من نوادر القضاة :
القاضي بشر يتم أخياره من بين الناس والإنسان بصفه عامه أبن بيئته يتأثر بها ويتفاعل معها وحديثنا فى محكمتنا فى هذا المقال ليس كلام عن القاضي فى العصر الحديث بل هى نوادر من الزمن البعيد ليس المقصود منها السخرية لأن القضاء فى كل زمان ومكان له فى قلوب محبى العداله كل الأجلال والتقدير وهذه القضايا المعروضة ليست من نسج الخيال وإنما هى على طرفتها حقائق واقعيه تم نقلها بتصرف من مصدرها ، من كتاب المستطرق فى كل فن مستظرف – لشهاب الدين الأبشهى- دار الكتب العلمية-كتاب النوادر :
القضيه الأولى: الفالوذج والوزينج:
فى أحدى جلسات الرشيد فى حضور القاضى "أبويوسف " أدعى الرشيد أن أعظم أنواع الحلوى على وجه الإطلاق هو " الفالوذج" بينما قالت زبيدة أن أعظم أنواع الحلوى فى الدنيا هو "اللوزينج " وطلب الرشيد من القاضى أبى يوسف أن يحكم فى هذه القضيه الآن ،فى هذا المجلس :
القاضى :يا أمير المؤمنينأنا لاأستطيع أن أحكم بين خصمين غائبين خاصة أن هذه الحلوى فيأتى الخدم بطبقين . القاضى : يظل يأكل من هذا الطبق ثم من ذاك الطبق حتى ينتصف الطبقين ثم قال القاضى : يا أمير المؤمنين أنا لم أجد فى حياتى أعدل منهما فكلما أن أردت أن أحكم لأحدهما قدم الآخر حجته.
القضيه الثانيه : المرأه الحسناء :
جاء رجل من العراق لقاضيها فى زمن الحجاج أبن يوسف الثقفى وأدعى أن له دينا عند أمرأه جارته وهى ترفض رد هذه الأموال فأرسل القاضى لأحضار هذه المرأه فعاد الحاجب ودخل على القاضى ليستأذن عليه بدخول المرأه قائلا يا سيدى القاضى لقد أتيت أليك بنجم ساطع من السماء فغضب القاضى ونهره وقال له القاضى إن القضاء لا يهتم بهذا بل يهتم بالعدل قبل كل شئ فأعتذر الحاجب وقال والله يا سيدى القاضى ما قلت هذا إلا لأننى أعلم أنك تقدر الجمال وتنزله منزله . فطرده القاضى من مجلسه وتوعده لو عاد لهذا المقال مرة أخرى لحبسه . ثم أمر القاضى بأدخال المرأه فوجدها القاضى شديدة الفتنه فى أحسن صوره كأنها ملك كريم فلما سألها عن أسمها نطقت فكان صوتها عذبا يأخذ بالألباب وظل القاضى يحادثها فى أمور كثيره بعيدة عن موضوع أدعاء الرجل الدائن والرجل المدعى الدائن ينتظر فى غضب ثم أعترض الرجل الدائن لأنها تتحدث فى فى أمور غير موضوع أدعائه فنهره القاضى وقال له أن القاضى يستشف الحقيقه من كل الموضوعات : فقال الرجل فى نفسه لعل القاضى يريد أن يفهم شخصيتها وما تنبأبه من خير أم شر . ثم قالت المرأه أتريد يا سيدى القاضى أن أحضر شهودا . فقال القاضى بل أن كلامك مصدق عنوان للحقيقه ذاتها ، فأغتاظ الرجل وقال : يا سيدى القاضى : أن حجتى أوضح من هذا النهار ولدى شهود فقال القاضى اصمت يا رجل فأن الشمس أوضح من هذا النهار ولا حق لك عليها ، فقالت المرأه للقاضى : جزاك الله عن ضعفى خيرا فقد قويته فقال الرجل المدعى : وأنا يا سيدى القاضى لا جزاك الله عن قوتى خيرا لقد أوهيتها وأضعفتها . فغضب القاضى وقال يا رجل : أضعت هيبة القضاء ، فقال الرجل لقد أضاعتها هذه المرأه ، فأمر القاضى بحبسه .
ساحة النقاش