عندما فشل رئيس الوزراء «شينزو آبي» في إدارة شؤون البلاد.. وفي وقف سلسلة الفضائح التي تورط فيها عدد من الوزراء وكبار المسؤولين في الحكومة.. وفي تنفيذ خطه الإصلاحي.. وعندما انخفضت شعبيته إلي ٣٠%، لم ينكر هذا الفشل، ولم يقاوم ولم يدع العكس، ولم يقل إن شعبيته زادت، وأنه المسؤول الذي كشف الفساد وقاومه.. بدليل سقوط هذا العدد الكبير من وزراء حكومته.. ولم يقل إنه يستحق وساماً علي هذا الإنجاز الكبير، كما لم يدع بأن الفساد موجود في جميع دول العالم، وتعرفه جميع الحكومات.. وهو ليس مقصوراً علي اليابان فقط، وأن معدله في اليابان أقل من كثير من دول العالم.

ولم يقل «شينزو آبي» شيئاً من ذلك.. بل اعترف بفشله.. وعقد مؤتمراً صحفياً أعلن فيه تقديم استقالته من منصبه.. ودعا الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم إلي البحث عن قيادة جديدة تتولي المسؤولية بعده.. وإنقاذ الحزب من الانهيار، الذي لحق به في الانتخابات الأخيرة.

هذا رئيس وزراء عنده دم.. وعنده حس سياسي كبير.. ويقدر المسؤولية حق قدرها.. لأنه فضل الانزواء والابتعاد عن الأضواء.. وفضل حرق نفسه.. علي أن يحرق دم الشعب الياباني بالجلوس علي قلبه.

لم يحول «شينزو» اتفاقاته وفشله إلي إنجازات وهمية، ولم يدع الصحافة ووسائل الإعلام اليابانية إلي التمجيد به، والتسبيح به.. فليس هو الرئيس الواحد الأحد.. الذي إذا أصابته شائعة.. اهتز لها الاقتصاد الياباني كله وسقطت البورصة.

متي يعترف مسؤول واحد عندنا بأنه فاشل وبأنه كذاب.. وبأنه أخفق في عمله، وبأنه يتحمل المسؤولية عن الفساد في وزارته.. وبعجزه عن الإصلاح؟ متي يعترف مسؤول في الحزب الوطني، بأن الحزب الوطني فشل في إدارة شؤون البلاد.. عبر مسيرة ٣٠ عاماً، وأن يحكم بالقهر والاستبداد وتزوير الانتخابات.. وأنه العقبة أمام أي إصلاح ديمقراطي حقيقي.. وأن قيادات الحزب تكذب عندما تعلن عن رغبتها في تداول السلطة بين القوي السياسية.. وأن يعترف بأن مفهوم تلك القيادات للعمل السياسي والديمقراطي، هو أن يبقي الحزب الوطني في السلطة أبد الدهر.

ومتي تعترف أحزاب المعارضة هي الأخري، بأنها تفتقد الديمقراطية بداخلها.. وأن الكثير منها لا يقل سوءاً عن الحزب الوطني.. وأنها أحزاب ورقية.. بلا قيمة.. وبلا تأثير وعاجزة عن حشد الجماهير معها.. وأن تتحمل المسؤولية عن هذا الفشل.. وليس الحزب الوطني.

نريد أن نسمع، ولو مرة واحدة علي سبيل الخطأ،أن مسؤولاً في الحكومة أو في الحزب الوطني أو في المعارضة قدم استقالته من منصبه.. لأن ضميره لا يسمح له بالاستمرار في موقعه.. بالرغم من الفشل الذي تسبب فيه.

هل الفرق بين مسؤولينا والمسؤولين في اليابان.. أن مسؤولينا ناجحون، وفي اليابان فاشلون.. ولهذا فهم يعترفون بفشلهم.. بينما نحن - كما خبرنا الحكم الصادر ضد الزملاء الأربعة بالحبس سنة - يجب أن نشيد بمسؤولينا وبإنجازاتهم في الحزب الوطني.. وأن نحمد الله أن قبلوا أن يحكمونا.

<< أعتقد أن هذا هو أفضل توقيت لفضح سياسات الحزب الوطني.. وتجريسه وشرشحته في الداخل والخارج، قبل عقد مؤتمره السنوي المقبل.. فهذا الحزب منح كل محام عضواً به.. توكيلاً لحبس الصحفيين والمواطنين علي حد سواء.. لكل من يعترض علي سياسات الحزب أو ينتقد رموزه.

هل هناك فرصة أفضل من ذلك؟ ولا مشكلة في أن يرتفع عدد الصحفيين من أربعة إلي عشرة.. ثم من عشرة إلي عشرين.


  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 1228 مشاهدة
نشرت فى 17 سبتمبر 2007 بواسطة areda

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

4,178,042