تمكين النساء .. من الديمقراطيه
الدراسات والحوارات المتداولة مجتمعيا حول اسباب فشل المرأة في الانتخابات السابقة تركز على هذا الجانب الجزئي فقط وتغفل الصورة البانورامية الكاملة للعملية السياسية وللتحول الديموقراطي السليم الذي ننشده والذي لا بد ان يرتكز على العدالة وحكم القانون والشفافية ونزاهة الاجراءات ووضوح الحوكمة في كل شأن سياسي، فتمكين المرأة انتخابيا يقتضي تطوير العملية الاتنخابية برمتها واصلاح اختلالاتها واعادة رسم الدوائر الانتخابية كما فعلت الكويت وتهيئة المجال لا لوصول المرأة فقط -فالمرأة جزء من كل- بل وصول كل الفئات التي تنسحق وتنظلم وتضيع في هذه المعادلات كالمستقلين والليبرالين والمعارضة اليسارية او الديموقراطية. العملية الانتخابية في اغلب بلداننا العربية تتقاسمها الحكومة -اللاعب الاساس والمهم- والتيارات الاسلامية سواء كانت معارضة او موالية ولا لون ثالث او رابع بينهما مما ينتج عنه برلمانات مفصلة تنشغل بالنزاعات والصراعات المذهبية والمناطقية وغيرها وتعجز عن اقامة التكتلات البرلمانية المقارعة للحكومة والمرشدة لادائها.
الاصرار والتمسك بابقاء الصورة على حالها باعتبارها افضل الممكن والانحياز لوجهة النظر الحكومية سواء في القوانين الضابطة للعملية الانتخابية اوادارتها او الاشراف عليها وابقاء الدوائر الانتخابية للاقتراع على حالها تشير الى ان البرلمان ايضا سوف يطاله الجمود وسيكون القادم كالسابق، ورغم انه من الصعب التعويل على تغيير توجهات التيار الديني المسيطر على المقاعد راهنا الا ان حراكا لن يجري باعتقادي ما لم تتحرك الدولة التي هي اكثر حداثة وتطور واستنارة من المجتمع وهذا ما حدث للكويت، اذ انها دعمت النساء بعد ان وجدت ان التغيير ضرورة وقد حان وقته واستحقاق جدير بمن هو اهل له سواء من النساء او الرجال وليس فقط لان المجمع والدولة قد ضاقا ذرعا بأداء الاسلاميين.
ان الغاية من تمكين النساء ليست هدفا يطلب لذاته بل لترسيخ مبادئ العدالة المجتمعية وتوفير الفرص وتحقيق المساواة لجميع شرائح المجتمع والوانه واطيافه في دخول هذا السبق على قدم المساواة دون محاباة او تفضيل لهذا او ذاك، وخلق التنافس والتصارع الصحي الشريف وليس التطاحن الطائفي المقيت، بيد ان الميدان الانتخابي المحكوم بقوانين وعمليات انتخابية وجغرافية ثابتة وراسخة وغير قابلة للتغيير لن يغير المشهد الانتخابي المقبل ولن نرى النساء ولا المستقلين ولا اي مؤشر ايجابي جديد. لن تنفع التحالفات السياسية ولا البرامج التوعوية ولا الدعم المالي او المعنوي في قلب مزاج الناخب وتوجهاته، بقدر ما يفيد تحرك الحكومة -ذات اليد الطولى والفاعلة والمؤثرة في هذه اللعبة- فهي التي تقود التغيير الايجابي وتجبر بقية اطراف اللعبة على الاقتداء بها. وثمة خشية من ان تصبح المقاعد البرلمانية حكرا على الوجوه ذاتها فتخلد كما تخلد المناصب الرسمية ويصبح الانتخاب كالتعيين، لا يحمل الجديد ولا يشجع على المنافسة ولا يحفز احدا على دخولها او المشاركة في معاركها مما يقود الى تراجع العملية السياسية والانتخابية وتوهين اداء البرلمان وتكريس تقاليد واعراف برلمانية وانتخابية خاطئة ومعوجة تشكل سدودا عالية لا تستطيع المرأة ولا غيرها من جمعيات سياسية معارضة ومستقلة او تجار او عمال او غيرهم من فئات الاقلية اجتيازها وتخطي صعابها.
ساحة النقاش