التحدي الصعب

 

 

 

يعتقد كثير من الناس انهم سوف يكونون سعداء عندما يتمكنون من تحقيق الهدف الذي يصبون اليه .
طبعا الاهداف هنا تختلف من شخص لآخر، فالبعض يكون هدفهم هو تكديس الملايين من النقود، بينما البعض الآخر يهدف الى صرف الاموال الزائدة عن حاجته دون فائدة، وهناك من يكمن هدفهم في البحث عن توام روحهم، في بعض الاحيان يكون الهدف هو الحصول على وظيفة مرموقة او قيادة سيارة فارهة، واحيانا اخرى يكون الهدف المنشود هو ممارسة مهنة لطالما حلم بها صاحبها .
مااريد قوله هو مهما يكن هدفنا علينا ان نقتنع بأننا عندما نحققه فأننا سنجد السكينة والطمأنينة اللتان كنا نحلم بهما دائما وعندئذ سنصبح سعداء ومعطائين ومحبين وراضين ومطمئنين، لكن انتبهوا لكلمة لكن جيدا وضعوا تحتها خطين ! نعم لكن لفترة وجيزة فقط .
لأن ماسيحدث بعد ذلك اننا عندما نصل الى هدفنا الذي كنا ننشده ينتابنا نوع من عدم الرضا، لاننا نطمح الى هدف اخر ونبدأ نفس الرحلةالسابقة كي نتمكن من تحقيقه، وبسعينا وراء الهدف البعيد فأنه لايمكننا ان نقدر قيمة الهدف الحالي والذي حققناه لتونا .
المطلوب منا ان نفكر في المواقف السابقة والتي قلنا فيها اننا سوف نكون سعداء عندما …. وبعد ذلك ليسأل كل واحد منا نفسه : هل كنت أسعد عندما حققت هدفي البعيد ؟ ربما كنت أسعد لفترة من الوقت ولكن نفس التفكير في الهدف البعيد يتجدد مرة اخرى ويجعلني اسعى الى هدف اخر جديد .
لكن الى متى ؟
فنحن بسعينا الدائم لتحقيق المزيد من الاهداف المستقبلية لانسمح لانفسنا ابدا ان نعيش على ارض الواقع وهذا يعني ان حياتنا ستنتهي ونحن لازلنا نفكر في هدف ما في المستقبل، ومعناه ايضا اننا سنفقد الاحساس بالحاضر نهائيا .
ماعلينا فعله هو ان نعيش الواقع واللحظة الحالية، لكن كيف نعيش حاضرنا ؟
اعلم ان التحدي اصبح صعبا في عالمنا المعاصر وخاصة مع وجود كل هذه الاغراءات ومنها : المجد،الجمال، الشهرة، الحظ،هذا الى جانب انبهارنا بالافكار التي من المستحيل علينا تحقيقها .
انه لشيء مهم ان يدرك كل انسان ان وجوده مرتبط بالدافع الازلي الذي يجعله دائم التطلع الى المزيد، و قد تقوى الاحلام والطموحات على دعم حياتنا وتدفعنا نحو الامام ، وتبث الحيوية في مشاعرنا فضلا عن انها تعمل على تطور المجتمع .
لكن من ناحية اخرى علينا الاننسى ان هذه الدوافع يمكن ان تبعدنا عن الاستمتاع بالحياة .
ان تحديد الهدف يعتبر مهارة ضرورية في حياتنا العامة والخاصة، وليس هناك عيب في ان نرغب في تحسين امورنا، والتحدي الحقيقي لنا هو ان نركز على الحاضر وعلى مانمتلكه الان وفي نفس الوقت نسعى الى تحقيق اهدافنا المستقبلية .
اخيرا اقول : ان السر هنا يكمن في ان نوازن بين الرضا بالواقع والتفكير في الاحلام الوردية والطموحات المستقبلية ومايساعدنا في ذلك هو توكلنا على الله الواحد الاحد في كل امورنا وان نتعلم الرضا والشكر على كل ماوهبنا من نعم، وجميل ان نمتلك طموحا لانهائيا لكن علينا ان نوظف هذا الطموح بالشكل السليم وعلى حسب مقدرتنا لكي نستطيع العيش بسلام وراحة بحيث نعرف قيمة كل لحظة نعيشها ونكون بذلك قد حققنا اعلى واغلى هدف وهو التحدي لكي نعيش وقتنا الحاضر .


  • Currently 105/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
35 تصويتات / 804 مشاهدة
نشرت فى 11 فبراير 2007 بواسطة areda

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

4,177,331