الحمد والشكر لله.. أن الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب يستطيع الآن أن ينام الليل، بعد الصياغة العبقرية التي توصل إليها للمادة ١٧٩ من الدستور، التي انضبطت علي حد تعبيره.. والتي حققت التوازن ما بين حريات المواطنين وعدم الاعتداء عليها وبين أمن الوطن.

لقد قضي، يا حبة عيني، الدكتور سرور أياماً أسود من قرن الخروب.. كان يجافيه فيها النوم بسبب هذه المادة اللعينة.. وقد شوهد سيادته يحوم حول مسجد السيدة زينب وحول مقامها الطاهر.. ينادي بصوت مرتفع: يا طاهرة يا شريفة.. يا أم العواجز.. أنا في عيني النوم..

لكن «سهران ما بنامشي»! حزناً وكمداً علي المادة ١٧٩، كما شوهد وهو يرفع يديه إلي السماء في خشوع وابتهال إلي الله.. يطلب مساعدة وشفاعة الطاهرة وآل البيت أن ينجيه من هذا الكرب وأن ينقذه من هذا الموقف الذي لا يحسد عليه.

ثم فجأة وفي إحدي ليالي الشتاء القارسة.. صرخ الدكتور سرور بأعلي صوته، علي طريقة أرشميدس: «وجدتُها».

أرشميدس اخترع قانون الطفو.. وفتحي سرور استطاع أن يضبط المادة ١٧٩.

وقد علق ناقد فني كبير، بأن الفنانة نجاة غنت «سهران ما بينامشي» للدكتور سرور.. اعترافاً له بالجميل وتقديراً من الشعب المصري للجهد الذي بذله، والليالي التي سهرها، والأرق الذي صاحبه فيها.

أما معجزة الانضباط التي تحققت علي يدي الدكتور سرور في هذه المادة.. فهي أن السلطات الكبيرة الممنوحة لأجهزة الأمن في تلك المادة - قبل انضباطها، والتي كانت تلغي الحقوق والضمانات المتعلقة بحريات المواطنين في المواد ٤١ و٤٤ و٤٥ من الدستور، والتي لم تكن تسمح بتفتيش منازل المواطنين والتنصت علي تليفوناتهم ومراقبة رسائلهم وإلقاء القبض عليهم إلا بإذن من القاضي - أصبحت تحت رقابة القضاء ورقابة مجلس الشعب.

والذي يقوله رئيس مجلس الشعب ليس بجديد.. فحتي تلك السلطات الممنوحة لأجهزة الأمن في ظل قانون الطوارئ، تخضع لسلطة القضاء والبرلمان.

والدكتور سرور بحكم موقعه البرلماني الرفيع.. يعلم أن المحاكم أصدرت العشرات والمئات من الأحكام القضائية ببطلان قرارات الاعتقال التي تصدرها وزارة الداخلية، وطالبت بالإفراج الفوري عنهم.. ولم تنفذ تلك الأحكام ولو لساعة واحدة.

فأين رقابة القضاء؟ بل أين رقابة البرلمان؟ فلم يحدث أن نوقشت قضية الطوارئ أو التعذيب في السجون أو عدم احترام أحكام القضاء تحت قبة البرلمان.. وكان للنواب قرار حاسم بشأنها.. ولم يمارسوا دورهم في الرقابة علي تلك الانتهاكات.. وكانوا في كل مرة يصوتون لصالح تلك الانتهاكات ولصالح عدم تنفيذ أحكام القضاء ولصالح الطوارئ.. علي زعم أنه لا توجد انتهاكات ولا توجد مخالفات.

هل يستطيع الدكتور سرور بما له من سلطة ونفوذ أن يعلن أعداد المعتقلين في السجون المصرية؟ أراهن أنه لا يعرف! وإذا طلب عددهم، فلن يحصل علي إجابة.. فأين هي هذه الرقابة المزعومة؟!

لقد ارتاح ضمير الدكتور سرور وأصبح ينام الليل.. بينما الشعب ضميره غير مرتاح.. وسهران ما بينامشي.. خوفاً من عودة زوار الفجر في أزهي عصور الحرية والديمقراطية.


م/محمد عريضه

  • Currently 90/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 1600 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2007 بواسطة areda

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

4,177,616