ازرع خضراواتك.. فوق سطح منزلك
جرجير ونعناع زرعا داخل وحدات خشبية في ركن من سطح المنزل.
اضغط لتشاهد ملف مصور
أسطح المنازل.. مساحات شاسعة تملؤها المهملات والكراكيب.. بقليل من الجهد والمال تحولت لمساحات خضراء يأكل منها أهل البيت لقمة هنية لم تتلوث بالمبيدات أو تحقن بالهرمونات، وتوفر فرصة عمل مناسبة لربات البيوت أو الشباب، وتضيف رئة جديدة للبيئة التي اختنقت من التلوث .
يعتمد المشروع في الأساس على فكرة الزراعة بدون تربة والتي تبنتها وزارة الزراعة المصرية من خلال المعمل المركزي للمناخ الزراعي، وقد بدأت فكرة هذا المشروع –كما يقول د. أيمن فريد أبو حديد مدير المعمل المركزي للمناخ الزراعي– منذ 15 عامًا في وحدة الزراعة بالمناطق القاحلة بكلية الزراعة جامعة عين شمس، حيث كان يتم تصميم نظم الزراعة بدون تربة للعرض في المعارض، ومنذ حوالي سنتين تبنت الفكرة منظمة الأغذية والزراعة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة "الفاو" FAO ، وقامت بتنفيذها في بعض الدول النامية، مثل السنغال وكينيا وكولومبيا، واقترحت أن يتم تطبيقها في مصر .
يعتمد هذا النوع من الزراعة على استخدام بيئات زراعية بديلة للتربة العادية كبيئة "البيتموس" وهو نوع من الطحالب ينمو في الدول الباردة، ويستخدمه بكثرة منتجو نباتات الزينة، أو "البرليت" وهي صخور ناتجة عن انفجارات بركانية يتم وضعها في فرن درجة حرارته ألف درجة مئوية تتحول بعدها إلى حبيبات صغيرة تصلح للزراعة، وتعتبر الأردن واليونان أكثر الدول المنتجة لهذه الصخور. وتتميز هذه البيئات بأنها لا تحمل أمراض التربة العادية، وبالتالي لا نكون مضطرين لاستخدام المبيدات أثناء الزراعة.
نفذ المشروع على سطح منزلك
وحدات المواسير زرع بداخلها بعض الخضراوات
ولتنفيذ هذا المشروع يشير د. أسامة البحيري رئيس قسم الزراعة بدون تربة بالمعمل أنه لا يشترط مساحة معينة في السطح الذي تتم فوقه الزراعة، فالأنظمة المستخدمة تصلح لكافة المساحات، ولكن المطلب الأساسي أن يتم إخلاء السطح من أي مهملات تعوق وصول الشمس للنبات المزروعة، وأن يكون السطح معرضا للشمس من 4 إلى 5 ساعات يوميًّا، ومعنى ذلك أن هذا المشروع لا يصلح مع الأسطح التي تحيطها المباني من كل اتجاه والتي لا يصلها ضوء الشمس بالقدر الكافي.
وعن تكلفته يقول: إنها غير ثابتة، وتتوقف على الأنظمة المستخدمة، حيث توجد الأنظمة البسيطة ذات الري اليدوي وهي تتكون من طاولات من الخشب يوضع عليها حاويات يتم وضع التربة سواء من "البيتموس" أو "البرليت" داخلها، ويتم الصرف في أواني بلاستيكية يتم إفراغها يدويًّا أيضًا، ويصل سعر تكلفة المتر المربع المزروع بها حوالي 130 جنيهًا مصريًّا (حوالي 20.5 دولارًا)، وتناسب هذه الأنظمة أغراض الزراعة بهدف الاستهلاك الشخصي.
أما الأنظمة المكثفة والتي تستخدم للأغراض التجارية هي أوتوماتيكية الري والصرف كنظام حدائق الجدران الذي يستفيد من جدران السطح كوسيلة لحمل المزروعات عن طريق وسيطين هما "المواسير المعلقة"، وهي عبارة عن مواسير بلاستيكية يتم تثقيبها للزراعة في هذه الثقوب أو الفتحات، ويتم تثبيت المواسير على الحائط من الناحيتين بواسطة قطعة حديدية تأخذ شكل حرف “A”. أو باستخدام "البكتات المعلقة" أيضًا على الجدران، وهي أكياس بلاستيكية توضع بها بيئة الزراعة، ويتم تثبيتها على الحائط، ويصل سعر المتر المربع المزروع بهذه الأنظمة من 150 إلى 170 جنيهًا مصريًّا (حوالي 26 دولارًا).
وتتميز هذه الأنظمة بأنها سهلة الرعاية، ولا تحتاج إلا إلى تركها في الشمس المباشرة لفترات كافية، وغالبًا ما يظهر إنتاجها مبكرًا عن الموعد الطبيعي فمثلاً يقول د. أسامة البحيري: "حصلنا على إنتاج خس خلال شهرين بدلاً من ثلاثة أشهر في التربة العادية"، كما أنها تتيح تنوعًا في المزروعات، حيث أمكن زراعة خضراوات وفواكه، وكذلك نباتات طبية وعطرية في مكان واحد، ويجدر الإشارة إلى أنه وجد أن المادة الفعالة بتلك النباتات الطبية تزيد من 3 إلى 7 مرات مقارنة بالمزروعات في البيئة الطبيعية، وأرجع ذلك إلى عدم استخدام أي مبيدات.
الأسطح المزروعة.. أقل حرارة
أسطح المدارسة أصبحت حدائق فاكهة
وعن تطبيق هذا المشروع يقول الباحث محمد سعد – أحد الباحثين المسئولين بالمعمل عن تطبيقه
بالمنازل: إن مدة المشروع وفق الاتفاقية مع منظمة الفاو كانت لمدة سنتين انتهينا خلالهما من تطبيقه بين 96 أسرة بمحافظة القاهرة والإسكندرية. روعي في اختيارهم أن يمثلوا كافة شرائح المجتمع، وذلك بعد تغيير الهدف الرئيسي للمشروع، حيث كان يهدف في البداية إلى التوجه –فقط– للأسر محدودة الدخل، ولكن بعد أن أثبتت الدراسة الميدانية التي قام بها المعمل أن درجة الحرارة تنخفض 7 درجات مئوية في الأسطح المزروعة بتلك النظم مقارنة بتلك التي لم يزرع فوقها تم تغيير هدف المشروع ليصبح بيئي في الأساس، وبالتالي تم مراعاة اختيار شرائح مختلفة من المجتمع.
ورغم انتهاء مدة هذا المشروع -والكلام لا يزال للباحث– فإنه يوجد إقبال من الأفراد على زراعة هذه النظم، وهو ما دفعنا إلى إنشاء بريد إلكتروني خاص يحمل عنوان [email protected] للرد على كافة الاستفسارات حول المشروع، هذا مع إقامة دورات تدريبية مجانًا لشرح كيفية تنفيذه مع إبداء الاستعداد لزيارة راغبي تنفيذ المشروع، واختيار النظام الملائم لهم، وعمل التصميمات اللازمة دون تحمل صاحب المشروع أي تكاليف سوى مصاريف الانتقال. ولمزيد من التفاصيل يمكنكم زيارة الصفحة الخاصة بالمشروع.
منتجون.. عبر الأسطح
وللمشروع بُعد آخر يشير إليه المهندس محمد عبد الحليم رئيس النقابة العامة للزراعة والري؛ إذ يمكن اعتباره كوسيلة لتوفير فرصة عمل للشباب، وهو ما دفع النقابة إلى تنفذ مشروع بالتعاون مع المعمل المركزي للمناخ الزراعي لتدريب 130 أسرة على تطبيق أنظمة الزراعة بدون تربة، كما تم التعاقد على تنفيذ مشروعين آخرين، الأول مع منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" لتدريب الفتيات على الزراعة بدون مبيدات فوق أسطح المنازل، والثاني مع هيئة المعونة الكندية لتدريب ألف فتاة أخرى بمحافظة الفيوم. وذلك بهدف توفير فرصة عمل مناسبة يمكن لربة البيت أن ترفع بها دخل أسرتها دون الخروج من المنزل
ساحة النقاش