كلمـــات جـــــريئــــة
أزمة البحث العلمي في مصر‏!‏

أشعر بالأسي والألم وأنا أري عقل مصر العلمي وهو أكاديمية البحث العلمي يتحول من مؤسسة علمية إلي إدارة للمستخدمين‏..‏

الكلمات السابقة قالها قبل أيام الدكتور إبراهيم بدران‏..‏ في لقاء موسع لتكريم عالم مصري محترم هو الدكتور محمد غنيم مؤسس مركز المنصورة للمسالك والكلي وكانت نبرات الدكتور إبراهيم بدران مشحونة بالمرارة وهو يتحسر علي حال أكاديمية البحث العلمي منذرا بما يتهددها من خطر‏..‏ وعلي نفس الشعور بالخطر الذي يهدد البحث العلمي أقدم هذه الرسالة من الدكتورة تهاني أحمد الزيني الأستاذ غير المتفرغ بقسم الكمياء بالمركز القومي للبحوث وأقدم عضو في هيئة البحوث والتي اختارت كما تقول أن تقعد في البيت‏..‏ بعد ما جري في المركز وهو أمر يستحق تدخل أي مسئول لتصحيحه‏..‏ فلا يجوز أن نتعامل مع العلماء بهذه البساطة والاستخفاف‏..‏

تقول الدكتورة نهي الزيني في رسالتها تعقيبا علي ما يوصف بأنه أحدث وأعظم تطوير للبحث العلمي في المركز إنه علي الرغم من أن تخصص الهندسة الوراثية لا وجود له بالمرة في المركز إلا أن إدارة المركز العظيمة الصادقة قامت بوضع لافتة نحاسية براقة وكبيرة وجميلة كتب عليها‏'‏ شعبة الهندسة الوراثية والبيوتكنولوجي‏'(‏ الشعبة بالمركز تناظر الكلية بالجامعة‏)‏ علي باب مبني مكون من‏7‏ أدوار‏(‏ خصص لهذا التخصص‏)‏ ونقل إلي هذا المبني‏(‏ علي أنهم علماء هندسة وراثية‏)9‏ أقسام مختلفة تضم حوالي‏500‏ عضو هيئة بحوث لا أحد منهم ينتمي علميا لعلم الهندسة الوراثية أو يعمل بها أو له بحث منشور فيها‏.‏

ومن المعامل التي تم نقلها بالأمر وبالقوة معملي الذي أسسته وأعمل به منذ سنة‏1956‏ والذي يتبع قسم كيمياء الكائنات الدقيقة وتم تنفيذ نقل معملي إلي مبني الضلال والتزييف هذا بالرغم من مكاتباتي لحكام المركز وللوزير المسئول علي مدي العامين الماضيين إلا أنني لم أتلق أي رد ولو حتي ليقول أني من الكاذبين الجاهلين وممن لا يعلمون إلي أي تخصص هم ينتمون وأنهم هم العالمون الفاهمون المنزهون الآمرون المطاعون‏.‏ وانتهي الأمر إلي إبطال الحق وإحقاق الباطل ولو كره الصادقون والله المستعان علي ما يصفون‏.‏

وتضيف‏:‏ إنه علي الرغم من استحالة تغيير تخصصات كثير من الشعب المختلفة علميا بين يوم وليلة إلا أن الإدارة قامت فجأة بوضع لافتات جديدة للشعب أضافت إليها جميعها كلمة الصناعات‏,‏ فمثلا شعبة‏'‏ بحوث العلوم الصيدلية‏'‏ أصبح اسمها شعبة‏'‏ بحوث الصناعات الصيدلية‏'‏ وشعبة‏'‏ بحوث الكيمياء العضوية‏'‏ أصبحت شعبة‏'‏ بحوث الصناعات الكيميائية‏'...‏ وهكذا امتلأ المركز بلافتات الصناعات حتي يتعرف علماء المركز علي صناعاتهم الحديثة وحتي يتفرج المتفرجون ويسعد المطورون‏.‏

وعلي الرغم من أنه لا أحمد زويل ولا غيره من علماء نوبل حصلوا علي هذه الجائزة لأنهم كانوا يعملون في أماكن مكتوب علي بابها الطريق إلي نوبل أو مشروع نوبل إلا أن إدارة المركز ذات الرؤية المستقبلية الثاقبة رأت أن تضع لافتة كبيرة تحمل هذا العنوان علي باب إحدي طرقات المركز بعد إخلائه تماما من شاغليه ووضع علماء نوبل فيه‏.‏

والسؤال في أي تخصص سنحصل علي نوبل بعد كل هذا؟ أعتقد أنها لن تكون إلا في تزييف التخصصات‏..‏

وأخيرا إذا كان هذا كله يحدث لأننا لا ندري ما هي تخصصاتنا وما هي حقيقتنا فتلك مصيبة وإن كنا ندري ونزيفها‏,‏ فالمصيبة أعظم لأنه في الحالة الأولي تكون المصيبة في العلم وحده أما في الثانية فتكون في الأخلاق‏..‏ وإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا‏.‏

انتهت رسالة أستاذة هي الأقدم في هيئة البحوث وأظن أن وصول أستاذة بهذا التاريخ إلي هذه الحالة من الإحباط واليأس معناه أن البحث العلمي في أزمة وأظن أن الدكتور هاني هلال وزير البحث العلمي لن يترك ما تقوله دون تدقيق ودون انصاف‏!.‏

ولكن يبقي أن القضية ليست فقط قضية أستاذة باحثة لها مثل هذا التاريخ في هيئة البحوث ـ مع كل التقدير ـ ولكنها في صورتها الشاملة قضية النظرة التي تتعامل بها الأجهزة المسئولة عن البحث العلمي والباحثين‏,‏ وهي نظرة تهتم بالشكل والمسميات بالدرجة الأولي ولا تعطي شيئا من الاهتمام لجوهر البحث العلمي‏..‏ أصبح لدينا والحمد لله عشرات المباني التي تحمل أسماء بحثية فخمة‏,‏ بدءا من الأكاديمية إلي المراكز القومية والهيئات العليا ولكن هل الناتج العلمي لهذه الهيئات يتساوي مع فخامة المسميات؟‏!‏ فمن الجميل أن ننشئ إدارة مهمتها تجهيز كام عالم لزوم الحصول علي جائزة نوبل ولكن الأجمل هو أن نعترف ـ ولو بيننا وبين بعض ـ أن مستوي البحث العلمي في مصر يؤهله لجائزة نوفل‏!!‏
     
  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 1250 مشاهدة
نشرت فى 12 سبتمبر 2007 بواسطة areda

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

4,178,065