يعتبر التعليم وسيلة من أهم وسائل تمكين المرأة من خلال إكسابها المعارف والمهارات اللازمة من أجل المشاركة الفعالة فى عملية التنمية . لذلك يعرض هذا الجزء الحالة التعليمية للإناث فى مصر ومدى نجاحها فى تحقيق معدلات أعلى فى التعليم . وذلك من خلال مجموعة من المؤشرات منها معدلات القيد فى التعليم قبل الجامعى والعالى بالإضافة إلى معدلات معرفة القراءة والكتابة . الإناث فى التعليم قبل الجامعى : بلغ إجمالى عدد التلاميذ المقيدين بالتعليم قبل الجامعى عام 2007 /2008 حوالى 15778.3 ألف تلميذ . وتمثل الإناث حوالى 48.8% من إجمالى المقيدين ، مما يدل على زيادة الاهتمام بتعليم الإناث فى مصر . كمت بلغ إجمالى عدد التلاميذ المقيدين بالتعليم قبل الجامعى (الازهرى )عام 2007 /2008 حوالى 1897.3 ألف تلميذ . وتمثل الإناث حوالى 41.5% من إجمالى المقيدين .
نسبة الاناث من اجمالى عدد التلاميذ فى التعليم قبل الجامعى وفقا للمرحلة التعليمية لعام 2008 - 2009
المرحلة التعليمية | نسبة الاناث من اجمالى عدد التلاميذ 2008 – 2009 |
ما قبل الابتدائى | 47.5 % |
التعليم الابتدائى | 48.3 % |
الاعدادى | 49.2 % |
الثانوى العام | 52.8 % |
الثانوى الصناعى | 37.8% |
الثانوى التجارى | 64.1 % |
الثانوى الزراعى | 21.9 % |
السنة ( فى أول يناير من كل عام ) | الذكور | الإناث |
2003 | 22.0 | 47.0 |
2004 | 20.4 | 45.8 |
2005 | 18.3 | 43.8 |
اسباب تؤثر على تعليم المرأه فى مصر
بالرغم من الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن التعامل مع قضية النوع في مصر عقب انتهاء مؤتمر السكان بالقاهرة عام 1994 والاعتراف بالتقصير تجاه المرأة لحساب الرجل والبدء في محاولة إعطاء المرأة المصرية حقوقها الناقصة لاستكمال ما يعرف بإلغاء التمييز ضد المرأة إلا أن قضية النوع في مصر تثير عدة إشكاليات ترجع في كثير من الأحيان إلى ما توارث من عادات وتقاليد درج الشعب المصري على تناقلها من جيل إلى جيل لاسيما وأن الريف في مصر ما زال يشكل سكانه نحو 56 % من جملة السكان والنسبة الباقية منحدرة من أصول ريفية أيضا ( 15 ) علاوة على انتشار الأمية بين سكان الريف ونظرة الريف إلى المرأة التي لا تعدو أن تكون ربة منزل وأما للأولاد يقتصر دورها داخل المنزل وأيضا النظر للفتاة الصغيرة على أن غاية ما يمكن أن تصل إليه هو أن تحظى بقدر ما من التعليم ثم سرعان ما تترك الدراسة وتتزوج لتجلس بالمنزل لرعاية الزوج والأولاد . وقد نتج عن هذه التقاليد المتوازن !إشكاليات عديدة يمكن سردها في الآتي : ـ
- انتشار الأمية بين الفتيات في الريف المصري .
- تفضيل الولد " الذكر " على البنت " الأنثى " في المجتمعات الريفية .
- الإصرار على ختان الإناث .
- العنف ضد الزوجات .
- التمييز ضد المرأة .
ويمكن تناول كل إشكالية بشيء من التفصيل كما يلي : ـ
انتشار الأمية بين الفتيات في الريف المصري
ساهمت النظرة الدونية في المجتمع الريفي في مصر وكذلك في المجتمعات العشوائية ذات الكثافة السكانية العالية التي تبلغ في بعض الأحيان 38000 نسمة / كيلومتر ساهمت في انتشار الأمية بشكل كبير بين الفتيات في هذه المناطق حيث تبلغ وفقا لأخر إحصاء نسبة 53 % من جملة الإناث ساكنات هذه المناطق 16 ويرجع ذلك لأمور عديدة منها : ـ
- رغبة المزارعين ساكني المناطق الريفية في إبعاد الفتيات عن التعليم من منطلق أن البنت ستتزوج وتذهب لزوجها ولن يعود على أسرتها نفع .
- نظرة المجتمعات الريفية إلى الفتاة على أن دورها يقتصر على تربية الأولاد والبقاء داخل المنزل .
- زيادة عدد أفراد الأسرة داخل الريف ومن ثم يحدث تفضيل للولد الذكر على البنت في الالتحاق بالمدارس لعدم قدرة الأسرة على تعليم الأولاد والبنات معا لقلة موارد الأسرة المالية .
- في المناطق العشوائية يؤدي غياب خدمات التعليم وضيق موارد الأسرة إلى إحجام الآباء عن تعليم الفتاة والاكتفاء بتعلم الولد .
- غياب دور الأسرة في المتابعة فيما يتعلق بالتحصيل الدراسي للأولاد بسبب قلة الموارد المالية إضافة إلى كون معظم الأمهات غير متعلمات في المناطق الريفية والعشوائيات ومن ثم لا يتمكن من متابعة الأولاد والبنات على حد سواء في التحصيل الدراسي ومن ثم يكون ذلك أحد أسباب التسرب من التعليم والانضمام لقوافل الأمية .
ورغم الزيادة الكبيرة في عدد المدارس في مصر حيث ثم إنشاء 12356 خلال العشرين سنة الأخيرة فقط إلا أن مشكلة الأمية لدى الفتيات في مصر لازالت تقف حائلا دون حصول المرأة على كامل حقوقها إذا أنه كيف بمن لا تعرف القراءة والكتابة أن تعلم ما لها من حقوق ؟ ( 17 )
ومن ثم فإن هناك أدوار كثيرة مطلوب التركيز عليها في إطار تعليم الفتيات لاسيما في المناطق الريفية والعشوائية وفي مقدمتها دعم الأسر ماديا للتشجيع على تعليم الفتيات والحد من مخاطر انتشار الأمية على المجتمع المصري بأسره . إن يتعلم الفتيات وما يترتب عليه من توسيع الأفاق للمرأة ودخول المرأة في الحيز الاقتصادي للأسرة مما تحققه من أصل في ظل المتغيرات الاقتصادية المتراجعة والأزمات الاقتصادية المتصاعدة وزيادة الأسعار وغلاء المعيشة كذلك زيادة الأعباء الأسرية نتيجة لزيادة عدد أفرادها كل هذه العوامل تؤثر في تحديد أدوار النساء والرجال كضرورة مساهمة الزوجين في رفع دخل الأسرة وتلبية احتياجاتها المتزايدة ومن ثم تظهر أهمية الحاجة إلى محو أمية الفتيات اللاتي لم يتمكن من إتمام التعليم أو اللاتي لم يلتحق أصلا بالمدارس والعمل على إكسابهن مهارات فنية ومهنية بحيث يمكن لهن دخول سوق العمل ومساعدة الرجل في الأعباء الحياتية . ( 18 )
ويعد تعليم الفتيات هو النصر الحاكم في تقسيم العمل بين النساء والرجال في أي من المجتمعات وفي حالة المجتمع المصري فإن مشكلة الأمية تعد أكبر العوائق وأكثرها شيوعا فيما يتعلق بالتحاق النساء بالأعمال المختلفة ومن ثم يقتصر دور المرأة داخل المجتمع المصري على الأعمال التقليدية للمرأة مثل الأعمال المنزلية والأعمال الزراعية علاوة على بعض الأعمال الأخرى التي تناسب على طبيعة المرأة الأمية في مجالات البيع والشراء والمشاركة في بعض الصناعات اليدوية التي لا تتطلب الإلمام بالقراءة والكتابة ومن ثم نجد أن مشكلة الأمية في مصر تحد من ممارسة المرأة أدوارا فاعلة في سوق العمل للشرعية الأكبر من سكان الريف والعشوائيات .
ويصبح العبء ثقيلا إذا ما كانت المرأة أمية لا تعرف القراء والكتابة ثم يحدث أن تصبح أرملة أو تطلق من زوجها حيث تضطر هذه المرأة إلى الخروج لسوق العمل مجبرة تحت وطأة الحاجة لاسيما إذا كان لديها أطفالا صغارا لا عائل لهم غيرها، ومن هنا تبرز أهمية خوض معركة محو الأمية ووقف انضمام المزيد من الفتيات لبحر الأمية المنتشر في مصر وتفعيل دور المؤسسات التعليمية المصرية للعناية بتعليم الفتيات المصريات حتى يكملن التعليم وتكون فرص العمل بالنسبة لهن أوفر حظا في مجالات هامة من المهن والوظائف العليا داخل المجتمع المصري .
وتشير الدراسات إلى أن رؤية المجتمع المصري لقضية عمل المرأة وخروجها هي رؤية قاصرة ولا يعترف بها المجتمع إلا في حالات الضرورة الاستثنائية كالحاجة الاقتصادية تماما مثل الاعتراف بضرورة تعليم الفتيات ولكن فقط لتربية الأولاد ولزوم البيت . ( 19 ) لذلك كان تغيير هذه النظرة الضيقة لعمل المرأة وتعليمها يحتاج إلى جهد مضاعف بهدف توضيح الأدوار الاجتماعية لكل من الرجل والمرأة وبيان تبادل هذه الأدوار داخل المجتمع المصري إذا ما اقتضت ظروف ذلك دونما أي حرج انطلاقا من مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة وعدم التمييز ضد المرأة أو تفضيل الرجل على المرأة . إن نجاح مشروع المدارس " مدارس الفصل الواحد " في مجتمعات الريف المصري والذي تدعمه منظمة اليونيسيف لاسيما في المناطق الريفية في صعيد مصر رغم العوائق كانت عديدة وواضحة من ظروف اجتماعية وتنموية إضافة إلى مشاكل الموروث الثقافي والموقف المتجمد من تعليم البنات، يؤكد إمكانية القضاء على مشكلة الأمية في مصر فقد أثبتت التجارب أنه يمكن عبر تشكيل لجان من أهالي القرى لإدارة المدارس والمشاركة في جذب الفتيات لها وأن يتم تصميم الأيام الدراسية وفقا للاحتياجات المحلية الفردية قلا تتعارض أوقات الدراسة مع الأعمال التي يقوم بها الأولاد والبنات في الريف المصري من المساعدة في الأعمال المنزلية والزراعية . ( 20 )
ويمكن أن يضطلع المثقفون المصريون بدور فاعل في هذا الإطار من خلال إعادة كتابة القصص والروايات واستخدام الخطاب الثقافي الشعبي وفق أدوات تحليل جندري جديدة تؤصل مفهوم المساواة والمشاركة بين الرجل والمرأة داخل المجتمع المصري وصولا لإلغاء التمييز ضد المرأة فيما يتعلق بالتعليم ومساواة البنت بالولد في التعليم ومحو الأمية .
إشكالية تفضيل الولد على البنت
تنتشر هذه الظاهرة في الريف المصري بشكل يعمق مدى التوارث المعرفي والثقافي الخاص بالنظرة للمرأة في المجتمع المصري حيث أنه في الريف المصري ينظر إلى الولد على أنه الساعد الأيمن لوالده وهو الذي يجب أن توجه إليه الرعاية الكاملة ومن ثم فإن عادات وتقاليد الريف درجت على أن يحظى الطفل " الولد " بكامل حقوقه منذ الصغر في حين لا تحظى الطفلة " الأنثى " بالقدر الكافي من الحقوق إذا ما قورنت بالولد .
وتشير الدراسات الاجتماعية التي أجريت في هذا الإطار إلى أن تفضيل الولد على البنت داخل الأسرة يترتب أثرا نفسيا سيئا لدى الأنثى لاسيما في السن الصغيرة وتسبب لها إيلاما فتنمو غير سوية ( 21 ) وبالرغم من أن الإسلام نهى عن تفصيل أحد الأبناء عن باقي الأبناء سواء كانوا ذكورا أو إناثا إلى أن عادات وتقاليد الريف المصري والمناطق العشوائية مازالت عمليا تمارس ضغوطا حقيقية للتفرقة بين الأولاد والبنات باعتبار أن الولد هو الذي يحقق لأبويه إعمار المنزل بالزواج والإنجاب والمساعدة في المعيشة في حين ينظر إلى الفتاة على أنها تعيش بشكل مؤقت في بيت أبيها ثم تنتقل إلى بيت زوجها وفي هذا السياق توجه الأسر الريفية وفي المناطق العشوائية جل اهتمامها بالذكر دون الأنثى حتى في نوع الطعام المقدم للولد وكذلك الملبس .
وتعد ظاهرة تشغيل الفتيات الصغيرات إحدى مظاهر التمييز والتفضيل بين الولد والبنت حيث تلجأ بعض الأسر تتجه للفقر وتدهور أحوالها الاقتصادية إلى تشغيل بعض أولادها الصغار لسد احتياجات هذه الأسر المادية وفي هذا الإطار ينصرف ذهن ولي أمر الأسرة إلى تشغيل فتيات الأسرة الصغيرات في مهن وحرف مختلفة في المصانع والمزارع أو حتى كخدم في البيوت في حين تحافظ الأسرة على الولد واستمراره في التعليم وتوفير الإمكانيات اللازمة له حتى ولو على حساب أخته الصغيرة .
وتقدر عمالة الأطفال في مصر بنحو 2 مليون طفل 75 % فهم يعملون في الزراعة ونصفهم تقريبا من الإناث ولا تقع هذه الشرعية تحت حماية القانون وهو انتقاص أيضا من حقوق الفتاة حتى في ظروف العمل المبكر الخارج عن إرادتها . ( 22 ) ويذهب بعض المحللين إلى أن التمييز ضد الفتاة أو تفضيل الولد على البنت يبدأ قبل الولادة أثناء الاستعداد للمولود الذي تختلف مفرداته بالنسبة للولد عنه بالنسبة للبنت فإذا علم أفراد الأسرة بأن المولود المنتظر ولدا فإن ذلك يلقي فرحة عندهم وتقدير مختلف تماما عما يحدث عند علمهم بالبنت إذ في بعض الأحيان تحزن الأسر إذا ما علمت أن المولود القادم أنثى وهو ما يتناقض مع تعاليم الدين الإسلامي وكذلك المسيحي إذا أن الأديان جميعا لا تفرق بين الولد والبنت (23) وبعد الولادة يبدأ الأهل بالتعامل بشكل مختلف مع كل منهما على حدة وتشكل خبرات حياتية مختلفة تجعل الاستجابات هي الأخرى مختلفة فالبنت تتعامل معها الأسرة من منطلق تقليدي تلعب بالعروسة وأدوات المطبخ في إشارة إلى دورها المنتظر حال أن تصبح فتاة في حين يسخر للولد مختلف الألعاب التي تحتاج إلى الذكاء والمهارة والفك والتركيب ثم بعد ذلك تأتي المدرسة لترسيخ قيمة التفوق الذكوري .
وتخضع الفتاة في المجتمع المصري منذ طفولتها لتربية صارمة تتطلب منها الطباع اللينة والتفوق في الكلام وانخفاض الصوت عند الضحك في حين يترك للفتى حرة الكلام والتصرف ويتدرب الصبي ليكون شجاعا قويا لا يبكي في حين توجه البنت لتكون سلبية ضعيفة، ويحاول الأهل استشاره الصبي بهدف تعويدة على العدوانين والشجاعة ويسخرون منه إذا بكى أو خاف ويتسامحون معه إذا تسلق الأشجار والجدران وفي المقابل يرفضون أن تكون البنت كثيرة الحركة ومتمتعه بالحيوية والاستقلالية ويؤنبونها على كثير من التصرفات التي يتسامحون فيها مع الصبي ويحاولون تعديل سلوكها ويشجعونها لكي تكون هادئة ومطيعة . ( 24 )
وعلاوة على ذلك يفرض الفتاة داخل المجتمع المصري طابع من السرية والتكتم باعتبار أنها الستر الذي لابد له من غطاء وينظر البعض إلى تدليل الفتاة على أنه خطأ ويتم تدريب البنت على خدمة الذكور داخل الأسرة بما فيهم أخوتها الأصغر منها سنا ويكون ذلك مقدمة لتدريبها على دور الزوجة المطيعة .
وقد يتعدى تدريب الفتاة ذلك الدور المتمثل في خدمة الذكور داخل الأسرة إلى إجبارها على ترك اللعب والدراسة فيبعض الأحيان للتفرغ لمساعدة الأم في الأعمال المنزلية في حين يحصل الولد على وقت أكبر للتركيز واللعب والانطلاق خارج المنزل .
ومن أبرز مظاهر العنف ضد الطفلة الأنثى التمييز في التغذية والعناية الصحية فبالرغم من الجهد الملموس للحكومة المصرية في رعاية الطفل الصحية سواء في توفير التطعيمات والأمصال أو في توفير محاليل الجفاف والأدوية وتعميم التأمين الصحي إلا أنه مازال هناك اجتماعي داخل المجتمع المصري يتمثل في سوء تغذية الفتيات وإهمال الرعاية الصحية لهن بالمقارنة للولد فالكثير من الأمهات يحرصن على إرضاع الصبيان لفترة أطول من تلك التي تخصص للبنات وفي معظم الأحيان تحرص الأسرة على تقديم غذاء أفضل للولد عنه للبنت، وتتلهف بعض الأسر على الذهاب للطبيب بالولد أسرع من البنت ويؤكد ذلك ما أشارت إليه تقارير نشرت مؤخرا من أن نسبة البنات اللواتي يعانين من الأنيميا تزيد بنسبة 2.3 % عن البنين كما وجد أن نسبة 25 % من الفتيات في سن المراهقة يعانين من نقص نسبة الحديد . ( 25 )
وفي دراسة عن إحدى القرى المصرية أظهرت الدراسة أن الأب داخل الأسرة يحصل على 32.9 % من إجمالي عنصر الحديد في غذاء الأسرة بينما لا تحصل الأم سوى على 29.1 % من هذا العنصر في حين تشير دراسات أخرى إلى أن معدل انتشار الأنيميا بلغ 22.1 % بين الحوامل، 25.3 % بين النساء المرضعات . ( 26 ) .
يضاف إلى ما تقدم التمييز في فرض التعليم بين الولد والبنت فتعليم الولد واجب في عرف الأسر المصرية أما تعليم البنت فهو عند البعض غير ضروري لاسيما في بعض المجتمعات العشوائية والريفية داخل المجتمع المصري التي ترى أن تعليم الطفل الولد لا يفسده في حين ينظرون إلى تعليم الفتاة على أنه مفسدة لها وتعليم الولد مباح وضروري حتى في المدارس البعيدة عن القرية أما تعليم البنت فيجب أن يكون بجوار المنزل وهو ما يتسبب في كثير من الأحيان في إجبار البنت على ترك الدراسة والانخراط في الأمية وقد يلتمس للولد التعثر في الدراسة في حين لا يلتمس للبنت أي رسوب أو تعثر في الدراسة ويكون ذلك سببا في تركها للدراسة .
الإصرار على ختان الإناث
تثير عملية ختان الإناث ومدى شرعية سواء من الناحية الدينية أو القانونية جدلا واسعا في المجتمع المصري فبالرغم من أن النصوص الدينية لا تحرم ختان الإناث ولا تجرمه وإنما الأمر متروك لكل فتاة أو لكل مجتمع وفقا لما يقرره حاجته الاجتماعية إلا أن المجتمع المصري ولاسيما في الريف توارث ساكنوه ممارسته هذه العادة للفتيات منذ صغرهن وهي لا تمثل بالنسبة لهم في الريف أي حرج أو خوف من ممارستها . ووفقا لإحصاء منظمة الصحة العالمية فقد تعرضت 97 % من النساء المتزوجات في مصر تتراوح أعمارهن ما بين 15 إلى 49 عاما لإجراء عملية الختان . ( 27 ) .
ووفقا لدراسة أجراها مركز قضايا المرأة المصرية على عينه من السيدات في إحدى المناطق العشوائية في بولاق الدكرور بالجيزة أكدت الدراسة أن صاحب القرار الرئيسي في عملية ختان الإناث كالآتي :
الأم الجدة الأب 60 % 29 % 11 %
ونلاحظ من خلال النسب المذكورة أن أصحاب القرار الأساسي في ختان الإناث هم الإناث أنفسهم أما أم أو جدة بنسبة 89 % من الحالات .
وفي دراسة شملت 130 أسرة من إحدى المناطق العشوائية للتعرف على آراءهم في موضوع ختان الإناث جاءت نتيجة الدراسة كالتالي :
مؤيد للختان معارض للختان لم يحدد رأي 63 % 32 % 5 %
وتظهر هذه النتيجة مدى الجهد المطلوب بذلك لإقناع 63 % من حجم العينة التي شملتها الدراسة لإقناعهم بالعدول عن تأييد ختان الإناث وتمثل المرحلة العمرية من 7 سنوات إلى 10 سنوات أعلى نسبة يتم إجراء الختان لها في هذه المرحلة العمرية ( 28 ) وبناء على ما تقدم فإن إشكالية ختان الإناث إحدى أهم مشاكل النوع الاجتماعي والجندر التي مازال المجتمع المصري يعاني منها ويقع الدور الأكبر لحل هذه المفصلة على الإناث أنفسهم سواء كانت أم أو جدة للحد من هذه الظاهرة وفق ما تقدم .
ورغم أن مصر أطلقت برنامجا طموحا عام 2003 لمحاربة ختان الإناث المحظور رسميا منذ عام 1997 إلا أن هذه القضية ما زالت تعتبر من المحرمات التي تحس الغالبية العظمى من المصريين من حيث تمارس عادة ختان البنات لدى المسلمين والمسيحيين رغم أن النصوص الدينية في كلا الديانيين لا تتحدث عنه ورغم قرار وزارة الصحة المصرية الذي يحظر ختان البنات في المستشفيات الحكومية اعتبارا من 1997 ورغم ما أعلنته نقابة الأطباء المصرية من رفضها لممارسة ختان الإناث وتعتبر الطبيب الذي يمارس هذا العمل يخالف لائحة آداب المهنة لأنه اعتداء على الصحة الجسدية والنفسية للإناث وهي ممارسة قهرية . ( 29 )
وقد لجأت الحكومة المصرية للحد من هذه الظاهرة المنتشرة في الريف والمدن على حد سواء إلى التعاون مع المنظمات والجمعيات الأهلية لمناهضة ختان الإناث لاسيما في صعيد مصر والتي تمارس فيها هذه العادة بنسب أكبر مقارنة بمحافظات مصر الأخرى ووفقا لأخر الدراسات التي أجريت في هذا الشأن فإن 97 % من السيدات و80 % من الفتيات في مصر يتعرضن للختان وتعزى الدراسات كبر هذه النسبة مقارنة بالدول العربية الأخرى إلى ثقافة المجتمع الذي تعتبر هذه العادة ضرورية للحفاظ على الفتاة وضمان عفتها وطهارتها وتحجيم الرغبة الجنسية لديها .
وفي دراسة ميدانية ( 30 ) على عينة من 800 طفلة مصرية يترددن على العيادة الخارجية لطب عين شمس أظهرت الدراسة أن 81 % من هؤلاء الأطفال مختونات ومعظمهن من الأسر الفقيرة حيث تبلغ نسبتهن 88 % من عينة الدراسة أما في الأسر المتوسطة 71 % وفي الأسر الغنية 15 % وهو ما يوضح أن ممارسة هذه العادة مرتبطة بالمستوى الاقتصادي إلى جانب مستوى التعليم بين الأبوين إذا أن أمية الأب والأم ترفع نسبة الختان إلى 96 % من الأسر وتتضاءل هذه النسبة عند الحاصلين على تعليم أساسي لنصبح 80 % وتصل إلى 10 % عند أصحاب التعليم العالي ومن ثم فإن التعليم والثقافة لها دور مهم في صنع ممارسة هذه العادة إلى جانب مشكلة الفقر .
وتختلف مبررات إجراء عملية ختان الإناث من شريحة مجتمعية لأخرى وأيضا من ثقافة لأخرى داخل المجتمع المصري فقد أكدت دراسة أجرتها وزارة الصحة على مدى عامين شملت محافظات مصر كلها أن نسبة ممارسة الختان في الريف 99.5 % وفي المدن 94 % وأن ما يقرب من 82 % من النساء مازلن لن يؤيدن ختان الإناث منهن 91 % في الريف مقابل 70 % في الحضر وقد تفاوتت الأسباب التي ذكرها أفراد العينة التي شملتها الدراسة لإجراء هذه العادة ففي حين أكد 14.6 % منهم أنهم يمارسون هذه العادة لأنها عادة حسنة رأى 30.8 % منهم أن ذلك وطلب ديني وأكد 36.1 % منهم أنهم يمارسونها مع بناتهم لأنها نظافة وأكد 3.8 % من أفراد العينة أنها متعة للرجل ورأى 9.1 % منهم أنها تحافظ على البكارة وذهب 5.6 % من ألفية إلى أنها تحمي من الزنا ( 31 ) . والمدهش أن ممارسة هذه العادة تكون بدافع من النساء أنفسهن نتيجة لغياب الوعي بمخاطر وأضرار ممارسة هذه العادة . وللقضاء على هذه الظاهرة أو لحد منها هناك عدة توصيات كالآتي : ـ
- توعية الأب والأم معا بمخاطر وأضرار ممارسة الختان على الفتاة من كافة النواحي النفسية والصحية والجسدية .
- مطالبة رجال الدين بتوضيح رأى الدين الإسلامي والمسيحي الصريح والواضح في هذا الموضوع بشكل مؤثر من خلال الخطب والاحتفالات العامة .
- توعية الفتيات الصغيرات بحقوقهن وحقهن في اختيار الامتناع عن هذه العادة من خلال المناهج الدراسية في المراحل التعليمية المبكرة .
- التركيز من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة على التوعية بمسألة الختان وما لها من آثار سلبية على الفتاة .
- تشديد متابعة العيادات الخاصة للأطباء لتضييق مسألة إجراء هذه العادة من خلال الأطباء والتحذير من ممارستها عند الحكيمات والدايات وأن ذلك يعرض الطفلة للخطر .
العنف ضد الزوجات
تشكل ظاهرة العنف ضد الزوجات إحدى إشكاليات النوع الاجتماعي في مصر حيث يتخذ العنف ضد المرأة في محيط الأسرة اتصالات مختلفة بدءا من العدوان الجسدي مثل الصفع واللطم والركل والضرب وانتهاء بالأذى النفسي مثل النفسي مثل التخويف والتحقير والإذلال وغير ذلك ووفقا لإحصاء لمنظمة العفو الدولية فإن 35 % من النساء في مصر تعرضن للضرب من أزواجهن في مرحلة ما من زواجهن ( 32 ) وتشير إحدى الدراسات إلى أن 47 % من النساء اللواتي تعرضن للأذى الجسدي في مصر لم يخبرن أحدا بذلك خوفا من ممارسة الأزواج مزيد من البطش عليهن ( 33 ) ويمر جزء كبير من العنف ضد المرأة مرور الكرام دون الإبلاغ عنه ويرجع ذلك العوامل كثيرة منها خوف النساء من الإبلاغ عن العنف ضدها هروبا من المزيد من العنف إضافة إلى افتقار الوسائل الاقتصادية والقلق على الأطفال . وتضطلع عدة جمعيات أهلية متخصصة في شؤون المرأة وحقوقها بتشكيل شبكة مناهضة للعنف ضد المرأة بهدف الحد من هذه الظاهرة في مصر من خلال توعية جماعات المجتمع المختلفة بخطورة المشكلة وأثرها على المرأة والمجتمع والعمل على تمكين المرأة من مقاومة أساليب العنف التي تمارس عليها من خلال التوعية بالقوانين وحقوقها كإنسان داخل المجتمع وتسعى هذه الجهات إلى تخفيض حالات العنف ضد المرأة .
وتشير الدراسات الاجتماعية إلى أن المرأة التي تقع ضحية للعنف تصبح فاقدة للثقة بنفسها كما لا تشعر بالأمن والأمان وما يترتب على ذلك من انعكاسات على الأطفال من الإصابة بالاكتئاب والعزلة وفقدان الصلة بالأسرة ( 34 ) وعلى الرجل أن يعلم أن العنف جريمة نكراء ويحاسب عليها القانون المصري الآن مع تصاعد نبرة المطالبة بحقوق المرأة التي هي نصف المجتمع وتربي النصف الآخر ومن ثم يجب إعادة النظر في استخدام الضعف كوسيلة لتأديب المرأة أو عقابها . ويتطلب القضاء على مشكلة العنف ضد الزوجات جهد متضافر من كافة الجهات وخاصة الأعلام ولاسيما الدراما التلفزيونية التي هي المؤثر الأول في المجتمع المصري خاصة المجتمعات الريفية التي تنتشر فيها هذه الظاهرة ويعد قانون الخلع أحد وسائل الحد من العنف ضد الزوجات إذ يمكن الزوجة من إتمام الطلاق بمفردها عن طريق المحكمة إذا ثبت أنها وضعت تحت ضرر من قبل الزوج وخاصة استخدام العنف ضدها ( 35 ) وقد فرضت مشكلة العنف ضد الزوجات نفسها بشكل لافت في مصر في ظل ما تواجهه المرأة من تمييز خصوصا من المشرع الخبائي والتمادي في إغفال حقوق المرأة من الكوارث التي تهدد أمن المجتمع في ضوء المتغيرات الحديثة للسياسات الجنائية ومعطيات الخصوصية القومية الثقافية للمجتمع المصري . وفي دراسة حديثة أجريت على عينات من واقع بلاغات الشرطة وملفات القضايا ومقابلات مفتوحة مع بعض المحكوم عليهم أظهرت الدراسة ( 36 ) أن العنف الأسري هو الأكثر شيوعا ضد المرأة وأن الزوج هو الأكثر ممارسة لهذا العنف بنسبة تصل إلى نحو 71 % يليه عنف الأب تجاه ابنته بنحو 42 % ثم عنف الأخ تجاه أخته بنسبة 37 % .
وتشير الدراسة إلى أن حزب الزوجات في مصر يمثل أعلى نسبة للعنف الواقع على المرأة كزوجة وتأتي الزوجة الحامل في مقدمة اللواتي يتعرضن للضرب بواقع 25 % . ويعد الاغتصاب أحد أبرز صور العنف ضد المرأة الآن لأن الجاني هو الأب وزوج الأخت وزوج الأم والعم والخال في كثير من الأحيان وتبلغ نسبة في البيئات الاجتماعية الأقل مثل العشوائيات والمناطق المزدحمة بالسكان نحو 22 % ويعتبر القتل ثالث الجرائم المأسوية التي ترتكب ضد المرأة المصرية في محيط العائلة إذ تبلغ نسبة 21.5 % وتبلغ نسبة الضرب المؤدي إلى الموت نسبة 15.7 % .
وتشير الدراسات الاجتماعية التي أجريت على موضوع العنف ضد المرأة في المجتمع المصري إلى أن عدد من العوامل تعزز ظاهرة العنف هذه أهمها : ـ
- الظروف الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بآليات تقسيم الثروة .
- العوامل المرضية كالأمراض النفسية والعقلية .
- تناول الكحوليات والمخدرات وتوافر الأسلحة النارية .
- العوامل الثقافية المرتبطة بالتعليم ووسائل الإعلام .
وتمثل جرائم الشرف إحدى صور العنف ضد المرأة داخل المجتمع المصري والتي تحدث لأسباب عديدة منها الشك في السلوك أو اكتشاف الخيانة أو زواج الأم عرفيا بعيدا عن أولادها من مطلقها أو أرملها وتظهر إحدى الدراسات أن 79 % من جرائم الشرف في مصر السبب الأساسي وراءها هو الشك في السلوك و 9 % يحدث بسبب اكتشاف خيانة الزوجة أو اعترافها لزوجها بذلك كما أن نسبة 6 % من هذه الجرائم تحدث بسبب الرغبة في منع إظهار العلاقة مع العشيقة سواء كانت عشيقة الجاني أو عشيقة أحد أقارب الجاني . ( 37 ) وتقف ظاهرة العنف ضد الزوجات وضربهن كأحد أطراف مشكلة الطلاق بين الزوجات في مصر والتي باتت مشكلة تؤرق المجتمع المصري وتهدد استقراره فوفقا لإحصائية صدرت عام 2003 كشفت أن حالات الطلاق بلغت عام 2002 حوالي 70 ألف حالة وهي نسبة كبيرة وأشارت الدراسة ( 38 ) إلى أن زوجة من بين كل ثلاث زوجات تتعرض للضرب على يد زوجها وأن 18 % من الزوجات يخشين من الموت على يد أزواجهن وأكدت الدراسة أن نسبة ضرب الأزواج للزوجات ترتفع بنسبة 50 % في الطبقة الأمية وتنخفض إلى 15 % بين الأزواج الحاصلين على مؤهل متوسط كما تشير الدراسة إلى أن الزوجات اللاتي تعرضن للعنف والضرب من أزواجهن هن 60 % من الزوجات الأميات بين ثلاث زوجات تتعرض للضرب أثناء الحمل .
ومن خلال العرض السابق يتضح لنا أن ظاهرة العنف ضد المرأة وضرب الزوجات تعود في كثير من الأحيان لجهل الزوج وأميته وجهله بقواعد الدين الإسلامي أو المسيحي حيث أوصى الإسلام بالنساء خيرا وكذلك أوصت المسيحية بها خيرا ومن ثم فإن الجنوح إلى العنف من جانب الرجل تجاه المرأة في مصر يعود لقلة معرفته بالدين وغياب الوازع الديني عنده ولذلك فإن جزء كبير من القضاء على هذه الظاهرة يكون باستنهاض الوازع الديني لدى الرجال وتذكيرهم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم اتقوا اله في النساء فإنهن عندكم عوان . الحديث .
وأيضا للقضاء على العنف ضد المرأة وضرب الزوجات فإن هناك حاجة ماسة لتثقيف المرأة المصرية وتبصيرها بما لها من حقوق وما عليها من واجبات وتستوي في ذلك من كانت متعلمة ـ أو غير متعلمة لاسيما في مجال محو الأمية القانونية إذ أن الدراسات تشير إلى أن النساء على اختلاف مستوياتهن التعليمية في مصر باستثناء خريجات كليات الحقوق لا يعرفن من حقوقهن القانونية إلا أقل القليل حيث أن التعليم في مصر لا يقدم أي قدر من المواد التي تتناول حقوق المرأة والأوضاع القانونية الخاصة بالأسرة ما عدا في كلية الحقوق . ( 39 ) .
كما أن هناك دور مهم يقع على عاتق العلماء والمفكرين ورجال الدين فيما يتعلق بمحاصرة ظاهرة العنف ضد المرأة عن طريق الإسهام في إعادة تأهيل الذاكرة الاجتماعية للشعب المصري والتواصل بين الأفراد والجماعات بهدف إعطاء الديمقراطية مضمونا إيجابيا ينعكس في مناقشة المرأة وسماع رأيها وعدم الحجر عليها وكذلك تسهم المنظمات الأهلية غير الحكومية في هذا الإطار بجهد هام من خلال التعريف بحقوق المرأة وحث المجتمع على الاعتراف بهذه الحقوق ومحاصرة ظاهرة العنف هذه ( 40 ) . وأيضا يجب عقد برامج وورش عمل للعاملين في وسائل الإعلام والإسهام بشكل فاعل في تعريف الرجل للمرأة عليه من حقوق في مقابل ما له من واجبات .
أثرالتنشئه الأجتماعيه على تعليم المرأه فى مصر
تمهيد
فى هذا العصر الإلكتروني ما زالت تتردد فى الأذهان عبارات تسقط تارة المديح على المرأة مثلما يقال: "وراء كل رجل عظيم امرأة".. وفى الاتجاه المضاد تلغي الشأن العظيم لكلا الطرفين معاً: الرجل والمرأة ومن أمثلة ذلك.. "لو وصلت المرأة الى المريخ آخرتها الى الطبيخ".
عفوا، أولاً للرجال على هذا التطاول الذي قد يسميه البعض منهم وعذراً لكل سيدات العالم الغربي قبل العربي لهذا التناقض الذي أجهل حقيقته ودواعي تأويله التى تتشابه وان اختلفت البيئة والأمكنة.
ما دخل الثقافة الغربية فى طقوس وعادات الشرق؟ سؤال أجهل الإجابة عليه ولكن ما دفعني لهذه المعادلة الصعبة تقرير عالمي صدر مؤخراً ونشرته جمعية "أمان" الأردنية التى تعنى بحقوق وامتيازات المرأة ومفاده: أنه على المستوى العالمي أنه ما من دولة حققت المساواة بين الرجل والمرأة حيث قال التقرير: "تحقيق المساواة بين جنسين عملية تسير ببطء وصعوبة لأنها تتحدى السلوكيات من أكثر السلوكيات عمقاً فى تاريخ البشرية جمعاء" [1].
إذا، صراع البقاء بين المرأة والرجل ليس حكراً على العرب وإن بدت صورته أوضح عبر عدة صور ذهنية مختلفة عن التقاليد الأوروبية فى النشأة والنمط والسلوك خاصة وأن تقرير التنمية العربية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2004 وصف الدول العربية بأنها فى ذيل القائمة اتجاه تمكين المرأة [2].
1- واقع حياة المرأة العربية يهمني استعراضه أكثر فى الورقة البحثية خاصة وأن الدراسات تشير الى أن أكثر أساليب التنشئة الاجتماعية انتشاراً فى الأسرة العربية هي أساليب التسلط والتذبذب والحماية الزائدة حسبما أشار تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2003 الذى أضاف: " أن هذا الأسلوب يؤدي الى زيادة السلبية وضعف مهارات اتخاذ القرار لا فى السلوك فحسب وانما فى طريقة التفكير حيث يعوض الطفل من الصغر على كبح التساؤل والاكتشاف والمبادرة " [3].
يا لهول المفارقة، التقى الاثنان.. الرجل والمرأة فى ذات الصفات الطفولية لكنها مع كل أسف فى الاتجاه غير المطلوب والسلبي.
ما سأتناوله هنا يتعلق بسلبيات التنشئة الاجتماعية العربية ومدى علاقتها بالبعد التعليمي للمرأة عبر بحث ليس سردي تاريخي بقدر ما أصفه بالتطبيقي لما يعرضه من نماذج دراسية واقعية يصاحبها محاولة لإيجاد حلول للمعضلة على الصعيدين التربوي والإعلامي على حد سواء ومن خلال إحصائيات لها اهمية من حيث الذِكر وتخدم أهداف البحث التى تتلخص فى الكشف عن هوية المرأة الحقيقية ليس كما هو فى شهادة الميلاد.
قهر اجتماعي
كثيرة هي الأمثال التى تميز بين الذكر والأنثى فى التربية ومنها فى المأثور الشعبي العربي: "أعز الولد ولد الولد"، و "حط الجرة على فمها تطلع البنت لأمها"، و "الولد ثلثاه لخاله".
وكأن للتنشئة العربية نسق واحد بعينه يعكس نمطاً واحداً من النهج الواجب توافره ليحيا كل من الولد والبنت على أصول صحيحة – حتماً وقطعاً – يجب أن تتوارثها الأجيال تلو الأجيال! لتحافظ على العرق وإن تنوعت ثقافته فى مجتمع ذكوري أبوي تسلطي يحصر المرأة منذ نعومة أظفارها الى مماتها بعالم يصفه بالحريم والولايا التى يجب الوصاية عليه حسبما يرى الرجل الشرقي وإن بلغت المرأة سن الخمسين. إلا أن هذه المكانة تتفاوت نسبياً حسب وجهة نظر الرجل والمجتمع ضمناً.
جاء فى مقدمة دراسة علمية نشرها مركز المعلومات الوطني الفلسطيني وتحت عنوان (صورة المرأة فى منهاج التربية المدنية للصف الأول الأساسي وحتى الصف السادس الأساسي للسنة الدراسية 2003 – 2004) إن الأسس العامة والمبادئ التربوية التى تبنتها وزارة التربية والتعليم فى خطتها للمنهاج افتقدت كلياً لموضوع المرأة بشكل مستقل فلم ترد عليها أية بنود فى الأسس الفكرية والوطنية أو الأساس الاجتماعي أو المعرفي أو النفسي.
من ناحيتها خلصت الباحثة د. علياء العسالي الى تأكيد الصورة التقليدية النمطية للمرأة الفلسطينية عبر ما تخللته الجداول النهائية للدراسة والتى أبرزت وبشكل واضح الدور المطلوب من المرأة كربة منزل ولم تبرز فى تنوع مهني كما هو الحال مع الرجل علاوة على أنها لم ترد فى صورة صانعة قرار كما فى الواقع المعاش وكأن المنهاج همش المرأة وحدد لها أدواراً بعينها دون سواها.
صورة المرأة كما تعكسها الكتب المدرسية فى مصر
تحت هذا العنوان وعبر دراسة أكاديمية قدمتها الدكتورة المصرية إلهام عبد الحميد رئيسة قسم المناهج بمعهد الدراسات التربوية، تم الكشف عن توجهات خطيرة وحساسة جداً لها الوقع الشديد على المستوى الذهني للأطفال الإناث والذكور معاً لا سيما فى السنوات الريادية من عمرهم.
وخلال نوعين من التحليل تم استعراضهما حول وصف الطفلة الأنثى من حيث الأدوار التي حددت لها ووظائفها ومكانتها أشارت عبد الحميد فى ورقتها الى المؤتمر السنوى الأول حول أوضاع المرأة المصرية، إلى غياب وتجاهل الطفلة الأنثى الى درجة العجز والتبعية والاستسلام والقصور وإلصاق الدور الذي يوصف بالطبيعي البيولوجي لها وكأنه قدرها "البشري" أو علامة جودتها فى سوق الطاعة والسيادة "الرشيدية" للرجل ودون أدنى اهتمام الى أنفاسها التى أودى بها الحال بأن تكون دون أدنى شهيق وزفير إن صح لى التعبير.
2- أما من توصف بامتيازات خارجة عن العرض والطلب "بماركة" مسجلة تم ختمها بالاستقلالية والعطاء من أجل الأخر بذكائها وقوتها ورجولتها فإن ضريبتها نبذها ونزع حصانة المخاض من تحت بساط أنوثتها فقد جاء تحت بند نتائج الدراسة "ومن الغريب أن المرأة التى توصف بالذكاء والعبقرية والقوة تنسحب منها صفة الأنوثة ويطلق عليها صفة الرجولة أو أنها أخت الرجال" [4].
وإلى ذلك، كشفت الدراسة وبوضوح إعدام صورة المرأة المكافحة والمبدعة منذ لحظة مولدها وإن ظهرت أحياناً بصورة قاتمة وباهتة تعطي الدور الأخضر فقط للنوم والملبس والطعام، وإن احتل الأخير الحق الأول والأوحد للمرأة فى دستور الرجال والنساء!.
لكل أنثى الحق فى التعليم
فى المادة العاشرة من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ورد حق القضاء على أى مفهوم نمطي عن دور المرأة والرجل فى كافة مراحل التعليم بكل أشكاله بما فى ذلك تشجيع التعليم المختلط وتنقيح الكتب الدراسية وتكييف أساليب التدريس وتقديم المنح لتحقيق الهدف المنشود.
3- يأتي هذا بعد أن أقرت المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية الحق فى التعليم والتى نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذى صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فى العاشر من كانون أول من 1948 فى المادة السادسة والعشرين منه "لكل شخص الحق فى التعلم ويجب أن يكون التعليم فى مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان وأن يكون التعليم الزاميا ويجب أن يعمم التعليم الفني والمهني وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة" [5].
4- إن تطور الشعوب مرتبط بشكل رئيس بقضية التعليم وارتفاع المستوى التعليمي للمرأة والذى من شأنه أن يدعم التنمية البشرية بكافة نواحيها (الاقتصادية، الصحية، الاجتماعية..الخ) فقط جاء فى التقرير النهائي للمنتدى العالمي للتربية الصادر عن منظمة اليونسكو لعام 2000 أن "عدم المساواة بين الأفراد والدول يؤدي الى عدم المساواة فى توزيع المعرفة ولا يمكن حل هذه المشكلة بالتوسع والاستيعاب الكامل فى التعليم النظامي فقط وعلى المجتمع أن يطرح أشكالاً جديدة ومتطورة من الأنظمة والبرامج التى تدعم البرامج التعليمية المختلفة" [6].
إحصائيات
حتى الآن لا يزال 880 مليون انسان بالغ لا يعرفون القراءة والكتابة وثلثاهم من النساء حسبما أشارت الأستاذة المصرية سهام نجم أمين عام الشبكة العربية لمحو الأمية فى ورقة عمل تقدمت بها بعنوان (تعليم المرأة وانجازات القرن العشرين).
5- وأضافت "تشكل الفتيات الأغلبية من الأطفال والشباب غير الملتحقين بالمدارس على الرغم من أن تعليم الفتاة يعد ذا تأثير قوي عبر الأجيال وعاملاً حاسماً لتحقيق التنمية الاجتماعية للمرأة" [7].
ورد عبر الموقع الالكتروني لمنظمة التضامن النسائي التعليمي ضمن بند الأرقام حول حقوق الإنسان ما يلي:
1- فى كل عام ما بعد الصف الرابع حين تذهب الفتيات الى المدرسة فإن حجم العائلة سيتناقص 20 % وتتناقص وفيات الأطفال 10% وترتفع رواتب 20% ومع هذا فإن المساعدة الدولية المخصصة للتعليم تتناقص.
2- تمثل الفتيات ما نسبته 60% تقريباً من الأطفال خارج المدرسة.
3- حتى لو أن النساء حصلن على نفس سنوات التعليم كما الرجال فإنهن لا يستطعن ترجمة ذلك الى فرص اقتصادية أو قوى سيادية.
4- بينما تتمتع النساء فى نيجيريا بنسبة 53% من معرفة القراءة والكتابة و34% فى المغرب و 77% فى فلسطين فإن مشاركتهن فى السياسة والاقتصاد بعيدة جداً عن المستوى المطلوب.
فرص التعليم للنساء فى فلسطين – إحصائيات
أشار تقرير لدائرة الإحصاء المركزية الفلسطينية الى أن الممارسات اليومية ما زالت تشير الى فجوات مجتمعية واضحة فى التعليم بين الولد والبنت فمن ضمن الأطفال من عمر 6 – 11 سنة يوجد 9.3% من الأولاد و 8.7% من البنات لا يذهبون الى المدرسة الابتدائية كما أن. معدلات التحاق الفتيات بالتعليم فى المناطق الريفية تقل لعدة أسباب منها التكلفة المادية.
وعبر عرض لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت الذى أجرته الدائرة تمت الإشارة الى أن معدل القراءة والكتابة بين البالغين هو 79.7% للنساء مقابل 92.2% للرجال ليلاحظ أن معدلات الأمية بين الأناث أكبر من 15 سنة تبلغ 20.3% بينما لا تتجاوز معدلات الأمية بين الرجال فى نفس الفئة العمرية 7.8%.
إلا أنه وعلى الرغم من انخفاض معدلات الأمية بين الفتيات صغيرات السن عن من هن فى سن الأربعين فما فوق فقد حذرت النتائج من ازدياد عدد الأميات بين صغيرات السن وخاصة اللواتي دخلن المدرسة فى أثناء الانتفاضة على الرغم من أن معدلات القيد فى المرحلة الثانوية تشير الى نسبة 53.7% للإناث مقابل 56.6% للذكور.
6- إلى ذلك تتفوق الفتيات فى امتحان الثانوية العامة عادة حسبما أكدته النتائج الأمر الذى تم اعتباره تميزاً لصالح الإناث مع الإشارة الى أن ذلك لا ينعكس على نسبة الإلتحاق فى الجامعات أو سوق العمل فيما بعد! [8].
الصورة الذهنية للمجتمع حول تعليم الفتاة
أكد الباحث الفلسطيني مازن الشيخ فى دراسة ميدانية له أن لتعليم الفتاة دوراً كبيراً فى استفحال ظاهرة العنوسة التى تؤدي بدورها الى الاكتئاب ومن ثم الى الانتحار مهما اختلف شكله.
وحسب تحليله: "فإن الفجوة الثقافية التى نشأت بين الفتيات والشبان من جراء اقبال عدد متنام من الفتيات على التعليم جعل الشبان يحجمون على الفتاة المتعلمة خوفاً من تعاليها نتيجة عدم التكافؤ" [9].
والى جانب ذلك وضع الفتاة العربية عامة حيث أشار تقرير عن العنوسة فى العالم العربي ونشرته هيئة الإذاعة البريطانية على موقعها الإلكتروني الى أن العنوسة تبدأ فى حال تجاوز سن الفتاة الـ 30 عاماً وتتفشى بشكل واضح وملحوظ فى المجتمعات العربية الأكثر محافظة (دول الخليج العربي) لتصل إلى 35% فى بعض منها أو فى بعض الدول الأكثر انفتاحاً مثل لبنان وتونس [10].
صورة المرأة العربية فى وسائل الإعلام
7- أبرزت نتائج دراسة ميدانية أجرتها الدكتورة الإعلامية المصرية عواطف عبد الرحمن فى عدد من أهم الصحف والمجلات فى مصر ومنها باب المرأة فى صحيفتي الأهرام وأخبار اليوم ومجلة حواء، وأشارت إلى ارتفاع نسبة الصفحات المخصصة للإعلان التى تنظر الى المرأة كأنثى فقط مع انتشار المواضيع التى تتناول الأزياء والتجميل والتركيز حول الدور الاجتماعي للمرأة فى الإنجاب وتربية الأولاد مع غياب دورها فى التغيير والمشاركة الاجتماعية والسياسية وان وجدت فهي إخبارية دون تحليل
ساحة النقاش