طال انتظارك يا ولدي

هبة الكايد

أشهرّ قليلة تفصلني بإذن الله عن دخولي قفص الأمومة.. وحلول جدول أعمال أمومتي.. هذا الجدول غير المنتظم الذي ليس له وقتّ محدد ومعروف بين فتراتْ أمنحه فيها ما يشبع جوعه ويروي طفولته.. بأعمالْ ليست متوقعة وسهرّ ليس بالحسبان.
حقاً أقف عاجزة عن التفكير في خلق روتين أنظم فيه هذا الجدول بما يتناسب مع وقتي واهتماماتي وعملي وبما يناسب مسؤوليات بيتي وزوجي وصراخ طفلي.
ومع كل تلك الفوضى التي ستدخل حياتي الصغيرة.. إلا أنني أجهل الطريقة التي أحببت فيها ولدي مذ تكون بداخلي.. أحب ذلك الكائن مبهم الملامح.. وأسابق أفكاري بإنجاز الكثير من المهمات الملقاة على عاتقي لأجله.. وأتوق جداً لأرى أنفاسه تعانق أركان البيت فألهو وأعبث معه وأشرح لراعي البيت ما فعل معي منذ خرج وحتى عودته بأدق التفاصيل التي يراها الغرباء مملةً على مسامعهم في وقتْ أعصر فيه مخيلتي لأتذكر تفاصيلاً أكثر دقة.
أصبحت غريبة الأطوار يا مولودي المنتظر.. فدوماً أجد نفسي أراقب هذه الكرة التي أصبحت تكبر شيئاً فشيئاً.. وتذكرني بك وأنت تتجول وتفعل ما تشاء بداخلها.. أصبحت حريصة كل الحرص على حركاتي.. كي لا أزعجك.. تخليت عن كثير من التزاماتي وقضاء بعض حاجياتي كي لا أتعبك.. أما والدك فيكابر على نفسه متجاهلاً أبرز حاجاته من أجل راحتك.
ترى كيف ستمر تلك الأشهر القليلة لأراك طفلاً كاملاً يتربع بين يدي.. يملأ علي أجواء البيت ويزين حياتي وحياة والده؟.
وكيف ستكون يا بني.. وإلى أي مدى ستتشابه جيناتك الوراثية معنا.. أسئلةّ كثيرة تحيرني وتحير والدك معي.. ولكن مفادها الأول والأخير أننا نحبك قبل أن تأتي وحتى تأتي وحين تأتي.. فلا تطل علينا الانتظار يا ولدي