لا يوجد عضو من أعضاء الجسم أكثر تسامحًا من الكلى، فنحن نضع نظارات لحماية أعيننا من الشمس، ونبتعد عن التدخين لحماية الجهاز التنفسي، ونقلل من السعرات الحرارية سعيًا وراء الرشاقة، ولكن في الوقت نفسه لا نعطي أدنى اعتبار إلى مدى تأثير الطعام والشراب الذي نتناوله طوال اليوم على الكليتين. والسر في ذلك أن الكليتين دائمتا التسامح والمغفرة، وتقومان بعملهما بجدية وانتظام، دون أن نلتمس منهما أي تغيير أو أعراض مزعجة، فلا نستطيع إدراك المشاكل إلا حينما يصبح 25% فقط من إحدى الكليتين قادراً على أداء وظائفهما، وعندما يحدث ذلك تكون النتائج غير مرضية.
هذا ما أكدته الدكتورة نادية نهاد حامد إخصائية التغذية الطبية لمرضى الكلى بالولايات المتحدة الأمريكية التي التقيناها وكان هذا الحوار:
ما الوظيفة الأساسية للكليتين؟
تقع الكليتان خلف الأمعاء فوق مستوى الوسط قليلاً على جانبي العمود الفقرى.
وتحتوي كلا الكليتين على مليون خلية شديدة التخصص في وظائفها، ويمر الدم المحمل بالغذاء والنفايات في هذه الخلايا المتخصصة، ومن خلال عملية معقدة تدخل فيها أجزاء متعددة من الكلى تتم "فلترة" بعض الكيمائيات (وليست كلها سامة)، مع إعادة امتصاص المغذيات التى يحتاجها الجسم مثل: الجلوكوز والفيتامينات والأملاح المعدنية، والأحماض الأمينية، وإعادتها للدم مرة أخرى.
أما الجزء المتبقي الذي يحتوي على نفايات وسموم فيدخل في تكوين البول ويخزن في المثانة إلى حين التخلص منه، من خلال عملية التبول.
وبالإضافة إلى الرئتين تعتبر الكليتان أهم منافذ إخراج السموم إلى خارج الجسم.. وإلى جانب تكوين البول، والحفاظ على ضغط الدم، تقوم أيضاً بالحفاظ على استقرار أنسجة العظام في الجسم، كما أنها مسؤولة عن إفراز هرمونات عديدة تتعلق بوظائف الأجهزة المختلفة، وبالإضافة إلى ذلك فهى تدخل في إنتاج خلايا الدم الحمراء، كما تحافظ على قلوية الدم.
كما أن لها علاقة مباشرة بالحفاظ على الماء والأملاح داخل الجسم، وكذلك تحافظ على الفيتامينات والمغذيات من خلال استعادتها إلى مجرى الدم عند تكوين البول.
هل يمكن أن نكتشف مبكرًا وجود خلل في وظائف الكلى؟
في كثير من الأحيان يحدث هذا الاكتشاف قدرًا، عندما يشكو المريض من مرض آخر، فيكتشف الطبيب الممارس العام أن المريض لديه ضغط دم مرتفع أو لديه نسب عالية من نفايات البروتين داخل الدم، فيحوله للطبيب المتخصص.
أعراض مهمة
ما الأعراض التى تنذر بوجود مشكلة في الكلى؟
من هذه الأعراض وجود دم في البول، أو تورم في الرجلين، خاصة في نهاية اليوم، وجود تورم حول العينين، كذلك فإن التبول المتكرر يعتبر إشارة مهمة يجب البحث عن سببها.
وبشكل عام أنصح بتحليل البول للتأكد من خلوه من البروتين، فهذه أول وأسهل خطوة للاطمئنان على صحة الكلى.
ما أهم أسباب حدوث الفشل الكلوى؟
الفشل الكلوى أنواع، منها الطارئ، ومنها المزمن، والثالث والأخطر هو الفشل الكلوي التام، وهو المرحلة النهائية.
والفشل الكلوي الطارئ يحدث مستقلاً أو نتيجة مشكلة صحية؛ حيث تتوقف الكليتان فجأة عن العمل لعدة أسباب أهمها: هبوط مفاجئ في ضغط الدم، ويمكن أن يحدث ذلك بسبب نزيف شديد للدم، نتيجة لحادث، أو في حالات الإسهال الحاد، أو عقب سكتة قلبية، قد تمنع وصول الدم للكليتين، أو بسبب انسداد كلي في أي جزء من أجزاء الجهاز البولي.
وأعراض الفشل الكلوي الطارئ هي: انخفاض ملحوظ في كمية البول، فقدان الشهية للطعام، شعور بالقيء والغثيان. وإذا أهمل علاج هذا النوع يتحول لفشل مزمن، وفي حالات كثيرة يشفى المريض منه تمامًا.
وما أهم أسباب الفشل الكلوي المزمن؟
يتصدر مرض السكر أسباب الفشل الكلوي، ثم ضغط الدم المرتفع، ثم التهاب حبيبات الكلى، ويمكن أن يحدث في حالات التهاب وانسداد المسالك البولية والتشوهات الخلقية للكلى أو المسالك البولية.
وهنا أحذر النساء من إهمال علاج التهابات المسالك البولية التي تحدث كثيرًا لهن، خاصة أثناء الحمل، ففي كثير من الأحيان يعالج الشخص نفسه بنفسه، فيشتري مضادات حيوية، ويتعاطاها، بل ويذهب للعطار، ويأتى ببعض الأعشاب ويتناولها، فتتكرر الالتهابات، ويستمر العلاج الخاطئ، وقد يصل إلى الفشل الكلوي.
ولذلك أحذر من وجود حرقان أثناء التبول، كذلك التبول المتكرر لكميات ضئيلة من البول، فهما أهم علامات التهابات المسالك البولية، التي قد يكون سببها بكتيريا عند مجرى البول، والتي من شأنها أن تنتشر وتلحق الضرر بباقي أجزاء جهاز المسالك البولية.
فيجب معالجتها تحت إشراف الطبيب، مع الحرص على تناول الأدوية المناسبة بالطريقة الصحيحة، وبذلك لا تحدث المضاعفات التي تنتهى بالفشل الكلوي.
وأحذر كذلك من تناول الأدوية، حتى ولو كانت المسكنات التي يسرف البعض في تناولها؛ لأن كثيرًا من الأدوية يحتوى على السموم التي تمر بالكلى أثناء ترشيح الدم.
وكيف يمكن لهذه الميكروبات أن تصل للجهاز البولي، ومنه إلى الكلى؟
لا يوجدأي نوع من البكتيريا في الجهاز البولي، ولكنها تصل إليه من خلال طريقتين: من مخرج البول؛ حيث إنه قريب من مخرج البراز بالذات لدى النساء، والنظافة الشخصية هنا في غاية الأهمية، ويجب أن يتم "التشطيف" بالطريقة السليمة (أي من الأمام إلى الخلف)، وتستطيع البكتيريا كذلك أن تأتي من التهاب أماكن أخرى من داخل الجسم محمولة من خلال مجرى الدم.
ما دور الطعام في الإصابة بأمراض الكلى؟
الطعام الذى نأكله يمكن أن يكون السبب الرئيس في حدوث خلل في وظائف الكلى، فالإسراف في تناول المواد البروتينية بأنواعها (دجاج، أسماك، بيض، لحوم حمراء، بقول، جبن) التي تحتوي أيضًا إلى جانب البروتين على مادة الفوسفور، يلقي حملاً ثقيلاً على الكلى؛ لأن الكلى هي المسؤولة عن إخراج نفايات البروتين والفوسفور.
وهناك نظرية تقول: إنه مع تقدم السن فإن الإكثار من تناول المواد البروتينية يتسبب في ارتفاع ضغط الدم في خلايا الكلى، وذلك يؤدى إلى تصلب الشرايين الدقيقة داخل الخلايا وتليفها وفقدان عملها.
والاحتمال الآخر لدور تناول البروتين الزائد في الإصابة بالفشل الكلوى هو تراكم الفوسفور في الدم. والكلى مسؤولة عن التخلص من 85% إلى 95% من الفوسفور، مما يؤدي إلى تغيير أو زحزحة التوازن الذي يوجد بين مادة الكالسيوم ومادة الفوسفور، فيتركز الفوسفور في الدم بكميات زائدة.
هل يوجد عمر معين تتزايد فيه احتمالات اختلال وظائف الكلى؟
لا، فمن الممكن أن يصيب قصور الكلى الأطفال دون سن العاشرة من خلال عيوب خلقية أو نتيجة التهابات اللوزتين.
كما أنها قد تصيب الشباب في العشرينيات جراء حادث سيارة أو بسبب تعاطي المخدرات.
هل يمكن أن تتسبب حصوات الكلى في إصابتها بالفشل؟
يحدث ذلك عندما تصاب الكلى بالحصاة ولا تعالج، فيتسبب ذلك في حدوث التهابات مزمنة، وفي هذه الحالة تجف خلايا الكلى وتتدمر، وبمرور الوقت يخسر الشخص جزءًا بعد جزء من خلايا الكلى.
هل يؤثر الطهي في الأواني المصنوعة من الألومنيوم على الكلى؟
الكثير من الناس خاصة في العالم الثالث ما زالوا يطهون طعامهم في أوانٍ من الألومنيوم لرخص ثمنه وتوافره، ولكن يمكن لمادة الألومنيوم أن تتسرب من هذه الأواني، خاصة إذا كانت رديئة الصنع، أثناء الطهي، وتستقر في الطعام، ثم في جسم الشخص الذي يتناوله.
وقد وجدت نسب عالية من الألومنيوم في أنسجة العديد من مرضى الكلى منها أنسجة العظام.
ساحة النقاش