الزواج الثاني ··

 فرصة ضائعة أم حلم اضطراري ؟!



سؤال يطرحه الواقع :

- التنازلات كلمة السر في إنجاح التجربة ·

- الزواج الثاني ·· تجربة مريرة بالنسبة للمرأة التي أجبرتها ظروف انفصالها عن زوجها الأول أن تلجأ لها ، خاصة في ظل هذا المجتمع الشرقي ، الذي يعظم من شأن الرجال ، ويعلي من شأن الثقافة الرجولية ، وكثيراً ما ينصب المحاكم لكل إمرأة تركت زوجها وطلبت منه الطلاق تلك المحاكم الاجتماعية التي تنتهي في الغالب والأعم بإدانة هذه المرأة مهما كانت دوافع طلب الطلاق ، وهذا بدوره ينعكس علي النظرة الاجتماعية للمطلقة علي أنها مذنب بحرم مطلقة ·· لا يقدم علي الزواج منها إلا فئات ذات صفات خاصة بالمجتمع ، الأمر الذي يجعل المرأة تفكر طويلاً قبل اتمام هذه الزيجة الثانية خوفاً من تكرار تجارب الفشل ، ورغبة في العيش في هدوء واستقرار بعيداً عن ظلم الرجل واستبداده ·
سلوكيات اجتماعية لا أساس لها في الدين ولا أصل لها في علوم العمران والصحة النفسية فالمعروف أن الزواج عقد بين رجل وإمرأة في حال فشله يمكن اللجوء إلي الطلاق ، وهنا يكون من حق المرأة أن تتزوج ثانية من رجل آخر ، ربما يكون أكثر توافقاً معها عن سابقه الذي فشلت الحياة معه ، ولكن لاستمرار الزيجة الثانية ناجحة مثمرة مستقرة ، فلابد من حرص المرأة علي ذلك من خلال الاختيار القويم ، والتعاون المثمر ، والتنازلات التي لا تهين صاحبها، تلك السلوكيات التي تحاول "وكالة الصحافة العربية " الوقوف عليها من خلال استطلاع آراء الخبراء · 
ويقال : إن الزواج الثاني يعتبر تجربة تجديد في حياة المرأة ، فبعد تجربة انفصال وطلاق قد يحتوي علي أطفال يعتبر الزواج الثاني فرصة لإعادة الحياة مرة أخري لمجراها الطبيعي ، بعيداً عن مخلفات الحرب السابقة ، والمرأة العاقلة فقط هي من تستطيع أن تستفيد من هذه الفرصة الثانية تمام الاستفادة ، ولتديرها بكل مهارة مستفيدة من تجارب الماضي لتجنب أي إحباط جديد أو فشل قد يكون الأخير ، فكل امرأة وإن لم يحالفها الحظ مع الزواج الأول تأتي بخلفية غير موفقة عن الزواج عامة ، مع البعد تماماً عن فكرة استكمال الحياة مع رفيق آخر ، متأثرة بالتجربة الأولي ، وما حدث فيها ·
ليس عيباً !
ونري أن هذا الاعتقاد من الأمور التي يجب التأكيد علي خطأها ، نظراً لأنه لا يناسب عصر تغيرت فيه نظرة المجتمع كلية عن المرأة ، فلم يعد الطلاق يعيب المرأة الشرقية ولم يعد الزواج الثاني أضطرار إجتماعياً كما يسميه البعض ، بل تحول فقط من طريق لآخر ، لكن كليهما في الحياة سواء ، ولعل الذكريات السيئة من الزيجة الأولي تكون أداة بناء للزيجة الجديدة وعامل مهم من عوامل نجاحها ، والعاقل هو من يستفيد من تجارب الماضي واضعاً إياها أمام عينيه حتي لا يكرر حوادث الماضي ، ويتجنب سيئاته وما حدث به وأدي للطلاق ، وعلي المرأة التي توضع في هذا الوضع أن تتعلم جيداً كيف تخرج من ذكريات الماضي مستفيدة وليس مجني عليها ، ولتعتبر الزواج الثاني فرصة جديدة لإدارة عجلة حياتها بعيداً عن مشكلات الماضي وذكرياته ، ولتبدأها كفرصة لتجديد الحياة من كل قديم في محاولة لتأسيس بيت جديد وحياة جديدة ، قد تكون بها بعض التنازلات لكنها بها العديد من التجديدات ·
ونوضح أن الطلاق أو الزواج الثاني ليس وصمة عار أو نقطة سوداء في تاريخ المرأة الشرقية ، بل هو احتمال يواجه جميع نساء الأرض لكن العاقلة فقط من تستطيع إدارته كفرصة ثانية تجدد بها حياتها من جديد وتستفيد من تجارب الماضي ·
مقارنات سلبية 
ونشير إلي أن التأثير السلبي للزيجة الأولي للمرأة ينطلق أولاً من حالتها النفسية والثقافية ، من حيث استيعابها لسلبيات التجربة الأولي وأسباب فشلها ومدي قدرتها علي الاستفادة من هذه التجربة ، وتهيئة الظروف المناسبة النفسية والاجتماعية لإنجاح تجربة الزواج الثاني ، بحيث لا تعتمد علي مقارنات سلبية بين الزيجة الأولي والثانية ، تكون نتيجتها تحطيم الطرف الآخر من العلاقة ، ولتعطي المرأة لنفسها فرصة لاستيعاب شخصية الزوج الثاني بعيداً عن ترسبات الماضي والزوج الأول حتي لا تضعه في مقارنة ظالمة يخسر فيها الطرفان ، ولتعطي لنفسها متسعاً من الوقت كي تتوافق مع الشريك الجديد وتألفهه ، ولتضع أمام ناظرها ضرورة تجاوز السلبيات البسيطة وبعض التنازلات غير المضرة حتي لا تتفاقم لمشاكل الصغيرة بانفجار للزيجة كاملة ·
وننصح المرأة التي تضطر لأن تعيش هذه الظروف بأن تسعي جاهدة لكي توفر فرص حقيقية لإنجاح هذا الزواج ، فإخفاق الزيجة الأولي بلا شك يولد قدراً هائلاً من الخوف والقلق من احتمالات تعرض التجربة الثانية لنفس الاخفاق مرة أخري ، مما يجعل عملية الفصل بين التجربتين مسألة صعبة علياً ومما يلفت الانتباه أن أحتمال فشل الزواج الثاني أيضاً قائم بسبب تراكم الخبرات السلبية من الزواج الأول ،لكن فلتحاول المرأة ألا تجعل الزواج الأول مصدر خوف وتردد للعلاقة الثانية ، وربما خوف يهدد بعدم الاقبال عليها أو الاقبال الاضطراري لظروف اجتماعية ، لذا فليحاول الطرفان التطلع إلي الأمام وترك الذكريات السلبية جانباً وعدم التورط في مقارنات لن تجدي ·
ذنب الطلاق
ونؤكد : أن المرأة التي تعيش تجربة الإخفاق في زواجها الأول تعتبر امرأة مذنبة في نظر كثيرين في مجتمعاتنا الشرقية ،ولعل فرصة الزواج الثاني تعتبر هي الملجأ الوحيد لها للتكفيرعن هذا الذنب ، وعليها إثبات براءتها خلال هذا الزواج من دم الزيجة الأولي وإثبات أنها ليس الجاني ، إنما الضحية لزوج هو المخطئ إجتماعياً ، مما يولد شعور تحدي عند المرأة المتزوجة للمرة الثانية لإثبات براءتها ، إما من خلال تكرار نفس التصرفات مرة أخري مع الزوج الثاني لإثبات أنه - الزوج الأول - الجاني ، أوبالتخلي عن أفكارها القديمة كلياً استسلاماً وتعهداً بعدم تكرار الذنب مرة أخري ، وكلتا الحالتين خطأ ، فالتراكم السلبي لذكريات الزيجة الأولي يخلف وراءه فشلاً جديداً ، وتردد في العلاقة الثانية ، ولعل تكرار نفس المواقف الخاطئة طريقة لإثبات أنها علي حق في تجربتها السابقة ، وأن العيب كل العيب كان في الشريك السابق ، أو نجد أن موقف الاستسلام الكلي هو المسيطر علي المرأة في زيجتها الثانية ، وهذا هو الأغلب طبقاً لطبيعة المرأة النفسية ، والتي هي الأقرب إلي التنازل من الرجل ·
ونضيف أن التركيبة النفسية والعاطفية للمرأة بطبيعتها تقبل التنازلات ولعل هذه التنازلات هي كلمة السر لإنجاح العلاقة الجديدة خاصة في الفترة الأولي من الزواج ، والتي يصطدم فيها الطرفان ببعضهما البعض عن قرب ، مما يولد المفاجآت في شخصية كل منهما مما فيحتاج لتنازلات أكبر لتسيير المركب مرة أخري ، فالزواج الثاني يحتاج أكثر ما يحتاج إلي وعي وإدراك ونضج عاطفي من قبل الطرفين ، لما له من خصوصية ، فهي التجربة الأقرب للنجاح منها للفشل ، لكن إن اتخذت السبل لذلك بعيداً عن ترسبات الماضي ، والتي قد تصيب العلاقة الجديدة بالشلل أو السكتة الدماغية ·

 

  • Currently 81/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
27 تصويتات / 918 مشاهدة
نشرت فى 13 فبراير 2007 بواسطة areda

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

4,177,831