حتى مساء يوم 24 يناير كان كل شئ يبدو رتيباً رتابة الحياة التي نعيشها منذ سنوات ، و اظن أننا كنا نعيش حالة من الإستقرار أياً كان حالها ، لكننا كنا نأمل في التغيير حتى و لو كان لمجرد التغيير ، فلا يعقل أن يولد إنسان و يحيى حياة يتقلب في كل مراحلها رضيعاً فطفلاً ثم شاباً بل و يموت و تنتهي حياته قبل أن تنتهي فترة حكم لحاكم ما خاصة و أن نظام الحكم كان قد أخذ في الترهل و ضربته الشيخوخة من كل نواحيه .
لكن فجأة و بدون مقدمات بلا أي تخطيط يتهاوى النظام بكل رموزه . هنا نسأل ..هل كان مطلوباً أن نهدم البناء بهذا الشكل ؟ إن هذا الوضع أشبه كمن أزال عقاراً يعج بالسكان دون أن يكون هناك أي بديل ، فماذا حدث ؟! و أي كارثةً نعيش ؟! فالمسئولين لم تتغير أساليبهم و لا أفكارهم ، نفس الروتين نفس الفكر البطئ ،العجرفة ، العناد ، الفساد . أما المواطن فقد كان سلبيا حيال نفسه و قضاياه ، الآن صار سلبياً نحو هموم الوطن و قضاياه و لم يعد يرى سوى قضيته التي هي في الأغلب مالية و انتشرت المظاهرات و الإعتصامات الفئوية و لم تنج منها مهنة و لا فئة ،أما عن الإنفلات الأمني فحدث و لا حرج فالتعديات على أراضي الدولة طالت كل المحافظات بل حتى الرقعة الزراعية التي بالكاد يكفي إنتاجها بعض الإحتياجات لم تسلم من التبوير و التعديات ، و المثير أننا أصبحنا نسمع عن حوادث خطف و صفقات مقابل إعادة الرهائن ، و الطرق لم تعد آمنة بل المدن نفسها فقد إكتشفنا أن أكثر من ربع السكان من البلطجية و كل هذا تحت بصر و عين الشرطة التي فجأة أصاب عيونها العمى و آذانهم الصمم .
فأين الخلاص ؟! أين المفر ؟! .. هل كانت ثورة .. أم فوضى .. أظنها فورة .
ساحة النقاش