|
وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا' عقوق الوالدين وضربهما من أبناء آخر زمن |
| حادث مروع نشرته الصحف الأسبوع الماضي لوالدين لا صلة تربطهما، رجل في السبعين وامرأة في السابعة والستين، القاسم المشترك الوحيد بينهما هو عقوق الأبناء والباب المغلق علي الأحزان وانشغال الجيران عن بعضهم البعض.. هكذا فاحت رائحة العفن وهكذا أبلغ الجيران الشرطة بعد أن نسي الأبناء والديهم لأسبوع كامل. |
|
إنه العقوق الذي يفضح فسادا جديدا علي مجتمعنا يتجرع بسببه الآباء آلام الوحدة وأمراض الاكتئاب والذي لا يقتصر علي هجر الآباء وإنما يمتد إلي قضايا حجر تشكل عقوقا أكبر وأقسي وهو ما أكدته دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، حيث تم رصد ألفي قضية حجر رفعها أبناء ضد آبائهم خلال عام 2003 في مدينة القاهرة وحدها إضافة إلي أكثر من ألف دعوي أخري تم التنازل عنها في مراحل التقاضي الأولي وهذه النسبة ارتفعت ثلاثة أضعاف عن مثيلاتها من قبل وأن أكثر من 90٪ من هذه الدعاوي كيدة حكم فيه لصالح الآباء. د. 'فادية أبو شهبة' أستاذ القانون الجنائي تري أن حق الآباء علي أبنائهم أن يجدوا الرعاية الصحية والنفسية والمادية، وليس المادية فقط وقد تابعت د. 'فادية' ضمن دراسة لها عن العنف الأسري البلاغات المقدمة في أقسام المطرية وروض الفرج والبساتين وقصر النيل لفترة محددة، فكان ضمن البلاغات ضرب الابن لابيه وطرده من الشقة أو سرقة مصاغ الأم أو النقود بالاكراه وهي بلاغات معظمها من الطبقة المتوسطة أو الفقيرة وهو ما لا يعني أن الطبقة الغنية بعيدة عن هذه الجرائم، وإنما يعني أنه لا توجد معلومات دقيقة عن هذه الطبقة لتسترها علي الأبناء. وتضيف د. 'فادية' أن عقوق الأبناء قد يكون سببه الادمان أو رفاق السوء أو مشاكل سلوكية وتعتبر أن المشكلة الكبري أن الأسرة المصرية لم تعد هي مؤسسة التنشئة الوحيدة للطفل، حيث تشاركها وبقوة وسائل الإعلام والنوادي والأصدقاء وفي بعض الطبقات نجد 'الشغالة' كما تعتبر أن خروج المرأة للعمل وعدم تنظيم وقتها بما يضمن متابعة وتربية الأولاد لغرس القيم الأخلاقية والدينية والمتابعة سبب في هذا العقوق المستقبلي. ويؤكد د. 'عبدالمهدي عبدالقادر' أستاذ الحديث بجامعة الأزهر أن الابن العاق يرتكب كبيرة من أكبر الكبائر لقول رسول الله- صلي الله عليه وسلم- 'ألا أنبئكم بأكبر الكبائر' والتي كان بينها عقوق الوالدين، وفي حديث آخر: 'أن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قيل يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال يسب أبا الرجل فيسب الرجل أباه ويسب أمه فيسب الرجل أمه'. ويؤكد د. 'عبدالمهدي' أن نفقة الوالد في مال الولد قبل نفقة الرجل في مال نفسه أو علي أهله.. ولعلنا نعرف جميعا قصة الرجل الذي حمل أمه فرسخين '11 كيلو مترا' في رمضاء والرمضاء هي 'التراب الساخن' لو ألقيت فيها قطعة اللحم لنضجت فقال لرسول الله -صلي الله عليه وسلم- هل أديت حقها؟ فقال الرسول -صلي الله عليه وسلم- لعله بطلقة 'أي طلقة من طلق الولادة'. ومن المعروف أن بر الوالدين يترتب عليه بر الأبناء والعكس صحيح 'بروا آباءكم تبركم أبناؤكم'، كما أن المولي -عز وجل- عندما أمرنا 'وبالوالدين احسانا' لم يكن هذا الأمر من فراغ وإنما لعلمه سبحانه بقدرهما وبجاحتهما إلي الاحسان عند الكبر، كما أن هذه الآية دليل علي أن الاحسان يكون دائما مطلوبا من الأولاد لأنهم ينسون وقد يسيء بعضهم، أما الآباء فالأصل أنهم لا يقسون علي أبنائهم ولا يقدمون لهم إلا الخير. ويؤكد د. 'عبدالمهدي' أن من العقوق أن يترك الأولاد آباءهم دون زيارة أو تواجد بشكل منتظم معهم لمساعدتهم علي أسباب الحياة فهذا التواجد حق شرعي للآباء وربما يساعد علي الاستقرار النفسي وتقوية صحتهم ومعالجتهم من كثير من الأمراض التي قد تصيبهم بسبب الوحدة والعزلة. ويوجه د. عبدالمهدي في نهاية حديثه نداء إلي كل الأبناء: لا تكتفوا بالاتصال الهاتفي.. صلوهم عن قرب فتلك هي الرحمة والمحبة وتقوي الله. محمد عريضه |
ساحة النقاش