا قبل طلب الطلاق ولكنه الحل الوحيد للمحافظة على ما تبقى من الاحترام بيني وبين زوجي أمام الأولاد، حيث استحالت العشرة مع زوجي لاختلافنا في وجهة النظر من ناحية، وضياع التعاطف والاحترام بيننا من ناحية أخرى، وهو ما يعني بالنسبة لي استحالة العشرة".
أما الزوجات اللاتي استخدمن حقهن في الخلع بهدف المتاجرة به، فقد فطنت لهن محاكم الأسرة، ولم تمكنهن من الخلع، حيث رفضت مؤخرا محكمة الأسرة بحي المعادي ـ جنوب القاهرة ـ طلب خلع المهندسة منال أ. م من زوجها رجل الأعمال محمود ي.خ بعد أن اطمأنت أن الزوجة تستخدم الخلع كلعبة تمارسها للانفصال عن زوجها ثم العودة إليه بشروط جديدة.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها الذي يعد الأول من نوعه "أن الزوجة سبق وحكمت لها المحكمة بالخلع مرتين، وفي كل مرة كان يتم الاتفاق بينها وبين زوجها على عودة الحياة الزوجية بعقد جديد وشروط مالية جديدة، وأن تكرار دعاوى الخلع من جانب الزوجة يتنافى مع أساس الخلع وهو الكراهية، وان تصالح الزوجة أكثر من مرة يؤكد قبولها الحياة مع الزوج، وليس من المعقول أن يتحول الخلع إلى لعبة تمارسها الزوجة لابتزاز زوجها والتحايل على القانون للحصول على مكاسب مالية ومعنوية".
وأرجعت ميرفت جودة المعيدة بكلية البنات جامعة عين شمس تباين المصريات في استخدام قانون الخلع إلى تباينهن في فهم الحياة الزوجية شانهن شأن الأزواج، فالكثير لا يعرف يعني آيه زواج، ولا يوجد لدى الكثير ثقافة زواجية وجنسية، ولم يتعلم أحد من الزوجين احترام الاختلاف بينهما وهو ما يؤدي إلى حدوث الخلع أو الطلاق".
وأضافت في تصريحاتها الخاصة لميدل إيست أونلاين "أن قانون الخلع أعطى للمرأة في مصر إحساس بالأمان، وأنها تعيش مع زوجها بكامل إرادتها دون غصب أو إكراه في الحياة، وان استمرارها في الحياة الزوجية نابع من إرادتها ورغبتها في الاستمرار".
وترى ميرفت جودة "أن الزوجة التي حولت الخلع إلى لعبة تمارسها لابتزاز زوجها ليست ظاهرة ولكنها حالة شاذة، خاصة وأن قانون الخلع لم يثير مشاكل كثيرة كما توقع البعض، ولم يخرب بيوت المصريين كما ردد البعض، ولكنه أعطى حرية للمرأة في استمرار حياتها الزوجية دون ضغط أو إكراه".
واعتبرت جودة أن التأثير السلبي لقانون الخلع كان من نصيب الزوج المخلوع الذي بات يواجه مشكلة نفسية كبيرة في مواجهة الناس والمجتمع على عكس الزوجة التي خلعت زوجها فهي أفضل حالا من الزوجة المطلقة.

المصدر: محمد أبوالديارالمحامى 0105836432 [email protected]

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

268,400