خلق الله تعالي آدم فكان وحيدا ثم خلق منه حواء فكانت زوجا له لتؤنس وحدته ، وليكون الزواج هو العلاقة الشرعية التي يقرها الدين والمجتمع من أجل تنظيم الحياة بين الجنسين .. وقد قال الله تعالي :       

"بسم الله الرحمن الرحيم "

" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون "                 ( آية : 21، سورة الروم )

    وعلي هذا فإن الزواج هو العلاقة الشرعية الوحيدة الدائمة بين الرجل والمرأة التي يباركها الله تعالي ويقرها المجتمع ويضع الضوابط والمعايير الاجتماعية المنظمة لها ، والتي تتأثر بدورها بتيارات التطور الاجتماعي فيما يتعلق بعلاقة الرجل بالمرأة ودور كل منهما داخل الأسرة والمجتمع .

    والزواج من الناحية النفسية والاجتماعية صلة شرعية تقوم علي تحقيق الإشباع الجنسي وحفظ النوع في جو من السكينة والاستقرار ، وهذه العلاقة تقوم في الأساس من أجل حفظ النوع ولكن من خلال إشباع الجنس ، أي أن الجنس ليس هدفا في حد ذاته وإن كان ضروريا لطبيعة الإنسان وتحقيق الإشباع لرغباته .

    والحياة الزواجية السعيدة تساعد علي إشباع العديد من حاجات الزوجين التي تقوم علي الأخذ والعطاء والتعاون المتبادل فيما تقتضيه الحياة من ممارسة الحقوق والمسئوليات والتي تعتمد علي التفاهم والمجاملة والتعاون والمودة والرحمة والتقدير والاحترام المتبادل والمواجهة الموضوعية للمشكلات الزوجية إلي جانب ذلك فإن السعادة الزوجية تؤدي إلي تحقيق ذاتية الفرد وقلة حدة التوتر والقلق والشعور بالاكتئاب أو عدم الرضا .

    وقد يتحقق للفرد من خلال شعوره بالرضا والسعادة الزوجية العديد من النجاحات الاجتماعية والعلمية وقد يحدث العكس في حالات الزواج غير المتوافق فيتعرض الأفراد للعديد من المشكلات والاضطرابات  النفسية كالقلق والتوتر والشعور بالكآبة والتعاسة وعدم الاستقرار والشعور بالنقص المصاحب لعدم تقدير الذات وقد ينشأ عن الزيجات غير السعيدة ما يسمي بالطلاق العاطفي أو السيكولوجي ويتطلب الزواج الموفق الذي يصمد لأزمات الحياة وضغوطها جهودا مشتركة يبذلها كلا الزوجين علي مدي سنوات الزواج ولا يمكن أن يعتبر الزواج ناجحا إلا إذا توفرت له عوامل التماسك والاستقرار والإشباع والتوافق والرضا، وتري سعاد الكاشف أن هناك أسسا مهمة للزواج إن صلحت صلح وإن فسدت شابه الاضطراب والتوتر هذه الأسس هي :

حسن اختيار الشريك ( الرجل والمرأة ) .

سلوك الزوجين أحدهما بالنسبة للآخر ، وبالنسبة للمحيطين عامة .

عدم تأثر العلاقة الزوجية بمتطلبات الأمومة والأبوة .

حياة جنسية بين الزوجين تحقق الانسجام أو الإشباع والراحة .

    وأري أنه من الضروري في حياة كل منا ، وتفاديا للعديد من المشكلات التي تواجهنا في الحياة الزوجية علينا أن نحسن وندقق في الاختيار فمسألة الاختيار من الأمور الجديرة بأن نقف أمامها ونفرد لها دراسات عديدة لأنه إذا كان من الصعب أن يختار المرء أو يفاضل بين أشياء معينة في حياته فبالتأكيد يكون الأكثر صعوبة أن يختار المرء شريكا لحياته يشاركه عمره فإذا كان الاختيار سليما أقام حياته وإذا كان فاشلا هدم حياته ، فالزواج مشاركة للهوايات والطموحات المستقبلية ومعايشة للحاضر بكل المواقف السعيدة وغير السعيدة .

    ويعد الزواج واحدا من أهم الأحداث الثلاثة الكبرى في حياة الإنسان وهي الميلاد ،الزواج، الموت . فالميلاد يحدث دون إرادة منا ، أما الزواج فبمحض إرادة الإنسان فهو يقرر ممن يتزوج ، ومتي وكيف ؟ .. وغير خاف أن أهم تلك القرارات الخاصة بالزواج هو القرار الأول ..

    والاختيار للزواج هو أول قرار اتخذه الإنسان بإرادته من قديم الأزل وهو سلوك اجتماعي لا يتحدد فقط برغبات الشخص بل وفق معايير المجتمع أيضا سواء كانت هذه المعايير واضحة وجلية كما هو الحال في التحريم والإباحة أو كانت تلك المعايير مستترة أو في شكل توقعات ومرغبات في أن يسير الاختيار للزواج وفق اتجاه معين . والزواج نظام عالمي يكفل وجود علاقة دائمة بين رجل وامرأة لتربية أطفالهما ، كما أنه يضمن انتقال الثروة لهم وإكسابهم مكانة معينة . وقد ذهب أرسطو إلي أن الأسرة في أول اجتماع تدعو إلي الطبيعة إذن من الضروري أن يجتمع كائنان لا غني لأحدهما عن الآخر . ويري ( بومان) أن الناس يتزوجون لعديد من الأسباب فيما يلي : الحب - الأمان الاقتصادي - الرغبة في حياة المنزل - الأمان العاطفي - تحقيق رغبة الوالدين - الهروب من الوحدة - المشاركة - التخلص من أوضاع غير مرغوب فيها في منزل الأسرة - إغراء المال - وجود الصحبة والصداقة - الحماية ..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: كتاب الزواج واختيار شريك الحياة تأليف د.عطيات أبو العينين اصدار الهيئة العامة للكتاب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 19 مشاهدة
نشرت فى 11 سبتمبر 2013 بواسطة attyat

عدد زيارات الموقع

280