تعودت كارلا بروني أن تركب السيارة من ناحية اليمين.. ولكن.. بروتوكول صديقها الرئيس الفرنسي ساركوزي طلب منها وهما في الأقصر أن تترك ناحية اليمين وتركب ناحية اليسار.. فقد كانت المرة الأولي التي تستقل فيها سيارة رسمية يخضع الركوب فيها إلي قواعد رئاسية صارمة.

لقد حافظ ساركوزي علي بروتوكول ركوب السيارات واهتم به أكثر من اهتمامه ببروتوكول الشعب المصري الذي يستنكر أن يظهر رجل وعشيقته معا.. علنا.. مهما كان منصبه.. لكن.. الغريب أن الشعب المصري الذي يغضب من صورة في صحيفة أو مشهد في فيلم أو جملة في مقالة لم يعترض هذه المرة.. وتقبل مشايخه علاقة العشق السافر بين أعمدة الكرنك بصدر رحب.. فالفتاوي عندنا حسب المزاج.

كانت السيارة التي يستعملها ساركوزي سيارة مصفحة قدمتها رئاسة الجمهورية في مصر لحمايته كما تفعل عادة مع الشخصيات المهمة، بينما تولت السفارة الفرنسية دفع تكاليف الأمن الخاص الذي جاء مرافقا له من فرنسا.. أما تكاليف الرحلة فكانت من جيب ساركوزي مباشرة. وقبل أن تغادر كارلا الأقصر قالت لسمير فرج رئيس مجلسها الأعلي:"إنها أجمل رحلة قمت بها في حياتي "واقسمت بالله أنها ستعود إلي الأقصر حتي لو اضطرت لأن تأتي وحدها "دون ساركوزي.. هي حرة.

لم يطلب فندق ونتر بالاس منها قسيمة الزواج قبل أن يوافق علي أن تنام في فراش واحد مع البلاي بوي الفرنسي في الجناح الملكي.. وخشيت الصحف القومية أن تتهم الحكومة بالتستر علي علاقة غير شرعية لابد أن تنتهي بكبسة من بوليس الآداب.. فابتعدت عن وصفها -كارلا- بالعشيقة أو الصديقة.. واستراحت لوصفها بكلمة خطيبة الرئيس الفرنسي.. بل إن مؤسسة الأهرام تسترت علي هذه العلاقة وحذفت من إعلان عن صحيفة «الفجر» عنوانا عن العشيقة العارية للرئيس الفرنسي.. مع أن الصحف الفرنسية تنشر أكثر من ذلك.. لكنه.. النفاق القومي الشائع الذي يجعلنا نقبل في السر ما نرفضه في العلن.

في القاهرة ألغي ساركوزي طعام غداء في حديقة الأزهر بعد أن أصيبت كارلا بوعكة صحية بسبب زيارة خانقة لسراديب الأهرام أثرت علي معدتها.. ورفض تناول الطعام بدونها.. منتهي الحب.. وتصرف رومانسي وضع ساكوزي علي أغلفة المجلات الشهيرة في بلاده.. لكننا خشينا نشر الخبر حتي لا نتهم بالحماس للعشق.. وقيل إن سبب رفض الغداء مناقشة الملف السوري اللبناني. لم يشعر ساركوزي بالخجل ولا بالعار من علاقته الخاصة بكارلا وسامحها في كل ما فعلت قبل أن تقع في غرامه.. وكان ما فعلت كثيرا جدا.. يكفي أنها عرفت الناشر الفرنسي جون بول أنتوفين وابنه رافييل في وقت واحد.. والحقيقة أن نسيان الماضي مهما كان مشينا هو عادة فرنسية تبدأ بحكام فرنسا أنفسهم.. فهم يشتهرون بالحب السري بنفس القدر من شهرتهم في الموضة والبارفان والجبن والنبيذ.

قبل وفاته بشهور قليلة أصر الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران علي قضاء الشتاء الأخير له في الجناح الملكي بفندق أولد كتراكت الذي يطل علي أجمل مشهد للنيل والخضرة والصخور والطيور البحرية.. بينما الجبال تبدو من بعيد صامدة.. وحارسة.

كانت معه عشيقته آم بنجو وابنته غير الشرعية منها مازارين وكان واضحا أن السرطان قد تمكن منه فآثر كشف كل ما خفي من حياته قبل أن ينزع غيره الغطاء عنه بعد مماته.. وجاءت إدارة الفندق له بشيزلونج من حمام السباحة ليرقد عليه في شرفة الجناح الخشبية التي تتوسط الدور الثاني.. وقضي معظم إجازته في النوم وهو يمسك بيد ابنته.. ويمسح باليد الأخري علي رأس عشيقته القديمة.

وليست آم بنجو هي العشيقة الوحيدة في حياة ميتران.. فالعشيقة الأكثر شهرة منها هي وزيرة التجارة أديت كرين التي اصبحت فيما بعد رئيسة للحكومة.. ولم يكن ذلك خافيا علي أحد.. ولم يسمع أحد في الوقت نفسه عن أنها اساءت استخدام علاقتها بالرئيس أو استفادت منها.. فالنظم الديمقراطية قادرة علي فرض شفافية مطلقة تفرق بين الحب والسلطة.. بين العواطف والمصالح.. وهو أمر لا نجده في دول أخري تصلي الفجر حاضرا.. ولا يتوقف حديثها عن الوفاء والالتزام.. فنحن حنجرة في حجم تمثال رمسيس وضمير في حجم تمثال حورس.

وربما تبارينا في وصف مثل هؤلاء الحكام بالجرأة والفجور وحمدنا الله علي أننا لم نولد في تلك البلاد التي يبدأ الفسق فيها من أكبر رأس في الدولة.. لكن.. الحقيقة أنهم أكثر شجاعة منا.. فهم لا يخفون ما يفعلون.. ولا يؤمون الناس في المساجد ويعبثون علي حريتهم في القصور تحت حماية أكثر أجهزة الأمن شراسة كما يحدث في كثير من البلاد العربية.. المسلمة.. التقية.. الورعة.. التي تخاف الله عبر الميكروفونات وعلي الفضائيات.

ولابد أن نصدق نزار قباني عندما يقول:"إننا في عصر الزني بالكلمات.. وإن الحاكم العربي لا يريد الكلمة رفيقة أو شريكة أو زوجة.. وإنما يريدها خادمة تغسل له اصابع قدميه بماء الورد والزعفران.. وجارية يقطف ثمار نهديها في الليل.. ويذبحها إذا أطل الصباح علي طريقة شهريار".

إن شهريار ليس خرافة ولا وجها فولوكلوريا.. إنه موجود في خبزنا اليومي وطعامنا وشرابنا وجرائدنا.. وربما خرج لنا من رغوة الصابون.. وبالوعة الحمام.. وشاشة التليفزيون.. إنه ليس فصلا من التاريخ القديم.. بل هو فصل رئيسي من تاريخنا المعاصر.. بل هو كل تاريخنا المعاصر".

وشهريار ليس له وجه واحد.. وإنما عنده مجموعة كاملة من الأقنعة والأثواب التنكرية.. فهو مرة يتجلي لنا بهيئة جبريل.. ومرة بهيئة دراكيولا.. ومرة يكلمنا بصوت ام كلثوم ومرة بصوت أودلف هتلر".

ولكن.. من يروي الحكايات الخفية لشهريار؟.. من يكشف الغطاء عن الغراميات السرية لبعض الحكام العرب؟.. من يقول لنا: إن ليس كل من يبرق ذهبا وليس كل من يقف علي منبر الإمام ورعا؟.

كانت الشمس في تراس فندق أولد كتراكت مغرية للدردشة بيني وبين دبلوماسي مصري أتيح له أن يعاصر العالم كله منذ أكثر من نصف قرن.. عرف ما لم يعرفه غيره من أسرار وخبايا القصور الغربية والعربية.

هو حاكم عربي لا يطيق نفسه ولا يطيق البقاء علي حال واحد جاءت إليه صحفية غربية لتجري معه حوارا فأعجب بها وسعي للانفراد بها ففهمت ما يريد وبشجاعة وصراحة قالت له: إنني لا أجد مانعا في معاشرتك.. فأنت تعجبني.. لكنني أود أن أوضح لك ثلاثة أمور قبل أن ندخل غرفة نومك: واحد ــ أنا أمريكية (ابتسم فرحا).. اثنان ــ أنا يهودية (تضاعفت مساحة ابتسامته).. ثلاثة: أنا صحفية تعودت أن أكتب كل التجارب التي أمر بها.. هنا فقد ابتسامته وأنهي الحوار.

ويبدو أن الصحفيات يثرن شهية الحكام العرب الجنسية فقد وجدت صحفية لبنانية نفسها في مكتب حاكم عربي شهير.. ثم طلب منها أن يكمل الحوار معها في مكان علي شاطئ المياه.. وهناك.. مد يده ليلمسها.. وعندما رفضت ضربها بالقلم.. فأغمي عليها.. وفاقت وهي تشعر بيده تعبث بجسدها.. والغريب أن ذلك الحاكم أقيل فيما بعد.. وتفرغ للعبادة والتصوف والدعوة للدولة الإسلامية.

لكن.. الأكثر جرأة كان ذلك الحاكم العربي الراحل الذي صورته المخابرات المصرية في الستينيات وهو يمارس الجنس وعندما هددته بنشر الصور في صحافة بيروت ابتسم قائلا: ماذا ستقولون؟.. إنني أمارس الجنس مع واحدة من نسائكم؟.. هذا مثار فخر لي ولشعبي.. ولم تنشر الصور.

وهناك شخصية مثيرة للجدل كانت قريبة من رئيس مصري سابق اشتهرت بأنها تستخدم النساء في تسهيل أعماله بدعوي أنها في الوقت نفسه أعمال الدولة.. وكانت له في بداية حياته شقة في منطقة الدقي استخدمها جرسونيرة يلتقي فيها سياسيون عرب كي يسيطر عليهم.. أو يبلغ عنهم رؤساءهم للتخلص منهم إذا لم تكن الاستفادة منهم مجزية.. وعندما تضاعف نفوذه أصبح قادرا علي أن يجند الفنانات للعمل معه.. وكثيرا ما استجابت له فنانة شهيرة أحبها الناس حية وميتة وسافرت إلي بلد ما لتلتقي بحاكمه.. وكانت صور ذلك الحاكم والفنانة دون ملابس علي مكتبه بعد ساعات قليلة من عودتها.

إن الجنس كان ورقة رابحة في يد اجهزة المخابرات.. لكن.. ذلك الشاب العبقري الذي كان مثار جدل لا ينتهي استخدمه لحسابه لتحقيق ثروة قدرت بمليارات ونفوذ لم يجاره فيه أحد.. ووصلت سيطرته علي فنانة ما إلي حد أن جاءها تكليف رسمي بالسفر إلي حاكم عربي لكنها رفضت السفر إلا إذا تلقت التعليمات منه شخصيا.

ليس الهدف من نشر تلك الوقائع أن نشهر بأحد أو نفضح أحدا ربما لا يزال في الحكم وربما غادر الدنيا كلها.. لكن.. الهدف أن نقول: إن رؤساء فرنسا هم أكثر شرفا بما يفعلونه من بعض الحكام العرب الذين يعيشون في نفاق لا يتوقف.. يتحدثون عن الله أمام شعوبهم.. ويعاشرون الشيطان في السر والستر.. وما خفي كان أسوأ وأعظم.

  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 2642 مشاهدة
نشرت فى 12 يناير 2008 بواسطة areda

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

4,179,166