لماذا تجري وراء السلاح طالما لاتحارب؟
السعودية تشتري أسلحة بـ 42 مليار دولار 

يبدو أن ريالات النفط السعودية ستدفع الدول الكبرى إلى خوض حرب شعواء من أجل إمداد المملكة بأحدث أنواع الأسلحة بعدما أعلنت عن شرائها اسلحة روسية بقيمة 2, 2 مليار دولار, وبالرغم من وقوع الرياض بعيداً عن دائرة الصراع العربي الإسرائيلي وتميزها بوجود المقدسات الإسلامية التى يحافظ عليها جميع المسلمين "سنةً وشيعة", إلا أنها أكبر مستوردي السلاح في العالم, وتلهث دائمأً وراء شراء أسلحة من الدول الكبري والتى كان آخرها صفقات مع بريطانيا وأمريكا تتجاوز قيمتها الـ40 مليار دولار, الأمر الذي يفتح الباب أمام التساؤلات.

الخبراء اختلفوا في تفسيرهم لأسباب "الجري" السعودي وراء السلاح , فالبعض قال إن الرياض تسعى لتحجيم التعاون الروسي الإيراني, والبعض الآخر اعتبره دليلاً دامغاً على "صدق" الاتهامات المتتالية للنظام السعودي بزعزة استقرار الدول العربية المجاورة من أجل التصدى لما يسمى بالمد "الشيعي", إلا أن الجميع أكدوا أن هذه الصفقات تثير الشبهات.

تعاون إيراني

وقالت صحيفة "كوميرسانت" إن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل اقترح خلال لقائه الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين أن تقلص موسكو تعاونها مع ايران مقابل صفقات سلاح مربحة, وقدم هذا الاقتراح باسم العاهل السعودي الملك عبد الله.

وأكدت الصحيفة التى تعد احدى أكثر الصحف اليومية تمتعا بالاحترام أن روسيا تلقت عرضا بأن تكون شريكا رئيسيا في الشرق الاوسط, مشيرةً إلى أن الامير بندر السفير السابق لدى واشنطن, قدم تفاصيل الاقتراح عندما التقى قادة الكرملين هذا الاسبوع.

وفي المقابل, أكد المتحدث باسم الحكومة الروسية أن "التعاون العسكري التقني بين روسيا والسعودية له بعد مستقل, لأنه يقوم على أساس المصلحة المتبادلة وربط هذا البعد في التعاون بين روسيا والسعودية بأي مسألة أخرى هو قطعا غير صحيح وغير ملائم."

وأشارت الصحيفة إلى أن السعودية مهتمة بشراء 150 دبابة طراز "تي 90" و"160" طائرة هليكوبتر وأنظمة دفاع جوي مقابل أكثر من 2.2 مليار دولار, ورفضت التعقيب شركة تصدير السلاح الحكومية الروسية التي تبحث عن موطئ قدم في سوق كانت مربحة لبريطانيا وقوى غربية أخرى.

وأكد الخبير الروسي كونستانتين ماكيينكو إلى أن منتجي الأسلحة في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا يسيطرون على سوق الأسلحة السعودي ولابد أن يحافظوا على مواقعهم في هذا السوق في حين لا يمكن لمنتجي الأسلحة الروس أن يأملوا بحصة تزيد على 5% في السوق السعودي ولكن حتى الحصول على هذه الحصة في سوق السعودية التي سترتفع ميزانيتها العسكرية إلى 44 مليار دولار في عام 2010 سيعتبر نجاحا كبيرا.

صفقة مثيرة

وتأتي هذه التطورات بعد أيام من إعلان شركات السلاح البريطانية أن صفقة مثيرة للجدل لبيع المملكة العربية السعودية طائرات حربية من احدث الانواع أوصلت لندن إلى قمة قائمة مصدري الاسلحة في العالم مع فوز شركات بريطانية بعقود من الخارج بلغت قيمتها رقماً قياسياً مقداره 10 مليارات جنيه استرليني.

وذكرت صحيفة "ذي جارديان" البريطانية أن بيع 72 طائرة "يورو فايتر/ تايفون" للسعوديين بمبلغ 4،4 مليار جنيه استرليني – بموجب ماهو بصورة اساسية عقد سياسي بين حكومة وحكومة – هو الذي دفع بريطانيا الى شغل المرتبة الاولى بين البلدان المصدرة للاسلحة بالعالم, فيما قال مسئولون بريطانيون إنه عندما تحسب تكاليف الصيانة وقطع الغيار وتكاليف التدريب فان قيمة الصفقة قد تصل الى 20 مليار جنيه استرليني على مدى سنوات كثيرة.

وتقليدياً كانت شركات الاسلحة الاميركية تحتل المرتبة الاولى في الصادرات الى سوق الاسلحة العالمية وكانت تأتي بعدها بريطانيا وفرنسا وروسيا. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية كان اكبر مصدري السلاح في العالم هم الولايات المتحدة بمبيعات بلغت قيمتها 63 مليار دولا، ثم المملكة المتحدة (53 مليار دولار) وروسيا (33 مليار دولار) وفرنسا (17 مليار دولار) واسرائيل (9 مليارات دولار). وفقاً لارقام الحكومة البريطانية.

سلاح أمريكي 

وفي إطار سياسة المملكة لتنويع مصادر السلاح, ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن الولايات المتحدة تستعد للاعلان عن سلسلة من عقود التسلح تبلغ قيمتها حوالى عشرين مليار دولار مع السعودية وخمس دول خليجية منتجة للنفط, ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين, قولهم:" إن المشروع يقضي ايضا بان تقدم واشنطن مساعدات بقيمة ثلاثين مليار دولار الى تل ابيب و13 مليارا الى مصر خلال عشر سنوات"

.

وأضافت أن هذه العقود تهدف الى تعزيز حلفاء واشنطن في الشرق الاوسط وتطويق النفوذ المتزايد لايران في المنطقة, مشيرةً إلى أن عقود التسلح هذه التي تشمل تسليم صواريخ "جو جو" وتجهيزات للقنابل الذكية (الموجهة) ستكون اكبر صفقة يتم التفاوض بشأنها في ظل ادارة الرئيس جورج بوش.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في الادارة الاميركية, قوله:" إن هذا مهم لانه يندرج في اطار استراتيجية اقليمية اوسع وفي اطار الابقاء على وجود اميركي قوي في المنطقة", وعقود التسلح هذه جرت مناقشتها منذ اشهر بين واشنطن والرياض على الرغم من التوتر الذي ظهر بين العاصمتين بسبب قلة الدعم السعودي للحكومة العراقية، على ما ذكرت الصحيفة.
 
وأوضحت ان هذه العقود يفترض الاعلان عنها الاثنين قبيل جولة وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس المنتظر وصولهما سويا الى مصر والسعودية.وكان مسئول رفيع المستوى في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاجون) اعلن أن العمل جار على تحضير عقد مهم لمواجهة "التهديد الاستراتيجي" الذي تمثله ايران. واكد هذا المسؤول ان المفاوضات مع الكونجرس الاميركي حول هذا العقد بدأت للتو والاعلان عنه لن يتم خلال زيارة جيتس الى السعودية.

اتهامات عراقية

وجددت هذه الصفقات تصريحات سامي العسكري مستشار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي اتهم الحكومة السعودية بدعم الفصائل التي تسعى إلى نسف العملية السياسية في العراق, مؤكداً صحة المعلومات التي أوردتها صحيفة "واشنطن بوست" حول رفض السعودية استقبال المالكي في إحدى جولاته العربية, كما اتهم العسكري في حديث مع "راديو سوا الأمريكي" الرياض بتمويل عمليات تنظيم القاعدة داخل العراق، زاعماً بوجود مخططات سعودية لإسقاط حكومة المالكي وإفشال العملية السياسية.

وفي أبريل 2007 , شن موقع "الفجر للأعلام" التابع لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين هجوما على الجيش الاسلامي احد فصائل " المقاومة العراقية" واتهمه بالعمل لصالح الاستخبارات السعودية, وقال بيان صادر عن التنظيم:" إن الاتهامات الأخيرة التي وجهها الجيش الإسلامي ضد تصرفات أفراد القاعدة في العراق وأوامر ما يسمى (امارة العراق الاسلامية ) هو من وحي المخابرات السعودية ".

وزعم بأن الجيش الاسلامي له ارتباط وثيق بالحزب الاسلامي وزعيمه طارق الهاشمي، وانه ينسق مع المخابرات السعودية في هذا المجال ضد القاعدة ، مشيراً إلى أن الجيش الإسلامي تلقى دعما ماديا كبيرا من حكومة السعودية لدعم عملياته المسلحة، وان ذلك تم خلال قيام قادة من الجيش الاسلامي بزيارة السعودية في موسم الحج والقدوم للعراق باموال كبيرة لدعم اعماله المسلحة لاجل تسقيط منظمة "القاعدة بالعراق".

صفقة اليمامة

واشتعلت التساؤلات حول المستفيدين من هذه الصفقات, عندما قالت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية ان مجموعة الدفاع البريطانية "بي ايه اي سيستمز" دفعت تكاليف رحلات افراد في الاسرة الحاكمة في السعودية، وخصوصا شهر عسل ابنة الامير بندر بن سلطان.

وذكر "بيتر غاردنر" المدير العام لوكالة ترافلرز وورلد "تلقيت تعليمات من بي ايه اي ان تكون رحلة شهر العسل لابنة بندر وزوجها على نفقة المجموعة"، واوضحت "صنداي تايمز" ان مسؤولا كبيرا في المجموعة البريطانية وافق على هذا الامر، لافتة الى ان كلفة هذه الرحلة التي استمرت ستة اسابيع ناهزت 250 الف جنيه استرليني (نحو نصف مليون دولار).

واضاف غاردنر ان المجموعة البريطانية استخدمت وكالته لتنظيم رحلات لافراد في الاسرة الحاكمة في السعودية، وشمل ذلك نفقات الفنادق وتذاكر السفر والشقق واليخوت والطائرات الخاصة والسيارات والحراس الشخصيين.

وكتبت الصحيفة ان "كشف هذا الامر يشكل اول دليل على ان بندر وعائلته افادوا من عمولة سرية دفعتها بي ايه اي" ، واوضح الامير بندر السفير السعودي السابق في واشنطن هذا الاسبوع ان المبالغ التي دفعتها "بي ايه اي" في اطار عقد "اليمامة" لبيع الاسلحة الذي وقع عام 1985 وضعت في حساب الحكومة السعودية وليس في حسابه الشخصي.

ومن دون أن تنفي دفع أكثر من 1.2 مليار جنيه استرليني (2.4 مليار دولار) للامير بندر، اكدت المجموعة البريطانية ان العمليات التي قامت بها قانونية وحظيت بـ"موافقة" الحكومة البريطانية ، وتلقى بندر ايضا طائرة خاصة من طراز "ايرباص ايه 340" كاملة التجهيز .

يذكر أن الدائرة البريطانية لمكافحة التجاوزات المالية كشفت امر هذه المبالغ بعد اتهامات بان عقد بيع الاسلحة لم يخل من فساد ، لكن هذا التحقيق الغي في كانون الاول/ديسمبر 2006 من جانب وزارة العدل البريطانية تحت شعار المصلحة العامة.

وكان جاردنر كشف في تشرين الاول/اكتوبر 2004 للـ"بي بي سي" ان الامير تركي بن ناصر المسؤول عن المفاوضات في الجانب السعودي افاد مع عائلته من اموال "بي ايه اي سيستمز". ومما قاله غادرنر للبي بي سي في تلك الفترة "عام 1989 كان المبلغ يتراوح بين 200 و300 الف جنيه استرليني (سنويا). ثم تحول الامر الى مليون سنويا وسريعا ما ارتفع الى مليونين ثم ثلاثة ليصل الى سبعة ملايين جنيه استرليني سنويا" فيما يتعلق بنفقات سفر.


 

  • Currently 52/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
17 تصويتات / 895 مشاهدة
نشرت فى 15 يوليو 2008 بواسطة areda

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

4,177,678