قبل أسابيع حاولت إسرائيل الترويج لقصة أن ايران وسوريا اتفقتا علي شراء صواريخ الدفاع الجوي الروسية من طراز بانتسير التي يمكنها تهديد الطائرات والصواريخ الاسرائيلية والأمريكية في حال تعرضهما لأي هجوم منهما‏,‏ وقالت المصادر الاسرائيلية إن قيمة الصفقة ستدفعها ايران نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها سوريا‏,‏ وإن جزءا من الصفقة سيجد طريقه إلي طهران بعد وصوله لسوريا حتي لاتتعرض روسيا للانتقاد من جانب أمريكا مع ظروف رفض طهران لكل إغراءات التخلي عن برنامجها النووي‏.‏ وقد سبق للرئيس الروسي بوتين أن أعلن عن أن هذه الصواريخ لايمكن أن تشكل خطرا علي إسرائيل لأنها صواريخ دفاعية‏.‏

وسط هذه الأجواء مع حالة التوتر السائدة في الجولان فوجئ الجميع بالغارة الوهمية الاسرائيلية علي سوريا‏,‏ حيث دخلت الطائرات الاسرائيلية إلي الأجواء السورية من البحر المتوسط ويقال عن طريق تركيا‏,‏ وقامت باستطلاع أنظمة الدفاع الجوي السورية وبصفة خاصة النظام الجديد بانتسير الذي تم نشره في سوريا قبل عدة أسابيع فقط‏,‏ وربما كان الهدف الاسرائيلي هو الوقوف علي مدي رد فعل هذه الصواريخ إزاء أي هجوم يمكن أن تقوم به اسرائيل مستقبلا علي سوريا‏.‏ وعملية الاستطلاع هذه مهمة جدا لأي قوات جوية يمكن أن تواجه نظاما قويا للدفاع الجوي في دولة أخري‏.‏ فبمجرد ظهور الطائرات في سماء الدولة العدو تبدأ أنظمة الدفاع الجوي في إرسال نبضاتها الرادارية لرصد هذه الأهداف والتعامل معها واسقاطها‏,‏ وخلال هذه الفترة القصيرة يمكن للطائرات رصد ترددات الرادارات الخاصة بأنظمة الدفاع الجوي المعادية‏,‏ الأمر الذي يساعد علي تدميرها بسهولة خلال عمليات القذف الجوي اللاحقة‏.‏ كما أن دراسة ترددات هذه الرادارات يمكن الطائرات من معرفة أفضل السبل للتشويش عليها‏.‏ وعلي سبيل المثال يمكن للطائرات الاسرائيلية إذا ما نجحت في معرفة الترددات التي تعمل عليها أنظمة الدفاع الجوي السورية أن تشوش عليها وتجعل الشاشات التي تظهر عليها الطائرات الاسرائيلية بيضاء أي لاتظهر عليها أي أهداف‏,‏ وهنا تصاب أنظمة الدفاع الجوي بـ العمي أي تصبح عديمة الجدوي لتعربد الطائرات في السماوات كما تريد وتضرب كيفما تشاء وكل ما تشاء‏.‏

من هنا يمكن أن نفهم الهدف من الانتهاك الاسرائيلي للأجواء السورية‏,‏ وهو ببساطة من أجل التعرف علي امكانيات الصواريخ الجديدة التي حصلت عليها سوريا في الرد علي أي هجوم جوي إسرائيلي متوقع‏.‏

إلا أن إسرائيل كعادتها دائما حاولت الاستفادة من هذا الحادث علي أكثر من صعيد‏:‏
صواريخ بانتسير السورية
*‏ أولا‏:‏ ادعت ــ في إطار حربها النفسية طبعا ــ أن الطائرات الاسرائيلية دخلت الأجواء السورية عن طريق غير متوقع ــ وهو البحر المتوسط ــ الأمر الذي شكل مفاجأة للقوات السورية التي استفاقت بعد ذلك وبدأت في التعامل بواسطة الدفاع الجوي مع الطائرات المعادية‏,‏ وكان بوسع هذه الطائرات تدمير مواقع الصواريخ السورية‏,‏ إلا أنها اضطرت إلي التخلص من حمولتها من الذخيرة وخزانات الوقود والعودة مرة أخري إلي إسرائيل بعد أن رصدتها أنظمة الدفاع الجوي السورية‏.‏

*‏ ثانيا‏:‏ أوعزت إلي بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية والأجنبية إلي التشكيك في قدرة الصواريخ السورية الحديثة التي حصلت عليها من روسيا مؤخرا علي حماية الأجواء السورية والايرانية‏,‏ وفي ذلك ذهبت إحدي الصحف التي نسمع عنها لأول مرة وهي صحيفة السنارة التي وصفت بأنها عربية إسرائيلية إلي القول بأن المقاتلات الاسرائيلية قصفت قواعد صواريخ سورية ايرانية مشتركة في شمال سوريا ودمرتها كلية‏(‏ علي مايبدو‏)‏ وأن ايران هي التي تمول هذه القواعد‏.‏

*‏ ثالثا‏:‏ تقول إسرائيل هذا في الوقت الذي كانت قد أعلنت فيه عند بداية إعلان سوريا عن الانتهاك الاسرائيلي لأجوائها بأن هذه الواقعة لم تحدث وأنه يبدو أن سوريا تحاول رفع درجة الحرارة علي جبهة الجوان التي هي مرتفعة أصلا من خلال إختلاقها قصة الاختراق الاسرائيلي لأجوائها‏,‏ وأن دمشق فبركت هذه الحجة أو الذريعة لكي تقوم بهجوم ضد أهداف اسرائيلية في الجولان‏,‏ أو تقوم بذلك عن طريق حلفائها بشكل غير مباشر‏!‏

*‏ رابعا‏:‏ ان هذا النفي الاسرائيلي للواقعة أساسا يعني أن الهدف الذي أراده العسكريون الاسرائيليون من الغارة الوهمية لم يتحقق‏,‏ ولذلك‏,‏ ولم يجدوا أمامهم سوي الترويج في اطار الحرب النفسية إلي تفوق وقدرة الطيارين الاسرائيليين المذهلة علي العودة إلي قواعدهم دون أي اصابات‏.‏ والغريب أن الرواية الجديدة لاسرائيل عن الواقعة تحدثت عن أن هؤلاء الطيارين الاسرائيليين كانوا محظوظين في عودتهم سالمين بعد أن أمضوا في الأجواء السورية مدة اقتضت منهم التحليق علي أكثر من ارتفاع لتجنب أنظمة الدفاع الجوي السورية‏,‏ الطيارون أعترفوا أيضا أن الأجهزة الموجودة علي طائراتهم حذرتهم من أنهم مرصودون من جانب أقوي نظام للدفاع الجوي في العالم بانتسير الأمر الذي دفعهم الي التخلص من حمولتهم والعودة مرة أخري إلي اسرائيل‏.‏

*‏ خامسا‏:‏ ادعت اسرائيل بعد الغارة الوهمية أن خبراءها العسكريين يؤكدون فشل صواريخ‏(‏ بانتسير‏)‏ الحديثة الروسية في حماية المجال الجوي السوري والايراني من أي عمليات تطفلية أو هجومية تقوم بها الطائرات الاسرائيلية أو الأمريكية مستقبلا‏.‏ وأن المعلومات التي حصلت عليها اسرائيل من الغارة مهمة وحيوية جدا بالنسبة للحسابات الأمريكية في حال قيام واشنطن بهجوم علي البرنامج النووي الايراني‏,‏ وشككت اسرائيل فيما هو معروف عن صواريخ بانتسير بحصانتها المطلقة ضد عمليات التشويش من جانب الطائرات المعادية وكان المهندسون والعلماء الروس الذين قاموا بتصنيع نظام الدفاع الجوي هذا قد أعلنوا عن امكانياته المتفوقة وقدرته علي مواجهة الاجراءات والقدرات الالكترونية المتطورة لطائرات القتال الحديثة‏.‏ بالطبع لا يمكن أن ينطلي هذا الكلام من جانب اسرائيل علي أحد‏,‏ فالمعروف أن صواريخ الدفاع الجوي الروسية كان لها دائما باع طويل في حماية أجواء الدول التي اشترتها‏,‏ وأشهر حائط صاروخي في العالم هو حائط الصواريخ المصري الذي أسقط الطائرات الاسرائيلية كالذباب خلال حربي الاستنزاف وأكتوبر‏.‏ وصواريخ‏(‏ بانتسير‏)‏ متطورة ثلاثين سنة عن صواريخ هذا الحائط وهي نتاج لتكنولوجيا متفوقة تغلبت علي القدرات الاليكترونية التشويشية لطائرات القتال الحديثة‏.‏ وتعالوا نري ما قالته احدي الدوريات الاسرائيلية‏(‏ ديبكافايل‏)‏ عن ميزات هذه الصواريخ التي يشككون هم في قدراتها‏..‏ يقول الموقع علي الانترنت أن نظام الدفاع الجوي بانتسير إس‏1‏ مزود بصواريخ ومدفعية قصيرة المدي وهو ذاتي الحركة أي يعمل علي مركبات مدرعة ويحتوي علي مدفعية مضادة للطائرات عيار‏30‏ مم بالاضافة إلي‏12‏ صاروخا أرض ـ جو يمكن اطلاقها أثناء التحرك ويمكن لهذه الصواريخ الاشتباك مع هدفين مختلفين في وقت واحد والتعامل مع‏12‏ هدفا في الدقيقة الواحدة‏,‏ كما يمكنها اصابة وإسقاط الطائرات المقاتلة وطائرات الهليكوبتر والصواريخ الباليستية وصواريخ كرود والذخائر الدقيقة الذكية والطائرات بدون طيار‏,‏ كما يمكنها الاشتباك مع الأهداف الأرضية المدرعة الخفيفة‏.‏

ويعترف الاسرائيليون بأن هذه الصواريخ هي الأفضل لحماية المنشآت العسكرية الرئيسية والصناعية الحيوية‏,‏ وبامكانها تقديم المعاونة للوحدات العسكرية خلال العمليات الجوية والبرية‏,‏ ولأن نظام بانتسير هذا يجمع بين المدفعية والصواريخ المضادة للأهداف الجوية فانه يعد أكثر نظم الدفاع الجوي تقدما في العالم‏.‏

ويضيفون أن سوريا وايران تعتقدان ان بوسع هذه الصواريخ التصدي لأي هجوم جوي أو صاروخي تقوم به أمريكا وإسرائيل‏,‏ وأن سوريا اختارت مدينة حماة لنشر هذه الصواريخ لأنها تقع عند ملتقي الحدود السورية الاردنية الاسرائيلية ولذلك فباستطاعتها رصد كل الطائرات الاسرائيلية التي تنطلق من القواعد الجوية شمالي اسرائيل‏.‏

كل هذه الدلائل تؤكد أن الغارة الاسرائيلية لم تحقق هدفها وأن اسرائيل تحاول التشكيك في قدرة الصواريخ السورية الجديدة بعد أن اكتشفت طائراتها كفاءة الدفاع الجوي السوري الذي اضطرها للهرب والعودة من حيث أتت

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 2151 مشاهدة
نشرت فى 17 سبتمبر 2007 بواسطة areda

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

4,177,359